مجهودات الإمارات في مواجهة التطرف والإرهاب

الإثنين 17/ديسمبر/2018 - 04:28 م
طباعة مجهودات الإمارات إعداد: حسام الحداد/ هند الضوي / فاطمة عبد الغني
 
بالإضافة إلى دور الإمارات البارز في مواجهة التطرف والإرهاب الحوثي في اليمن عبر مشاركتها التحالف العربي، ادراكا منها لأهمية التصدي لمحاولات التمدد الإيرانية وتدخلات نظام الملالي في شئون الدول العربية، كما كان لها دورا رياديا وتجربة متميزة قي مواجهة أفكار الإرهاب وجماعاته منطلقة من الرؤية الثاقبة التي وضعها الزعيم المؤسس "الشيخ زايد ، وباتت الدولة الحاضنة لقيم التسامح والسلم والتعددية الثقافية، وكفلت قوانينها للجميع الاحترام والتقدير، وجرمت الكراهية والعصبية وأسباب الفرقة والاختلاف، كما أنها  تعد شريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز.
وفي ظل الأزمة الإنسانية التي تعيشها اليمن بسبب الحرب الدائرة هناك، واستغلال جماعة الحوثي المدعومة من إيران تلك الفوضى والتي تسببت في زعزعة أمن واستقرار البلاد وكذلك حصارها لبعض المدن التي تمنع وصول مساعدات للمدنيين في عدة مناطق يمنية، أعلنت السعودية والإمارات، الثلاثاء 20 نوفمبر 2018، عن مبادرة جديدة في اليمن للتصدي لأزمة الغذاء في البلاد من خلال رعاية نحو 12 مليون يمني، وتعهدت الدولتان بتقديم مبلغ 500 مليون دولار لدعم جهود الإغاثة في اليمن.
وسوف نتناول في هذا الملف، الدور الاماراتي في التصدي للتطرف والإرهاب على المستويين الإقليمي والعالمي، حيث كانت الإمارات بعيدة النظر في موقفها من الجماعات والكيانات الإرهابية المهددة لسلام العالم ومنطقة الشرق الأوسط،.
وتجدر الاشارة هنا إلى تزايد نبرة الرفض الاماراتية لسياسات إيران، من ذلك مثلا الرسالة التي وجهتها دولة الإمارات وعشر دول عربية، إلى رئيس الدورة (71) للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي عبرت عن القلق إزاء استمرار إيران في اتباع سياسات توسعية ومواصلتها القيام بدور سلبي في المنطقة، وتدخلها الدائم في الشئون الداخلية للدول العربية، وعبرت عن القلق من الدستور الإيراني الذي يدعو إلى تصدير الثورة، معتبرًا أن إيران هي دولة راعية للإرهاب وأنها المتسبب في حالة الاحتقان وعدم الاستقرار في المنطقة.
وطيلة الوقت، تتخذ مواقفًا مضادة للتدخلات الايرانية في شئون الغير، وكان أخرها، اعلانها عن وقوفها صفاً واحداً مع المغرب ضد الإرهاب الإيراني وتدخلات طهران المزعزعة لأمن واستقرار المغرب ووحدته الترابية، وتأكيدها ذلك في بيان رسمي، ويبقى من المؤكد حاليُا، في ظل تواجد النظام الإيراني الحالي واستمراره في سياساته تجاه دول المنطقة، وجود إصرار اماراتي وعربي على وضع حد له، وخاصة أن النظام الإيراني لن يصحّح سلوكه على أرض الواقع بأيّ حالة من الأحوال، ولهذا  تسير العلاقات الإماراتية مع إيران إلى الأسوأ.
وفيما يخص الأزمة القطرية، فإن الدولة الاماراتية تقوم بدور بارز حيال وقف الدعم القطري لكل ما هو إرهابي وايراني، فعلى مدار الشهور الماضية، تلعب الامارات على وتر المقاطعة ضمن التحالف الرباعي، بقصد اعادة الدوحة الى الحضن العربي والخليجي، وتنحيها عن دعمها المالي والاعلامي واللوجيستي الذي يقدمه نظام الحمدين للجماعات الارهابية، هنا وهناك، وعلى رأسها تنظيمات "الاخوان والقاعدة وداعش". ووصل التصعيد الاماراتي ضد قطر إلى حد اتهام الإمارات، منتصف يناير الماضي، مقاتلات قطرية باعتراض طائرتين مدنيتين خلال رحلتهما إلى العاصمة البحرينية المنامة، وهو ما نفته الدوحة متهمة أبوظبي بانتهاك مجالها الجوي يوم 14 يناير الماضي عبر طائرة عسكرية للمرة الثالثة. ويوم 23 يناير قالت الإمارات إن مقاتلات قطرية اعترضت طائرتي شحن عسكريتين دون تحديد التاريخ، وأعلنت أنه "تم استحداث مسارات جوية جديدة للطائرات العسكرية تصل من خلالها إلى شتى الوجهات المعتادة، عبر أجواء السعودية تجنبا لعدم التصعيد.
