استطلاع للرأى يرصد مخاطر التطرف الديني فى مصر

السبت 21/يناير/2017 - 05:46 م
طباعة استطلاع للرأى يرصد
 
كشفت نتائج استطلاع رأى حديث تم عرض نتائجه خلال مؤتمر مكتبة الاسكندرية "العالم ينتفض..متحدون فى مكافة التطرف" عن خطورة التطرف وانتشاره فى مصر، واعتراف المصريين بوجود تطرف داخل فئات المجتمع،  والإشارة إلى الإعلام الغربي نجح في سرطنة المجتمعات الغربية، والعالم الآن ينتفض لدعم الارهاب من خلال وسائل إعلام وقنوات فضائية تري من فجر نفسه داخل كنيسة ضحية.
ففى جلسة بعنوان استطلاعات الرأي، قالت حنان جرجس إن المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة" أجرى استطلاعاً لرأي المصريين حول مدى وجود تطرف ديني في مصر ومدى تأثير هذا التطرف على مصر، وأشارت نتائج الدراسة إلى أن 63% من المصريين يرون أن مصر بها تطرف ديني بينما 25% يرون أنه لا يوجد بمصر تطرف ديني و12% أجابوا بأنهم لا يعرفون، وارتفعت نسبة من يرون أن مصر بها تطرف ديني من 56% في الوجه القبلي إلى 61% في المحافظات الحضرية و69% في الوجه البحري، كما ارتفعت من 55% بين الشباب في العمر من 18-29 سنة إلى 76% بين الذين بلغوا من العمر 50 سنة أو أكثر، وجاءت نسبة من يرون أن مصر بها تطرف ديني من 59% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 72% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى، وتوقع 63% ممن يرون أن هناك تطرف ديني أن يقل التطرف الديني في المستقبل بينما 24% يتوقعون أن يزيد و1% يتوقعون أن يظل كما هو، وأجاب 12% بأنهم لا يستطيعون التحديد، حيث ارتفعت نسبة من يتوقعون أن التطرف الديني سيقل من 55% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 68% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى. زأشارت النتائج إلى أن الأعلى تعليماً أكثر تخوفاً مقارنةً بالأقل تعليماً من تأثير التطرف الديني بالسلب على صورة مصر في الخارج ودخول الاستثمارات العربية والأجنبية لمصر وكذلك من تأثيره على السياحة
استطلاع للرأى يرصد
وأكد راشد العريمي أن استطلاعات الرأي تكتسب أهمية كبيرة  لدى أصحاب اتخاذ القرار، ولا تقل اهمية عن التقارير السياسية والامنية والاقتصادية، ويمكن لاستطلاعات الرأي أن تكون انذار مبكر لأصحاب اتخاذ القرار، وبالتالي يستطيعوا اتخاذ التدابير اللازمة قبل وقوع الحدث، وأن تكشف بؤر التطرف والفئة العمرية الاكثر تطرفاً وبالتالي يستطيع المسئولين تقديم الدعم لتلك الفئة العمرية وتجفيف بؤر الارهاب. ولفت إلى أنه لا توجد مؤشرات عربية لقياس ظاهرة التطرف ولكن معظم المؤشرات هي غربية، وأنه في الخمسين سنة الماضية أثبتت استطلاعات الراي في امريكا وأوروبا قدرة  كبيرة في قراءة المستقبل. ولكن في الفترة الأخيرة اخفقت إخفاق كبير  مثل فشلهم في توقع فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية، وفشل معظم استطلاعات الرأي في توقع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. ورغم الانضباط العلمي في استطلاعات الرأي الذي يأتي من الخارج إلا انه يشوبه التعسف ، وأن جودة المنهج تحتاج إلى خلفية إسلامية لتفسير هذه الظواهر ، لذلك ادعوا إلى انشاء مركز أوروبي عربي  لاستطلاعات الرأي؛  حيث ان استطلاعات الرأي عن التطرف والارهاب لا بد أن تكون إقليمية عابرة للحدود. 
