هيئة كبار علماء السعودية وهجومها على الإخوان مدخلا لهدم الديمقراطيات العربية

الثلاثاء 20/يونيو/2017 - 05:35 م
طباعة هيئة كبار علماء السعودية
 
تماشيا مع موقف المملكة العربية السعودية ومصر والامارات والبحرين في وضع جماعة الاخوان وأعضائها على قوائم الكيانات الارهابية، نشرت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية فتاوى لعدد من كبار العلماء تتعلق بجماعة الإخوان المسلمين ومنهجم المخالف لمنهج السلف.
الدكتور فهد الماجد
الدكتور فهد الماجد
وغردت الهيئة في عدد من التغريدات على حسابها الرسمي على تويتر، منها تغريدة لأمينها العام الشيخ “الدكتور فهد الماجد” قال فيها: جماعة الإخوان ليس لها عناية بـالعقيدة ولا بـالسنة، ومنهجهم قائم على الخروج على الدولة إن لم يكن في البدايات ففي النهايات.
كما نشرت فتوى للشيخ “صالح الفوزان” قال فيها: الإخوان حزبيون ولا يهتمون بالدعوة لتصحيح العقيدة، وأن اهتمامهم منصب على الوصول لحكم.
وغردت الهيئة بفتوى للشيخ “صالح اللحيدان” عن أتباع الجماعة؛ حيث وصفهم بقوله: الإخوان ليسوا من أهل المناهج الصحيحة.
صالح اللحيدان
صالح اللحيدان
ونشرت “الهيئة” فتاوى لعدد من كبار العلماء في ذم الحزبيات والجماعات التي تفرق الناس وتجعل لها رئيسًا تتبعه وتجعل له بيعة، ومن ذلك فتوى للشيخ “عبدالله بن عبدالرحمن الغديان” قال فيها: كل جماعة تضع لها نظامًا، ورئيسًا، وتأخذ له بيعة، ويريدون الولاء لهم؛ هؤلاء يفرقون الناس.
ونشرت كذلك فتوى للشيخ “صالح الفوزان” قال فيها: البيعة تؤخذ لولي أمر المسلمين، لا تؤخذ لرئيس جماعة أو لأمير جماعة؛ وإنما تؤخذ لولي أمر المسلمين العام.
واختتمت “الهيئة” التغريدات بكلام للشيخ “محمد العثيمين” قال فيه: ليس في الكتاب ولا السنة ما يبيح تعدد الأحزاب والجماعات، بل فيها ما يذم ذلك؛ حيث قال تعالى: “إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء”.
الخطير في بعض هذه الفتاوى السلفية الوهابية التي أطلقها أعضاء هيئة كبار علماء السعودية أنها تتهم الكيانات الحزبية أيضا وهذا ما يقيد بشكل كبير الحياة السياسية ويقضي على الديمقراطية التي تتخذا معظم الدول العربية كنظام للحكم، وهذا ما يجعلنا أن نتناول موضوع "الأحزاب السياسية" من منظور هذا الفكر السلفي مقارنة بالعلماء المصريين ودار الافتاء المصرية.
ويعرف العلماء الأحزاب بأنها كل طائفة أو جماعة جمعهم الاتجاه إلى غرض واحد، سياسياً كان ذلك الغرض، بالدرجة الأولى، أو غير سياسي، والمعتدلون يقولون إن معيار القبول لمصطلح الحزب، هو مضمون الأهداف والأغراض والمقاصد والمبادئ التي قام لها وعليها هذا الحزب، فالشرك والمشركون حزب، لكنه ملعون ومرفوض، وأولياء الشيطان حزب، لكنه ملعون ومرفوض، بينما نجد أولياء الله حزباً مقبولاً وموضع ثناء، وكذلك المؤمنون، أنصار رسول الله، هم حزبه، المنخرطون في الجهاد لنصرة الدين.
فالمصطلح مقبول أو مرفوض، باعتبار المبادئ والمقاصد، والتحزّب، أي انتظام الناس في أحزاب، خاضع، من حيث القبول أو الرفض، إسلامياً، باعتبار المعايير الحاكمة للتنظيم الحزبي، وليس للمصطلح بإطلاق، ولا للتحزب والتنظيم الحزبي بإطلاق.
