جماعة الاخوان بين المراجعات والتراجع على المستوى الدولي

الثلاثاء 07/فبراير/2017 - 02:23 م
طباعة جماعة الاخوان بين حسام الحداد
 
العديد من دعوات المصالحة مع الجماعة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك العديد من دعوات المراجعة التي تقوم بها قيادات الجماعة على مستوى التنظيم الدولي ويقابل هذه الدعوات، دعوات اخرى لحمل السلاح واستخدام العنف في الداخل المصري ومحاصرة للجماعة على المستوى الدولي، هذا ما يحدث حالة من حالات التخبط سواء على مستوى الجماعة ام على مستوى المتابعين لها، تلك الحالة التي انتجتها حالة انقسام الجماعة على مستوى القيادة والاعضاء، ما بين مؤيد للمراجعات والمصالحة مع النظام المصري وما بين معارض وداعي لاستخدام العنف وبدأت المراجعات الفكرية تنتشر في مختلف فروع الإخوان في العالم، فبعد أن قام جمال حشمت بنشر مراجعات فكرية على شكل دراسة لجماعة الإخوان في مصر،
راشد الغنوشي مرشد
راشد الغنوشي مرشد إخوان تونس
قام على نهجه الشيخ راشد الغنوشي مرشد إخوان تونس بالبدء هو الآخر بنشر مراجعات فكرية خاصة بإخوان وتونس.
تذاع تلك المراجعات عبر أحد القنوات المنتمية للإخوان والتي تبث من لندن، وبدأ فيها بحلقة عن المعوقات التي تواجه الفكر الإصلاحي داخل الحركة الإسلامية بمختلف الجماعات فيها، ثم تطرق بعد ذلك إلى رحلته في إطار المعارضة التونسية الأمر الذي جعله يترك تونس ويسافر إلى فرنسا يعيش فيها بعض الوقت قبل أن يقرر العودة إلى تونس مرة أخرى.
وِأشار الغنوشي، إلى أنه سيواصل إذاعة حلقات المراجعات الفكرية على شاشة تلك القناة الإخوانية، مؤكدًا أن هذه المراجعات نواة للتأسيس الجديد لإخوان تونس بما يواكب المرحلة الحالية، الأمر الذي سيعبر عن الشكل الجديد لإخوان تونس وهو جماعة سياسية في المقام الأول ليس لها أي علاقة بتيار الإسلام السياسي بمفهومه القديم.
وفي هذا الصدد، تواصلت الانشقاقات داخل حركة النهضة في تونس اعتراضا على سياسات راشد الغنوشي الجديدة والتي تعتبر ثورة كاملة على فكر حسن البنا، وقد بدأت هذه الثورة الغنوشية على الفكر الإخواني بإعلان مرشد الجماعة هناك ابتعاده التام عن التنظيم الدولي للإخوان، وعدم الخضوع لسيطرته وقراراته.
جمال حشمت
جمال حشمت
وفي مايو 2016  قال جمال حشمت، عضو «مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين» (أعلى هيئة تشريعية)، إنه «تأكد عزم كل الأطراف» داخل الجماعة على ضرورة «فصل الجانب الحزبي التنافسي عن الجانب الدعوي والتربوي»، و "سيُعلن هذا قريبا"، مشيرا إلى أن هناك «سعيا لمراجعات كبرى، لكنها تحتاج وقتا، وإرادة، وتقديم الشباب».
وفي حوار شامل حول الأزمة الداخلية للإخوان، أضاف «حشمت»، صاحب أحد مبادرات حلّها، إن الخلاف الداخلي داخل الجماعة «نخبوي» في المستويات العليا بها، وليس قواعدها، مؤكدا وجود جهود لرأبه في أقرب وقت، ومستبعدا في الوقت الحالي إعلان انشقاق بالجماعة التي تأسست عام 1928.
وشدّد حشمت، المقيم حاليا خارج مصر، على أن «الأزمة الحالية ليست بين تنظيم يبقى أو ينتهي أو مواجهة أو تراجع، بقدر ما هي محاولة جادة وحقيقية لتطوير الجماعة، وعودتها للرأي العام بشكل أفضل وأحسن من فتراتها السابقة، وقد عولجت الأخطاء، وتمت الاستفادة من الدروس السابقة في تاريخ الوطن والجماعة».
