الدور السياسي للصوفيَّة.. طبيعته وتقييمه ومستقبله

السبت 22/سبتمبر/2018 - 08:33 ص
طباعة الدور السياسي للصوفيَّة.. نورا بنداري
 
لعب التيار الصوفي عند نشأته نشاطًا دعويًّا وروحانيًّا يدعو إلى الترفع عن ملذات الدنيا وترفها وتجنب فتنها، إلا أنه إضافة لهذا الدور، كان هناك دورٌ آخر للصوفية، وهو الدور السياسي، الذي ظهر عند انتماء أعداد كبيرة من المجتمع لها؛ ما جعلها تتوغل بشكل أكبر وتصبح مؤثرة في هياكل الدول، وخاصة الحياة السياسية.



أصبحت الصوفية فاعلًا مؤثرًا في المعادلة السياسية، فقد شارك أتباع التيار الصوفي في محاربة الاستعمار في العديد من بلدان العالم، كما ساهموا في الحروب الصليبية، والثورات العربية كثورة 1952 في مصر، وثورات ما يعرف بـ«الربيع العربي»، إضافة إلى المشاركة في العمليات الديمقراطية التي تتمثل في صياغة الدساتير، وتأسيس الأحزاب، والمشاركة في الانتخابات، كما لعبت الصوفية دورًا في مواجهة التنظيمات الإرهابية.

ورغم اتجاه الصوفية لممارسة العمل السياسي، فما زال أمامها بعض التحديات للانخراط بشكل كافٍ في هذا المجال.



في إطار ذلك؛ تعمل هذه الدراسة على تناول الدور السياسي للصوفية، من خلال محاولة الإجابة عن عدد من التساؤلات، يأتي من بينها، ماهية هذا الدور؟ وهل نجحت الصوفية أم أخفقت عندما مارست هذا الدور؟ وماذا عن مستقبل الدور السياسي للصوفية؟ وهل الصوفية كتيار مؤهل للقيادة السياسية أم لا؟


أولًا: طبيعة الدور السياسي للصوفية

يتمثل الدور السياسي للصوفية في عددٍ من العناصر التي توضح كيف أن الصوفية كتيار أثر بشكل لا يستهان به في مفاصل الحياة السياسيَّة للدول التي لعب فيها هذا الدور، وذلك من خلال عدة محاور يأتي من بينها التالي:




◄ صياغة الدساتير

شاركت بعض الطرق الصوفية في صياغة الدساتير في بعض البلدان، فالدستور يعتبر المرجع القانوني والسياسي لأي نظام حاكم، وبالتالي عندما تشارك الصوفية في وضع بنودها، هذا يعد تطورًا مهمًا لاعتبار الصوفية فاعلًا سياسيًّا في معادلة النظام الذي شاركت في كتابة دستوره، فعلي سبيل المثال، نجد أن الطريقة النقشبندية (من كبرى الطوائف الصوفية عددًا) في تركيا، لعبت دورًا مهمًا في صياغة دستور عام 1982، كما كانت محل اهتمام الحكومات التركية المتعاقبة لتمرير قراراتها السياسية(1).



كما حدد رئيس تركيا الأسبق «مصطفى كمال أتاتورك»، موقف السلطات التركية تجاه الجماعات والطرق الصوفية، واتسم هذا بالود والاحترام، وانعكس ذلك في دستور 1924، الذي ترك الجماعات الصوفية حرة من دون أي قيود قانونية(1).

للمزيد.. الصوفية التركية.. احتفالات بطعم السياسة



◄ تأسيس أحزاب سياسيَّة

عمل التيار الصوفي في بعض البلدان على التوغل في الحياة السياسيَّة، من خلال رؤية مفادها أنه لكي تمثل حضورًا في المشهد السياسي وتؤثر على طوائف المجتمع وتواجه بعض التيارات الأخرى كالتيار السلفي وجماعة الإخوان، يجب أن تدشن أحزابًا سياسيَّة، وهذا ما ظهر في بعض البلدان، كما أن تعدد الطرق الصوفية جعلها محل اهتمام الكثير من الأحزاب السياسيَّة؛ لأن قدرتها على الحشد -خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف الموارد- كانت كبيرة.




