المانيا ترصد قصص ومحن اللاجئين..ورعاية كبار السن من الأولويات

الأحد 06/أغسطس/2017 - 05:09 م
طباعة المانيا ترصد قصص
 
فى إطار حرص المجتمع الألماني فى التواصل مع اللاجئين والمهاجرين، تم إصدار مؤخرا كتابا للتعريف بحياة اللاجئين، موجه للألمان ولكل الناطقين باللغة الألمانية أصدرته مؤسسة ميجرابوليس في مدينة بون المتخصصة بشؤون اللاجئين والهجرة، والكتاب بعنوان الكتاب "لاجئون يتحدثون.. هل تعرف من أنا؟ يشرح  قصص 28 لاجئا ولاجئة، قدموا إلى ألمانيا من مناطق مختلفة، ومن فئات عمرية مختلفة. 

المانيا ترصد قصص
يسلط الكتاب الضوء على التفاصيل الدقيقة لهؤلاء اللاجئين القادمين من شتى بقاع العالم، ليضفي بذلك لمحة إنسانية عليهم، يريد القائمون على المشروع من خلال هذا الكتاب إيصال رسالة للقارئ الألماني مفادها أن هؤلاء اللاجئين ليسوا أرقاما وأعدادا يتم تداولها في نشرات الأخبار، بل إن كل واحد منهم له قصته المميزة، وسببا مختلفا دفعه إلى ترك بلده واختيار الغربة. كما أن تركيز الكتاب على حياة هؤلاء الأشخاص قبل مغادرتهم أوطانهم، له مغزى واضح، وهو أن اللاجئ ليس بالضرورة أن يكون مشردا فقيرا، كما يحلو لبعض وسائل الإعلام تصويره! حيث بينهم فنانون ومثقفون وأكاديميون وحرفيون ماهرون وصناعيون وتجار وغيرهم ـ اضطرتهم مختلفة إلى مغادرة أوطانهم، وأحيانا بدون عائلاتهم، في رحلة مجهولة لا يعلمون عنها شيئا.
ويأتى ذلك فى إطار تلخيص حياة عدد من اللاجئين القادمين إلى ألمانيا، من خلال معرفة ثقافاتهم المختلفة وماهية البلاد التي قدموا منها، وأية تطلعات أو أهداف يطمحون إليها، ويقول د. خضر تشليك كاتب المقدمة ومدير مشروع EMFA الخاص باللاجئين، "إن عنوان الكتاب "من أنا" لم يأت عبثا، فمع أعداد اللاجئين الكبيرة التي قدمت إلى ألمانيا، أصبحت هذه الكلمات: من أنت أو هل تعرف من أنا مهمة من أجل التواصل مع القادمين الجدد بمحيطهم الجديد، ومعرفة من هم حقا، وما هي فرص التعايش القائمة في المجتمع".

المانيا ترصد قصص
وعن تجربتها في جمع المعلومات تقول فاطمة بوعناني ـ أنفلوس إحدى القائمات على هذا المشروع لمهاجر نيوز "إن إعداد الكتاب استغرق أشهرا طويلة، فكل لاجئ يحمل العديد من القصص. ولذلك فإن الاستماع لهم قد يكون أمرا صعبا، فالمعاناة التي مروا بها ليست سهلة، كما أن مهارة الاستماع والتدوين تتطلب مراعاة الفروقات الجندرية، والمرحلة العمرية، والمستوى التعليمي. وهو ما أخذ وقتا في طرح الأسئلة وسماع الإجابات".
أضافت بوعناني ـ أنفلوس أن هؤلاء اللاجئين تواجدوا في منطقة بون وضواحيها في فترة جمع المعلومات، وتقول: "إنها تجربة مثيرة، أن تنقل للقارئ الألماني مشاعر وأحاسيس هؤلاء اللاجئين، أن تريه بأنهم بشر مثله، لهم أحلامهم وطموحاتهم وهم ليسوا مجرد أرقام تتناقلها المكاتب الإدارية في ألمانيا". وترى الكاتبة المهاجرة ذات الأصول المغربية أن هذا الكتاب "يمثل دفعة مهمة في مجال توثيق حياة اللاجئين في ألمانيا، وتوثيق رحلة المعاناة التي عاشوها قبل أن يصلوا، كما أنها توثق جزءا من حياتهم في ألمانيا، وهو أمر لم يتم التركيز عليه بعد من قبل دور النشر الألمانية، ولم يوف حقه بعد من البحث والدراسة".