من الواضح للكافة، الدور الذي تبذله الإمارات، لمواجهة والتصدي لكافة أشكال الإرهاب والتطرف  في الداخل والخارج والشرق والغرب، فمن المعروف دورها المؤثر داخل التحالف الدولي لمحاربة داعش وكذلك التحالف العربي، ناهيك عن استضافتها للمنتديات العالمية لمكافحة الإرهاب والتطرف ودعمها للخطاب الديني المعتدل، وتقديمها دروساً للآخرين في مكافحة الإرهاب والتطرف من خلال التعايش السلمي لمختلف الأعراق والأجناس على أراضيها.
ومن الواجب هنا، العودة إلى تصنيف الإمارات للتنظيمات المتطرفة، فكما صدر عن المركز الأوروبي لمكافحة الارهاب، فقد أصدر مجلس الوزراء الإماراتي، منتصف العام الماضي، قرارا بشأن اعتماد قائمة الأفراد والتنظيمات الإرهابية ونص القرار على أنه على الجهات الرقابية كافة متابعة وحصر أي أفراد أو جهات تابعة أو مرتبطة بأية علاقة مهما كان نوعها مع الأسماء الواردة في القائمة المرفقة واتخاذ الإجراءات اللازمة ، ومن قبل نشرت الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر 2015 قائمة للتنظيمات “الإرهابية” تضم (83) مجموعة إسلاموية تنشط على المستوى العالمي ويقاتل القسم الأكبر منها في سوريا.
وضمت هذه القائمة تنظيم “داعش” وجبهة النصرة والإخوان وتنظيم القاعدة، وأنصار الله الحوثيين في اليمن، و الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، وجمعية الإصلاح الإماراتية وجماعات إسلامية ناشطة في تونس وليبيا منها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والجماعة الإسلامية في مصر، وجماعة أنصار بيت المقدس المصرية، وجماعة أجناد مصر، حركة طالبان الأفغانية وجماعة بوكو حرام النيجيرية، و اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وجمعيات إسلامية في العديد من الدول الأوروبية وخصوصا في فرنسا وبريطانيا والنرويج وفنلندا والسويد وبلجيكا.
وعلاوة على ما سبق، لابد من التطرق إلى مشاركات دولة الإمارات في المؤتمرات الدولية، فقد استضافت العاصمة الإماراتية أبو ظبي في مايو 2017 “المؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني”. لإيجاد أرضية مشتركة لصياغة منظومة قوانين وتشريعات دولية تتصدى لجذور وامتدادات الظاهرة الإرهابية في الفضاء الرقمي. وشاركت في أبريل 2018 في مؤتمر "لا أموال للإرهاب" في فرنسا، وأكدت على أن التصدي لتمويل الإرهاب هو أحد المكونات الأساسية لمقاومة وهزيمة الإرهاب، و طرحت الإمارات مجموعة من الأفكار، منها ألا نفكر في مسألة تمويل الإرهاب فقط، ولكن أيضا بتمويل التطرف ،واحتضنت الإمارات” منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة” للأعوامِ 2014، و2015، و2016.
وعن دور الإمارات داخل التحالف الدولي لمواجهة  تنظيم “داعش” في سوريا والعراق. فقد أعلنت تجميد مشاركتها في غارات التحالف الدولي الجوية ، ولم تنسحب الإمارات بل أوقفت عملياتها الجوية، نتيجة عدم تلبية الولايات المتحدة الأمريكية طلبا إماراتيا مهما يرتبط بضرورة وجود عمليات إنقاذ مواكبة لعمليات التحالف، وكانت واشنطن مترددة إزاء هذا الأمر، وبعد تواصل في هذا الشأن لم تحصل الإمارات على ما أرادت فأوقفت تعاونها”، وطالبت الإمارات البنتاغون الأمريكي بتعزيز جهود البحث والإنقاذ باستخدام مروحيات “في -22 أوسبري” الحربية .
كما أشاد التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الصادر في أبريل 2017 بالجهود الإماراتية بمكافحة الإرهاب، وتعاونها البنّاء في مجال مكافحة الإرهاب، وكذلك جهود الدولة في دعم التحالف الدولي ضد “داعش” ودور القوات المسلحة الإماراتية في هزيمة التنظيمات الإرهابية باليمن، وأفاد أن الإمارات العربية المتحدة عززت الملاحقات القضائية لمكافحة الإرهاب في عام 2016. كما اتخذت العديد من إجراءات وسن قوانين لمكافحة الإرهاب من أهمها، إصدار "قانون التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية" في عام 2006، وتشكيل "اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب" في عام 2009، وإصدار "قانون مكافحة الجرائم الإرهابية" في عام 2014، و تأسيس “مجلس حكماء المسلمين” في عام 2014.
