تعيينات ترامب لفريقه بالبيت الأبيض ولعبة التناقضات الفكرية

الإثنين 10/أبريل/2017 - 03:32 م
طباعة تعيينات ترامب لفريقه
 
تميزت تعيينات ترامب لفريقه بالتناقضات الواضحة في الاتجاهات الفكرية، ولعل وجود هيربرت ريموند ماكماستر، مستشار ترامب للأمن القومي أحد أكبر هذه التناقضات التي تأتي صريحة مع توجهات ترامب نفسه، وهو الأمر الذي بدا واضحا في تعيينات ماكماستر لبقية أعضاء فريقه.
ويشهد البيت الأبيض حاليا صراع أيدلوجيات في من يبقى ومن يرحل ومن يستمر من إدارة أوباما أو بوش، اومن سيأتي جديدا ويحمل فكرا يتوافق مع ماكماستر الذي لاقى صعاب في تكوين فريق ترامب بالبيت الأبيض.
تكمن المشكلة في أن الجنرال هيربرت ريموند ماكماستر،  يحمل آراء حول الإسلام تتعارض تماما مع تلك التي يعتقدها ستيفن ك. بانون، كبير الاستراتيجيين السياسيين في الإدارة، والذي دائما ما يحذر ومنذ فترة طويلة بأن الغرب اليهودي - المسيحي في صراع حضاري مع الإسلام.
ستيفين بانون الذي تم تعيينه في 28 يناير هذا العام ، بقرار من الرئيس ترامب بتعيينه عضوا دائما لكافة اجتماعات مجلس الأمن القومي، وجعله عضوا منتظما في ما يسمى بلجنة المديرين، والمنتدى المشترك بين الوكالات على مستوى مجلس الوزراء الذي يرأسه هربرت ريموند ماكماستر، مستشار الأمن القومي، وإصدار القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية التي لا ينظر في شأنها ترامب؛ القرار الذي أدى إلى زيادة نفوذ بانون وقوته بشكل كبير في عملية صنع القرار في البيت الأبيض.
وفي الوقت نفسه، قام بانون وصهر الرئيس، جاريد كوشنر، بإنشاء فريق خاص بالمبادرات الاستراتيجية، وهي مؤسسة داخلية للبيت الأبيض، ليشكل بانون بذلك فريقا مناهضا لسياسات ماكماستر للطعن في النصائح التي سيقدمها الأخير ومجلس الأمن القومي لترامب.

ويقود فريق المبادرات الاستراتيجية والتى يتم وصفها بـ "ظل مجلس الأمن الوطني"، مساعد الرئيس كريستوفر ليديل، و ريينس بريبوس كبير موظفي البيت الأبيض، وتضم نائب مساعد الرئيس سيباستيان جوركا وهو مؤلف كتاب "هزيمة الجهاد: الحرب المنكوبة "؛ ويتفق جوركا مع بانون في أن "حركة الجهاد العالمية هي أيديولوجية حديثة الشمولية متجذرة في المذاهب والتاريخ العسكري للإسلام".
ويتردد في أروقة البيت الأبيض أن ماكماستر يفكر في إعادة تنظيم فريق السياسة الخارجية في البيت الأبيض لأخذ مزيد من السيطرة، يرى شون سبيسر السكرتير الصحفى للبيت الابيض أن ماكماستر يتمتع بسلطة كاملة فى تنظيم موظفيه، وإن كان سيظل أى تغيير فى وضع بانون يجب أن يكون بموافقة ترامب وفي كلتا الحالتين، يبدو الصراع بين ماكماستر وبانون لا مفر منه.

