كيف يواجه الأزهر الشريف الإرهاب والتطرف؟

الإثنين 22/مايو/2017 - 03:09 م
طباعة كيف يواجه الأزهر
 
ما ان نتحدث عن مواجهة التطرف والارهاب الا ونتجه سواء بقصد او بدون قصد الى تجديد الخطاب الديني ولقد ناقشنا في بوابة الحركات الاسلامية هذا المفهوم في اكثر من تقرير ونافذة سواء من الناحية النظرية او الاجرائية، وسوف نحاول في هذا التقرير الكشف عن بعض ما قام به الأزهر الشريف من محاولات لتجديد الخطاب الديني وبالتالي مواجهة الارهاب والتطرف.
وفي ظل غياب الأصوات الإسلامية المعتدلة في وسائل الإعلام وتهميش دورها، أخذت مؤسسة الأزهر المبادرة للتصدي للجماعات التكفيرية المتطرفة، التي تنشر أفكارا مشوهة ومضللة عن الإسلام.
وفي هذا السياق أكد مصدر مطلع بمؤسسة الأزهر الشريف لجريدة  “العرب” في 23 سبتمبر 2014، أنه سيتم إطلاق فضائية دينية جديدة تابعة للأزهر، وهناك نية لإعادة النظر في المناهج الأزهرية التي يتم تدريسها للطلاب، خلال المرحلة المقبلة، بعد انتشار الفكر التكفيري، من خلال الجماعات التي ترفع راية الإسلام وتشوه صورته. ومن هنا نستنتج ان هناك اشكالية في مناهج الازهر استطاعت مؤسسة الأزهر في تلك الفترة من 2014 وحتى الان تعديل بعض هذه المناهج بما يتناسب ورؤية القائمين عليها وان كانت هذه التعديلات لا تفي بالمطلوب وتنحصر في حذف بعض المواد الدراسية وتغييرها بغض النظر عن المنهج العلمي الذي تدرس به هذه المواد فالإشكالية الاساسية التي يطالب بها المنادون بتجديد الخطاب الديني هي اتباع مناهج البحث العلمي في دراسة التراث وتعليمه.
كما أكد نفس المصدر أن الأزهر في إطار حربه علي الإرهاب والتطرف، بدأ رحلة علمية لتدريب دعاة المساجد على مواجهة الخطاب الإعلامي والدعائي، للجماعات التكفيرية، مثل داعش وغيرها، والخوض في المسائل المعاصرة التي تجتاح العالم العربي وأخذت ضجة كبيرة في وسائل الإعلام.
وقد اشاد بعض المراقبون حينها بدور الأزهر في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكدين أن المواجهة الفكرية خاصة في وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة، هي السبيل الوحيد للتصدي للجماعات التكفيرية والجهادية، وشددوا على أن الأزهر الوحيد القادر، بمؤسساته الدعوية وجامعته، على القيام بهذه المواجهة، في ظل امتلاكه بعثات في معظم أنحاء العالم، فضلا عن وجود طلاب من مختلف الجنسيات يتلقون صحيح الدين على يد كبار العلماء بالأزهر.

كيف يواجه الأزهر
وفي هذا السياق أكد محمود عاشور وكيل الأزهر السابق أن الأزهر نجح في مواجهة الإرهاب في مصر، وانحسرت الكثير من مظاهر العنف بالبلاد بفضل جهود المؤسسة الدينية، ودورها في فضح أصحاب الأفكار الضالة، البعيدة عن سماحة الإسلام ووسطيته، قائلا: إن نجاح الأزهر في مصر يمكن أن يتم تصديره للخارج، من خلال تجنيد خريجيه من كل الجنسيات للقيام بدورهم في مواجهة الإرهاب في بلدانهم.
وأضاف “عاشور” أن مؤسسة الأزهر بصدد إطلاق قناة فضائية دينية، تنقل للعالم كله منهج الوسطية، وتفضح حقيقة مدعي الإسلام والمنتسبين إليه زورا، من دعاة العنف ومروجي الفتن، مشيدا بالقوافل التي تنظمها دار الإفتاء المصرية، وأنها تعتبر أحد أجنحة الأزهر، وتقوم بدور كبير في توضيح حقيقة الإسلام وسماحته وفضح الفتاوى الشاذة التي تستغلها الجماعات التكفيرية في تجنيد شباب في صفوفها.
يذكر أن هناك محطة فضائية باسم “أزهري” تبث برامجها منذ فترة على القمر المصري “نايل سات”، وساهم في تأسيسها الشيخ خالد الجندي، وهي ليست مملوكة أو يشرف عليها الأزهر، لكن صاحبها رجل أعمال عربي، يحاول أن يقدم صورة جيدة عن الإسلام الوسطي، وفقا لمنهج مؤسسة الأزهر.

