المدارس الدينية في باكستان.. معامل تفريخ المتطرفين

السبت 21/يوليو/2018 - 09:29 ص
طباعة المدارس الدينية في شيماء حفظي
 

بدأت نشأة المدارس الدينية، خلال الاحتلال البريطاني لشبه الجزيرة الهندية، التي كان هدفها مواجهة التعاليم الغربية، التي نشرتها بريطانيا، والدور المتنامي لغير المسلمين في البلاد، وبعد استقلال شبه الجزيرة الهندية، بما فيها «الهند وباكستان»، بدأت تلك المدارس تنتشر بشكل كبير في باكستان، كإحدى محركات تأسيس دولة إسلامية، من خلال تربية إسلامية للطلاب، وكذلك للحفاظ على الهوية الإسلامية، وفق أهداف مُنشئيها.
المدارس الدينية في
إلا أن الحكومة الباكستانية تعتبر المدارس الدينية، مكانًا أساسيًّا لتفريخ قيادات الإرهاب والتطرف؛ ومصدرًا لتوريد المسلحين والمقاتلين، عبر نشر الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة، لتفريخ طلاب متعطشين للجهاد والقتال في سبيل الله.

وعقب الاستقلال عام 1947، وبفضل العاطفة الدينية لدى الباكستانيين، تعزز دور المدارس الدينية، في تشكيل سمات المجتمع الباكستاني، وتُعد مدرسة «ديوبند»، التي أسست عام 1857، في العاصمة الهندية نيودلهي، أول مدرسة دينية تم تأسيسها في شبه الجزيرة الهندية، وقت الاحتلال البريطاني، ثم انتشر هذا النوع من المدارس، خاصةً في المناطق المعروفة بالكثافة السكانية المسلمة.

ويقول تقرير بعنوان «المدارس الدينية في باكستان.. نعمة أم نقمة»، نشره موقع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، في سبتمبر 2015: إن تلك المدارس مؤسسات تعليمية أهلية، تُدَرِّس اللغة العربية، والعلوم الشرعية، مجانًا، وبدعم مالي من المحسنين، من داخل البلاد وخارجها.
المدارس الدينية في
وذكر التقرير أنه عادةً ما يكون المسجد الجامع في كل منطقة هو المبنى الرئيسي الذي تتخذه هذه المدارس مقرًّا لها، وهو ما يعطيها بعض القداسة لدى الناس، كما أن أغلب الكتب الدراسية المقررة في المدارس الدينية باللغة العربية؛ إلا أنه يتم تدريسها باللغة المحلِّية لكل إقليم؛ حتى يفهم ويستوعب الدارس محتوى الكتب جيدًا.

وفي دراسة بعنوان «التعليم الإسلامي في باكستان.. دراسة وصفية»، أوضح علي عياد الحجوري، الباحث في قسم التربية بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، دور المساجد في المدارس الإسلامية في باكستان، مؤكدًا أن المساجد لم يكن نشاطها مقصورًا على العبادة فقط في شبه القارة الهندية؛ بل كان لها دور كبير في التعليم.

فيما قسَّم تقرير مرصد الأزهر، الدراسة في المدارس الدينية إلى قسمين؛ أولهما: دراسة العلوم الشرعية، وتُمنح فيها 4 شهادات وهي الثانوية العامة، والثانوية الخاصة، والعالية، والعالمية (التي تساوي درجة الماجستير)، والثاني يختص بتحفيظ القرآن الكريم.

ووفقًا للتقرير، فهذه المدارس تندرج تحت هيئة تُسمى «وفاق المدارس»، ويعتمد منهج الدراسة فيها على الكتب القديمة، سواء كان ذلك في الفقه أو التفسير أو الحديث، أو غيرها من مواد الشريعة الإسلامية، التي تتبنى المذهب الحنفي، وهو مذهب معظم أهل البلاد.
المدارس الدينية في
الحفاظ على الهوية السُّنِّيَّة
وكانت المدارس الدينية في باكستان سبيلًا للحفاظ على الهوية السُّنِّيَّة للمسلمين، ومواجهة المد الشيعي في البلاد، وذكر مركز الأبحاث العقائدية، في تقرير بعنوان «الشيعة في باكستان»، نشره عبر موقعه على الإنترنت، أن نسبة المسلمين في باكستان تبلغ 97%، والباقي من الهندوس والمسيحيين والبوذيين، وقليل من السيخ والشيوعيين.

وقال المركز: إن أغلب المسلمين في باكستان من أهل السُّنَّة، ونسبتهم 74% من أتباع المذهب الحنفي، والباقي من الشيعة، أي أن الشيعة تُشِّكل نسبة الربع تقريبًا من العدد الكلي للسكان، وينتشرون في كل مناطق البلاد، والأكثرية منهم يقطنون شمال البلاد، فيما أكد تقرير مرصد الأزهر، أن الوجود الشيعي في باكستان، جعل الحكومات الباكستانية (خاصةً في عهد ضياء الحق خان)، تدعم المدارس الدينية، كذريعة مهمة في مقاومة المد الشيعي، وجدار عقائدي يحارب كل ما هو ضد الإسلام.

وعلى صعيد متصل، نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، في 28 سبتمبر 2001، تقريرًا معنونًا بـ«المدارس الدينية في باكستان»، تُوضِّح فيه أن 10 من قادة حركة «طالبان» الأفغانية الـ12، تلقوا تعليمهم في المدارس الدينية في باكستان، وأن مدير إحداها يُعد صديقًا مقربًا لأسامة بن لادن، زعيم تنظيم «القاعدة» السابق.

ويُشير التقرير إلى أن صور القادة العشرة معلقة على جدران ساحة المدرسة، إلى جانب صورة «بن لادن»، مؤكدًا أن الملا محمد عمر -مؤسس «طالبان»- التحق لوقت قصير بهذه المدارس الدينية، قبل أن يتركها في الثمانينيات؛ ليقاتل السوفييت في أفغانستان.

وذكر التقرير الذي يرجع تاريخ نشره إلى العام 2001 أن عشرات الآلاف من طلاب المدارس الدينية، وعددها 6 آلاف مدرسة، يعتزمون التوجه إلى أفغانستان لقتال الجنود الأمريكيين، ومهاجمة القواعد العسكرية في باكستان؛ إذا استضافت قوات أمريكية؛ وكذلك تنفيذ عمليات انتحارية ضد أهداف أمريكية، في حال شن جورج بوش الابن -الرئيس الأمريكي وقتها- هجومًا عسكريًّا ضد «بن لادن»، أو ضد حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان.

شارك