وفي 29 يناير الماضي 2017، عدد جمال حشمت القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين"، 10 خطايا للجماعة عقب ثورة يناير وحتى اللحظة. وقال حشمت في مقال له نشره المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية تحت عنوان "في ذكرى 25 يناير ..كنت هناك ولكن"، إنه لابد من ذكر بعض الأخطاء التي وقعت فيها الجماعة خلال هذه الفترة وهي في إطار المراجعات التي يجب أن تتم الآن. وأوضح إن سرد هذه الأخطاء تأتي من خلال انه كان شاهد عيان على كثير من الأحداث بحكم عمله المهني والأكاديمي والعمل الإسلامي بالإضافة إلى عمله السياسي المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين وعدد حشمت 10 أخطاء للجماعة وهي : قرار دخول الانتخابات الرئاسية شاركت في التصويت على مشاركة الإخوان في معترك انتخابات الرئاسة، وقد ذكرت من قبل موقفي الرافض لقناعتي أن هناك استحالة لخضوع الأجهزة الأمنية لسلطة رئيس من الإخوان، وقد تعاملوا معهم طوال عشرات السنين كمتهمين ومساجين!! 
خيرت الشاطر
خيرت الشاطر
وقد أعلن أيضا الاستاذ عاكف (المرشد العام السابق للإخوان المسلمين) عن رفضه بل وصلني من أحد القريبين من المهندس خيرت الشاطر نفس الرأي، ولا أعلم بماذا صوت لكن في النهاية التزمنا جميعا بما أسفر عنه التصويت، الذي تم مرة واحدة فقط في نهاية الجلسة الثالثة للحوار داخل الشورى العام. إذن ما هو الخطأ من وجهة نظري؟ أعتقد أن أمراً بهذه الخطورة يتصدر له الاخوان لأول مرة بعد أن فشلت كل المحاولات في ترشيح آخرين ودعمهم! خاصة وأن النتيجة كانت 52 موافق مقابل 48 رافض، وهي نتيجة لم تحدث من قبل في أي تصويت داخل الإخوان، وكان الأولي أن يطول الحوار، وأن يشمل تحليل للقوي الحاكمة والمتحكمة والمسيطرة على المشهد السياسي في مصر، وتاريخ كل منها، وليس البحث فقط عن شخصيات المرشحين وفرص نجاحهم هذا من جانب، كما كان يجب ألا يمر القرار بعد ذلك إلا بنسبة الثلثين على الأقل. التواصل مع المجلس العسكري أعتقد أن فكرة التواصل بين الإخوان والمجلس العسكري عقب الثورة كان فيها خطأن جوهريان، أولهما أنه كرس الفرقة وسمح للمجلس العسكري أن ينفرد بالقوي والكيانات والأفراد ليمارس التحريض والتشكيك بينهم، مما فرق قوي الثورة وجعلهم في صدام مع بعضهم البعض، وثانيهما هو عدم عرض نتائج هذه الحوارات على جلسات الشورى، مما جعل الغموض يكتنفها، وقد اختص بها البعض دون أعلي هيئة في الجماعة، ودون تفويض، وأشاعت حالة من سوء الظن بل إلى الآن لا أعرف شخصيا ماذا دار في هذه الاجتماعات! الانتشار الكثيف في زمن قليل بعد الثورة وتصدر الاخوان للمشهد الثوري عن استحقاق، انتشرت حالة من السيولة والانتشار الكثيف للإخوان في كل ربوع مصر بمقرات تحمل يافطة الاخوان المسلمين، ربما قبل قيد جمعية بذات الاسم في الشئون الاجتماعية ثم حلها الانقلاب العسكري، ثم ظهرت مقرات حزب الحرية والعدالة وهذا أعطي لكثير من الاخوان الاحساس بالاستقرار في ظل عدم القدرة على حماية هذه المقرات، لأن الاخوان لم يعتمدوا سياسة العنف والعنف المضاد مما نتج عنه استشهاد كثير من الشباب الذي لم يملك أدوات ولا