كيف يواجه الأزهر
ومن جهته أكد محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن دور الأزهر في مواجهة الإرهاب محوري، في ظل انتشار الأفكار المتطرفة والفتاوي الشاذة، مرجعا انتشار الأفكار التكفيرية في المنطقة العربية إلي شيوع بعض أوجه الفساد في الأنظمة الحاكمة وانخفاض المستوى الاقتصادي، فضلا عن أساليب التعليم التي تصنع شخصيات غير قادرة على مواجهة التحديات ومناهج تجاوزتها الأحداث المعاصرة.
وأشار الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية إلى أن انتشار التطرف في بعض دول المنطقة، من ضمنها مصر، وظهور الجماعات التي ترفع راية الإسلام، في حين أنها لا تعرف سوى القتل والعنف وتدمير المجتمعات، ووضع عراقيل وتحديات كبيرة أمام الأزهر من أجل استعادة الشخصية الإسلامية الوسطية، التي تقبل الآخر، ولا تعرف الكراهية أو العنف.
وطالب عضو البحوث الإسلامية بتفعيل ما جاء في دستور 2014، الذي نص على أن الأزهر هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، مشيرا إلى أن تفعيل هذا النص يغلق الباب أمام محاولات بعض الجماعات الإسلامية استغلال المساجد والدعوة إلى تحقيق مكاسب سياسية كما كان يحدث من قبل.

تفعيل دور الخطاب الديني:

وبعد ازدياد العمليات الإرهابية تساءل الكثيرون عن دور الأئمة والدعاة تجاه ما يحدث من تفجيرات وعمليات بحق أبناء الوطن من الجيش والشرطة ولماذا غابوا عن المشهد.
وحسب ما قال أزهريون فان الأحداث الإرهابية تحتاج لوقفة من الجميع ودور كبير من الائمة عن طريق نشر الفكر الصحيح وإبعاد الناس عن المعتقدات الخاطئة والأفكار المتطرفة من خلال دروس بالمساجد ونشر الفكر الوسطى الذى ينادى به الأزهر الشريف.
فيقول الدكتور أحمد رمضان إمام وداعية بالأوقاف: إن الأحداث الإرهابية التي تقع تحتاج لوقفة قوية من الجميع فلا بد وأن يقوم كل بواجبه للقضاء على الإرهاب وللأئمة دور كبير في مواجهة الإرهاب فمعهم سلاح قوى هو سلاح الإيمان بالله ونشر الوسطية ومحاربة كل الأفكار الإرهابية بالعلم الصحيح.
وأضاف رمضان أن الأفكار المتشددة تحتاج لفكر وسطى مستنير ولذلك يجب على الأئمة محاربة كل هذه الأفكار في مساجدهم وعلى منابرهم دون التطرق للسياسة فالإمام لا يواجه أفكارًا بسياسة لكن يواجه الأفكار المتطرفة بالعلم الصحيح وتوعية جموع المصريين بخطر الأفكار المتشددة والتي تؤدى في النهاية إلى القتل والترويع للآمنين.
وأشار إلى أن المسئولية على الأئمة كبيرة ويحتاج الأئمة للدعم المعنوي والمادي لتشجيهم لمواجهة كل هذه الأفكار والتطرف والإرهاب.
وفى السياق نفسه قال الشيخ قرشي سلامة نقيب الأئمة بمحافظة قنا إن الدولة تعانى من قلة يعبثون بأمنها نتيجة عدم الانتماء الموجود لديهم الأمر الذى يعنى أن الكثير من المسئولين في الحكومة غير جادين.
بينما قال إسلام رضوان الداعية الإسلامي بالتليفزيون المصري وإمام بوزارة الأوقاف أن للأئمة دورًا كبيرًا ومهمًا جدًا في مواجهة هذه الموجة الشديدة من الإرهاب التي تجتاح المجتمع. موضحًا أن لدور المسجد دورًا مهمًا وفعالاً ومثمرًا في هذا المجال وفى هذا التوقيت الصعب والشديد والعصيب وذلك بنشر الفكر الوسطى المعتدل الذى يبين صحيح الدين دون مغالاة أو تطرف أو تشدد دون إفراط أو تفريط.
وأوضح «رضوان» أن دور الإمام في المسجد هو التوجيه والنصح وجمع الناس على كلمة واحدة ومعتقد صحيح وإبطال مزاعم المشككين الذين يريدون أن تسيل الدماء في الشوارع والطرقات بدعوة أنهم يقيمون الدين ويريدون أن يطبقوا الدين كمنهج حياة وهذا حق أريد به باطل.
وأشار إلى أن الدين الصحيح نهى عن إراقة الدماء وجعل دم الفرد المسلم أشد حرمة من الكعبة المشرفة كما قال حضرة النبي صلى الله عليه وسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات» بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» ولذلك يجب علي الأئمة الآن في مساجدهم أن يبدأوا محاربة كل هذه الأفكار ومن على منابرهم وذلك بمواجهة هذه الأفكار المتطرفة بالعلم الصحيح وتوعية جموع المصريين بخطر الأفكار المتشددة والتي تؤدى في النهاية إلى قتل الأبرياء ومن ليس لهم أي ذنب.