وبالنظر تجاه القارة الأفريقية، وبالتحديد ناحية البوابة السودانيَّة التي تحتضن نحو40 طريقة صوفيَّة، نجد أن الصوفيَّة توجد في المسرح السياسي السوداني عبر عددٍ من الأحزاب السياسيَّة، كحزب «الأمة القومي» بزعامة «الصادق المهدي» الذي يستند على طائفة «الأنصار» المنبثقة من الثورة المهدية، و«الحزب الاتحادي الديموقراطي» والذي انبثق من طائفة «الختمية»، وكلتا الطائفتين صوفية الجذور، كما يعتبر حزب «المؤتمر الوطني» أكبر حاضنة لرموز الحركة الصوفيَّة (2).




وأعلنت مجموعة من الرموز الصوفية في السودان في 2 أغسطس 2017، الشروع في تأسيس حزب صوفي في البلاد يسمى (الحزب الصوفي الديموقراطي)، سيكون أول حزب من نوعه فى العالم الإسلاميّ صوفيًّا خالصًا، يقوم أساسًا على الرموز الصوفية، ويسعى لتحقيق قيم الديموقراطية والقومية والعدالة والحرية والمساواة بين الناس بالبلاد، وكبح جماح التيارات الإرهابيَّة، وخدمة مصلحة الوطن، والتداول السلمي في مشاركة الحكم.




وفي مصر توجه بعض قيادات الطرق الصوفية إلى ممارسة السياسة الداخلية، فأسسوا أحزابًا خاضوا بها الانتخابات البرلمانية المنعقدة بعد ثورة يناير 2011، فبعد أيام قليلة من تنحي الرئيس الأسبق «محمد حسني مبارك»، أعلن 18 شيخًا من مشايخ الطرق الصوفيَّة على رأسهم الشيخ «محمد علاءالدين أبوالعزائم» شيخ الطريقة العزمية، والشيخ «محمد عبدالخالق الشبراوي» شيخ الطريقة الشبراوية، اعتزامهم تأسيس حزب سياسي لأول مرة تحت اسم «التسامح الاجتماعي»، في محاولة لإثبات وجودهم في مواجهة التيارات والأفكار السلفية التي بدأت تسيطر على المشهد الإسلامي في مصر(3).




وفي سبتمبر 2011 وافقت لجنة الأحزاب السياسيَّة على تأسيس حزب «التحرير المصري» أول حزب صوفي في مصر برئاسة «إبراهيم زهران»، والهدف من الحزب بحسب ما قالته «الطريقة العزمية»، هو الدخول في المجال السياسي، فضلًا عن حزب النصر الذي تم انشاؤه في أكتوبر 2011 ويضم أطيافًا عدة من الطرق الصوفيَّة.




◄ المشاركة في الثورات

ساهم التيار الصوفي في الثورات، لإثبات دوره السياسي، وأنه من التيارات الفاعلة والمؤثرة في المجتمع، فعلى سبيل المثال، نجد أن بعض الطرق الصوفية لعبت دورًا في ثورة الجزائر، وخاصة الطريقة التي أسسها «سيدي أحمد أويحيى»، الذي يعرف أيضًا بـ«أحمد بن يحي أومالو»، حيث التحق نحو30 طالبًا منها بجبهة التحرير الوطني الجزائري وجيش التحرير الوطني في عام 1956 ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر، وتوقف التدريس فيها أثناء ثورة 1857 ضد الاستعمار الفرنسي.




وفي مصر، شاركت بعض الطرق الصوفية في الثورات المصرية التي وقعت على مدار التاريخ المصري، بدءًا من مشاركتهم في ثورة 1919 وحتى ثورة 1952 وبعد ذلك ثورة يناير 2011 وثورة يونيو 2013.



بحسب الشيخ «أحمد التيجاني» شيخ الطريقة التيجانيَّة الصوفيَّة، فالتيار الصوفي له مشاركة كبيرة في الشأن السياسي سواء كان ذلك قديمًا أو حديثًا، ولكن من شارك في ثورة يناير هم شباب الصوفيَّة الذين رفضوا السكوت على ما سموه «الجرائم التي ارتكبها نظام مبارك»، وكان لمشاركة الشباب الصوفي في هذه الثورة أثر ملحوظ، إذ أوجدت حراكًا وطنيًّا وتجمعًا لأطياف الشعب المصري كافة(4).