امكانات الدفاع عن النفس. سياسة الحشد الجماهيري لقد كان اعتماد سياسة الحشد في الرد على المناوئين، ومجاراة للقوي التي استهدفت اشاعة الفوضى في البلاد بالحشد الاسبوعي قبال انتخابات الرئاسة والحشد الشهري كل شهر بعد الرئاسة، وهي سياسة مثلت خطورة لعدم وضعها في إطار رؤية متكاملة تتعاون فيها الأدوات للوصول إلى هدف محدد، لكنها علي الرغم من النجاحات التي حققها الحشد، إلا أنه في ظل عدم القدرة علي حمايتها استشهد عدد كبير من خيرة شباب الجماعة علي أيدي عصابات مسلحة من بلطجية المخابرات والشرطة والدولة العميقة! فقد اتسمت هذه الحشود بالسلمية في مواجهة عصابات مسلحة. الشعور بالنصر والتمكين هناك احساس غريب وكان مبالغا فيه لدي أغلب قواعد الاخوان بعد الثورة بأن هذا بداية التمكين بل شعر البعض أنه صار بديلاً للحزب الوطني، خاصة بعد انتخابات الرئاسة من حيث السلطة والنفوذ، وهي مقارنة خاطئة لحزب حكم البلاد بالحديد والنار والفساد والظلم، وقد أنشأ دولة عميقة وطبقات استفادت من وجود الطاغية، بينما حزب الحرية والعدالة، الذي جاء بإرادة الشعب، لم يملك بعد أدوات الحكم الرئيسة في البلاد، وقد نتج عن ذلك عدة اشكاليات منها الاحساس بأن الاخوان تحملوا مسئولية مصر منفردين وهي مهمة ثقيلة لا يمكن أن يتحملها فصيل أو حزب أو جماعة وحدهم أبداً، أيضا في ظل هذا الإحساس، أفسد بعض الشباب المخدوعين بفكرة التمكين العلاقات مع الآخرين، خاصة المسئولين في أجهزة الدولة، التي يستعان بها للتخفيف عن كاهل المواطنين مما جعلهم لا يتفاعلون مع هذه الطلبات بقوة، والأهم هو أن هذا الاحساس تسبب في احداث صدمة هائلة في نفوسهم بعد الانقلاب العسكري، حيث اضطرب تفكيرهم وتشككوا في كل شيء، وقد انقلبت الآية من حكم الي مأساة كانوا فيها شهداء ومعتقلين ومطاردين ومهاجرين، وذلك لأنهم لم يتهيأوا لذلك نفسياً، لنقص في وعيهم ومعلوماتهم حول العسكر وتاريخهم الحقيقي في مصر. احتكار المعلومات من أعجب المشاكل التي كنت أواجهها، بصفتي القيادية في مجلس الشورى والهيئة العليا للحزب والهيئة البرلمانية، هي ندرة المعلومات وهي سمة التنظيمات التي عملت بعيدا عن العلنية، وسمت قيادتها حيث المعلومة التي تنتشر تمثل خطورة، وهو أمر خاطئ في أعمال علنية يمارسها مستوي مؤهل من حقه المعرفة والنقاش واتخاذ القرار، لذا كان من العجيب احتكار المعلومات حتي علي أعلي المستويات، التي هي صاحبة القرار، مما جعل هناك لغط وغموض حول حقيقة ما يجرى في الواقع، من أعمال ميدانية أو لقاءات سياسية أو استعدادات، وهذا بالتالي صعب مهمة الرد علي الأكاذيب، وتفنيد الاتهامات لغياب المعلومة الموثقة، مما جعلني الاعتماد علي مجهودي الشخصي لمعرفة معلومة أو خبر؛ لمواكبة ما يحدث ونجهل تفاصيله، وقد أثبتت ذلك وقتها في بعض الحوارات الفضائية. التعامل مع القوي المدنية رغم أن العلاقة مع القوي المدنية العلمانية لم تكن على ما يرام، لكن أشهد أن الاخوان قد بذلوا في ذلك مجهودا كبيرا منذ انشاء التحالف الديمقراطي لانتخابات البرلمان الذي ضم في البداية 41 حزباً وكياناً وجماعة، ثم انخفض إلى 13 بسبب الخلاف على أعداد المقاعد، مروراً