ثورة في الخطاب الديني:

ثورة في الخطاب الديني:
وفى ظل الأجواء المفعمة بالغلو في الدين، والتشدد، ومحاولة حمل الناس على المغالاة في كل شيء، والخروج بهم من روح الشريعة التي تسع الجميع، إلى نفق التشدد المظلم، الذى يضيق على الناس سبل حياتهم ودينهم، والذى يضيق ذرعا بالآخر، وينفر منه، وينتهى الأمر به إلى حد تكفيره، وإخراجه عن الملة، بل واستباحة دمه، في ظل هذه الغيوم المتراكمة بعضها فوق بعض، تعالت الأصوات مطالبة بتجديد الخطاب الديني الذى تغلب عليه سمة التشدد بشكل شوه صورة المسلمين، فضلا عن تشويه الإسلام، الأمر الذى دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي في يناير 2015، إلى التأكيد على أن مصر تحتاج إلى ثورة دينية لتجديد الخطاب الديني ومواجهة الفكر المتطرف، مطالبا علماء الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء بسرعة الانتهاء من تطوير الخطاب الديني تطويرا مسئولا وفاعلا لمعالجة هذا  الفكر وبذل كل جهد لمواجهة هذه الظاهرة.
وفى تجاوب مع هذه الدعوة طالب علماء الدين بـ«عودة الخطاب الديني إلى ما كان عليه الأمر في عصر النبوة، بحيث يتسم بالمرونة دون تضييق على الناس»... وهو ما يطرح السؤال حول ما إذا كان تجديد الخطاب الديني يعنى التحلل من ثوابت الدين, أو تغيير بعض مفاهيمه؟ خاصة بعد ان شهدنا  زيجة شاذة من تزاوج الدين بالسياسة. وكيف أن تحولت تعاليم ومبادئ الاسلام إلى معاول لهدم المجتمع بيد دعاة الدين والمتأسلمين.. فالأزهر المؤسسة الأكثر نفوذا والأكثر قدرة على إحداث التأثير في وطن مازال أهله يحبون رجال الدين والشيوخ ويرون  فيه مرجعيتهم الدينية الأساسية وهى أيضا  مبتغى كل الباحثين عن السلطة أو السيطرة، والباحثين عن درع أو سلاح في معركة الخصومة السياسية.
وقد طالب فقهاء الدين وعلماء الأزهر بتصحيح الكثير من المفاهيم المغشوشة والمغلوطة في الخطاب الديني التي تتبناها الجماعات التكفيرية،  والتي تستهدف زعزعة الاستقرار وشق وحدة صف الأمة الاسلامية والعربية وتكفير كل من لم يطبق شرع الله من وجهة نظرها. وأكدوا أنه لا سبيل للخروج من هذه الموجة الكبيرة من الادعاءات المتطرفة سوى مواجهة هذه الأفكار بالمذهب الوسطى للإسلام والذى يمثله الأزهر الشريف، داعين لتكريس هذا المذهب لتصحيح مسيرة الخطاب الديني لمواجهة التطرف والرد على أدلة الداعين له بالقرآن والسنة وبتفنيد الشبهات بطريقة علمية صحيحة.
وفي هذا الصدد قال الدكتور عبدالحليم منصور رئيس قسم الفقه المقارن ووكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر إن المشكلة، كما قال الرئيس ليست في الدين، ولكن في الفكر المغلوط الذى تحمله الجماعات المتطرفة الخارجة عن حد الوسطية والاعتدال وتروج له في العالمين على أنه رسالة الوحى التي جاء بها جبريل الأمين على قلب سيد المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام.
وحول كيفية تجديد الخطاب الديني قال «منصور»: لا بد من عودة الخطاب الديني إلى ما كان عليه الأمر في عصر النبوة، وعصر نزول الوحى، بحيث يتسم بالمرونة، والسعة التي تسع الناس جميعا، دون تضييق على الناس، أو حملهم على الأشد من أقوال العلماء، كما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام في خطابه للناس جميعا، حيث يقول: «بعثت بالحنيفية السمحة» وقوله: «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» وقوله للناس في الحج: «افعل ولا حرج» وما خير عليه الصلاة والسلام بين أمرين إلا أختار أيسرهما» وفى هذه الأيام يختار البعض للأمة أعسر الأشياء، وأشقاها، ويحاولون فرضه على الأمة على أنه الدين الذى جاء به الوحى، وليس على أنه مجرد رؤى واجتهادات توصلوا إليها.
