كاتب إيراني: ما لم يقله ترامب: اتفاقية 5+1 سيئة لإيران كما هي سيئة لأمريكا

الإثنين 16/أبريل/2018 - 08:53 م
طباعة كاتب إيراني: ما لم
 
نشر معهد "جيت ستون" الأمريكي للسياسة الدولية، مقالًا للكاتب الإيراني أمير طاهري، رئيس التحرير السابق لصحيفة "كيهان" الإيرانية، قبل الثورة الإيرانية عام 1979، ورئيس المعهد في أوروبا، المقال بعنوان: "أوروبا.. ترامب وإيران والاتفاقية"، ينتقد فيها بنود اتفاقية (5+1) التي وقعتها الدول الخمس الكبار في مجلس الأمن مع الولايات المتحدة مع إيران، للحد من البرنامج النووي الإيراني، ويرى الكاتب أن الاتفاقية إذا كانت الولايات المتحدة تراه سيئًا بالنسبة لها، فإنه سيء بدوره بالنسبة للأطراف الموقعة وعلى رأسهم إيران، المقال الذي ترجمه بوابة الحركات الإسلامية.
ويقول الكاتب إن ما يطلق عليه "الاتفاق النووي الإيراني" ، وهو عبارة عن لعبة سحرية أعده الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وهو أكثر من يستحق الفوز بجائزة نوبل للسلام، بعدما أثمر الاتفاق العديد من التحولات الدبلوماسية الغريبة، رغم محاولات الاتحاد الأوروبي مؤخرًا بإقناع الرئيس الحالي دونالد ترامب أن يتراجع عن وعود حملته الانتخابية بإلغاء الاتفاق.
خلال العام الماضي 2017، قامت منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بعمل رحلات مكوكية إلى عواصم العالم للمطالبة بالالتزام بالاتفاقية، كما لو كان الاتفاق نص ديني، كما أجرى بيتر وستماكوت، السفير البريطاني المتقاعد في واشنطن، عدة مقابلات مع وسائل الإعلام الإيرانية، وطالب المسؤولين ببذل الكثير من الوقت والجهد لإقناع الولايات المتحدة بالالتزام بالاتفاقية الموقعة (5+1). 
الأمر الذي لم يختلف كثيرًا عند ألمانيا وفرنسا، إذ يقوم وزير الخارجية الألماني المنتهية ولايته، سيجمار جابريل، للدفاع عن الاتفاقية الموقعة، وهو نفس الدور الذي يقوم به جيرارد أراود، السفير الفرنسي في واشنطن، بعدما أطلق حملة على تويتر لإقناع إدارة ترامب "بتكريم" أكثر البنود إثارة للتساؤلات في الاتفاقية، والتي يراها الكاتب الإيراني أنها من "إرث أوباما".
في الأساس ، تقدم الأوروبيون أربع حجج، الأول الذي قدمه ويستماكوت، والذي يرى أن إلغاء اتفاقية (5+1) من سوف تشكك في مصداقية الدول المشاركة، وهي ألمانيا وفرنسا والصين وبريطانيا فضلاً عن الولايات المتحدة، ويشكك في نفوذها وقوتها، يمكن أن يُنسب إلى الولايات المتحدة ، أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة.
ولكن هناك مشكلتان مع هذه الحجة، الأولى أن هذه الدول تتعامل مع الاتفاقيات مثلها مثل الزواج الكاثوليكي، يلتزم به المرء حتى يفرقهما الموت؟!، وهذا المفهوم يتناقض تماما المبدأ الذي تقوم عليه الدبلوماسية، والتي تعد فن الاستجابة للحقائق المتغيرة.
فإذا كان علينا أن نلتزم بالاتفاقية كما تطالب كل من ألمانيا وبريطانيا كونها غير قابلة للتغيير، فإن بريطانيا وفرنسا كانا لا يجب عليهما الالتزام باتفاقية السلام الموقعة بينهما والتي وقعها تشامبرلين في ميونيخ عام 1938.
المشكلة الأخرى كيف للاتحاد الأوروبي أن يطالب باحترام "الاتفاقيات"، لأنه لم يوقع على أي شيء، ولم يكن طرفا في الاتفاقية.
ما يسمى بخطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA)، وهو مركز قانوني تم إطلاقه خلال التوقيع على "صفقة" أوباما كمبادرة غير رسمية، ما هو إلا مجرد بيان صحفي لإيران، ومجموعة الدول الموقعة في (5+1)، للتعبير عن رغبة الدول الموقعة في اتخاذ خطوات للتغيير، والتي بالمناسبة لم تتضمن الاتحاد الأوروبي، علاوة على ذلك ، توجد فروق في نص الاتفاقية ذات دلالة بين النسختين الموقعتين باللغة الإنجليزية والفارسية، مما يجعل من الممكن إعادة قراءة الاتفاقية وتطويعها وتحويلها لمعاني متنوعة، أما المبرر في أن الاتفاقية سارية وتعمل بالفعل، وهذا الافتراض لا تؤكده الحقائق.
