تراث اليهود في الرواية الإسلامية

الخميس 27/يونيو/2019 - 01:27 م
طباعة تراث اليهود في الرواية حسام الحداد
 
تقوم دار "ابن رشد" للنشر والتوزيع هذه الأيام على اعادة اصدار كتاب " كعب الأحبار" تراث اليهود في الجزيرة العربية في الرواية الإسلامية للمؤرخ إسرائيل أبو ذؤيب استاذ اللغات السامية في الجامعة المصرية سابقا جامعة القاهرة حاليا، 
وهو كتاب عن رسالة الدكتوراة للمؤلف من جامعة غوتة في المانيا عام 1933 ونشرت في مطبعة القدس / شعفاط في ثلاثينيات القرن العشرين. ولد إسرائيل ولفنسون ( أبو ذؤيب) في القدس عام 1899 لأسرة يهودية من المهاجرين الأشكيناز القدامى نزحت من بيلاروسيا إلى الأراضي الفلسطينية عام 1809. درس في فلسطين، وتعلم اللغة العربية والعلوم الإسلامية واليهودية، ثم سافر إلى مصر والتحق هناك بالجامعة المصرية، وصار أول طالبٍ يهودي يحصل على شهادة الدكتوراه من الجامعة المصرية عن أطروحته «تاريخ اليهود في بلاد العرب»، وعمل أستاذاً للغات "السامية" في نفس الجامعة.
عمل أستاذاً للغات السامية بكلية دار العلوم العليا (الجامعة المصرية)، واشتغل بالتدريس في الجامعة العبرية بالقدس بشكل متقطع حتى انتقاله بشكل نهائي إلى فلسطين عام 1941 عندما كُلف بمهمة الإشراف على تدريس اللغة العربية في المدارس اليهودية. في مصر عُرف باسم إسرائيل ولفنسون ولقَّب نفسه "أبو ذؤيب" وهي ترجمة شبه حرفية لكنيته.
حظي "أبو ذؤيب" هذا باهتمام كبير وتقدير عظيم في مصر ورحب به كبار الأدباء والمفكرين ، فقد تبناه د. طه حسين وأشرف على رسالته للدكتوراه وكتب له مقدمتها عند نشرها في كتاب بعنوان "تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية وصدر الإسلام" عام 1927، واستقبل الوسط الجامعي والأزهري بانبهار كتابه الثاني "تاريخ اللغات السامية" عام 1929، وكتب د. مصطفى عبد الرازق الذي أصبح فيما بعد وزير الأوقاف و شيخ الأزهر مقدمة كتابه الثالث "موسى بن ميمون" الصادر عام 1936 ، ونشر عدداً من المقالات والأبحاث في عدد من الصحف والدوريات المصرية كانت تلقى القبول والترحيب من أغلب الباحثين في التاريخ والأديان ومشايخ الأزهر.
ووصل صيته إلى العراق فتعرف عليه أهم المؤرخين العراقيين، وكلفه ملك الأردن عبدالله الأول بتحقيق ودراسة مخطوط "المصائد والمطارد" لأبي الفتح كشاجم، وتم نشر هذا الكتاب محقّقاً في مجلة "المجمع العلمي العربي" في دمشق.
وعند قيام دولة اسرائيل استعاد اسمه الأصلي "يزرائيل بن زئيف"، وبقي يعمل في المجال التعليمي والأكاديمي كأستاذ في اللغات العربية و"السامية" حتى 1965، وتفرغ بعد ذلك تقريباً للتبشير اليهودي في إفريقيا، والعناية بالمهاجرين الجدد، حتى وفاته عام 1980
ولكنه في اسرائيل، ولسبب ما، لم يحظ بكثير من التقدير كما كان يأمل، ويبدو أن فكرته التي كان يروج لها عن إمكانية التعايش بين العرب واليهود في فلسطين باعتبارهم "أبناء عمومة" تاريخياً، وخصوصاً بعد كسر شوكة العرب واغراق فلسطين بالمهاجرين، يبدو أن هذه الفكرة لم ترق كثيراً لقادة اسرائيل من عتاة الحركة الصهيونية الذين كان لديهم مشروعهم الأكبر الذي يتطلع إلى أبعد بكثير من طروحات ولفنسون التي يخرجها من بين غبار التاريخ.
وعن كتابه عن كعب الاحبار كنموذج لتاثير اليهود على الرواية الاسلامية، كان ابي اسحاق كاتباً ويسمى بالـ"حبر" وهو من أشهر اليهود الذين أسلموا. ورواياته وتفسيراته لبعض الآيات وقصص الأنبياء والأقدمين هي مصدر روايات كثيرة للصحابة والتابعين كان له معارضون من الصحابة أو من الإخباريين الذين اتهموه بمحاولة إقحام يهوديته في الإسلام وللشيعة موقف منه وكان مقربا وجليساً لعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان. سكن بالشام بأخرة ، وكان يغزو مع الصحابة.
ولد كعب في بيت يهودي من يهود اليمن وهو حِميّري بالحلف، فاسمه عبري محرف إلى العربية فكعب اسم منتشر بين يهود شبه الجزيرة العربية، وهو تحريف للاسم العبري "عقيبا" وماتع اسم غير عربي على الإطلاق وليس معروفاً نسب إليه المؤرخون اللاحقون سلسلة نسب لعلها مختلقة وخيالية قيل أنه أسلم خلال خلافة أبي بكر الصديق وقيل خلافة عمر وقيل أنه أسلم قبل وفاة النبي محمد عندما أرسل علي بن أبي طالب لليمن ووردت عدة روايات حول سبب إسلامه منها أنه آمن بعد أن رأى صفات النبي محمد في التوراة. وقد كانت مسألة ذكر النبي محمد في كتب اليهود وفق اعتقادات المسلمين، تشغل بال الكثيرين بمن فيهم الصحابة والتابعين والمؤرخين والمحدثين وعوام الناس. فكان كعب وأمثاله مصدرهم لمثل هذه القضايا والأمور .

شارك