التعنت الإيراني يُفشل مبادرات حل الأزمة مع واشنطن

الأحد 20/أكتوبر/2019 - 07:01 م
طباعة التعنت الإيراني يُفشل نورا بنداري
 
يعاني نظام الملالي من أزمات اقتصادية جراء العقوبات الأمريكية المفروضة عليه؛ بسبب عدم التزام طهران ببنود الاتفاق النووي المتفق عليها، وآخر ما نتج عن هذه العقوبات، وكان قطع الحكومة الإيرانية الإعانات النقدية عن 400 ألف مواطن كانت تدفع لهم بدلًا عن دعم السلع الأساسية والمواد الغذائية التي تضاعفت أسعارها باستمرار منذ سريان العقوبات في مايو 2018.
وبناءً على تقديرات نشرها موقع «اقتصاد أونلاين» الإيراني في 19 أكتوبر الجاري؛ ارتفع عدد الأشخاص الذين تم قطع الإعانات عنهم إلى 24 مليون إيراني من 80 مليون إجمالي عدد السكان، بحلول نهاية العام الإيراني الحالي في 20 مارس 2020.
ويأتي هذا بالتزامن مع ما أعلنته صحيفة «ماينيتي» اليابانية في 19 أكتوبر الجاري، من أن طوكيو قررت دعم المبادرة الفرنسية المتمثلة في تقديم مساعدات لإيران قدرها 15 مليار دولار.
وقدمت اليابان وفرنسا مقترحًا مشتركًا آخر لإيران حول خطة لتمكينها من الحصول على قرض قدره 18.2 مليار دولار بضمانات نفطية، شرط أن تعود طهران إلى الالتزام بالاتفاق النووي، ومن المقرر أن تستخدم هذه الأموال فقط لشراء المواد الغذائية والطبية، ووفقًا للصحيفة فإن الحكومة اليابانية تأمل أن يساعد الدعم المالي هذا على إطلاق حوار بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي.

مبادرة أوروبية بشروط
في 3 سبتمبر الماضي أعلنت فرنسا عن مبادرة أوروبية تتضمن تقديم قروض لإيران بقيمة 15 مليار دولار كبديل للآلية الأوروبية في التعامل مع إيران «إنسكتس» (وهي قناة مدفوعات أوروبية لإجراء المعاملات وتسهيل التجارة مع إيران والالتفاف على العقوبات الأمريكية)، ولكن المبادرة حملت شروطًا منها؛ أن تحد إيران دورها الإقليمي المزعزع للاستقرار، وتضع حدًّا لبرنامج صواريخها الباليستية، وهذا ما أوضحه مصدر دبلوماسي فرنسي في تصريحات لموقع «العربية نت»، مضيفًا أن وفدًا إيرانيا برئاسة نائب وزير الخارجية الإيراني «عباس عراقجي» أجرى مباحثات مع الجانب الفرنسي بشأن هذه المبادرة.
وفيما يتعلق بواشنطن، فقد أعلنت على لسان وزير الخزانة الأمريكي «ستيفن منوشين»، 13 سبتمبر الماضي، أن فرنسا لن يكون بوسعها منح إيران قرضًا بقيمة 15 مليار دولار دون موافقة الولايات المتحدة، وبسبب السياسات الإيرانية استبعدت الإدارة الأمريكية أي إعفاء من العقوبات المفروضة بل فرضت عقوبات جديدة على شبكة للنفط الإيراني.