بلقاء فيرمونت، حتى تشكيل اللجنة التأسيسية الثانية للدستور، بل ثبت بالصوت والصورة باعترافاتهم أنهم تآمروا على الإسلاميين، وقت أن طالبوا العسكر بالاستمرار، وصنعوا لهم مواد فوق دستورية ثم تآمروا علي الرئيس المنتخب، وركبوا الدبابة وولجوا في دماء المصريين لأسباب متعددة منها، كراهية البعض منهم للإسلام، ومن يمثله، والبعض خوفاً من تغييبهم عن المشهد، في ظل وجود الإسلاميين، واعتمادهم علي دعم الخارج لهم بعدما افتقدوا دعم الداخل في الانتخابات، فتآمروا علي دعوة الرئيس لانتخابات البرلمان في مايو 2013، وساعدهم في ذلك القضاء الاداري!! والخطأ الذي أعنيه هنا هو قلة المعلومات التي اختزنها المتعاملين مع هذه القوي من الاخوان، فكان ذلك حائلا للرد على افتراءاتهم وأكاذيبهم، وكذلك لم نتمكن من الدفاع عن دور الاخوان في التعاون معهم، والعروض التي عرضت عليهم للمشاركة، ورفضوها. وقد أدى ذلك لاتهام الاخوان بالاستعلاء أحياناً والإقصاء أحياناً أخرى! إصلاحي لا ثوري لم يوضع الحسام في موضعه ولا الندى في مكانه، واختلطت الأمور وغلب الحال الاصلاحي على الاخوان حسبما تربوا عليه، في وقت كان هناك بعد الثورة من يخطط للانقلاب عليها، وقد وصلت تحذيرات كثيرة لكل القيادات في مجلسي الشعب والشورى والحزب ومكتب الارشاد ومؤسسة الرئاسة، لكن الحرص على العمل السلمي وحفظ مؤسسات الدولة؛ أعطى للثورة المضادة الفرصة تلو الفرصة، لتشويه الثورة والثوار وتعطيل الرئيس وإرباك المشهد، وفى ذلك كلام وتفاصيل طويلة. الأجندة التشريعية الثورية الغائبة لقد غابت هذه الأجندة ذات الأولوية الثورية بشكل واضح عن الشعب والشورى، وقد كانت هناك فرصة لسن قوانين تقلم أظافر أطراف الثورة المضادة، ويكفي أن نعلم أن قانوناً واحداً أنقذ الانتخابات الرئاسية من التزوير، وهو الفرز وإعلان النتيجة في اللجان الفرعية، فلم تكن الأولويات واضحة، ولم يدافع البرلمان حتى عن نفسه عن طريق متحدث رسمي، وقد بح صوتي لإيجاده وسط مهاترات ما انزل الله بها من سلطان عن زواج الطفلة والموتى، وما زالت تردد حتى الان في الخارج للأسف الشديد! التحالف مع حزب النور هم معلومون لكل الاسلاميين سلفيو برهامي بالإسكندرية المدعومين من الخليج! العملاء للأمن ضد الاخوان وقد أثبتت الأحداث والوقائع ومستندات أمن الدولة ذلك. الذين لم يحدثوا أي مراجعات في فتاويهم التي حرمت العمل السياسي، ودخول الانتخابات ودخول البرلمان، وقد مارسوا كل ذلك فيما بعد دون مراجعة وانتهازية غريبة تشهد بها مضابط الجلسات في الشعب والشورى. واختتم حشمت مقاله :"هذه شهادتي متكاملة لأول مرة بعد 6 سنوات من الثورة، وأكثر من ثلاث سنوات من أحداث 3 يوليو، لعلها تفتح أبواب أخري لسلامة الصدر وتنقية النفوس ومعرفة الأخطاء لتداركها والإعداد الجيد لخطوات النصر الواثق من نفسه المعتمد علي الله، والأخذ بمقتضى الأسباب، في توازن فريد هو من سمات هذا المنهج الاسلامي الذي تحاربه الدنيا عن بكرة أبيها ولا تريد أن تترك له فرصة النجاح التي يحمل كل أسبابها من قيم وأخلاق وتضحية وعلم وجهد، لا يبغي سوى إسعاد البشر في الدنيا والآخرة، لكن من يدرك ومن يلبي!