وكان هناك ظهورٌ كبيرٌ لقيادات الصوفية في ثورة 30 يونيو، ومن أبرز الطرق التي شاركت في هذه الثورة، «الطريقة الشبراوية»، ووفقًا لشيخ هذه الطريقة «محمد عبدالخالق الشبراوي»، فأن الطرق الصوفية كانت من أكثر المساندين لـ «30 يونيو»، ويأتي ذلك من منطلق رؤيتهم أن الإخوان كانوا سيقضون على الطرق الصوفيَّة، حال فشل الثورة وكانوا سيزجون بمشايخ الطرق فى السجون؛ لأنهم كانوا يعلمون قوة شيوخ الطرق وكثرة مريديهم، وهم كانوا ضد التصوف؛ لأنهم كانوا لا يريدون أن يبقى أحد على الساحة الدينية والسياسيَّة إلا هم فقط.




◄ الحروب الصليبية والاستعمار

للصوفية تاريخ عريق من الجهاد ضد العدو والنضال ضد المستعمر، مثل ما فعل «أحمد البدوي» (تنسب إليه الطريقة البدوية)، أثناء الحملة الصليبية على مصر، ووقوفه ضد ظلم المماليك، وهناك مقولة في التراث الشعبي المصري «الله الله يا بدوي جاب اليسرى» أي أن البدوي جلاب الأسرى، تدل على دوره هذا.



كما تذكر كتب «الأحمدية البدوية» دوره في تحرير الأسرى، والمساهمة في معارك المصريين ضد الصليبيين قرب مدينة المنصورة، وأسر «لويس التاسع» ملك فرنسا في ذلك الوقت، وتجهيزه للجنود للقتال ضد الصليبيين، إضافة إلى أن الصوفيين الذين يتبعون «البدوي» حينها؛ أظهروا بطولة نادرة بالمنصورة وغيرها من المدن (5).




وفي ليبيا برزت مواقف كلٍ من الشيخ «عمر المختار» و«محمد إدريس السنوسي» ضد الاحتلال الإيطالي في ليبيا، ومن ساروا على دربهما في كثير من البلدان الإسلامية.



أما في الجزائر فبرز الأمير «عبدالقادر ابن محيي» وهو زعيم الطريقة القادرية، في التصدي للاستعمار الفرنسي، إلى جانب الطريقتين «الرحمانية السنوسية، والدرقاوية الطيبية»، فيما وقفت الطريقة التيجانية إلى جانب الإدارة الاستعمارية، كما لعبت بعض القيادات الصوفية دورًا مهمًا في مقاومة الاحتلال الفرنسي، ولما استقلت البلاد سارع البعض إلى الانغماس في معترك الحياة السياسية (6).




◄ مواجهة الإرهاب

تعد الصوفيَّة سلاحًا إسلاميًّا لمواجهة محاولات الغلو والتطرف التي تستند إلى الجهل، ولا تدرك الدلالة الحقيقية لصحيح الدين، لذلك تعمل بلدان عديدة كالمغرب والجزائر والسنغال وأيضًا مصر، على تقديم الدعم لبعض الطرق الصوفية؛ لمساعدتها في إنهاء العنف تحت مظلة الإسلام وانتزاع فتيل الإرهاب وكبح جماع الأفكار الدينية المتشددة، ويرجع ذلك إلى رؤيتهم أن الفكر المتصوف يستطع لعب دور رئيسي، خاصة في احتواء حماسة بعض الشباب للجهاد.




ومن دلائل ذلك، صوفية الجزائر التي تعد سلاح الدولة لمحاربة الإرهاب، وظهر ذلك بوضوح من خلال وسائل الدعم المعنوي التي قدمتها السلطة التنفيذية الجزائرية للصوفيَّة، خاصة الرئيس «عبدالعزيز بوتفليقة» لمحاربة الأفكار المتشددة؛ حيث أطلقت الحكومة الجزائرية قناتين تلفزيونيتين، وقناتين إذاعيتين من أجل الصوفيَّة، وكانت متخصصة في نشر عقائد الطرق الصوفيَّة المنتشرة في الجزائر، والزوايا الخاصة بها، كأنها حملة إعلاميَّة لها.