ويواصل قائلا في تصريحات لـ«الوفد» أن تجديد الخطاب الديني لا يعنى إلغاء ثوابت الدين، فالأحكام الشرعية قسمان: قسم ثابت لا يمكن تغييره، ولا تبديله، وهو ما يعرف بالثوابت، مثلما شرعه الله من الأحكام المتعلقة بأركان الإسلام كالصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، وتحريم الربا، والزنا، والقتل، والسرقة، وغير ذلك مما اتفقت عليه الشرائع السماوية، وهناك قسم ثان متغير، يبنى على حسب تغير الزمان والمكان والشخص والحادثة، وهذا النوع من الأحكام المرجع فيه إلى الفقهاء في كل عصر ومصر، يجتهدون في اختيار ما يناسب حال الناس وظروفهم، وبيئتهم، مثلما فعل الإمام الشافعي عندما غير مذهبه القديم بالعراق، إلى الجديد بمصر، لتغير أعراف الناس وعوائدهم، ولهذا يقول الشاعر : والعرف في الشرع له اعتبار , لذا عليه الحكم قد يدار».
وأضاف ان هذا النوع من الأحكام هو ما يمكن أن يناله التجديد بما يلائم حال الناس، ويخرجهم من الضيق إلى السعة، ومن الغلو والتشدد، إلى المرونة والسعة، بحيث يختار العلماء من الأقوال أيسرها، وأكثرها ملاءمة لحال الناس، وظروفهم.
وأضاف «منصور» يجب مخاطبة الناس باللغة التي يفهمونها، والتي تصل بسهولة إلى عقولهم وقلوبهم، فكما ورد في الحديث: «أمرنا معاشر الأنبياء أن نحدث الناس على قدر عقولهم، وفى صحيح البخاري عن على موقوفا حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله، ونحوه ما في مقدمة صحيح مسلم عن ابن مسعود قال ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» ومعنى ذلك أن العالم أو الداعي والمتحدث باسم الدين لابد أن يراعى حال الناس، ومقتضى حالهم، واللغة التي تناسبهم، حتى يتنزل كلام الدين على قلوبهم غضا طريا، يحقق هدفه المقصود، وأمله المنشود، أما التقعر في الحديث، واستخدام الألفاظ المهجورة التي تحتاج إلى جوارها قواميس لفك طلاسمها ـ فهذا غير ملائم لحال العامة، وبعض هؤلاء يعيش في أيامنا هذه بعقول من يعيش في الخيمة والصحراء قديما، مستخدما لغتهم، ومفرداتهم وطريقة حياتهم، ظانا بذلك أن هذا هو الدين!, وان هذا عبث لا يليق، فعلى العالم أن يعيش زمانه، ولغته، وأن يتعرف أسلوب دعوته المناسب، وأن يطلع على أحوال الناس، ويتعرف على الأسلوب الأمثل الذى يخاطبهم به.
وأضاف «منصور» يجب ان عرض الإسلام على أنه مجموعة من التكاليف والأحكام الشرعية التي من شأنها الارتقاء بسلوك البشر، نحو الأفضل وأنها موضوعة للابتلاء والاختبار من الله سبحانه وتعالى، وليست لتعذيب البشر، أو إيقاعهم في الحرج والمشقة.
وطالب بتأسيس مفهوم غاية في الأهمية، وهو قبول الآخر، وحقه في المخالفة، وأن وجهات النظر يمكن أن تتعدد في مسائل كثيرة من الشرع، أما مسألة أحادية الرأي، وأحادية الفكرة، وعدم قبول الآخر، ولا رأيه، باب خطير، وشر مستطير يفتح باب التشدد والتكفير على مصراعيه، ويؤسس لفكرة استباحة الدماء، بما تحمله من قتل، وإرهاب. وأكد ان الخطاب الديني الذى نحتاجه الآن هو الخطاب السمح المستنير الذى لا يبحث فى النوايا ولا القلوب، ولا يكفر الناس بغير بينة ولا دليل، فأمر القلوب موكول إلى رب القلوب، وإنما المطلوب منا أن نقبل الظاهر، والله يتولى أمر السرائر ويحاسب عليها دون غيره من بنى البشر.

