اردوغان يبحث عن مزيد من الصلاحيات فى استفتاء تاريخي غدا

السبت 15/أبريل/2017 - 08:40 م
طباعة اردوغان يبحث عن مزيد
 
يصوت الأتراك غدا الأحد  في الاستفتاء المرتقب على ما إذا كانت الدولة ستتغير من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، وهو ما يعني إلغاء منصب رئيس الوزراء، ويصبح الرئيس المنتخب مباشرة من الشعب رئيساً للحكومة وقائداً الدولة، ويحصل الرئيس على صلاحيات أكبر تسمح له بتخطيط ميزانية الدولة وتعيين الوزراء والقضاة وعزلهم، كما يحق له في بعض المجالات إصدار مراسيم. وسيكون لرئيس الدولة الحق في الانتماء لحزب سياسي، أما حالياً فهو ملزم رسمياً بالتخلي عن انتمائه الحزبي ومزاولة مهمته "بحيادية".

اردوغان يبحث عن مزيد
من جانبه وصف الرئيس التركى رجب طيب اردوغان في كلمة له أمام آلاف من مؤيديه عشية الاستفتاء الاتحاد الأوروبي "برجل مريض" وتعهد بإعادة النظر في العلاقات مع الاتحاد منتقدا قواعد عضوية الاتحاد الأوروبي المعروفة بـ"معايير كوبنهاغن".
قال أردوغان إن فوز معسكر " نعم " في الاستفتاء التركي غدا سيمهد الطريق أمام عودة عقوبة الإعدام. وأضاف: "إخواني، قراري بشأن عقوبة الإعدام واضح. في حال تم تمريره في البرلمان ووصلني فسوف أقره وأنهي هذا الأمر". ويتطلب التعديل الدستوري أغلبية الثلثين لتمريره في البرلمان، مضيفا بقوله " إذا لم يحدث هذا، سوف نجري استفتاء آخر من أجل هذا، وسوف تقرر أمتنا". ويمكن للبرلمان طرح تعديل ما للاستفتاء في حال حصل على أغلبية الثلاثة أخماس، وهو ما يوضح كيفية بدء الاستفتاء الحالي. وقال: "قرار غدا سيفتح المسار أمام هذا". وأضاف أن التصويت سيكون" نقطة تحول " في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وتركيا دولة مرشحة للانضمام للتكتل.
سبق وصرح اردوغان الشهر الماضي بأنه قد يجري استفتاء بشأن مواصلة محادثات عضوية الاتحاد الأوروبي التي بدأت في عام 2005 وسيعزز فوزه في الاستفتاء الذي يجري غدا وضعه داخليا في التعاملات مع الاتحاد.

اردوغان يبحث عن مزيد
من جانبه قال كريستيان براكل الخبير بالشؤون التركية أن التعديلات ستنقل في حال إقرارها، تركيا من ديمقراطية برلمانية إلى جمهورية رئاسية، لكن في الحقيقة الأمر أكبر من ذلك: في أي اتجاه ستتطور تركيا على المدى البعيد. وهنا يُطرح السؤال: هل ستتحول تركيا على المدى البعيد إلى ديمقراطية موجهة أم أنها ستبقى على حالها اليوم، أي ديمقراطية تشوبها الكثير من العيوب، لكن مع ذلك يمكن تسميتها بـ"نظام ديمقراطي فاعل" .
 نوه إلى انه في المقام الأول يحل الرئيس رجب طيب أردوغان؛ إذ أنه جعل من الاستفتاء مشروعه الشخصي. بالنسبة لحزب أردوغان، "حزب العدالة والتنمية"، فقد تراجع دوره وتحول إلى حزب يملك أردوغان القول الفصل فيه. كل أعضاء الحزب مجبورون على التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء سواء كان هذا رأيهم الشخصي أم لا. غير أن هناك أعضاء في الحزب لا يؤيدون تلك التعديلات. بيّد أن إمكانية معارضة ذلك علانية تراجعت كثيراً في السنوات الماضية.
شدد على أن الأصوات المنتقدة تأتى من المعارضة، وخصوصاً من أحزاب الطيف اليساري: الحزب اليساري الكردي "حزب الشعوب الديمقراطي" و"حزب الشعب الجمهوري". ولكن يمكن تحديد تموضع "حزب الشعب الجمهوري" من يسار الوسط إلى يمين الوسط، وذلك حسب القضية المطروحة. المثير للاهتمام أن جزءاً لا يستهان به من المعارضين للتعديلات الدستورية يأتي من صفوف الحزب القومي اليميني "حزب الحركة القومية". هناك مجموعة من "المتمردين" في هذا الحزب يحاولون منذ السنة الماضية تغير نهج رئيس الحزب، دولت بهجلي، المتحالف مع الرئيس أردوغان. وهنا لا بد من ذكر أن تحالف أردوغان- بهجلي أمر مفاجئ؛ إذ أن بهجلي نفسه كان منذ عام ونصف من أشد المعارضين لتحويل النظام السياسي إلى نظام رئاسي.
ياتى ذلك فى الوقت الذى أعرب فيه ساسة ألمان عن قلقهم إزاء احتمالات تأييد غالبية الأتراك للتعديلات الدستورية التي تهدف إلى تطبيق النظام الرئاسي في تركيا خلال الاستفتاء، وقال فولفغانغ بوسباخ خبير الشؤون الداخلية في الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل، في تصريحات لصحيفة "زاربروكر ناخريشتن" الألمانية الصادرة اليوم السبت إنه يأمل بالطبع فشل الاستفتاء الذي دعا إليه الرئيس التركي وأضاف: "لكن أيضا في هذه الحالة أخشى ألا تهدأ التوترات في تركيا، كما أخشى من استمرار الانقسام بين الجالية التركية في ألمانيا... بهذه الطريقة فإننا نستورد نزاعات سياسية تنطوي للأسف أيضا في كثير من الأحيان على عنف".
فى حين أشار خبير شؤون الدفاع في الحزب الاشتراكي الديمقراطي راينر أرنولد إلى أعباء محتملة على حلف شمال الأطلسي "الناتو" حال جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح أردوغان، وقال: "بذلك سيواصل شريك جيوستراتيجي مهم مثل تركيا ابتعاده عن القيم الغربية".

