شباب الإخوان بين: "العنف۔۔ الاعتزال۔۔ المراجعات الفكرية"

الإثنين 28/أبريل/2014 - 09:40 م
طباعة شباب الإخوان بين: حسام الحداد
 
أحدثت التحولات الأخيرة التي شهدتها مصر بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في 3 يوليو الماضي- جدلاً واسعاً، بعدما شهدت مصر خلال تلك الفترة أعمال عنف غير مسبوقة من قبل الجماعات المتشددة، ومن بينها تنظيم الإخوان المُدرج رسمياً من قبل الحكومة المصرية إرهابياً أواخر ديسمبر 2013.
أعمال العنف الحالية، وبحسب كثير من المراقبين لم تشهدها مصر من قبل، بالمقارنة مع أعمال العنف التي شهدتها في تسعينيات القرن الماضي، الأمر الذي فتح باب التساؤلات عن مدى تمسك تنظيم "الإخوان" بمبدأ السلمية وطرح العنف، فضلاً عن علاقتها بالتنظيمات المتشددة والتي تتخذ من شبه جزيرة سيناء مرتكزاً لعملياتها.
ورغم أن رسائل الإمام المؤسس حسن البنا، أكد فيها مراراً على السلمية ونبذ العنف والتمسك بالمنهج التربوي، إلا أن ما شهدته مصر خلال الفترة الأخيرة، جعل من الضروري البحث عن دور الجماعة في تلك الأحداث، ومدى علاقتها به، ومدى تأثيرها على تاريخها القادم، فضلاً عن المطلب الأهم الذي تلخص في ضرورة تقديم مراجعات فقهية لخطابهم ومواقفهم.

أدبيات الجماعة (منهج الإخوان المسلمين ورؤاهم الفكرية بحسب كتبهم)

حسن البنا
حسن البنا
أدبيات الجماعة، وموقفها من العنف، يمكن تحديدها في رسائل الإمام حسن البنا، الذي يُوصف بالمُجدد من قبل المنتمين للجماعة، والتي تزيد عن العشرين رسالة، تناولت مواضيع مختلفة في أوقات ومناسبات مختلفة، وتشتمل على آراء ومواقف دينية، سياسية، اقتصادية، وتنظيمية، انشغل فيها باستعادة الحكم الإسلامي، من خلال الدعوة والمنهج الذي بدا في شكله الظاهري إصلاحيا تبشيريا.
وتميزت رسائل البنا بالطابع الشمولي، فعمل من قاعدة أن الإسلام دين ودولة، وسيف وقرآن، والوطنية حدودها أرض الإسلام والقومية تحدها تعاليم الإسلام، فيقول البنا في رسالة المؤتمر الخامس للإخوان: "نحن نعتقد أن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنتظم شئون الناس في الدنيا والآخرة... فالإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، ودين ودولة، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف"، فعمل البنا في رسائلة على استعادة الحكم الإسلامي، فيقول البنا في إحدى رسائله: "الإخوان لا يطلبون الحكم لأنفسهم، فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل العبء وأداء هذه الأمانة والحكم بمنهاج إسلامي قرآني فهم جنوده وأنصاره وأعوانه، وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله".
الأمر الذي لم تطبقة الجماعة خلال فترة حكمها العام الماضي من 30 يونيو 2012 حتى 30 يونيو 2013، حيث قدموا خطاباً متعالياً تكفيرياً للشعب، ودخلوا في تحالفات مع جماعات متشددة لضمان استخدامها وقت اللزوم، ما يعد انقلابا على أدبيات الجماعة التي تأسست من خلالها على عدم السعي إلى سلطة أو منصب وإنما السعي لتطبيق الشريعة وفقط.. وخلال فترة حكمهم "لا شرع طبقوا ولا دنيا أبقوا"، فخاض "الإخوان" صراعاً سياسياً.

