ترحيب أممى بجهود تونس فى مكافحة الارهاب..وجدل حول قانون العنف ضد المرأة

الخميس 09/فبراير/2017 - 08:05 م
طباعة ترحيب أممى بجهود
 
البرمان التونسي
البرمان التونسي
رحب بن ايمرسون المقرر الخاص بالامم المتحدة المعنى بحقوق الانسان ومكافحة الارهاب بالجهود المبذولة من الدولة لمنع التطرف العنيف ومكافحة الارهاب، مشيرا الى ان تلك الجهود يجب ان تؤسس على حقوق الانسان لتكون تونس نموذجا فى المنطقة وخارجها .
شدد بن ايمرسون ان تونس أصبحت منارة للامل ، الالتزام الذى اعربت عنه السلطات والمؤسسات التونسية لمكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف ليس فقط عن طريق التدابير الأمنية ولكن أيضا من خلال العمل المتظافر في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقضائية وحقوق الإنسان .
نوه انه سنحت له الفرصة خلال الزيارة للتعرف مباشرة على التحديات المتعلقة بعودة المقاتلين الإرهابيين التونسين من مناطق النزاع في المنطقة والتهديد المستمر الناتج عن عدم الاستقرار وذلك على الرغم من التقدم المحرز في نطاق تأمين الحدود الخارجية.
وقال بن ايمرسون انه على الرغم من التقدم المحرز فانه لاحظ بعض مايدعو الى الانشغال خاصة مايتعلق بطول فترة الاحتجاز في انتظار المحاكمة وظروفها وكذلك استخدام أوامر تنفيذية لتقييد حرية التنقل والاقامة الجبرية دون مراقبة ومراجعة قضائية ملائمة فضلاً عن إدعاءات سوء المعاملة والتعذيب .
وقال مسؤول الامم المتحدة انه تم ابلاغه بأن التحقيقات واجراءات التقاضي جارية ضد قرابة 1500 شخص متهمين بأفعال إرهابية وان 10 بالمائة فقط تمت محاكمتهم والبقية لا يزالوا محرومين من حريتهم لمدد طويلة دون الكشف عما إذا كانوا مذنبين أم لا.
ودعا المقرر الخاص فى هذا الصدد السلطات التونسية إلى مضاعفة جهودها وتسريع الإجراءات القضائية عن طريق تدعيم النظام القضائى المكلف بمناهضة الإرهاب بموارد بشرية إضافية وتبسيط نظام العدالة الجنائية وغيرها من الاجراءات.
انتشار للعناصر الارهابية
انتشار للعناصر الارهابية فى تونس يثير القلق
كان المقرر الخاص الاممى وخلال زيارته الى تونس والتى استمرت لخمسة ايام قد عقد اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين حكوميين بما فى ذلك فى وزارات الخارجية والداخلية والعدل والدفاع اضافة الى ممثلى المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الانسان وكذلك مستشار رئيس الجمهورية المسؤول عن قضايا مكافحة الارهاب .
يأتى ذلك فى الوقت الذى أثار فيه مقترح مشروع قانون مناهضة العنف ضد المرأة كثير من الجدل، بعد تشديد العقوبات في قضايا الاغتصاب وإسقاط حق تزويج المغتصب بضحيته، كما ينص على ردع العنف الأسري ضد المرأة بكل أشكاله بما في ذلك جريمة الاغتصاب، إلى جانب حماية المرأة من المضايقات في الأماكن العامة وتجريم التمييز في الأجر على أساس الجنس وتحمل الدولة مسؤولية توفير الحماية والإحاطة بالمرأة ضحية العنف مع أبنائها.
ويري محللون انه بالرغم من تلك المزايا وغيرها من الحقوق والفصول الرادعة للعنف، تنظر التيارات الدينية المحافظة بريب إلى مشروع القانون لعدة اعتبارات أولها يركزعلى نوايا للقفز على الخصوصية الثقافية للمجتمع التونسي، ويدرج تعريفات فضفاضة من شأنها أن تمس في نهاية المطاف بالنمط المجتمعي تحت يافطة مناهضة العنف.
وينص الفصل الأول من مشروع القانون على أنه يهدف "إلى وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية، وذلك باتباع مقاربة شاملة تقوم على التصدي لمختلف أشكاله بالوقاية وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا ومساعدتهم".
مخاوف من العنف ضد
مخاوف من العنف ضد المرأة
فى حين تتفق ثلاث منظمات دينية على الأّقل في رؤيتها، وهي، جمعية الأئمة من أجل الاعتدال ونبذ التطرف وجمعية "هيئة مشايخ تونس" والمجلس النقابي الوطني للأئمة وإطارات المساجد، على أن القانون لا يعرف على وجه الدقة مسألة النوع الاجتماعي وأن القانون تغاضى عن ذلك، خاصة وأنه أفرد باقي الكلمات المفاتيح في الفصل بتعريفات واضحة مثل العنف والتمييز والضحية والمرأة والطفل والاستغلال وسكت في المقابل عن النوع الاجتماعي.