تعنت إيراني
وبعد يوم واحد من إعلان المبادرة الفرنسية؛ ردت إيران معلنة رفضها للقرض الأوروبي الذي يهدف إلى الحد من الآثار الاقتصادية للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها، ورغم أن هذه المبادرة جاءت بالتزامن، مع إعلان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية «علي ربيعي» بأن طهران متفائلة بشأن التوصل إلى اتفاق مع أوروبا لتجنب الموعد النهائي الذي حددته إيران لتخفيض التزاماتها النووية، مؤكدًا أن وجهات نظر إيران وفرنسا أصبحت أكثر قربًا حول الاتفاق النووي، وذلك بعد إجراء مكالمات هاتفية بين «روحاني» ونظيره الفرنسي «إيمانويل ماكرون».
ورغم أن القرض الأوروبي جاء ضمن محاولات لإقناع إيران باحترام الاتفاق النووي، إلا أن الرئيس الإيراني «حسن روحاني» استبعد في 4 سبتمبر الماضي، إمكانية التوصل لاتفاق مع القوى الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي خلال الفترة المقبلة، مضيفًا أن أوروبا سيكون لديها شهران آخران من أجل الوفاء بالتزاماتها تجاه طهران.
ورغم المبادرات الأوروبية (السياسية والاقتصادية) الرامية إلى التوسط بين إيران والولايات المتحدة؛ من أجل إنقاذ الاتفاق النووي، إلا أن هذه المبادرات لم تر النور حتى الآن بسبب الرفض الإيراني المتواصل لها.
فعلى سبيل المثال، فشلت الوساطة اليابانية بين طهران وواشنطن في 14 يونيو الماضي؛ بسبب رفض المرشد الإيراني «خامنئي» لرسالة الرئيس الأمريكي «ترامب» التي نقلت عبر رئيس وزراء الياباني، دعا فيها إيران للالتزام ببنود الاتفاق النووي، وذلك بعدما أعلنت اليابان في مايو الماضي، عن مساعيها بسبب علاقاتها القوية بكل من واشنطن وطهران، بإبرام وساطة يابانية؛ بهدف خفض التوتر بين البلدين.

للحد من النفوذ الإيراني
يوضح «أحمد قبال» الباحث في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن دعم اليابان للمبادرة الفرنسية يتمثل في أن طوكيو تعد أحد الأطراف الدولية الفاعلة فيما يخص الاتفاق النووي مع إيران، رغم أنها من خارج اتفاق 5+1، وذلك كونها أحد أهم شركاء طهران في مجال النفط، وأحد حلفاء الولايات المتحدة الفاعلين، وتأمل الحكومة اليابانية أن يساعد الدعم المالي هذا على إطلاق حوار بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي.
وأشار «قبال» في تصريح له أن المساعي الدولية النشطة من خلال مبادرات كتلك التي طرحتها فرنسا واليابان تتزايد كلما تأثرت إيران بسياسة العقوبات القصوى التي تنتهجها الولايات المتحدة، إذ يرى المراقبون وصناع القرار بتلك الدول أن إيران التي تواجه أزمة اقتصادية خانقة دفعتها مؤخرًا إلى قطع الإعانات النقدية عن 400 ألف شخص كانت تدفع لهم بدلًا عن دعم السلع الأساسية والمواد الغذائية، أوشكت على الخروج من الاتفاق النووي، ومن ثم الإسراع في تنفيذ برنامج نووي جديد ذي طابع عسكري، وهو آخر الأوراق الإيرانية للتأثير على القوى الدولية، ووضعها أمام الأمر الواقع.
ولفت إلى أنه رغم المساعي الأوروبية التي أخفقت في منح إيران الضمانات اللازمة لتخفيف حدة العقوبات وتمكينها من العمل وفق أنظمة مصرفية لتلافي آثار تلك العقوبات، تؤكد إيران دومًا أنها منفتحة على أي مبادرات تمكنها من بيع نفطها، ورغم ذلك ترى دولة الملالي بأن أي وساطة مع الجانب الأمريكي مشروطة برفع العقوبات بشكل نهائي.
وأضاف الباحث في الشأن الإيراني أن طهران أقدمت على الانسحاب جزئيًّا من بعض بنود اتفاق 5+1، بهدف توجيه رسائل للغرب مفادها أن العقوبات لن تجدي لإجبار طهران على التفاوض من جديد، وأن الحوار غير المشروط ودون ضغط هو السبيل الوحيد للتأكد من نشاطات إيران النووية، والتأثير على سياساتها الإقليمية.

شارك