ذلك إضافة إلى ظهور أغلب مشايخ الطرق الصوفيَّة على القنوات الجزائرية، لمناقشة مختلف الأمور السياسيَّة والدينيَّة والصوفيَّة، ويرجع هذا لرؤية السلطة الجزائريَّة أن التيار الصوفي هو الوحيد القادر على محاربة الإرهاب، كما أن الصوفيَّة تنتشر بشكل كبير في الجزائر، ويبلغ عدد الطرق الصوفيَّة في الجزائر 30 طريقة، يتفرع منها ما يقرب من 1600 زاوية، كما أنشأت صوفية الجزائر معهدًا أفريقيًّا عام 2013 لمحاربة الإرهاب، وهذا المعهد تخرج فيه 300 إمام أفريقي من مختلف الجنسيات الأفريقية، مهمتهم الأساسيَّة مواجهة التطرف فى دول الساحل الأفريقي(7).



ثانيًا: تقييم هذا الدور

يتضح مما تقدم أن الصوفيَّة برزت كفاعل سياسي مهم، أثر في بنية المجتمع والنظام الحاكم، جعل بعض الحكام يدعمون هذا التيار ويدشنون له المقرات اللازمة التي من خلالها يزداد عملهم وتأثرهم، ففي السنغال على سبيل المثال تمكن أعضاء التيار الصوفي من التوغل بقوة داخل أنظمة الحكم، فكان منهم رؤساء صوفيون، ورؤساء ينصتون بشكل جيد تجاه مطالب القيادات الصوفيَّة، لذلك فإن مشايخ التصوف لهم تأثير كبير في سياسة البلاد، فبفضل الطرق الصوفية استقى أول رئيس للبلاد «ليوبولد سيدار سنغور» شرعية حكمه، رغم انتمائه للأقلية الكاثوليكية الرومانيَّة.



للمزيد.. الصوفية في السنغال.. دلالات التأثير السياسي والتغلغل الاقتصادي



وبالطرق الصوفيَّة احتمى أغلب الرؤساء، بمن فيهم الرئيس الحالي «ماكي عبدول سال»، كما استطاع مشايخ الطريقتين المريدية في مدينة «طوبا»، والتيجانية في مدينة «كولخ»، عزل الرئيس الأسبق «عبدو ضيوف»، بعد اتهامه بالسير بالبلاد صوب «العلمانيَّة المفترسة للروحانيَّة»؛ وحل محله الرئيس السابق «عبدالله واد» الذي يحسب نفسه من أتباع الطريقة المريدية(8).




وفي الوقت الذي تمكنت فيه القيادات الصوفيَّة بالسنغال من إثبات قوتها السياسية والاستفادة مما يحدث للعب دور سياسي قوي، فإنه في دول أخرى لم تتمكن من ذلك الأمر، رغم وجود العناصر المهيئة لذلك، ففي مصر على سبيل المثال، خاصة بعد مساهمة القيادات الصوفيَّة في ثورتي «يناير و30 يونيو»، لم تحقق الأحزاب التي أسسها مشايخ الصوفية للدخول إلى معترك السياسة مكاسب سياسية مباشرة، وذلك لقلة خبرة الطرق الصوفيَّة على المنافسة السياسيَّة، ويرجع هذا إلى أن تاريخ الطرق الصوفيَّة مليء بالسياسات المتوافقة مع سياسات الحكام، والتي لا تسمح بدخول الطرق كمنافس سياسي من دون اكتساب خبرة للمعارضة.



ويوجد بعض الأسباب التي توضح أن تأثير الصوفيَّة في الشارع المصري أو العربي باستثناء دولتي المغرب والسنغال، تراجع بقوة، منها؛ عدم قدرتها على إعادة التموقع مرة ثانية بعد سقوط جماعة الإخوان في مصر، فالصوفيَّة فشلت عند استدعائها سياسيًّا بعد ثورة 2013 لسد فراغ جماعة الإخوان.