كيف يواجه الأزهر
ومن جهته يرى  الدكتور أسامة العبد  رئيس جامعة الأزهر الأسبق ان «الأزهر» يلعب دورًا محوريًا كبيرًا في ترسيخ  الدين الإسلامي وسماحته لأنه لا يعرف التطرف والتعصب, بحيث يعاد النظر في جميع المذاهب الفقهية وإعادة صياغتها بما تتناسب مع روح الاسلام, مطالبًا بضرورة إعادة النظر أيضا في معظم المؤلفات الموجودة داخل الأزهر خاصة وانه منارة دينية ليس فقط في داخل مصر بل للعالم العربي كله. وطالب «العبد» علماء الأزهر بإعادة تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة الداعية للتطرف وتفسيرها بالآيات القرآنية لأن الأزهر منارة إلى الوسطية والاعتدال, كذلك تفعيل دور المدارس والمعاهد الأزهرية في مواجهة التطرف.
وكشف «العبد» في تصريحات لـ«الوفد» حينها عن انه ما زالت هناك عناصر إخوانية تتوغل داخل الأزهر، وأيضًا مازالوا يعبثون في كافة أركان الدولة, وقال «العبد» إنه حينما كان رئيسًا للجامعة قام بفصل 30 استاذًا جامعيًا ينتمون لجماعة الإخوان. مطالبًا الإعلام في مصر والدول العربية بإتاحة الفرصة لنشر الخطاب الوسطى في جميع وسائله فلا ينبغي التشكيك في قدرة المؤسسات الدينية على مواجهة التطرف والإرهاب.

خطة الأزهر للمواجهة:

خطة الأزهر للمواجهة:
ومؤخرا اتخذ الأزهر الشريف عدة إجراءات لمواجهة الموجة الجديدة من الإرهاب التي تضرب مصر والتي حملت تغييرًا خطيرًا في تنفيذها وهو اللجوء إلى العمليات الانتحارية، وذلك من خلال إطلاق قوافل من وعاظ الأزهر الشريف للتواصل مع المواطنين في "المقاهي الثقافية"، وينظمها مجمع البحوث الإسلامية في عدد من محافظات الجمهورية بدءا من أسوان وحتى الإسكندرية، وذلك لمناقشة هموم المواطن وتبسيط معانى الإسلام وإحياء القيم الإنسانية المهجورة في حياة الناس، وبيان أهمية التراحم والتعاون والتكافل والتفاؤل والأمل وغير ذلك من القيم التي يحتاجها كل مواطن خاصة في هذه المرحلة.
وتأتى فكرة تواجد الدعاة بـ"المقاهى الثقافية" في إطار التجديد في الجانب الدعوى وتنويع أشكال التواصل بين وعاظ الأزهر والجماهير، خاصة في مواجهة الأفكار المتطرفة والدخيلة على المجتمع، وفقا لما صرح به الدكتور محى الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، حيث من المقرر أن يتم تعميم فكرة المقاهي الثقافية في بقية محافظات الجمهورية بعد نجاحها في معظم المحافظات التي تم تطبيقها بها، مشيراً إلى أنه وجّه مناطق الوعظ على مستوى الجمهورية بأن يقوم العمل الدعوى على تكثيف النزول إلى مختلف تجمعات الناس بطريقة تراعى واقع الحياة والالتحام المباشر مع الجماهير.
وتقوم هيئة كبار العلماء ببحث عدة قضايا هامة وإعداد الردود الشرعية عليها تمهيدا لإصدار بيانات بما توصلت إليه وطباعتها في كتيبات تتاح للجميع، تتضمن بيان الحكم الشرعي في إقدام الإنسان على العمليات الانتحارية، واستهداف الكنائس، بالإضافة إلى أحكام الجهاد، والخلافة، والحاكمية، وغيرها من الأفكار التي تتخذها الجماعات المتطرفة ذريعة لتحقيق أهدافها الإرهابية.
كما أطلق الأزهر الشريف البث التجريبي لمركز الأزهر العالمي للفتاوى الإلكترونية، وإطلاق خط ساخن بالإضافة إلى إتاحته على تطبيق أندورويد للهواتف المحمولة تستطيع من خلاله مراسلة المركز بأي استفسار وطلب فتوى، وسيتم الرد على المستفسر في غضون سويعات قليلة.
كما يجرى العمل داخل الأزهر بتفعيل عدة إجراءات كان قد أعلن عنها في استراتيجيته بهدف تصحيح صورة الإسلام في العالم، والتعريف بالتعاليم السمحة للدِّين الإسلامي وغرس مبادئها لدى الأجيال المقبلة، ومنها العمل على دعم صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به لتستهدف الملايين حول العالم، إضافةً إلى إطلاق 3 برامج تليفزيونية دينية واجتماعية لأول مرة خلال شهر رمضان المقبل، كذلك إطلاق قناة الأزهر الشريف خلال العام الجاري لتكون صوت الأزهر الوسطى إلى العالم، ودعمها بمجموعةٍ من شباب علماء الأزهر لنشر الوسطية والسلام ومواجهة الفكر المتطرِّف.
كما بدأ مجمع البحوث الإسلامية دورة تدريبية مكثفة لـ"واعظات الأزهر" في مختلف التخصصات الشرعية تستهدف مناقشة قضايا المرأة ونظرة المجتمع إليها، وبيان مكانتها وأنها شريك أساسي في بناء الأسرة والمجتمع، وإعداد الأجيال الصالحة.

كيف يواجه الأزهر
وقال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، أنه تنفيذا لتوجيهات الإمام الأكبر سيبدأ قريبا البرنامج التدريبي المكثف لواعظات الأزهر بعد أن تسلمن عملهن بكافة محافظات الجمهورية في نقلة نوعية غير مسبوقة فى تاريخ الدعوة، إيمانا من الأزهر بأهمية دور المرأة في المجتمع وبحاجة النساء إلى واعظات أقدر على فهم مشكلاتهن واحتياجاتهن وأقدر على فهمهن والتواصل معهن من الرجال لاسيما فى بعض المجتمعات ذات العادات والثقافات والأعراف الخاصة.
وينتظر الأزهر الشريف قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإصدار قرار جمهوري بإنشاء أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ والمفتين، ونشرها بالجريدة الرسمية، وذلك من أجل بدء العمل فوراً، حيث يضع الأزهر لمساته الأخيرة على انطلاق الأكاديمية غضون الأيام القليلة المقبلة بالاستقرار على هيئة التدريس من العلماء بالإضافة إلى تحديد الاعتماد المالي.
فيما قررت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، برنامجًا تدريبيًا تحت عنوان (الوسطية منهج حياة) للشباب من محافظة شمال سيناء في إطار خطة الرابطة لتصحيح المفاهيم المغلوطة وكيفية الاستفادة من الشباب في مكافحة الإرهاب والتطرف، حيث عقدت في وقت سابق دورة تدريبية لهم ويتم الإعداد حاليا لتنظيم دورة جديدة بمجموعة جديدة من شباب سيناء.

