5 وثائق تكشف خلافات «القاعدة» و«فتح الشام»

الثلاثاء 24/أكتوبر/2017 - 10:25 م
طباعة 5 وثائق تكشف خلافات
 
معركة كلامية حامية الوطيس نشبت بين تنظيم القاعدة وبين جبهة النصرة (فتح الشام) المنشقة عن التنظيم، المعركة التي بدأت منذ بداية الأسبوع الماضي، وبالتحديد في 15 أكتوبر 2017، استمرت حتى نهاية الأسبوع في 19 أكتوبر 2017، ولمدة خمسة أيام متوالية، قام فيها تنظيم القاعدة بالرد على ادعاءات والاتهامات التي وجهها (فتح الشام) للتنظيم العجوز.
حيث أصدر تنظيم القاعدة خمس وثائق على مدار الأيام الخمسة 15، 16، 17، 18، 19 أكتوبر 2017، بعنوان "شهادات حول فك الارتباط بين جبهة النصرة (فتح الشام) تنظيم القاعدة"، ولكن الغريب أن من قام بإصدار هذه الفتوى هو سامي العريدي، المفتي السابق لجماعة جبهة النصرة، ومنظرها، والقيادي السابق بتنظيم القاعدة، حيث خرج "العريدي" عن صمته، بعد تجاوزات واتهامات شنتها "النصرة" خلال الفترة الماضية.
وأكد "العريدي" في افتتاحية البيانات الخمسة أنه في أعقاب انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة، التزموا الصمت غير معلنين أسباب الانفصال، حتى لا ينشغل المجاهدون بهذه الانقسامات، وأيضًا لتقديم مصلحة "الجهاد" على الاقتتال بين جماعات الجهاد، مشيرًا أنه بعد الاتهامات التي شنها أبو عبد الله الشامي، عضو مجلس الشورى في "جبهة النصرة"، وأبرز الشرعيين في اللجنة الشرعية للجبهة، تعقيبًا منه على كلمة أيمن الظواهري زعيم التنظيم، وما حملته كلمته من اتهامات وصفها "العريدي" بـ"الباطلة"، حيث قال "العريدي": "بعدما انتشر وذاع بين الخاص والعام من كلام أبي عبد الله الشامي حول هذا الموضوع في سياق تعقيبه ورده على كلمة الدكتور أيمن الظواهري "سنقاتلكم حتى لا تكون فتنة بإذن الله"، وما احتواه هذا الرد والتعقيب من أغاليط وأباطيل رأيت بعد الاستخارة والمشورة كتابة بعض الشهادات لإبراء الذمة وإظهارا لبعض الحقائق وبيانا لما فيه من أغاليط وأباطيل".

الوثيقة الأولى:

الوثيقة الأولى:
كشف "العريدي" في الوثيقة الأولى، الصادرة في 15 أكتوبر أن نائب الظواهري لم يكن يعرف بأمر فك الارتباط الذي قامت به "هيئة تحرير الشام" إلا بعد تشكيلها بأكثر من أسبوعين، وأن الظواهري لم يكن على علم بهذا الفك، وعند معاودة نفس السؤال على أبو الخير المصري، نائب الظواهري بعدها بفترة، أكد أنه ليس لديه علم، مما أثار دهشة "العريدي".
واستنكر "العريدي" في بيانه الأول ما قام به أبو عبد الله الشامي، من عدم إبلاغ الظواهري واستشارته بفك البيعة ومفاجأة الأخير دون الرجوع، موضحًا أنه لا فرق بين "عبد الله الشامي" و"البغدادي" زعيم تنظيم داعش الإرهابي، إذ انشق الأخير معلنا عن تنظيمه وبفك بيعته دون الرجوع للظواهري، فقال "العريدي": " كيف يكون فك ارتباطكم سار بشكل شرعي وتنظيمي ونائب الدكتور عندكم ولم تخبروه أو تطلعوه على الأمر فضلا  عن أن تستشيروه، هل هكذا يأمركم الشرع أو التنظيم؟، وهل هكذا يتم فك الارتباط والبيعات، وما الفرق بين فعلكم وفعل البغدادي الذي رفضناه جميعا؟".