كما أن ضعف الصوفيَّة في (ليبيا واليمن وسوريا)، جعلها تخرج من المعادلة السياسيَّة والعسكريَّة في تلك البلدان، إضافة إلى عدم دعم السلطة في بعض البلدان لها، لأنها تدرك محدودية تأثيرها في العملية السياسيَّة، وفي مواجهة التيارات الدينية الأخرى(9).



وتحرك الصوفيَّة خلف السلطة في معظم بلدانها يجعلها تتحرك ببطء في مواجهة المخاطر، حيث إن غالبية الطرق الصوفية تحولت من دور الاستقلال الذي مارسته أثناء الاستعمار في معظم الدول، إلى التبعية شبه المطلقة لسياسة الدولة؛ ما أدى لانحسار نفوذها وأصبحت منفذًا لتعليمات الحكام بدلًا من أن تكون فاعلًا مستقلًا في محيطها الاجتماعي، سواء في الدول العربية التي شهدت الثورات أو التي لم تشهدها، فقد استخدمت الأنظمة الحاكمة الطرق الصوفيَّة كلما احتاجت إليها، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي؛ لضبط التوازنات الاجتماعيَّة والحركات السياسيَّة (10).



لذلك فإن اتجاه بعض الطرق الصوفيَّة للعمل السياسي وتأسيس أحزاب ومشاركتها  في الانتخابات، وتأسيسها صفحات تواصل اجتماعي ومواقع إلكترونية، لا يعني تحركها من مرحلة السكون التي تعيش فيها منذ عشرات السنين.


ثالثًا: رؤية مستقبلية للدور السياسي للصوفية

نتيجة لما تقدم، نجد أن الصوفية مارست دورًا سياسيًّا لا يستهان به، ورغم نجاح هذا الدور في بعض البلدان خاصة السنغال، أو إخفاقه في بلدان أخرى مثل مصر، يمكن وضع بعض العوامل التي توضح مستقبل الدور السياسي الصوفي، ومنها:



◄ الدعم المادي

يواجه التيار الصوفي في بعض البلدان مشكلات تتعلق بالدعم المعنوي والمادي، حيث إن أغلب الطرق الصوفيَّة؛ خاصة في دول المنطقة العربية لا تندمج في مؤسسات تتبع الدولة، ولا يحكمها قانون، إضافة إلى الاضطرابات المالية التي تشهدها معظم الدول العربية، ما قد يؤثر على جعل الصوفية تتحرك سياسيًّا بشكل فاعل من عدمه.



كما يشكل الدعم المقدم للصوفيَّة من جانب الدول الغربية؛ خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوروبي، لمواجهة التنظيمات المتطرفة، باعتبار أن الصوفية حركة دينية مسالمة بالنسبة للغرب؛ دورًا أساسيًا حول ملامح الدور المستقبلي للصوفيَّة.



◄ الاندماج والتعاون
مظاهر الاندماج والتعاون التي ظهرت في الفترة الأخيرة بين الطرق الصوفيَّة خاصة في مصر وليبيا، حينما أدانت الطريقتان المصريتان العزمية والسعدية، في بيان لهما، ما تعرضت له الأضرحة الصوفية في ليبيا(11)، سيؤثر بالتأكيد على الدور الصوفي السياسي، فذلك قد يؤدي إلى تدشين تيار صوفي قوي يتحدث باسم الصوفيين ويوحدهم تحت لواء واحد.

◄طاعة الأنظمة

انخراط الصوفية في بعض البلدان في أنظمة الحكم السياسيَّة، وليس التبعية المطلقة للنظام الحاكم، سيؤدي إلى ظهور تيار مؤثر بشكل رئيسي في بنية المجتمعات التي تحاول أن تجمع بين الرؤية الدينية ومظاهر العمل السياسي؛ لأن عدم الخبرة السياسيَّة للصوفيَّة وتعودهم الطاعة للنظام سيؤثر على تحركاتهم السياسية مستقبلًا.



◄الدوران الديني والسياسي

وضع خريطة تنظيمية تحدد بشكل واضح الدور الديني وأيضًا الدور السياسي للقيادات الصوفيَّة في المجتمعات التي تكمن بها، بحيث لا تتأثر بشكل كبير مع التغيرات التي تحدث في السلطة الحاكمة بين الحين والآخر في بعض الدول.