وقالت صباح يس أن هذه المنطقة تمثل 5% من العالم وتنتج 50 % من الإرهاب، ومعظم مصممين استمارات الرأي يغلب عليهم استعمالات سياسية وتخدم اهداف مصممين هذه الاستمارات وبالتالي تخرج بنتائج غير معبرة عن الواقع، لذا من يذهب إلى بناء استطلاعات الرأي يجب أن تتوافر لدية بيانات عن المجتمع الذي يذهب إلية، ولا يجب أن يتم الاكتفاء باستطلاع رأي المثقفين فقط. ولفتت إلى وجود ثلاثة اتجاهات لاستطلاعات الرأي في الوطن العربي؛ وهي: إصلاح الخطاب الديني، نقص الديمقراطية، وإصلاح المناهج التعليمية. واختتمت حديثها بأن الاستطلاعات ليست الحل لمواجهة التطرف والغلو واندفاع الشباب ولكن هذه الاستطلاعات إذا تم تصميمها بحرفية وتمارس على نطاق اوسع ستخرج بنتائج إيجابية تخدم النخب والحكومات.
ولفتت نادية بن ورقلة إلى أن الشعب الجزائري عاش في تسعينيات القرن الماضي سنوات من الرعب والخوف امتزجت بسفك الدماء أُطلق عليها اسم العشرية السوداء أو السنوات الجمر، حوالي عشر سنوات من القتال بين النظام الجزائري والجبهة الإسلامية للإنقاذ. ويتكرر هذا الموقف الآن حيث أعلنت داعش عن وجودها الرسمي على ارض الجزائر عبر إعلان مجموعة مسلحة مبايعتها لأبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش،  وفي ديسمبر 2014 أعلن المنشقون عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إنشاء تنظيم مسلح جديد "جند الخلافة في أرض الجزائر" تابع لتنظيم الدولة الإسلامية داعش.
وشهد المؤتمر جلسة حول دور الإعلام، تحدثت فيها أولجا فرحات من لبنان، ومحمد صلاح؛ مدير مكتب الحياة اللندنية بالقاهرة، ووفاء صندي ؛كاتبة ومراسلة صحفية مغربية. وأدار الجلسة خالد بن ققة؛ الباحث الجزائري في الشؤون الخارجية. وقال الإعلامي المصري محمد صلاح إن الإعلام المصري يواجه مشكلة كبيرة، وأن الإعلام الغربي نجح في سرطنة المجتمعات الغربية، مشيرًا إلى أن العالم الآن ينتفض لدعم الارهاب من خلال وسائل إعلام وقنوات فضائية تري من فجر نفسه داخل كنيسة ضحية.
وتحدثت أولجا فرحات من لبنان عن الإعلام ودوره في تعزيز ثقافة السلام ومحاربة التطّرف. وذكرت أن السلام  هو حالة إنسانية يعيشها الإنسان في انسجام مع ذاته قبل أن يعيشها مع الآخرين، فالسلام يبنى على العدالة والحرية، والعدالة هي احترام حقوق الإنسان بالتساوي، أما الحرية فهي ممارسة حرية الرأي والتعبير مع الحفاظ على كرامة الآخرين، إذًا هي ممارسة أخلاقية إنسانية واحترافية في كل الميادين، تهدف الى تعزيز العلاقات الحضارية بين الشعوب وتساهم في صناعة السلام.
وأكدت أن للإعلام دور في بناء الرأي العام وفي دعم حقوق الانسان، فوسائل الاعلام هي أداة ووسيلة لإبراز الحقيقة، وباب للمعرفة على قاعدة حرية التعبير. وذكرت نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16 ديسمبر1966 في المادة عشرين منه؛ وهو: "منع أية دعاية للحرب أو أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف." وأضافت ان الإعلام سلاح ذو حدين يصنع السلام وقد يصنع الحرب والدمار، ولكن الفارق فقط في آلية الاستخدام للإعلام، فإذا تم استخدامه لنشر التسامح والتعايش والمساواة بين جميع افراد ومكونات المجتمع فيكون الاعلام هو جسر التواصل لصناعه السلام وان تم استخدامه لنشر الكراهية والتمييز والاقصاء للأخر فيكون الاعلام هو سلاح لإشعال الحرب والدمار. 
وقالت ان هناك خمسة انواع من الاعلام؛ وهي: الاعلام المروّج للسلام، الاعلام ذو الارضية المشتركة، الاعلام المحايد، الاعلام المتحيّز، الاعلام المروّج للكراهية. وذكرت أن الجميع يصدر تصريحات بأنهم صناع سلام وينشدون السلام ولكن نجد ان مطابخ اعلامهم تعج بالكراهية والاقصاء والتمييز، وهنا تكمن خطورة الاعلام في أن يصنع الوعي المجتمعي للشعوب حتى تتحول الى ثقافة فاذا تم صناعه ثقافة مجتمعية تدعو للحرب والدمار فسنكون بعيدين عن السلام.  