من جانبه أوضح شهاب الدين فليش، عضو المكتب التنفيذي لجمعية الأئمة من أجل الاعتدال ونبذ التطرف أن هناك مخاوف من أن السكوت حول النوع الاجتماعي يخفي اتجاها نحو التبني الكامل لفكرة المعايير الكونية لحقوق الإنسان ما يهدد فعليا النمط الأسري في تونس والخصوصية الدينية علاوة على مخالفة ما ينص عليه الدستور، منوها بقوله"قمنا بدراسة علمية حول المصطلح واكتشفنا مدى خطورته المرتبطة بالفكر الغربي والقائم على تجاوز الفوارق العضوية والفيزيولوجية بين الجنسين واعتبار أن العلاقة قابلة للتطور بغض النظر عن الآخر- الزوجة". ويلمح فليش من وراء ذلك إلى التطبيع الضمني مع العلاقات المثلية، وهي مسالة لا تزال بالغة الحساسية في تونس وتواجه بعقوبات صارمة في القانون.
ويري المعارضون أن رؤية النوع الاجتماعي تصطدم بتحفظات حتى داخل المجتمعات الغربية المحافظة ومن قبل الكنيسة على وجه الخصوص لخطورته على الطبيعة والنظام الأسري، وإعادة  الجدل القديم بشأن النمط المجتمعي التونسي والذي تفجر بعد الثورة مع صعود الإسلاميين والصدام الثقافي مع التيارات الليبرالية واليسارية، وهو صراع تم احتواؤه بفرض "توافقات مفخخة" في الدستور الصادر عام 2014.
نوه عماد الخميري، رئيس لجنة الحقوق والحريات في البرلمان التي تنظر في القانون "سيثير القانون نقاشا واسعا في الساحة المجتمعية لاختلاف وجهات النظر. لكن الثابت أن القانون بصيغته الحالية تضمن الكثير من النقاط الإيجابية التي من شأنها تعزيز مكاسب المرأة في تونس".
أضاف الخميري "لا يبدو مهما إثارة المسائل الثقافية والعقائدية بل إن الأهم في اعتقادي أن تكون هناك مدونة تشريعية تنظر في الواقع الاجتماعي وتلامس قضايا العنف المسلط على النساء وتطرح حلولا قانونيا لمقاومة هذه الظاهرة".، ولا يبدو هناك اختلاف بين التيارات السياسية حول المدونة القانونية للتصدي العنف ضد المرأة، غير أن الشيطان يمكن في التفاصيل. إذ القضايا المرتبطة بتعريفات العنف داخل الأسرة وتصنيف العلاقات الجنسية تظل موضع خلاف عميق نظرا لملامستها النط الثقافي والمجتمعي للتونسيين.
واعتبر شهاب الدين فليش أن"هناك سموم داخل القانون. فهو يدرج الاغتصاب الزوجي ضمن العنف الجنسي بينما عقد النكاح قائم فقهيا على ركن الجنس كما يمنح المرأة حرية التصرف دون رقيب. سيحول هذا القانون الأسرة إلى بيت عنكبوت".
تونس ضد الارهاب
تونس ضد الارهاب
نوه النائب أيمن العلوي عن الجبهة الشعبية، الممثل الأبرز لتيار اليسار أن القانون يحتاج إلى تحسينات شكلية رغم النقاط الايجابية العديدة التي يتضمنها. ويوضح العلوي "نريد التنصيص على جريمة الاغتصاب والاعتداء الجنسي بما في ذلك الاعتداء داخل العلاقات الزوجية. نحن متمسكون بذلك. هناك قوى دينية ومحافظة لا تريد التنصيص على ذلك بوضوح. ونحن نطالب بتفعيل كامل لما نص عليه الدستور من مساواة تامة وفعلية بين الجنسين".
أضاف "تختلف زوايا النظر لكن لا يجب في نهاية الأمر المس بأصل الحق ومبدأ المساواة. الحركات التقدمية لا تأخذ بعين الاعتبار الفوارق الفيزيولوجية لأن هذا الأمر طالما مثل مطية لتبرير الاضطهاد ضد المرأة".
من جانبها قالت الناشطة في جمعية النساء الديمقراطيات بشرى بلحاج حميدة أن إعداد القانون الحالي يعود إلى عام 2007 وقد بين التشخيص الأولي الذي رافقه أن العنف الزوجي يمثل الصنف الأول من العنف المسلط على المرأة، كما أوضحت أن بيانات الديوان الوطني للأسرة أفاد بأن 50 بالمائة من النساء يتعرضن للعنف ويأتي العنف الأسري في المقام الأول من بينها.
وفي نظر المتابعين للنقاش الدائر حول مشروع القانون فإنه يحسب له أنه طرق أبوابا طالما كانت مغلقة وكشف عن عنف مسكوت عنه داخل الأسرة التونسية. بل إن الحديث طال أيضا المساواة التامة بما في ذلك موضوع الميراث. فبموازاة قانون مناهضة العنف طرح نواب أيضا مبادرة تشريعية في البرلمان تتعلق بالدعوة إلى المساواة في الميراث. وهي دعوة في نظر الناشطة بشرى كسرت حاجزا سميكا حول هذا الملف الذي مثل على مدى عقود طويلة "تابو".

شارك