للمزيد.. الدور السياسي للطرق الصوفية في المنطقة العربية



ونلاحظ مما تقدم، أن التيار الصوفي في بدايته لعب دورًا سياسيًّا قويًا، ما يجعله وثيق الصلة بالسياسة، وهذا ما أكده بعض مشايخ الصوفيَّة لرؤيتهم أن عمل الصوفي بالسياسة ليس أمرًا غريبًا، فالصوفيَّة تعني الزهد في مغريات الدنيا بما فيها المناصب السياسيَّة، والتصوف هو لخدمة الآخر والدفاع عن حقوقه، ومن ثم فإن العمل بالسياسة يعد أمرًا منطقيًا، ولذلك تمكنت الصوفيَّة في كل من تركيا والسنغال على وجه الخصوص، من الوصول إلى قمة هرم السلطة، ففي أنقرة تولي «رجب طيب أردوغان» الذي يزعم أنه ينتمي إلى الطريقة الصوفيَّة «النقشبندية»، رئاسة الدولة التركية، كما تمكن «عبدالله واد» الذي يحسب نفسه من أتباع الطريقة المريديَّة من الوصول لرئاسة الدولة السنغالية، رغم ذلك فإن الصوفيَّة في بعض البلدان ما زالت تنقصها الخبرة الكافية لتولي مناصب سياسيَّة.


المصادر:

(1) معتز ممدوح، أي دور تلعبه الطرق الصوفية في السياسة التركية؟، موقع إضاءات، 31 يناير 2017، متاح على:
https://www.ida2at.com/what-role-the-sufi-orders-in-turkish-politics/
(2) مصطفى صلاح، الصوفية التركية.. احتفالات بطعم السياسة، موقع المرجع، 30 يوليو 2018، متاح على:
http://www.almarjie-paris.com/2917
(3) عباس محمد صالح عباس، دلالات وتداعيات الإعلان عن تأسيس حزب صوفي في السودان، موقع عربي 21، 15 أغسطس 2017، متاح على:
https://goo.gl/hgdxHB
(4) ياسمين كامل منصور، مستقبل الصوفية السياسية في مصر، مجلة الحوار المتمدن، العدد: 3751، 7 يونيو 2012، متاح على:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=310974
(5) عمرو رشدي، الصوفية والسياسة في مصر، موقع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 3 أغسطس 2017، متاح على:
http://acpss.ahram.org.eg/News/16361.aspx
(6) محمد البرمي، حكايات صوفية| «البدوية»: قاتل الصليبيين وغنى له المصريون «الله الله يا بدوي جاب اليُسرى»، موقع المصري اليوم، 8 يونيو 2016، متاح على:
https://lite.almasryalyoum.com/extra/99636/
(7) محمد عبدالحليم، الصوفية والثورات.. فتش عن الجنرال والإخوان، موقع دوت مصر،  9 نوفمبر 2014، متاح على:
https://goo.gl/giSqiq  
(8) آية عز، «صوفية» الجزائر.. سلاح الدولة في محاربة الإرهاب، موقع البوابة نيوز، 9 يناير 2018، متاح على:
http://www.albawabhnews.com/2889889
(9) أحمد الشلقامي، التصوف السياسي في السنغال بوصلة إدارة المناشط الحزبية، موقع المجتمع، 1 فبراير 2015، متاح على:
https://goo.gl/4CXjDQ
(10) صلاح الدين حسن، أبو الفضل الإسناوي: استدعاء الصوفية لمواجهة التطرف محاولة تجاوزها الزمن، موقع حفريات، 19 يونيو 2018، متاح على:
https://goo.gl/JpKnhL
(11) أبو الفضل الإسناوي، معضلة الدور السياسي للتيار الصوفي بعد ربيع الثورات العربية 3/2، موقع المركز العربي للبحوث والدراسات، 29 ديسمبر 2013، متاح على:
http://www.acrseg.org/2280/bcrawl
(12) أبوالفضل الإسناوي، مستقبل الصوفية في العالم العربي بعد الثورات، مجلة السياسة الدولية، 10 يونيو 2015، متاح على: 
http://www.siyassa.org.eg/News/5327.aspx

شارك