وعلى الصعيد الدولي تواجه جماعة الإخوان الإرهابية خلال الوقت الحالي، نفورًا من جانب عدد من الدول الغربية التي أدركت أن احتواءها للجماعة يمثل مصدر إزعاج، خاصة في ظل تواصل الهجمات الإرهابية التي وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية، وباتت ألمانيا التي كانت من أكثر الدول احتواءً للجماعة ضمن رافضي نشاطات الجماعة على أراضيهم.
جماعة الاخوان بين
وفي هذا السياق، حذر مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء من خطورة تأثير تيار الإسلام السياسي فى أوضاع المسلمين بألمانيا وإثارة الخوف والفزع من المسلمين لدى فئات المجتمع الألماني، موضحًا أن الإدارة الأمريكية الجديدة تدفع الكثير من أعضاء الجماعة إلى مغادرة الولايات المتحدة الأمريكية والبحث عن بديل آمن للانتقال إليه والعمل من خلاله، حيث سعى الكثير من أعضاء الجماعة إلى الرحيل نحو كندا، وسعى البعض الآخر نحو ألمانيا مستغلين نفوذ الجماعة هناك.
وأضاف المرصد، أن ألمانيا بها الجمعية الإسلامية، وهي أحد أقدم المراكز الإسلامية في ألمانيا، حيث تم إنشاؤها عام 1960م، ويبلغ عدد أعضائها نحو 13000 عضو، مشيرا إلى أن التوظيف السياسي للمؤسسات والمراكز الإسلامية من قبل تيارات الإسلام السياسي يثير الكثير من المخاوف لدى المجتمع الغربي من طبيعة تلك المراكز وأهدافها وتأثيرها فى الطبيعة الاجتماعية لتلك الدول، الأمر الذي توظفه تيارات اليمين الديني المتطرف هناك لتشويه صورة الإسلام والتحذير من خطر المسلمين على مستقبل المجتمعات الغربية.
ودعا مرصد دار الإفتاء مسلمي ألمانيا إلى الحذر من الانسياق وراء التوظيف السياسي للمراكز الإسلامية هناك وعدم الانخداع بالدعاية المضللة التي تستخدمها الجماعات والتيارات المتطرفة وتيارات الإسلام السياسي، والتي تسعى نحو تكتيل مسلمي ألمانيا خلف مصالحها وتوظيفهم بما يحقق مصالح تلك التيارات وأهدافها الخاصة والضيقة.
من جانبها، عبرت هيئة حماية الدستور الألمانية «الاستخبارات الداخلية» عن قلقها من تزايد نفوذ أفراد الجماعة، داخل ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مؤكدة أن جماعة الإخوان استغلت عبر منظمات مثل الجمعية الثقافية «ملتقى سكسونيا» نقص دور العبادة الخاصة بالمسلمين الذين قدموا إلى سكسونيا كلاجئين، لتوسيع هياكلها ونشر تصورها عن الإسلام السياسي.
وتابعت هيئة حماية الدستور، «أنها يساورها قلق متزايد إزاء هذا التطور بسبب رفض الجماعة لقيم رئيسة في النظام الديمقراطي الحر مثل الحرية الدينية أو المساواة بين الجنسين، وأنه يجرى حاليًا شراء مبان على نحو كبير لتأسيس مساجد ونقاط تجمع للمسلمين».
وأكدت أن الجماعة تمتلك أموالًا باتت تثير الشبهة، وإنهم يتوسعون في الولاية بأموال طائلة ويشترون عقارات، والمسلمين يترددون بامتنان على دور العبادة هذه، والكثيرون منهم لا يعلمون على الإطلاق بطبيعة نشاط الإخوان في هذه المساجد، لافتا إلى أن المسلمين الوافدين في غرب ألمانيا كثيرًا ما يتلقون عروضًا من منظمات أو جمعيات إسلامية متعددة، بينما لا تتوافر تلك العروض في شرقي البلاد.
