"الخارطة الرصاصية".. العراق في قبضة الألغام والمخلفات الحربية
الثلاثاء 20/مايو/2025 - 01:25 م
طباعة

كشفت لجنة الأمن والدفاع النيابية في العراق عن ما وصفته بـ"الخارطة الرصاصية"، التي تضم أكثر من عشر مناطق ملوثة بالمخلفات الحربية والألغام الأرضية، معظمها تقع على الحدود الشرقية للبلاد. هذه المناطق تعد من أخطر التحديات التي تواجه السكان المدنيين، حيث تسببت بمقتل وإصابة أكثر من ألف مواطن خلال العقدين الماضيين.
مناطق الخطر
وقال النائب ياسر إسكندر، عضو اللجنة، إن عدد المناطق التي لا تزال تضم ألغاما ومخلفات حربية يقدر بـ13 إلى 15 منطقة، تنتشر في الغالب على الشريط الحدودي الشرقي، خصوصا في محافظات ديالى وواسط وميسان. كما توجد مواقع ملوثة بأعداد أقل في مناطق متفرقة من جنوب وشرق وشمال البلاد.
وأضاف أن "هذه المناطق تمثل تهديدا دائما لحياة المدنيين، وخصوصا الرعاة والمزارعين، ممن يتنقلون في هذه الأراضي دون علم بوجود هذه المخلفات القاتلة".
جهود محلية محدودة
وأشار إسكندر إلى أن رفع هذه المخلفات يتطلب جهدا وطنيا مشتركا من وزارة الدفاع والقوات الساندة، نظرا لحجم التلوث الكبير واتساع رقعته الجغرافية، مؤكدا أن فرق الدفاع المدني وقوات حرس الحدود تبذل جهودا متواصلة لوضع لافتات تحذيرية لمنع المواطنين من الاقتراب من هذه المناطق.
ومع ذلك، فإن الاستجابة الحكومية لا تزال محدودة مقارنة بحجم الخطر. إذ لا توجد حتى الآن خارطة عمل واضحة لعمليات المسح والإزالة، ما يترك آلاف الكيلومترات من الأراضي الزراعية والحدودية عرضة للخطر.
إرث الحروب: خطر مستمر
منذ الحرب العراقية-الإيرانية في الثمانينات، مرورا بالغزو الأميركي في 2003، وما تلا ذلك من معارك ضد الجماعات الإرهابية، تركت النزاعات المسلحة في العراق إرثا قاتلا من القذائف غير المنفجرة والألغام الأرضية.
هذه المخلفات، التي تنشطها أحيانا التغيرات المناخية أو عبور الحيوانات والمركبات، أدت إلى عشرات الحوادث سنويا، غالبا ما تكون ضحاياها من الفئات الأكثر فقرا وبعدا عن مراكز القرار.
عائق أمام التنمية
لا تقتصر آثار هذه الألغام على الجانب الإنساني فحسب، بل تمتد إلى عرقلة مشاريع التنمية الزراعية والسياحية، خاصة أن العديد من المناطق المتضررة تملك أراضي خصبة يمكن أن تستثمر في المستقبل.
وأكد النائب إسكندر أن "بعض هذه المناطق تمتلك مؤهلات سياحية وزراعية عالية، لكنها محاصرة بالخوف والموت الصامت"، مشددا على أن "التحرك الفوري لإزالة هذه الألغام يمثل أولوية وطنية وإنسانية".
دعوات لتحرك دولي
في ظل ضعف الإمكانات المحلية، تتصاعد الدعوات إلى مشاركة المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بنزع الألغام لدعم العراق فنيا وماليا، والمساهمة في تخليص البلاد من هذه الكارثة الصامتة التي تعيق استقراره وتنميته.
خاتمة:
"الخارطة الرصاصية" ليست مجرد وثيقة رسمية، بل هي خريطة موت معلنة، تحاصر حياة آلاف العراقيين وتبقي أراضيهم رهينة إرث دموي ثقيل. إن تأخر التحرك الجاد لإزالة هذا الخطر سيبقي العراق حبيس الماضي، مهما تطلع نحو المستقبل.