صالح الفوزان
صالح الفوزان
وفى أدبيات عصر النبوة، استخدم لفظ الحزبية، فيروى البخاري، عن عائشة، رضى الله عنها، أن نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كُن على حزبَيْن، فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله»، ويروى أنس بن مالك أن الأشعريين، وفيهم أبو موسى الأشعري، عندما قدموا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ودنوا من المدينة، كانوا يرتجزون، يقولون: «غداً نلقى الأحبة.. محمداً وحزبه».
وفى عصرنا الحديث، عرفت مصر الحزبية بداية من الحزب الوطني الحر، الذى بدأ سرياً، على يد جمال الدين الأفغاني، ثم «الحزب الوطني»، الذى قاده مصطفى كامل، و«حزب الأمة»، الذى كان فيلسوفه أحمد لطفى السيد، وحزب «الإصلاح»، الذى كوّنه الشيخ على يوسف.
دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية
وفى فتوى رسمية عن دار الإفتاء المصرية، أكدت جواز التعدّدية الحزبية والسياسية، مشيرة إلى وجود أدلة من الفقه الإسلامي تؤيد ذلك. وقالت «الإفتاء»، في فتوى لها عبر موقعها الرسمي إن «تعريف التعدُّدية السياسية يعنى كثرة الآراء السياسية المنبثقة في الغالب عن طريق ما يُسمى بالأحزاب السياسية، التي يتكون كل منها من مجموعة من الناس لهم آراء متقاربة في الطريقة الرشيدة التي تُحقق إدارة أمثل للدولة ومصالح الخلق، يحاولون تطبيقها عن طريق التمثيل النيابي أو الوزاري أو حتى عن طريق الوصول إلى الرئاسة».
وأوضحت الفتوى أن الشريعة الإسلامية لم تأمر بنظام سياسي محدّد، بل تعدّدت الأنظمة التي أقرها فقهاء الأمة على مر العصور، بداية من عصر النبي، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، وبشأن طبيعة النظام السياسي في الإسلام، طرحت الفتوى سؤالاً: هل أمر الشرع بنظام سياسي معين؟، وأجابت مؤكدة أن هذا لم يحدث، حيث ترك الشرع الباب مفتوحاً أمام اجتهادات تناسب العصور والأماكن المختلفة، وهذه هي طبيعة تعامل الشريعة مع كل القضايا التي تحتمل التغيير. واستدلت الفتوى، بطريقة تعيين الخلفاء الأول والثاني والثالث، حيث لم ينص النبي، صلى الله عليه وسلم، على اسم الخليفة من بعده، واختار المسلمون أبا بكر رضى الله عنه، ثم قام أبوبكر بتعيين عمر خليفة من بعده، ثم قام عمر بتعيين ستة يُنتخب منهم واحد، موضحة أن ذلك يدل على سعة الأمر، وجواز إظهار بدائل جديدة لا تخرج عن جوهر الأحكام الشرعية، مؤكدة أن الفقهاء على مر العصور بَنَوا آراءهم الفقهية على ما تم حدوثه في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام.
وأكدت دار الإفتاء، في ردها على فتوى تحريم الانضمام إلى الأحزاب السياسية، أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن الحزب السياسي يقوم على أساس طرح مجموعة من البرامج والسياسات التي تخدم الصالح العام، وهى كإحدى آليات الممارسة السياسية لا يوجد نص يحرمها لذاتها، وإنما التحريم مداره الممارسة الخاطئة، كالكذب والغش والخداع، وهى أمور كلها محرّمة في العمل السياسي وخارجه.
الشيخ مظهر شاهين
الشيخ مظهر شاهين
وقال الشيخ مظهر شاهين، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الإسلام ينظر إلى الدنيا وتعمير الدنيا من خلال منظور تحقيق المصلحة في الأرض، فمتى تعارف الناس على نظام سياسي أو اجتماعي يستطيع من خلاله عمارة الأرض أقر الإسلام ذلك، لقول الرسول «أنتم أعلم بشئون دنياكم»، والمتأمل في الحياة السياسية في صدر الإسلام يرى أنها أخذت أنماطاً مختلفة، ففي عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان هو النبي وقائد الجيش وقائد الدولة، وبعد الرسول أخذ الحكم شكلاً آخر في صورة الخلافة، فكان أبوبكر الصديق هو خليفة رسول الله، وبعد موته تحولت الخلافة إلى إمارة على رأسها عمر بن الخطاب، ولم تكن الولاية تورث في ذلك الوقت، وإنما وُرِّثت في عهد الدولة الأموية، بداية بيزيد بن معاوية وعبدالملك بن مروان وغيرهما، فالإسلام أقر بأي نظام يحقق مصالح الناس والعمارة في الأرض.