المانيا ترصد قصص
ومن ضمن القصص التي نشرها الكتاب قصة السيدة خديجة وزوجها بلال من عفرين في قضاء حلب- سوريا، حيث يتحدث الزوجان عن معاناة الأكراد في الإقصاء والتهميش في سوريا. حيث عانت خديجة وزوجها من أجل الوصول إلى ألمانيا عبر طريق اليونان، وبعد مشوار قاس وما تكبده الزوجان من أموال، اعتقدوا أن السعد سوف يطرق بابهم فور دخولهم إلى ألمانياـ ليتفاجؤوا بأن هناك فرق كبير بين كونك لاجئ في ألمانيا وبين طالب لجوء قد يرفض طلبه. وهو ما جعلهم يعيشون في خوف وقلق من إمكانية رفض طلب لجوئهم.
وهناك  قصة جليلة ماموزي من أفغانستان، والتي كانت تعيش حياة مرفهة في كابول، وكان والدها يعمل في منصب رفيع في الحكومة الأفغانية. تتحدث جليلة عن تقدم طالبان والسيطرة على أفغانستان، وكيف هربت مع عائلتها إلى باكستان، إلا أنها لم تتمكن من التأقلم هناك، ما حدا بها للهجرة إلى ألمانيا.
من ضمن القصص المؤثرة التي يحفل بها الكتاب كان الطفل السوري أحمد (14 عاما)، الذي يتملكه الحزن والأسى بعد أن وجد نفسه وحيدا دون عائلته في ألمانيا، ويقول أحمد في الكتاب "ليس لدي بيت ولا مدرسة، الملجأ هنا مزدحم"، وعن هذه القصة تخبرنا السيدة بوعناني ـ أنفلوس أن الطفل بكى وأبكى جميع الحاضرين وهو يريو حكايته، خاصة بعد أن قال إنه يفتقد أمه وعائلته، حيث كان يعتقد أنه يستطيع جلبهم لألمانيا فور وصوله.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تشير فيه تقارير إلى أن ألمانيا تواجه نقصاً حادا في الكوادر المؤهلة للعناية بكبار السن، الذين يزداد عددهم باضطراد. ولتعويض هذا النقص أطلقت مدرسة مهنية ألمانية برنامجا موجها للاجئين بغية تأهيلهم وإعدادهم للعناية بالمسنين، حيث  التف ثمانية لاجئين حول دُمية تجسد إمرأة طاعنة في السن. يقول المدرب إن المرأة تُدعى السيدة مولر وقد تعرضت لسكتة دماغية، وتعاني الآن من ألم في فمها. ومن ثم يطلب المدرب من أحد اللاجئين فحصها. "لقد أصبح لون لسانها أبيضاً. ربما تعاني من قرحة فموية"، يقول أحد المتدربين من اللاجئين.

المانيا ترصد قصص
ومن خلال ذلك يتعلم ويكتسب اللاجئون، المنحدرون من أفغانستان والعراق وسوريا، تفاصيل ودقائق مهنة العناية بكبار السن، كل يوم من الاثنين إلى الجمعة يذهب المتدربون إلى المدرسة. وقد بادرت "جمعية بون للمهن الطبية والعناية بكبار السن" إلى إطلاق برنامج لمدة ستة أشهر لمساعدة اللاجئين على دخول سوق العمل كمختصين في العناية بكبار السن، بالإضافة إلى تقوية لغتهم الألمانية.
وحسب الأرقام الرسمية فإن أكثر من 23 مليون ألماني سيكونون فوق سن 65 عاماً بحلول عام 2035. ومن المتوقع أن يرتفع متوسط العمر من 46 في عام 2017 إلى 51.6 في عام 2050. وقد استقبلت ألمانيا في عامي 2015 و2016 أكثر من 1.2 مليون لاجئ، تتراوح أعمار معظمهم بين 18 و34 سنة، ويهدف هذا البرنامج التأهيلي إلى تدريب وتأهيل لاجئين للعناية بالعدد المتزايد من كبار السن في ألمانيا. "إنها لفكرة ذكية منح اللاجئين فرصة؛ إذ لا يوجد ما يكفي من الشبان والشابات للعناية بكبار السن"، توضح بيرغيت شيرباوم المتحدثة باسم "جمعية بون للمهن الطبية والعناية بكبار السن"، وتضيف لمهاجر نيوز "يرغب اللاجئون بالعمل، ومهنة العناية بكبار السن مهنة لها مستقبل وتفتح أمامهم أبواب التطور على الصعيد المهني".
"ويري متابعون أن الدافع للتعلم عال جداً لدى اللاجئين، كما يساعد ويدعم الشباب والشابات بعضهم بعضاً"، على حد تعبير مديرة البرنامج، شيلان فندي، شيلان تشرف على البرنامج التأهيلي مستخدمة عمليات المحاكاة على دُمى تجسد أشخاصاً كباراً بالسن، كما يشتمل البرنامج على شهر تدريب عملي إلزامي في مشفى أو مركز طبي، وتساعد شيلان المتدربين على إيجاد شاغر لذلك التدريب.
وللمتدربين خلفيات مختلفة بينهم من درسوا التمريض أو مجالات قريبة في بلدانهم. على سبيل المثال، درس رامي بازي (27 عاماً) المعالجة الفيزيائية في أفغانستان وعمل في هذا المجال ثلاث سنوات قبل أن يقرر الفرار من بلده على إثر القتال بين طالبان ومجموعات مسلحة أخرى. "مات أخي والكثير من أقاربي"، يقول رامي لمهاجر نيوز. وقد امتدت رحلته لشهر كامل عبر باكستان وإيران وتركيا والبحر المتوسط قبل أن يصل لمحطته الأخيرة، ألمانيا.

شارك