قاسم الريمي.. قصة سقوط «رجل القاعدة القوي» في اليمن

السبت 08/فبراير/2020 - 01:55 م
طباعة قاسم الريمي.. قصة أحمد سلطان
 
«لقد قتلنا قاسم الريمي».. كانت تلك الكلمات المقتضبة مُلخصًا لبيان أصدره الرئيس الأمريكي «دونالد  ترامب»؛ ليؤكد فيه مقتل زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية «قاسم الريمي» والمعروف أيضًا بـ«أبي هريرة الصنعاني».


لم يكشف الرئيس الأمريكي أي تفاصيل إضافية عن العملية التي قطعت رأس قيادة «القاعدة» في اليمن، مُكتفيًا بالقول: إن عملية اغتيال الريمي قربت الولايات المتحدة من القضاء على الجماعات الإرهابية التي تهدد أمنها القومي.


«ما قبل الغارة».. قصة مطاردة واغتيال قاسم الريمي 

جاءت الغارة الأمريكية - التي تمت في وقت لم يحدده الرئيس الأمريكي- بعد فشل عدة محاولات سابقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لاغتيال قاسم الريمي الذي كان واحدًا من «الآباء المؤسسين» لتنظيم القاعدة الإرهابي في شبه الجزيرة العربية بشكل عام، واليمن بشكل خاص.


ولد «الريمي» في الـ5 من يونيو 1978 بقرية نمر بمحافظة ريمة اليمنية، واتجه لدراسة علوم الشريعة الإسلامية قبل أن يسافر إلى أفغانستان لينضم لتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن (زعيم التنظيم المؤسس).


ترافق «الريمي» مع ناصر الوحيشي الذي كُنيّ لاحقًا بأبي بصير الوحيشي، وعمل الأخير كحارس شخصي لـ«بن لادن» قبل أن يعودا سويًّا إلى اليمن ويشاركا في تأسيس تنظيم القاعدة في اليمن.


اعتقل الأمن السياسي اليمني قاسم الريمي، بسبب نشاطه في تنظيم القاعدة، وحُكم عليه بالسجن لـ5 سنوات في عام 2005، إلا أنه فر مع «الوحيشي» من سجن صنعاء المركزي في فبراير 2006.


بعد نحو عام، أعلن تنظيم «القاعدة» دمج فرعيه بـ«السعودية» و«اليمن» في كيان تنظيمي واحد باسم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، واختير «الريمي» ليكون مسؤولًا عسكريًّا للتنظيم الجديد.


كان «الريمي» يتبع إجراءات أمنية مشددة ليضمن عدم تعقبه واستهدافه من قبل الأمن اليمني، أو الولايات المتحدة الأمريكية التي رصدت مكافأت بقيمة ملايين الدولارات لمن يدلي بمعلومات تفضي إلى قتل أو اعتقال قيادات تنظيم القاعدة.


خلال توليه منصب الأمير العسكري لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أشرف «الريمي» على ما يسمى بـ«التثقيف العسكري» لعناصر التنظيم، وقدم عدة شروحات لكتاب «فن الحرب»، كما حرض «الذئاب المنفردة» على شن هجمات ضد الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية.


ظهر «الريمي» في مجلة «إلهام» والمعروفة بـ«INSPIRE» في مايو 2013، عقب تنفيذ أحد ذئاب «القاعدة» المنفردة لتفجير ماراثون بوسطن الشهير، متوعدًا الولايات المتحدة بمزيد من الهجمات الإرهابية.


وتم الإعلان عن مكافأة أمريكية بمبلغ 5 ملايين دولار لمن يدلى باى معلومات عن الريمي يوم 14 أكتوبر 2014، وأعلنت الولايات المتحدة عن رفع قيمة المكافأة لـ10 ملايين دولار في وقت لاحق.


وفي 2015، نجا قاسم الريمي من سلسلة الاغتيال المتتالية التي حصدت كبار قادة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، بما فيهم زعيم التنظيم ناصر الوحيشي الذي قتل في 12 يونيو من العام نفسه، ليتولى «الريمي» إمارة التنظيم الإرهابي ويعلن تمسكه بالولاء لأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة المركزي.


كما نجا في أواخر يناير 2017، من محاولة أمريكية لاغتياله في قيفة اليمنية عبر إنزال للقوات الخاصة الأمريكية، وهي المحاولة نفسها التي قتل خلالها القيادي المقرب من القاعدة عبد الرؤوف الذهب.

«الريمي».. حذر من الجواسيس وسقط في فخهم

أبقى «الريمي» نفسه داخل دائرة ضيقة من كبار قيادات القاعدة، ولم يكن يكثر من الظهور خلافًا لرفيقه «الوحيشي»، إذ كشفت وثيقة سابقة نشرها التنظيم الإرهابي أن قيادات قاعدة اليمن بما فيهم قاسم الريمي نصحوا «الوحيشي» بالإقلال من الظهور والالتقاء بعناصر وقيادات القاعدة، تخوفًا من أن يؤدي ظهوره المتكرر إلى تعقبه من قبل «الجواسيس» واغتياله وهو ما تم بالفعل لاحقًا.


تخوف «الريمي» من أن يلقى مصير رفيقه السابق، وهو ما جعله يحد من الظهور الإعلامي واللقاءات التنظيمية مكتفيًا بالكلمات الصوتية التي كانت تبثها مؤسسة الملاحم (الذراع الإعلامية لقاعدة اليمن) على فترات متباعدة.


حذر زعيم القاعدة من خطر الجواسيس عبر 3 إصدارات متتالية من سلسلة «هدم الجاسوسية»، التي أنتجتها مؤسسة الملاحم خلال عام 2019، إلا أنه سقط في فخ «الجاسوسية» الذي قاد لاغتياله في غارة جوية أمريكية.


وفقًا لمعلومات حصلت عليها صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عبر 3 مسؤولين أمريكيين من بينهم أحد المسؤولين الاستخباريين الذين اطلعوا على تفاصيل عملية اغتيال قاسم الريمي فإن «CIA» حصلت على معلومة استخبارية عبر أحد المصادر البشرية عن المنطقة التي توجد بها زعيم القاعدة، ومن ثم دأبت على مراقبته عبر طائرة الدرونز بدون طيار لعدة أشهر قبل تنفيذ عملية الاغتيال.



ومن المتوقع أن يؤدي اغتيال قاسم الريمي إلى تقويض قدرة تنظيم «القاعدة» على شن هجمات إرهابية في الغرب، خاصةً بعد مقتل عدد من قادة التنظيم المسؤولين عن صناعة القنابل والدعاية الإرهابية باللغة الإنجليزية، خلال السنوات الماضية.

شارك