أصول الجماعة العشرون:

يمكن إجمال الأدبيات التي تم تأسيس جماعة الإخوان عليها في الأصول العشرين التي وضعها الإمام حسن البنا، ضمن أركان البيعة في ركن الفهم في "رسالة التعاليم"، والتي تعتبر الرؤية والأرضية التي تقوم عليها الجماعة في كل مكان:
1- الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعها، فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء.
2- القرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم في التعرف إلى أحكام الإسلام، ويفهم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف، ويرجع في فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات.
3- الإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله في قلب من يشاء من عباده، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية، ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه.
4- التمائم والرقى والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب، وكل ما كان من هذا الباب منكر، تجب محاربته، إلا ما كان آية من قرآن أو رقية مأثورة.
5- رأي الإمام ونائبه فيما لا نص فيه، وفيما يحتمل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة معمول به، ما لم يصطدم بقاعدة شرعية، وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات، والأصل في العبادات التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وفي العاديات الالتفات إلى الأسرار والحكم والمقاصد.
6- كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه، وإلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالاتباع، ولكنا لا نعرض للأشخاص- فيما اختلف فيه- بطعن أو تجريح، ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما قدموا.
7- لكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين، ويحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في التعرف إلى أدلته، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته، وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر.
8- الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب.
9- كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا، ومن ذلك كثرة التفريعات للأحكام التي لم تقع، والخوض في معاني الآيات القرآنية الكريمة التي لم يصل إليها العلم بعد، والكلام في المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم وما شجر بينهم من خلاف، ولكل منهم فضل صحبته وجزاء نيته وفي التأول مندوحة.
10- معرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه، نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل، ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء، ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ من قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (آل عمران: 7).
11- كل بدعة في دين الله لا أصل لهاـ استحسنها الناس بأهوائهم سواء بالزيادة فيه أو بالنقص منه- ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها، بأفضل الوسائل التي لا تؤدي إلى ما هو شر منها.
12- البدعة الإضافية والتَّركِية والالتزام في العبادات المطلقة خلاف فقهي، لكل فيه رأيه، ولا بأس بتمحيص الحقيقة بالدليل والبرهان.
13- محبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم قربة إلى الله تبارك وتعالى، والأولياء هم المذكورون في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (يونس: 63)، والكرامة ثابتة بشرائطها الشرعية، مع اعتقاد أنهم رضوان الله عليهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا في حياتهم أو بعد مماتهم، فضلا عن أن يهبوا شيئا من ذلك لغيرهم.
14- زيارة القبور أيا كانت- سنة مشروعة بالكيفية المأثورة، ولكن الاستعانة بالمقبورين أيا كانوا، ونداؤهم لذلك، وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد، والنذر لهم، وتشييد القبور وسترها وإضاءتها والتمسح بها، والحلف بغير الله، وما يلحق بذلك من المبتدعات- كبائر تجب محاربتها، ولا نتأول لهذه الأعمال سدا للذريعة.
15- الدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة.
16- العرف الخطأ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية، بل يجب التأكد من حدود المعاني المقصود بها، والوقوف عندها، كما يجب الاحتراز من الخداع اللفظي في كل نواحي الدنيا والدين، فالعبرة بالمسميات لا بالأسماء.
17- العقيدة أساس العمل، وعمل القلب أهم من عمل الجارحة، وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعاّ، وإن اختلفت مرتبتا الطلب.
18- الإسلام يحرر العقل، ويحث على النظر في الكون، ويرفع قدر العلم والعلماء، ويرحب بالصالح والنافع من كل شيء، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.
19- قد يتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الآخر، ولكنهما لن يختلفا في القطعي، فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة، ويؤول الظني منهما ليتفق مع القطعي، فإن كانا ظنيين فالنظر الشرعي أولى بالاتباع حتى يثبت العقلي أو ينهار.
20- لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض- برأي أو بمعصية- إلا إن أقر بكلمة الكفر، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر.
ومن المفترض أن يتمسك "الإخوان" بهذه الأصول، ويجعلوها دستور دعوتهم، وقد شرحها الكثيرون من قادتهم، وأبرز من شرح هذه الأصول الشيخ محمد الغزالي في كتابه "دستور الوحدة الثقافية".

