"عمدة شبرا".. أيقونة خالدة

الأربعاء 20/فبراير/2019 - 04:04 م
طباعة
 
فى يوم من الأيام.. كنا قد انتهينا من إعداد صفحات العدد الجديد من جريدة «الأهالى» فى سهرة من سهرات الليالى الأولى من شهر رمضان الكريم، ولم يكن ينقص صفحة رمضان إلا وضع مواقيت الإفطار والإمساك.. بحثتُ على مكتبى عن إمساكية تعيننا على استكمال الصفحة فوجدتُ مظروفًا وصلنى للتو بداخله عدد من الإمساكيات مع دعوة كريمة للإفطار على مائدة المحبة بشبرا، مرسلة من جمعية «السلام» القبطية، وبتوقيع القمص صليب متى ساويرس رئيس مجلس إدارة الجمعية.
يظل القمص صليب متى ساويرس كاهن كنيسة مار جرجس الجيوشي، رمزًا مصريًا أصيلًا من رموز الوحدة الوطنية فى مصر، فهو أول من أقام مائدة للإفطار الرمضانى فى كنيسته بشبرا، فقد بدأها عام 1969 إلى أن تلقف الفكرة قداسة البابا شنودة الثالث، فأقام بانتظام مائدة الوحدة الوطنية المستمرة حتى الآن فى الكاتدرائية بالعباسية، بل وعممها على معظم كنائس مصر، وظل القمص صليب متى على عهده، إلى أن رأى تطوير فكرته، فسن فى السنوات الأخيرة تقليدًا حميدًا، يتضمن الاحتفال بتوزيع كراتين رمضان ومعونات عينية على فقراء شبرا، بدلًا من مائدة المحبة الرمضانية، ولقى ذلك ترحيبًا من الجميع لما فيه من مودة ورحمة وحب وإخاء.
القمص صليب متى، الذى ودعته مصر أمس بكل الحزن والحب، صاحب دور مشهود فى المجال الاجتماعى، كعضوٍ فعال فى مجلس إدارة الجمعيات الأهلية على مستوى القاهرة لعدة دورات متتالية، وكمشارك فى تأسيس العديد من الجمعيات المعنية بترسيخ مبادئ الوحدة بين المسلمين والمسيحيين.
ليس غريبًا على الراحل الكبير أن يقول ضمن الكثير من مقولاته الخالدة: «مصر هى المعلم للمحبة والإخاء.. ذُكِرَتْ فى الكتاب المقدس ما يزيد على 500 مرة وخمس مرات فى القرآن»، و«الإسلام يقدم السماحة لكل إنسان فالشرع يقول لا إكراه فى الدين، ويقول الرسول: من آذى ذميًا فقد آذانى»، و«الاسم الأنثوى الوحيد الذى ذكر فى القرآن كان اسم مريم، فالإسلام أعطى عهودًا ومواثيق لنصارى نجران، وعمرو بن العاص آمن البابا بنيامين وأعاده لكنائسه».
ولم يكن غريبًا أيضًا أن يفتح أبواب كنيسته لطلاب شبرا، لتلقى دروس العلم، وكان يحرص على أداء الجميع لصلواتهم، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، ووصل به الأمر أن وفر معلمين متخصصين فى تجويد القرآن لتعليم الطلبة المسلمين التلاوة الصحيحة.
لا نبالغ حين نقول إن القمص صليب متى ساويرس أو «عمدة شبرا» بحق.. أيقونة من أيقونات مصر الخالدة، ومثل هذه الأيقونات تظل على مر الزمان باقية تنشر ذكراها المحبة والوئام بين كل المصريين على أرض مصر الطاهرة.

شارك