وعن دعم الإمارات إقليميا ودوليا لمحاربة الإرهاب والتطرف، قالت الدراسة أن الامارات قدمت مبلغ (350) ألف دولار في يونيو 2017 لدعم أنشطة مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب “من أجل تنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، ورحبت دولة الإمارات العربية المتحدة في يوليو 2017 بإنشاء مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وأكدت استعدادها للتعاون معه، ودعم الدولة للتدابير الدولية الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولي والتطرف، و أعلنت دولة الإمارات في ديسمبر 2017عن تقديم مساهمة بقيمة (30) مليون يورو لدعم القوة المشتركة لدول الساحل الأفريقي لمحاربة ومكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة.
وفي أبريل 2017، أكدت السلطات الإماراتية على دعم محاربة الإرهاب في ليبيا، وتعزيز التنسيق المشترك بين البلدين في محاربة التطرف والعنف والتنظيمات الإرهابية وتعزيز الجهود المبذولة في إرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، واتفقت الحكومة الإماراتية والمصرية على محاربة تقديم التمويل والغطاء السياسي والإعلامي للإرهاب، وتدعم دولة الإمارات مصر في جميع الإجراءات التي تتخذها لمواجهة الإرهاب.
وفي حوار المنامة الذي انطلق الجمعة 26 أكتوبر 2018، بمشاركة أكثر من 50 وزيراً ومسؤولاً يمثلون 25 دولة، وسيطرت تدخلات النظام الإيراني وسياساته المزعزعة للأمن والسلام العالمي على كلمات المتحدثين في الجلسة الافتتاحية للمنتدى. وشدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية، التي بحثت مصادر التهديد الدولي وسبل مواجهتها، على أن الوضع في المنطقة ليس حالك السواد فهناك تنمية مهمة في الخليج العربي ومصر وغيرهما، مشيراً إلى أن الجامعة العربية تعد لقمة تنموية مطلع العام المقبل في لبنان.
وتكتسب دورة هذا العام من قمة حوار المنامة للأمن الإقليمي، أهميتها من العديد من الاعتبارات، فإضافة إلى أنها النسخة الـ14 من المنتدى، الذي يواصل سنوياً وبنجاح مسيرة مساهماته في النقاش والتفاعل حول مصادر التهديد الدولي وسبل مواجهتها، فإن القمة هذا العام على موعد مع بحث إحدى أهم وأبرز تحديات المنطقة والعالم، وهي قضية "إعادة ترتيب الشرق الأوسط"، حيث خصص المنتدى فعالياته وجلساته لبحث هذا الموضوع بأبعاده المختلفة.
كما واصلت دولة الإمارات، التصدي للإرهاب بكافة الطرق المتاحة لديها، حيث تسعي لوضع استراتيجية ناجحة للقضاء علي التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم، وذلك من خلال المباحثات المستمرة مع كافة الدول التي تسعي كذلك لقطع جذور الإرهاب، وكان أخر مساعي الإمارات هي مباحثات أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، للجهود الإماراتية الأميركية المشتركة في مكافحة الفساد ومواجهة تمويل الإرهاب.
وتشارك الإمارات بصفة مستمرة في كل المساعي التي تهدف لمكافحة الإرهاب، حيث تربطها شراكة وثيقة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.
ويأتي ذلك، بالتزامن مع إصدار مجلس الوزراء القرار الوزاري رقم 50 لسنة 2018 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، بوضع 9 أفراد للقائمة المعتمدة في دولة الإمارات العربية المتحدة المدرج عليها الأشخاص والهيئات الداعمة للإرهاب.
وشملت القائمة: محمد إبراهيم أوهادي، وإسماعيل رضوي وعبدالله صمد فاروقي ومحمد داوود مزمل وعبد الرحيم منان ومحمد نعيم براشي وعبد العزيز "عزيز شاه زماني" وصدر إبراهيم وحفيظ عبدالمجيد.
كما نصّ القرار، الذي جاء كجزء من الجهود المشتركة للدول الأعضاء بمركز استهداف تمويل الإرهاب، على توجيه المصرف المركزي الإماراتي باتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة للتعامل بشكل مناسب مع حسابات هؤلاء الأفراد المضافة أسماؤهم إلى لائحة داعمي الإرهاب.

شارك