الأصل العشرون وانحرافات التطبيق:

سيد قطب
سيد قطب
لعل حكم التكفير هو الأصل الذي دائماً ما يؤدي إلى التفجير، بحسب مقولة أطلقها مؤسس الجماعة الإسلامية ومنظر مراجعاتها الفكرية ناجح إبراهيم، فالفهم والتطبيق الخطأ للأصل العشرين الخاص بحكم "التكفير"- هو ما أدى في نهاية انحراف الجماعة عما كان يصبو إليه مؤسسها الأول حسن البنا، وهو ما أدى بالجماعة إلى أن تقدم خطاباً فوقياً متعالياً عن المجتمع خلال فترة حكمها، فضلاً عن ضلوعها في أعمال عنف أزهقت على إثره العديد من الأرواح.
سيد قطب بوابة التكفير: 
برزت خلال الفترة الماضية مقولات تكشف عن وجود جناح داخل جماعة "الإخوان" يعرف بالتيار "القطبي"، الذي تأسس بزعامة سيد قطب، وهو من صاغ فكرًا جديدًا بحسب الأصل العشرين الخاص بحكم التكفير، فيقول محمد قطب أخو سيد قطب: "فكر سيد قطب هو الامتداد الحقيقي لفكر حسن البنا، فحسن البنا في رسالة التعاليم يقول: "ولا نكفر مسلمًا بذنب متى نطق بالشهادتين وعمل بمقتضاها". وسيد قطب يتحدث عن قيد أو شرط "وعمل بمقتضاها". أي فكر يدور حول العمل بمقتضى الشهادتين، وليس مجرد ترديدهما فقط.
ومن هنا جاء تقسيم المجتمع، إلى مجتمع إسلامي وآخر جاهلي؛ مجتمع إسلامي يطبَّق فيه الإسلام عقيدة وعبادة، شريعة ونظامًا، وخلقًا وسلوكًا، ومجتمع جاهلي لا يطبق فيه الإسلام، ولا تحكمه تصوراته وقيمه وموازينه، ونظامه وشرائعه، وخلقه وسلوكه، الأمر الذي قاد إلى العنف والتطرف وتكفير المجتمع.
وتعد أخطر فتاوى سيد قطب التي أصدرها في أعقاب حملة الاعتقالات ضد أعضاء التنظيم، حيث أفتى بنسف القناطر الخيرية، مما سيترتب عليه إغراق الدلتا بالكامل؛ لأنه يرى أنها أرض كفر يجب تطهيرها، الأمر الذي تبنته جماعات إسلامية، فكفرت المجتمع المسلم في الدول الخاضعة لغير حكم الله، واتهمته بأنه مجتمع جاهلي.

انحرافات التنظيم الخاص:

انحرافات التنظيم
انحرافات التنظيم الخاص
تُعتبر انحرافات "التنظيم الخاص" لجماعة الإخوان المسلمين من أكبر الأدلة عن جنوح "الإخوان" للعنف، فالتنظيم تم تأسيسه 1940 للقيام بمهمات خاصة والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي، ومحاربة المحتل الإنجليزي داخل مصر.
وتأسس التنظيم على يد صالح عشماوي، وحسين كمال الدين، وحامد شريت، وعبد العزيز أحمد، ومحمود عبد الحليم، وعهد حسن البنا بقيادة النظام الخاص إلى صالح عشماوي.
وللتنظيم عدة عمليات ضد المحتل البريطاني، منها إلقاء قنبلة على النادي البريطاني في ليلة عيد الميلاد  1945، ونسف شركة الإعلانات الشرقية الخاصة باليهود في 12 نوفمبر 1948، ونسف شيكوريل وأكثر من سينما مملوكة لليهود، وتعطيل سفينة يهودية في ميناء بورسعيد، ونسف بعض المساكن في حارة اليهود بالقاهرة وحادثة فندق الملك جورج، ووضع قنابل في ستة من أقسام الشرطة بالقاهرة في 26 نوفمبر 1946 وديسمبر من العام 1946، والمشاركة في حرب فلسطين التي اشتعلت قضيتها منذ ثورة 1936 وحتى المشاركة في حرب 1948، والمشاركة في حرب القنال لإجلاء الإنجليز  1951.
هذا وقد وقع التنظيم الخاص في كثير من الانحرافات التي دفعت المرشد الثالث للإخوان عمر التلمساني إلى تفكيكه، إلا أن الكثيرين من المتابعين لملف الحركات الإسلامية استبعدوا تفكيكه بالطريقة التي يتم الجزم بها أنه انتهى، ومن بين الأخطاء التي وقع فيها التنظيم، إحداث موجة من الاغتيالات حيث تورط التنظيم في قتل القاضي أحمد الخازندار في  22  مارس  1948 حيث قُتل على يد اثنين من النظام الخاص هما  حسن عبد الحافظ  ومحمود زينهم، وصدر عليهم الحكم في  22  نوفمبر  1948  بالأشغال الشاقة المؤبدة، ومن ضمن أخطاء التنظيم كذلك التدبير لمقتل محمود فهمي النقراشي باشا في 28 ديسمبر 1948 وقد قتل على يد شاب يدعى عبد المجيد أحمد حسن.