والحقيقة هو أن إيران والدول الموقعة (5+1) إما حاولوا التحايل على الاتفاقية أو إما أنهم يحاولون النكوص بوعودهم بوقاحة، ومن المؤكد أن السير بيتر، الدبلوماسي البريطاني المتقاعد، يعرف أن حكومته مازالت ترفض قيام السفارة الإيرانية بفتح حساب بنكي لها في بنوك لندن، كما أنها قامت بتجميد أكثر من 600 مليون دولار من الأصول الإيرانية.
أما في ألمانيا وفي فرنسا فهم ما زالوا رافضين أن يصدروا تراخيص ضمانات للشركات الراغبة في التبادل التجاري مع إيران، فهناك عدد ضخم من مذكرات التفاهم الموقعة مع إيران، ولكنها غير مفعلة، حيث لا تزال إيران خاضعة لعقوبات من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
أما بالنسبة لروسيا ، فخلال زيارة أحد المسؤولين الروس إلى إيران، كان رئيس مجلس الدوما الروسي فيشيسلاف فولودين يستمع إلى سيل من الشكاوى، ولقد أظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع إيران بالنسبة لروسيا، ففي الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني حسن روحاني لأنقرة، لحضور قمة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، طلب روحاني عقد اجتماع مع بوتين، الأمر الذي سمح به الرئيس الروسي، ليقتصر اللقاء مع روحاني في 8 دقائق فقط!!، إذ لم يكن لدى بوتين وقت للجلوس مع الملا الإيراني لتناول حتى كوب من الشاي.
أما بالنسبة للصين فهي تقول إن إيران يمكن أن تستخدم أصولها المجمدة، التي تراكمت في صادرات النفط إلى جمهورية الصين الشعبية، رغم أن بكين ترفض السماح للطلاب الإيرانيين البالغ عددهم ثلاثة آلاف أو نحو ذلك بالحصول على رواتبهم من خلال البنوك.
ومن المفارقات أن الولايات المتحدة هي العضو الوحيد في اتفاقية (5+1) التي امتثلت للاتفاقية، بما في ذلك تحويل 1.7 مليار دولار إلى طهران مهربين على غرار عصابات المافيا.
على الجانب الآخر تؤكد إيران أنه لم يحدث أي تغيير في مشروعها النووي، ففي وقت سابق من شهر أبريل 2018، قال بهروز كامالفاند، المتحدث باسم وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، خلال مؤتمر صحفي في طهران، إن المشروع النووي الإيراني "يسير بكامل طاقته" مع "إعداد خطط جديدة أكثر طموحا".
والأهم من ذلك أن إيران تمكنت من عرقلة إجراء تحقيقات دولية في مراكز الأبحاث والتطوير الرئيسية، بالادعاء بأنها مواقع عسكرية وبالتالي خارج الحدود، وقد تم شحن أقل من نصف مخزون إيران من اليورانيوم المخصب خارج البلاد، إلى جانب 10 % من البلوتونيوم المتراكم في مصنع "أراك"، وفي الأسبوع الماضي بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للطاقة النووية، كشف روحاني عن ما أسماه بـ "83 مشروعًا نوويًا جديدًا" كصفعة في وجه "الشيطان الأكبر" الأمريكي.
لماذا يجب على منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أو السفير الفرنسي جيرارد أراود  بإثقال صدورهم بهذه الاتفاقية؟
ويعلق الكاتب الإيراني أمير الطاهري على حجة المنسقة عن الاتحاد الأوروبي، بأنه إذا ألغيت الاتفاقية لن يتمكن المجتمع الدولي من معرفة إلى أين ستذهب "بأقصى سرعة" إلى أقصى طموحاتها النووية؟، ويعلق قائلًا: "هذه حجة كابوسية: أن تقبل السيء تخوفًا من حدوث الأسوأ أو من تفاقم الوضع".
منذ تم كشف النقاب عن خطة العمل المشتركة (JCPOA)، انخفضت العملة الوطنية الإيرانية بنحو 40 % إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل العملات الأجنبية، بما في ذلك الدينار العراقي والدرهم الإماراتي.
وتواجه الحكومة الإيرانية الآن مشكلة عدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها، ولولا الأموال التي تم تهريبها وتوجيهها من قبل أوباما لكان الملالي غير قادر على دفع نفقاتهم العسكرية أيضاً، كما تجد حكومة طهران حاليا صعوبة في تمويل "حزب الله" اللبناني، ودفع رواتب قوات النظام والادارة المدنية في نظام بشار الأسد، نحن نعلم جيدًا أن الاتفاقية التي أبرمها أوباما – كما قال ترامب أثناء حملته الانتخابية – صفقة سيئة، ولكن ما لم يقله ترامب أن الاتفاقية تعد أيضًا سيئة بالنسبة لإيران ولبقية دول العالم.

شارك