وتحدثت الإعلامية وفاء صندي من المغرب عن مواقع التواصل الاجتماعي والتطرف وتأثيره على الشباب وانها بؤره صراع ولدت الكره والحقد.
وأضافت أن من أسباب ظاهره التطرف الحالة الاقتصادية والاجتماعية وسلوك المجتمع. وقالت ان الانترنت هو المحرك الأساسي لاستقطاب الشباب  لسرعه عرض الافكار وتداولها. وتناولت عن الخطاب الداعشي ومدى انتشاره وجذبه واختراقه لعقول الشباب والشابات مسلمين وغير المسلمين عن طريق تحرير رسائل متطرفة وكيف نجحوا في تجنيد شبابنا. وقالت إنه علينا تطوير الخطاب التواصلي الجذاب طبقا لكل بيئة وايجاد حلول سريعة وتحليل المادة المتطرفة المعروضة وأن علينا عمل منظومة متكاملة مبنيه على الوسطية والاندماج وتكون الدولة هي الحاضن لهم.
وفي جلسة وضع المرأة، قالت الدكتورة أم العز الفارسي؛ أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية في ليبيا، إنه لابد من وضع وثيقة جامعة تنشر ثقافة قبول الآخر والتسامح، فحتى الآن لم نستطيع الوصول إلى آلية لنشر التسامح. ولفتت إلى أن الأمم المتحدة تطرقت إلى موضوع النساء والتطرف، ولابد من وضع آليات من هيمنة الإرهاب الذكوري، وعلينا ان نحمل المرأة مسئولية كاملة لمواجهة الارهاب، تتحمل مسئوليتها وحدها فالله متعها بالعقل مثل الرجل تماما.
ولفتت إلى أن النساء التحقن بالمنظمات المتطرفة وليس الرجال فقط والنساء لها نفس الدوافع؛ منها تهديدات الهوية العرقية والسياسية من مستقبل مجهول، ووجود أنظمة مستبدة وظالمة لا تستطيع معالجة قضايا التطرف والحسم فيها وبالتالي يتحول التطرف إلى سلوك نظامي، وأن تاريخ الوطن العربي مليء بالمخاطر والتطرف من الكل ضد الكل. وأكدت أن النساء لهن دور كبير في مواجهة الإرهاب، وعلى المرأة أن تراقب سلوك أبنائها والتغيرات التي تطرا عليه، تعرف مع من يتواصلون على مواقع التواصل الاجتماعي وفيما يتحدثون حيث يظل الاعلام والتواصل الاجتماعي هي الأدوات والوسائل الاخطر لنشر الفكر الارهابي. وأكدت أن المرأة عامل مهم قادر ان ينشر ثقافة التسامح بدلا من التطرف والثقافة بدلا من الجهل.
من جانبها، قالت الدكتورة ريهام باهي أن السياق الدولي داعم للمرأة في مجلس الأمن، ويجب التركيز على دور المرأة في مكافحة العنف، وتحدثت عن فكرة "الدور"، دور المرأة في مكافحة الإرهاب هي ليست دائما فاعل بل قد تدعم الارهاب، فمثلا الفترة من 1985 إلى 2010 هناك عدد من العمليات الانتحارية قام بها سيدات، وذلك يرجع إلى ان السيدات تمر سريعا من تحت الردار، سهولة التعامل الأمني معهم. وأكدت أن هناك حاجة ملحة الى اشتراك المرأة في مكافحة التطرف، لذلك لابد من رد فعل متعدد الجوانب ووضع المرأة في مكانها الملائم على قائمة الأمن القومي والإقليمي، ولابد من توضيح التناقض ما بين الدين والخطابات المتطرقة له، والتأكيد على دور القيادات السياسية والاجتماعية والنسائية.
وقالت وسام بساندوه؛ ناشطة حقوقية يمنية، إنه لا يجب الخلط بين التطرف والعنف، فالتطرف "فكر" يقود إلى العنف "سلوك"، فالتطرف جاء من خطاب ديني متعصب ليس له علاقة بالدين ولكن بقناعتهم الشخصية. وأكدت أن المرأة فاعل في التطرف وهي أيضا مفعول به، حيث يتم استغلال المرأة لأنها من الناحية الأمنية غير مشكوك فيها. والمرأة قادرة أن تنشأ أجيالا منخرطة في التطرف، لذلك عليه عبأ كبير في مواجهة التطرف والعنف.

شارك