عنف الجماعة بعد 30 يونيو:

عنف الجماعة بعد 30
عنف الجماعة بعد 30 يونيو
لا شك أن الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير شكلت ثلاث مراحل لخطابات جماعة "الإخوان"، يمكن إجمالها في خطاب ما بعد ثورة 25 يناير وخطاب ما بعد وصولهم للسلطة في 30 يونيو 2012، وخطاب ما بعد 30 يونيو 2013.
- خطاب ما بعد ثورة 25 يناير: تميز بالرغبة في إثبات أنهم فصيل وطني لا يسعى للاستحواز أو الهيمنة على المشهد السياسي، فأعلنوا شعار "مشاركة لا مغالبة"، وأكدوا عدم ميلهم للعنف أو تكفير المجتمع؛ كي يبرهنوا للشعب أنهم فصيل وسطي لا يميل ولا ينتهج العنف أو الإقصاء.
- خطاب ما بعد وصولهم للسلطة في 30 يونيو 2012: وتميز هذا الخطاب بعلو نبرة التكفير والخطاب الفوقي الذي قدموه للشعب، فضلاً عن إسلوبهم الإقصائي، وتنظيمهم العديد من التظاهرات لاستعراض قواهم في الحشد.
- خطاب ما بعد 30 يونيو 2013: تميزت تلك الفترة بتنفيذ التهديدات التي كانوا يطلقونها حال عزل رئيسهم محمد مرسي من الحكم، فشهدت مصر في أعقاب عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في 3 يوليو الماضي، موجة من أعمال العنف الممنهجة، التي استهدفت مؤسسات الدولة، من أقسام شرطة ومديريات أمن ووزارات خدمية، واستهداف رجال الشرطة والجيش بشكل ممنهج، فضلاً عن تحالفهم مع الجماعات المسلحة في سيناء وعلى الحدود في غزة.
كل ذلك رجح عودة "الإخوان" إلى العمل السري بعد عزلهم من السلطة، خاصة التنظيم الخاص "للإخوان" الذي قام بعمليات اغتيال لأطراف داخلية اختلفت معهم الجماعة سياسياً، حيث رجحت مصادر عودة "الإخوان" إلى العمل السري، خاصة بعد ظهور العديد من الحركات الإرهابية الجديدة في مصر، والتي أظهرت فيها التحقيقات التي يُجريها القضاء المصري ارتباط تلك التنظيمات الجديدة بجماعة الإخوان، مثل جماعة "أكناف بيت المقدس" التي أدرجتها أمريكا على قوائم الإرهاب، وتنظيم "أجناد مصر" الذي تبنى أخيراً عددا من العمليات الإرهابية، من خلال استهداف قوات الجيش والشرطة، فضلاً عن الخلايا العنقودية التي تطلق على نفسها أسماء "ولع" و"مولوتوف" و"إعدام".
والأمر الذي يؤكد ارتباط تلك الجماعات الإرهابية بـ"الإخوان" البيانات التي تصدرها تلك الحركات، وتؤكد أنها دشنت تلك العمليات انتقاماً من قوات الأمن؛ لما تقوم به من عمليات قمع ممنهجة ضد المتظاهرين الساعين للحرية.
كما عززت اعترافات أحد أبرز المتهمين في اقتحام قسم "كرداسة" أثناء فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" الموالين للرئيس الإخواني محمد مرسي، منتصف أغسطس الماضي، مفاجأة تكشف عن إدانة الموالين للرئيس المعزول، في المجزرة التي راح ضحيتها 17 شهيداً، على رأسهم العميد محمود جبر مأمور القسم، من العلاقة بين تنظيم "الإخوان" الإرهابي والجماعات "التكفيرية" و"الجهادية الأقرب إلى التكفيرية"، التي انتشرت في مصر عقب الانهيار الأمني الذي وقع إبان ثورة 25 يناير 2011،
هذا وقد وجهت النيابة العامة للمتهم شحاتة مصطفى علي موسى اتهامات بزعامة جماعة تدعو إلى تكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه، والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة، فضلاً عن الاعتداء على أبناء الديانة المسيحية واستحلال أموالهم وممتلكاتهم، وتأسيس تنظيم "قطا الإرهابي".
وقال شحاتة في نص تحقيقات النيابة العامة: "إن قيادات إخوانية نسقت مع تكفيريين في منطقة كرداسة، والتي عملت بدورها على جمع عناصر جنائية خطيرة للمشاركة في اقتحام القسم وقتل الضباط، كاشفاً عن دوره في اقتحام القسم بأنه كان مكلفاً بتتبع تحركات الجيش والشرطة عند دخول القرية"، مضيفاً: "بعد اقتحام قسم كرداسة وإخلائه من الضباط، فرضنا سيطرتنا على القرية، وعندما اقتحم الأمن للقرية مطلع أكتوبر الماضي، علمنا أن أحمد ويكا "أحد المتهمين" هو من أطلق النار من طبنجة 9 ملي فقتلت اللواء نبيل فراج".
فضلا عن مقطع الفيديو للقيادي الإخواني البارز محمد البلتاجي أثناء تعقيبة على العمليات الإرهابية التي وقعت في سيناء مؤخراً عقب عزل الرئيس محمد مرسي، حيث قال: "العمليات التي تحدث في سيناء ستتوقف في اللحظة التي يتراجع فيها عبد الفتاح السيسي عن انقلابه".
http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/egypt/2013/07/08/