الوثيقة الثانية:

الوثيقة الثانية:
في الوثيقة الثانية والتي كانت تفريغ لكلمة "أبو قتادة الفلسطيني" بعنوان "أسئلة حول الساحة الشامية والجهاد والمنهج والتدخل التركي"،  والمؤلف من 27 صفحة، تعد منهجًا فكريا للجماعات المسلحة، حول الجهاد، ولكن لمفارقة في الوثيقة ليست فقط أسانيد "الفلسطيني" لوجوب الجهاد، وما تشهده الساحة الجهادية في سوريا، ولكنها أشبه بتبريرات مستندة إلى تأويلات الفقه والسنة في محاربة الجماعات المسلحة، وتأطير شرعي للقتال فيما بينهم، ففي الصفحة السادسة جاء تساؤل حول : هل المجاهد الذي يتبع فتوى شرعيي جماعته الذين يثق بعلمهم ودينهم في قتال جماعة أخرى آثم في اتباعه لهم إذا أخطئوا في الفتوى؟"، وكان السؤال الأول الذي بدأ به أبو قتادة طرحه للإجابة عليه هو مجاهد ينتمي إلى جماعة مجاهدة ونشب قتال بينها وبين جماعة أخرى، الجماعة لم تتبنى توصيفًا شرعيًا واضحاً لهذا القتال وكل شرعي يصف القتال بما يرى كما أن لكل توصيف أحكام تتعلق به دون غيره، ماذا يتوجب على المجاهد فعله في هذه الحالة؟".
يعكس السؤالان السابقان حالة الانقسام التي وقعت بين مجاهدي "جبهة النصرة" عقب انفصالها عن تنظيم القاعدة، وقام "العريدي" بنشرها ليثبت كيف قامت "فتح الشام" بتقديم أسانيد لمقاتليها لتبرير قتالها مع تنظيم القاعدة في أعقاب الانفصال في حال وقوعه.

الوثيقة الثالثة:

الوثيقة الثالثة:
أما الوثيقة الثالثة التي نشرها سامي العريدي اليوم الثلاثاء، 17 أكتوبر  2017، ليشهد بها العريدي على الأحداث التي سبقت وتلت فك البيعة مع تنظيم القاعدة، فيقول في الشهادة الثانية نصًا: "أنه بعد تشكيل جبهة فتح الشام بفترة جاءت الرسالة الأولى من الدكتور الظواهري، وكان رده برفض المشروع، وطلب العودة إلى مكا كان الوضع عليه – وهو أن تستمر جبهة النصرة أحد أذرع تنظيم القاعدة في سوريا" الأمر الذي أدى أن يتوقف أبو الخير النائب الأول للظواهري من الاستمرار في مشروع "فتح الشام"، كما رفض النابين الثاني والثالث للظواهري مشروع الجبهة أو فك الارتباط والبيعة.
واختتم العريدي كلامه في الوثيقة الثالثة متسائلًا: "أليس من الواجب الشرعي والتنظيمي عليكم أن تكونوا أوجب بالالتزام بما ألزمتم به أنفسكم كما فعل الشيخ أبو الخير، فلا تتجاوزوا رأي القيادة العامة؟، فأنتم بفعلكم هذا شابهتم ما أنكرناه جميعا على البغدادي والعدناني فما الفرق بين فعلكم وفعلهم؟، وهل هكذا يكون فك الارتباط وحل البيعات؟، يكفي أن تجيبوا على هذه الأسئلة لتنسفوا كلامكم من أساسه".

الوثيقة الرابعة:

الوثيقة الرابعة:
كشف "العريدي" في الوثيقة الرابعة، حرص أيمن الظواهري بعدم فك الارتباط بينه وبين أي تنظيم جهادي، حرصًا منه على توحيد المجاهدين، معتبرًا أن فك الارتباط الذي قامت به "جبهة النصرة" من جانبها معصية؛ لأنها جاءت مخالفة لأوامر الظواهري، وقال نصًا في الوثيقة: "يعد فك الارتباط قبل ذلك مخالف لأمر الأمير – يقصد الظواهري - وتوجيهاته ويكون بذلك معصية للأمير كما وصف الدكتور الظواهري فك الارتباط وإعلان فتح الشام في الرسالة بالمعصية".
وأضاف العريدي: "فهذا هو الجولاني قد عصى الأمير وخالف توجيهاته وفك الارتباط قبل أوانه الذي بينه له أميره وعلى غير الطريقة التي بينها له أميره فحل به ما نرى".
واختتم العريدي كلامه الذي يرد فيع على عطون قائلًا: "هذا البيان المجمل ينسف ما سطره عطون في رده وتعقيبه على الدكتور الظواهري من أساسه، ويبن لنا أن ما قام به الجولاني ومن معه كان نقضا للعهود، ومخالفة لتوجيهات القيادة ومعصية للأمير، وليس بالطريقة الشرعية ولا التنظيمية كما ذكر عطون بل هو معصية شرعية ومخالفة تنظيمية يجب عليهم أن يتوبوا منها جميعًا".

الوثيقة الخامسة:

الوثيقة الخامسة:
أما الوثيقة الخامسة فأفرد بها "العريدي" في 15 صفحة رؤية وتصور الظواهري لما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" في حال توحد جميع الفصائل الجهادية ضد نظام بشار الأسد، وضد قوات التحالف، مناديا جميع الفصائل للتجمع تحت عباءة القاعدة مرة أخرى حتى يصطف المجاهدون لإقامة دولتهم الإسلامية المزعومة.
وكان عبد الرحيم عطون، رئيس المجلس الشرعي لـ"هيئة تحرير الشام"، شن هجومًا على كلمة الظواهري الأخيرة ورسالته التي أصدرتها مؤسسة السحاب مطلع أكتوبر الجاري 2017، وحمل على عاتقه تفنيد التهم التي وجهها رئيس تنظيم القاعدة، للهيئة، معتمداً بشكل رئيسي على مباركة نائبي الظواهري في سوريا؛ المصريين أبو الفرج وأبو الخير، لقضية فك الارتباط، وظهور الأخير في التسجيل المصور الذي أعلن خلاله ذلك القرار، للتأكيد على أنها تمت ممهورة بخاتم رسمي من قبل التنظيم الأم.
وخاض "عطون" في مسألة البيعة والتحلل منها فقهيًاً، كما أثار قضية بيعة الظواهري لـ"حركة طالبان" وتفصيلات المسألة التي تعتبر محل جدل بين قيادة "القاعدة" وفروعها، بما يوحي باستعداد "هيئة تحرير الشام" للمزيد من التصعيد في الدفاع عن موقفها والتشبث به، واستغرب عطون "تناقض الظواهري بين دعواته المستمرة للتوحد والاندماج في خطبه العامة، وبين ما جاء في كلمته الأخيرة ورسالته، التي يعلن فيهما بطلان فك الارتباط وضرورة العودة عنه"، الأمر الذي "سيسبب ضررًاً للساحة لا يمكن تحمله"، بحسب "عطون".
الأمر الذي دفع سامي العريدي، المفتي الشرعي العام لجبهة النصرة، بين العامين 2013 و2015، والذي قاد بنفسه المنشقين عنها، وأغلبهم ممن يحملون مثله الجنسية الأردنية ويُعتبرون من المقربين من أبو محمد المقدسي، بالدفاع عن الظواهري، ليأخذ على عاتقه كشف كواليس فك الارتباط والحل من البيعة، التي قادها الجولاني ضد الظواهري. 

الخلاصة:

من الوثائق الخمسة نستخلص الآتي:
- أن أحد قوانين الجماعات الإرهابية المسلحة قانون التزام الصمت عند نشوب خلافات فيما بينهم، حتى وإن كانت متجذرة بين قاداتها.
- على الرغم من أن سامي العريدي هو من أعلن فك الارتباط وحل البيعة بين جبهة النصرة بقيادة الجولاني، وكونه أحد قادة الجبهة حتى بعد حل البيعة، إلا أنه خرج عن جماعة فتح الشام، ليكشف أنه حتى مع تغير ولاءاته من الظواهري إلى الجولاني، يظل لتنظيم الأم له السطوة والولاء الأول خاصة عند المنظرين وكبار القيادات.

شارك