الإرهاب مرض نفسي:

الإرهاب مرض نفسي:
وحول الإرهاب قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن «الإرهاب الذي يحدث في العالم ليس إفرازا لدين سماوي أيا كان هذا الدين، بل هو مرض فكري ونفسي يبحث دائما عن مبررات وجوده في متشابهات نصوص الأديان وتأويل المؤولين ونظرات المفسرين… فالدين والعنف نقيضان لا يجتمعان أبدا ولا يستقيمان في ذهن عاقل، والجماعات الدينية المُسلحة التي ترفع لافتة الدين هي خائنة لدينها ووطنها قبل أن تكون خائنة لأنفسها».
وأضاف الدكتور الطيب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في أبريل الماضي، أن «مجتمعاتنا العربية والإسلامية بل العالم أجمع ابتلوا بوباء خطير يتمثل في جماعات العنف والإرهاب، التي هي غريبة عن الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا وتاريخا وحضارة، ولا تمت إلى هدي هذا الدين الحنيف بأدنى صلة أو سبب… بل نبذت هذه الجماعات المسلحة حكم القرآن الكريم والسنة وراء ظهورها، واتخذت من الوحشية البربرية منهجا ومذهبا واعتقادا، فنزعت الرحمة من قلوبهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، ولقد برئ الله منهم ورسوله وصالح المؤمنين». وتابع: «لقد كلفنا هذا الإرهاب الأسود نحن المصريين وسيكلفنا الكثير من دماء أبنائنا، وهو وإن كان ثمنا فادحا، إلا أنه ضرورة من ضرورات البقاء، تعانيه الشعوب من كل أقطار الدنيا، وهي تدافع عن أوطانها، وتذود عن حياضها، وتؤمن البلاد والعباد، بل هو سنة الله في الكون لبقاء الحياة واستمرار الوجود».
وقال إن الدرس الذي يجب أن يعيه الجميع، وبخاصة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم، أن الإرهاب لا دين له، ولا هوية له، ومن الظلم البين؛ بل من التحيز الفاضح، نسبة ما يحدث الآن من جرائم التفجير والتدمير التي استشرت هنا أو هناك إلى الإسلام، لمجرد أن مرتكبيها يطلقون حناجرهم بصيحة «الله أكبر» وهم يقترفون فظائعهم التي تقشعر منها الأبدان… فالإرهاب لا يُفرق بين ضحاياه ما داموا لا يعتنقون آيديولوجيته وأفكاره المتطرفة، مع التأكيد على أن هذا الإرهاب لن يفلت دون عقاب.
ووجه الدكتور الطيب رسالة قائلا: «علينا جميعا مسلمين وغير مسلمين أن نقف صفا واحدا لمجابهة التطرف والإرهاب، وأن نبذل أقصى ما يمكن من أوجه التعاون من أجل القضاء على هذا الوباء القاتل»، مشيرا إلى أن «الأزهر مُصر على مواجهة التطرف والغلو والعنف بسلاح الفكر والكلمة، وعلماؤه يتصدون الآن في كل مكان للأفكار المغلوطة التي تحرف الدين وتستغله في الدعوة إلى الفتنة العمياء التي تستحل الدماء وتدمر الأوطان».
وتابع بقوله: «استحدث الأزهر في معاهده مادة جديدة في مناهجه التعليمية هي (الثقافة الإسلامية)، لتوعية الطلاب بمخاطر التطرف والإرهاب وتحصينهم من الوقوع في أي فكر يدعو إلى العنف أو الانضمام إلى جماعات ترفع لافتة الإسلام وتنتهج العنف المسلح»

شارك