مراجعات

البلتاجي
البلتاجي
حاولت جماعة "الإخوان" تقديم أول مراجعات فكرية عن بعض الأعمال التي تم ارتكابها خلال فترة الخمسينيات فترة الصدام مع الرئيس جمال عبد الناصر، وخاصة للمتمسكين بالفكر القطبي نسبة لـ"سيد قطب" داخل الجماعة، حيث قام المرشد الثاني بعد حسن البنا حسن الهضيبي- أثناء فترة سجنه عام 1969- بإجراء مراجعة لفكر الإخوان، وعلى وجه التحديد ما ارتبط باجتهادات سيد قطب، مُعلناً تمسكه بالأصول العشرين، وهو عدم تكفير أي من المسلمين، أو الجنوح إلى العنف، وذلك في كتابه الذي حرره تحت اسم (دعاة لا قضاة).
كما لم يتردد الإخوان في تخطئة سيد قطب في بعض اجتهاداته، فأرجع البعض سبب ذلك إلى ظروف السجن وهول التعذيب الذي تعرض له، وأنه كسائر البشر يصيب ويخطئ، والبعض الآخر قالوا إنهم أساءوا فهم الرجل بسبب بعض العبارات التي توهم غير ما يعتقده حقيقة.
وعن العنف الذي مارسته الجماعة خلال فترة ما بعد 30 يونيو، حاول بعض شباب الإخوان تقديم فكر مغاير للفكر الذي انتهجته قيادات الجماعة خلال الفترة الماضية، وكان من بين هذه الحركات: 

إخوان بلا عنف:

إخوان بلا عنف
إخوان بلا عنف
هي حركة من شباب "الإخوان" أعلنت نيتها عن صياغة مراجعات فكرية لإصلاح فكر الجماعة تمهيدا لإعادتها للحياة السياسية مرة أخرى، وحددت الحركة في البيان التأسيسي الأول لها منهجها وموقفها من الأحداث: 
1 - نبذ العنف بكل صوره. 
2 - عدم استغلال الدين والزج به في المعترك السياسي.
3 - العمل على سحب الثقة من مرشد الإخوان محمد بديع وقيادات مكتب الإرشاد. 
4 - وضع إستراتيجية لتحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية:
- التعيين في الوظائف العامه للأكفأ، ثم الذي يليه.
- رفع المستوى المعيشي لمحدودي الدخل.
- التخفيف من حدة الروتين الحكومي وبطء الإجراءات.