وتابع «شاهين»: «احترم الإسلام القوانين الدولية المتعارف عليها في أول ظهوره، وذلك من خلال التعامل مع الرقيق والإماء، لكن القانون الدولي الحالي تغير، ولم يعد هذا النظام موجوداً، ويجب أن يتعامل المسلمون وفق ما تفتضيه مصلحتهم، بغير خروج عن القوانين الدولية، وفى العصر الحديث ظهرت الأحزاب السياسية، وكان الهدف من تأسيسها تحقيق مصالح العباد والبلاد وفق رؤى مختلفة، فالإسلام لم يمنع ذلك.
وأوضح «شاهين» أن الأحزاب السياسية ليست مختلفة على أساس ديني لكى يتم تحريمها، بل الاختلاف يكون وفق منظور اجتماعي وسياسي، فكل الأحزاب في مصر تتوافق على الدستور الذى يعتبر الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
وحرم مشايخ التيارات الإسلامية، وعلى رأسهم السلفيون، «الحزبية في الإسلام»، ووصفوها بأنها الفتنة، فيقول «ابن عثيمين» في «شرح الأربعين النووية»: «إذا كثرت الأحزاب في الأمة، فإنها لا تنتمى إلى حزب، فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل الخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة، ثم ظهر مؤخراً الإخوانيون والسلفيون والتبليغيون، وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار وعليك بالأمام، وهو ما أرشد إليه النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله: «عَلَيكُم بسنتي وَسُنّة الخُلَفَاء الرَاشِدين»، فلا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف، لا الانتماء إلى حزب معين يُسمى بـ«السلفيين»، والواجب أن تكون الأمة الإسلامية مذهبها مذهب السلف الصالح لا التحزّب إلى من يُسمى بـ«السلفيين»، فهناك طريق السلف وهناك حزب يسمى بـ«السلفيون»، والمطلوب اتباع السلف، إلا أن الإخوة السلفيين هم أقرب الفرق إلى الصواب، لكن مشكلتهم كغيرهم أن هذه الفرق يضلل بعضها بعضاً ويبدعه ويفسقه، ونحن لا ننكر هذا إذا كانوا مستحقين، لكننا ننكر معالجة هذه البدع بهذه الطريقة، والواجب أن يجتمع رؤساء هذه الفرق، ويقولوا: بيننا كتاب الله عزّ وجل وسنة رسوله فلنتحاكم إليهما لا إلى الأهواء والآراء.
محمد العثيمين
محمد العثيمين
وقال «ابن باز» في فتوى له: الانتماء إلى الأحزاب المحدثة واجب تركه، وضرورة أن ينتمى الجميع إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأن يتعاونوا فى ذلك بصدق وإخلاص، وبذلك يكونون من حزب الله الذى قال الله سبحانه عنه فى آخر سورة المجادلة: «أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»، فلا يجوز التعصب لأى جمعية أو أي حزب فيما يخالف الشرع المطهر.
وقال «ابن تيمية»: «ليس للمعلمين أن يحزّبوا الناس ويفعلوا ما يُلقى بينهم العداوة والبغضاء، بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى.. وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته على كل ما يريده، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه، بل من فعل هذا كان من جنس جنكيز خان، وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقاً ولياً، ومن خالفهم عدواً باغياً.
وهكذا تردد هيئة كبار علماء المملكة تلك الفتاوى بغض النظر عن جديتها وتوافقها مع فقه الواقع فب ارادة كاملة من هذه الهيئة بهدم الديمقراطيات الموجودة فب العالم العربي والاسلامي بغض النظر عن صحة تلك الفتاوى التي يستندون لها من عدمه.

شارك