وكان القرار الأول الذي اتخذه ماكماستر بعدما تم تعيينه مستشارا للآمن القومي، هو تعيين دينا باول نائبا له، وهو المنصب الثانى فى مجلس الأمن القومي، وهو منصب شغلته بالفعل ك. ت مكفارلاند.
كانت مكفارلاند، مسؤولة سابقة في إدارة ريغان، وقد وجهت نقدا صريحا لإدارة أوباما في مواجهة الإسلام الأصولي، والذي وصفته بأنه "أكثر فظاعة وفتكا، وترويعا في التاريخ"؛ في مقالة رأي نشرت لها في أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت في بروكسل في مارس 2016، حيث كتبت مكفارلاند قائلة: "إن الجهاد الاسلامي العالمي في حالة حرب مع الحضارة الغربية، الرئيس أوباما وغيره من القادة الغربيين قد لا يرونها حربا، ولكن الجانب الآخر – أي الجهاديين- يراها كذلك، ليخرج الإسلام الأصولي عن السيطرة خلال السنوات السبع الماضية، وينفجر في جميع أنحاء العالم، ولسنوات ظللنا دائما خلف هذا العدو خطوة واحدة، يتقدمنا في أفعاله وهجماته الإرهابية، في الوقت الذي نظل فيه معقودين اللسان لفعل ما هو صواب سياسيا، ... نحن نفقد هذه الحرب، وتزداد خسائرنا كل يوم، لقد تأخرنا بالفعل لهزيمة هذه الآفة المتزايدة"، وترى مكفارلاند أنه يجب وضع استراتيجية شاملة ومتعددة الأوجه لهزيمة الأصوليين وبمساعدة حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية .
على الرغم من أن مستقبل ماكفارلاند، لم يكن واضحا بعد استقالة مايكل فلين من مجلس الامن الوطني، والذي عرض عليه منصب سفير الولايات المتحدة لدى سنغافورة.

يذكر أن دينا حبيب باول، 43 عاما، عملت مديرة تنفيذية سابقة مع جولدمان ساكس،وهي أول أمريكية عربية تنضم إلى فريق ترامب في البيت الأبيض، ولدت في مصر وهاجرت إلى الولايات المتحدة كطفلة مع والديها المسيحيين الأقباط، تتحدث العربية بطلاقة، كما عملت في إدارة بوش، في إدارة الدبلوماسية العامة لتحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم العربي.
وتعد دينا باول قريبة من العديد من الديمقراطيين، بمن فيهم بعض الذين عملوا فى ادارة اوباما،كما تربطها علاقة شخصية قوية مع فاليري جاريت، واحدة من أقرب المستشارين للرئيس السابق باراك أوباما، والتي انتقلت مؤخرا إلى منزل أوباما في واشنطن العاصمة لقيادة حركة مقاومة ضد جهود ترامب لعكس سياسات سلفه الخارجية والمحلية.
يذكر أن فاليري جاريت ولدت في إيران، ويشاع على نطاق واسع أنها المهندس المعماري للاتفاق النووي الإيراني.
ويرجع البعض بصعود دينا باول وتعيينها في إدارة ترامب إلى ابنته ايفانكا، والتي عينتها لتقديم المشورة بشأن سياسته في واشنطن. حيث تم وصف باول بأنها "إمرأة ايفانكا ترامب فى البيت الابيض".

وفى الوقت نفسه، حاول ماكماستر الاستعاضة عن عزرا واتنيك كوهين، المديرالأعلى لبرنامج المخابرات الوطنية، بليندا ويسجولد، وهي كانت مسؤولة لوقت طويل في وكالة المخابرات المركزية خلال إدارة أوباما، كما عملت ويسغولد مديرا لمكتب تحليل الإرهاب التابع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
يذكر أن واتنيك - كوهين، رجل استخباراتى يبلغ من العمر 30 عاما، عمل مع وكالة المخابرات العسكرية التى تردد انها لم تؤيد بعض الاشخاص فى وكالة المخابرات المركزية. وذكرت صحيفة "بوليتيكو" ان كلا من كوهين واتنيك وفلين كانا على علم واطلاع بالاخفاقات التي منيت بها المخابرات المركزية في عملياتها البشرية الأمر الذي اعتبرته وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) تهديدا، فحاولوا استبداله بمواليين لها".
ولكن بعدما رفع كوهين واتنيك قرار ماكماستر لبانون وكوشنر، وكلاهما أحالا المسألة إلى الرئيس ترامب. ووافق الرئيس في نهاية المطاف على أن يظل كوهين - واتنيك مدير المخابرات في مجلس الأمن القومي.
كما رفضت وكالة الاستخبارات المركزية أيضا خروج روبين تاونلي، المدير الأقدم لأمن أفريقيا، وأحد أقرب المستشارين إلى  فلين، وهو ضابط سابق في الاستخبارات البحرية، في الوقت نفسه، قرر ترامب الإبقاء على يائيل ليمبرت، وهو موظف مثير للجدل في مجلس الأمن القومي من إدارة أوباما. وقال المحلل لي سميث انه وفقا لمسؤول سابق في ادارة كلينتون فان ليمبرت "يعتبر من أقسى المنتقدين للسياسة الخارجية لإسرائيل؛ كما احتفظت  إدارة ترامب بريت ماكغورك، المبعوث الخاص لإدارة أوباما لقيادة الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. 

شارك