اردوغان يبحث عن مزيد
بينما قال خبير الشؤون الخارجية في حزب الخضر، يورجن تريتين: "الأمر يدور حول مسألة الديمقراطية أو الديكتاتورية"، موضحا أنه إذا وافق غالبية الأتراك على التعديلات الدستورية، فإن هذا يعني "نهاية مؤقتة للديمقراطية ودولة القانون في تركيا"، مضيفا أنه سيتعين في هذه الحالة إعادة تقييم العلاقات مع أنقرة بالكامل، موضحا أنه سيتعين على الحكومة الألمانية في ذلك الحين وقف كافة صادرات الأسلحة إلى تركيا.
وتوقع الرئيس السابق للكتلة البرلمانية لحزب "اليسار"، غريغور غيزي، إمكانية حدوث تزوير في الاستفتاء، معربا عن خشيته من أن يدعي أردوغان بعد ذلك أن استبداده الرئاسي يقره غالبية الشعب في حين أن غالبية الشعب ضد ذلك، وقال: "ينم عن ذلك تقييد الرقابة الدولية على الاستفتاء في مناطق الأكراد".
وحسب التعديلات المقدمة، لا يمكن محاسبة رئيس الجمهورية وفق الدستور الحالي إلا بتهمة خيانة الوطن الخيانة العظمى وبآلية شبه تعجيزية، إذ يشترط الدستور اقتراح ثلث نواب البرلمان التحقيق معه وموافقة ثلاثة أرباع أعضائه لمحاكمته أمام المحكمة العليا، بينما يتيح التعديل الجديد محاكمة الرئيس لأي سبب باقتراح نصف أعضاء البرلمان زائد واحد وموافقة ثلثي أعضائه على تقديمه للمحكمة العليا.
ويفتح التعديل الباب على محاكمته فعلاً، بينما تدعونا الموضوعية إلى مقارنة آلية محاكمته وفق التعديل مع آلية محاكمة رأس السلطة التنفيذية رئيس الحكومة وليس مع آلية محاكمته كرئيس وفق الدستور الحالي، باعتبار أن الصلاحيات ومبدأ المحاسبة يسيران على التوازي.

اردوغان يبحث عن مزيد
كما يحق للبرلمان وفق مقترح النظام الرئاسي المستفتى عليه توجيه أسئلة خطية للوزراء وإجراء تحقيقات وتشكيل لجان بحث، لكن لا يحق له إعطاء الثقة للحكومة أو نزعها عنها ولا حتى تقديم مذكرة استجواب شفهي لأحد الوزراء، ويحق للبرلمان محاكمة أحد الوزراء بنفس آلية وشروط محاكمة الرئيس، كما أن دعوته لانتخابات مبكرة تعني حكمًا سقوط الحكومة أيضًا.
وتري المعارضة التركية أن التعديل الدستوري يمنح الرئيس حق حل البرلمان، بينما ما أعطي له في نص المواد هو حق الدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، بمعنى أنه يحل نفسه مع البرلمان، وهو ما يعني أن الرئيس سيفقد إحدى الفترتين اللتين تحقان له دستوريًا، وسيخاطر بإمكانية عدم انتخابه مرة أخرى، ولا يحق له هذه الدعوة في حال كان متهمًا من قبل البرلمان، كما يعطي التعديل للبرلمان نفس الحق باشتراط موافقة 60% من أعضاء البرلمان.
ومن الأمور التي تأخذها المعارضة على النظام الرئاسي المقترح سلطة الرئيس على المؤسسات القضائية التي يفترض أن تكون مستقلة وحرة كي يتسنى لها أن تحاسبه وتحاكمه إن لزم الأمر، وكمثال على ذلك تتكون هيئة القضاة والمدعين العامين وفق التعديل من 13 عضوًا يعين الرئيس منهم بعد انتخابات داخلية بينهم أربعة أعضاء، كما يعتبر وزير العدل ونائبه/مستشاره عضوين معينين في الهيئة، بما يعني أن 6 من أصل 13 عضوًا سيكونون ممن يختارهم الرئيس فضلاً عن دور حزب الرئيس في اختيار البرلمان للأعضاء السبعة الباقين فالانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة ستؤدي في الغالب إلى تقدم الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس.

شارك