أهم بيانات الحركة:

الحركة أدانت في أكثر من بيان لها الأعمال الدموية والإرهابية التي تقودها مجموعات آثمة راغبة في إحداث فوضى عارمة، بدعم من جماعات جهاديه وتكفيريه، على قناعة بأن المجتمع بكامله كافر، معتبرة أن تلك الجماعات الإرهابية الراغبة في النيل من الوطن لن تنجح في أغراضها الشيطانية، وأن الوطن باقٍ، ومحملة قيادات جماعة الإخوان المسئولية الكاملة عن تلك الأحداث، مطالبة بفتح تحقيق كامل إزاء تلك الأحداث.
وأكدت الحركة في بيان آخر أن العنف الدموي الذي تقوده قيادات الإخوان حالياً ينافي روح الشريعة الإسلامية التي تقوم عليها، معتبرة أن قيادات الجماعة تتبع سياسات الكبر وتمارس أبشع الجرائم ضد أبناء الشعب؛ لأنها خطوات تستهدف إشاعه الفوضى، مطالبين احتواء الشباب السلمي من جماعة الإخوان الذين لم يكن لهم دور في أحداث العنف أو التحريض على العنف، مؤكدين أن من واجبات المجتمع بأسره أن يسهم في إعاده دمج هؤلاء الشباب مرة أخرى.
وحول القرار الأمريكي باعتبار "أنصار بيت المقدس" تنظيما إرهابيا، قالت الحركة إن القرار الأمريكى كان يجب اتخاذه في ضوء الأحداث الدموية، والتي تقف وراءها قيادات بجماعة الإخوان، كاشفة عن دعم أمريكا للإخوان بحوالى 15 مليون دولار، عقب فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" للضغط على الحكومة المصرية.
كما حذرت الحركة من مخطط يقوده المكتب السياسي لحركة حماس لشن العديد من الهجمات على المؤسسات العامة المملوكة للدولة والهجوم على مؤسسات الشرطة، ردا على الحكم القضائى باعتبار حركه حماس جماعة إرهابيه، وشمل المخطط دعم الجماعات المسلحه بسيناء وإعطاء الأمان لهم في قطاع غزة وكافة المناطق الحدودية مع "رفح- غزة" للقيام بعمليات تفجيرية واستهداف قوات الشرطه والجيش، ونحذر من هذا المخطط الإجرامي.

موقف بقية شباب الجماعة من أعمال العنف:

ظل السؤال الحالي عن موقف بقية شباب "الإخوان" من إمكانية تقديم خطاب مغاير للخطاب الذي تم تقديمه خلال الفترة الماضية، وأثبت عدم جدواه، لدرجة انقلاب الشعب على الجماعة، وتقديم مراجعات فكرية لخطاب التكفير والعنف الذي قدموه خلال تلك الفترة.
البعض اعتبر تمسك الجماعة المستميت بشرعية الرئيس المعزول ثورة شعبية، فضلاً عن دخول أطراف خارجية تحاول إذكاء الصراع في مصر، مع إصرار "الإخوان" على العنف تجاه المجتمع المصري، يصعب من احتمال إجراء تلك المراجعات.
والملاحظ أن شباب الجماعة انقسم إلى ثلاثة أقسام منذ 30 يونيو، ففي حين اتجه شباب الجماعة إلى العنف، اتجه آخرون إلى اعتزال العمل السياسي والعودة إلى مجال الدعوة، ولكن ليس من خلال الانخراط في الكيانات الدعوية المعروفة حالياً من "أنصار سنة" أو "دعوة سلفية"، بل اتجه إلى التيار السلفي "المدخلي" الذي يُدين للحاكم بالولاء التام، ويحرم الخروج عليه أو حتى التظاهر ضده، بينما اتجه القسم الثالث إلى الاعتكاف لدراسة أسباب الانتكاسة التي أصابت الجماعة، خلال الفترة الماضية، ويعتبر هذا القسم هو من يعول عليه الكثيرون من المراقبين أن يقدم خطابا سياسيا مغايرا للخطاب الفوقي الذي قدمته الجماعة الفترة الماضية، فضلاً عن طرح مراجعات فكرية لمواقف العنف.

شارك