وتصف الجمعية الخيرية بسكسونيا نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها «ملتقى متعدد الثقافات لكل الأفراد بصرف النظر عن عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو لغتهم تهدف إلى الربط بين الألمان والمهاجرين على المستويين والمحلي والإقليمي، والمساهمة الفعالة في تعايش مشترك أفضل وأكثر سلمية».
وتعود العلاقة بين جماعة الإخوان الإرهابية بألمانيا، إلى وقت حكم هتلر، عندما اندلعت شرارة الحرب العالمية الثانية، ووصل رومل إلى الحدود الغربية لمصر، فخرجت تظاهرة بقيادة الإخوان مع بقايا حزب مصر الفتاة والحزب الوطني، لتأييد الألمان ورددوا الهتاف الشهير «إلى الأمام يا رومل»، وكانت الجماعة وقتها متحالفة مع الملك فاروق، الذي بدأ يكره الوجود البريطاني، ويميل أكثر إلى ألمانيا، وفقًا لما جاء في كتاب الدكتور وجيه عتيق، أستاذ التاريخ، بعنوان «الملك فاروق وعلاقته بألمانيا النازية خمس سنوات من العلاقات السرية».
الدكتور لورينزو فيدينو، مدير برنامج التطرف في مركز جامعة جورج واشنطن للأمن الداخلي وأمن المعلومات، أكد أنه بعد اندلاع ثورة 23 يوليو، وتأزم موقف الجماعة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ووجدت الجماعة ترحيبا سياسيا من جانب ألمانيا باستقبالهم، وبالفعل غادرت أعداد كبيرة منهم إلى ألمانيا، خاصة بعد قرار ألمانيا الغربية بقطع العلاقات مع البلدان التي اعترفت بألمانيا الشرقية، وفتحت أبوابها لاستقبال اللاجئين منها.
الدكتور سعيد رمضان، حسبما ذكر موقع منتدى الشرق الأوسط، كان من أوائل أعضاء الجماعة وجودا في ألمانيا، وأسس الجمعية الإسلامية هناك، وأشرف على بناء المركز الإسلامي بميونخ عام 1960، والذي يعتبر الفرع الرئيسي للإخوان المصريين في ألمانيا، التي تنامى دورها بشكل كبير مع مرور السنوات، وأصبحت على علاقة بجميع التنظيمات الإسلامية، وتوالى على رئاسته عدد من قادة الجماعة، وصولا لمهدي عاكف، الذي عمل على توطيد نفوذ الجماعة بألمانيا.
أما المجلس المركزي للمسلمين بألمانيا فتم تأسيسه في عام 1994 كبديل لاتحاد دائرة العمل الإسلامية، ويعد أحد أهم شركاء الحوار في السياسة، ويتكون غالبية أعضائه من مسلمي دول شمال أفريقيا والشرق الأقصى والأوسط، ويضم نحو 19 ناديًا تابعًا له، ويتراوح عدد أعضائه بين 15 و20 ألف شخص.
سامح عيد، الخبير
سامح عيد، الخبير في شئون الحركات الإسلامية
من جانبه، أوضح سامح عيد، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، أن التحذيرات التي أطلقتها الاستخبارات الألمانية، تعد بمثابة إنذار للجماعة بخطوات جديدة ضد وجودهم هناك، مشيرًا إلى أن الحكومة الألمانية بدأت تستشعر بوجود خطر على أمنها القومي من توغل تلك الجماعة، خاصة في ظل الهجمات الإرهابية التي شهدتها أوروبا خلال الآونة الأخيرة.
وأضاف «عيد»، أن الجماعة الإرهابية تحتكر منابر الخطاب الديني الإسلامي في ألمانيا، ولديها أتباع من مختلف الفئات سواء باحثين أو طلبة أو أساتذة أو أطباء، لافتًا إلى أن الروابط والجمعيات الإسلامية بألمانيا تخضع جميعها لإدارة الجماعة.
وأضاف الخبير في شئون الحركات الإسلامية، أن وجود الجماعة المتغلغل داخل ألمانيا تجلى خلال تظاهراتهم وقت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة إلى ألمانيا، عندما قاموا بملاحقة عدد من الإعلاميين والفنانين المرافقين للرئيس.

شارك