بين السوق السوداء واتّهامات باماكو: من أين تأتي طائرات أزواد؟
الإثنين 29/سبتمبر/2025 - 06:21 م
طباعة

كشفت جبهة تحرير أزواد، عبر مقابلة إذاعية نقلت مقتطفات عنها صحف ومواقع دولية، أن تسليحها المتطور — ومنه طائرات من دون طيار تستخدم في هجمات شمال مالي — يؤمن أساسا عبر قنوات السوق السوداء مع تعديلات تقنية محلية، منفية أي دعم عسكري مباشر من دول مثل الجزائر أو فرنسا أو موريتانيا. تصريحات الناطق باسم الجبهة محمد المولود رمضان وتغطيات متقاطعة في وسائل مثل RFI ولو موند تشكك في روايات التوريد المباشر من دول ثالثة، لكنها تشرح في المقابل وجود جدل إقليمي ودولي حول جوانب معلوماتية وتقنية قد تكون مرتبطة بأطراف متعددة.
مصادر التسليح والمسيرات
قال رمضان إن المسيرات المستخدمة في ضربات دقيقة ضد مواقع الحكومة و«الفيلق الإفريقي» الروسي تصل عبر قنوات غير رسمية، ثم يخضع بعضها لتحسينات محلية لملائمة ظروف العمليات في تضاريس الشمال المالي. هذه المنصات توظف في عمليات استهداف تكتيكي في محاور مثل تينزواتين وكيدال، حيث تتيح ضربات قصيرة المدى ودقيقة التكلفة تغييرا في ديناميات الاشتباك التقليدي.
نفي الدعم الجزائري والفرنسي
نفى رمضان حصول الجبهة على دعم من الجزائر أو فرنسا أو دول إقليمية أخرى، مؤكدا أن موقف الجزائر ثابت وواضح ولا يقوم على "تغذية النزاع"، ومعتبرا أن اتهامات باماكو شملت طيفا واسعا من الدول كـ"هاجس مؤامرة". الإعلان يهدف جزئيا إلى نزع صفة "حرب بالوكالة" عن التمرد وإبراز طابعه المحلي.
أوكرانيا: بين اتهام وتحفظ
تشير تقارير إعلامية إلى اتصالات أو تبادل معلومات جزئي بين عناصر أزوادية ومصادر أوكرانية — لا سيما في إطار روايات تربط بعض الأدلة المعلوماتية بعد معارك بارزة مثل تينزواتين — لكن رمضان نفى تلقي معلومات استخباراتية أو إسناد تقني خارجي جوهري، مذكرا بمعرفة المقاتلين المحلية التفصيلية للمناطق القتالية. تحليل لو موند وRFI يظل متحفظا: بعض المسارات تشير إلى أدوار معلوماتية أو مساعدة تدريبية محدودة، وأخرى تؤكد الاعتماد على الشراء من السوق السوداء والتعديل المحلي.
العلاقة مع الجماعات الجهادية
نفى رمضان وجود تحالف ثابت مع التنظيمات الجهادية في الساحل مثل القاعدة أو داعش، مبرزا اختلاف الأهداف ونطاق الانتشار (الأزوادية تركز على الشمال)، ومع ذلك تعترف تقارير إخبارية بتحفظ بأنها لا تستبعد أشكال تواصل أو تعاون ظرفي في ميدان معقد لا حسم واضح فيه، ما يترك مسألة وجود "تنسيق ظرفي" مفتوحة أمام مزيد من التحقيقات.
أثر المسيرات على الميدان
توثق مصادر إعلامية أن دخول المسيرات غير مشهديات الاشتباك في نقاط مثل تينزواتين وليري وغوندام، حيث استفاد المتمردون من مرونة الضربات الخفيفة والدقيقة لزعزعة مواقع تضم عناصر روسية أو تشكيلات موالية لباماكو. هذا التطور يعكس تحولا نحو قتال منخفض التكلفة وعالي التأثير في الساحل، ويضع ضغطا مستمرا على منظومات الدفاع القصير والمتوسط لدى القوات الحكومية وحلفائها.
دلالات استراتيجية وإنسانية
استراتيجيا: محاولة الجبهة وبقية أطراف الشمال تثبيت سردية "الاستقلال التسليحي" تخفف من اتهامات الحرب بالوكالة وتصب في خانة الشرعية المحلية، مع إبقاء الباب مفتوحا أمام تأويلات عن أدوار معلوماتية خارجية غير معلنة.
أمنيا: استمرار توافر المكونات في "سوق رمادية" يعني إمكانية استمرار تطور قدرات الدرون، ما يستلزم تعزيز الدفاعات المضادة للمسيرات وحماية البنى التحتية الحيوية.
إنسانيا: تشيع ضربات الدرون وموجات القصف تبعات على المدنيين والبنى الخدمية، وتزيد هشاشة مناطق مكتظة بالنازحين.
إلى أين تتجه الأمور؟
يبقى مستقبل تأثير درون الأزواد رهينا بثلاثة عوامل رئيسية: إمكانية استمرار تدفق مكونات السوق السوداء، فاعلية نظم الدفاع المضاد للمسيرات لدى باماكو وحلفائها، ومدى تحول أي دعم معلوماتي خارجي إلى دعم مادي مباشر. حتى الآن تبدو تكتيكات "الإرباك والتشتيت" هي المرجح استمرارها، أكثر من معارك حسم واسعة، مع إمكانية تحول قدرات الدرون إلى عامل ترجيح استراتيجي إذا ما تزايدت كميا ونوعيا.
خلاصة: مقابلة جبهة تحرير أزواد تؤكد أن المسيرات جزء أساسي من تكتيكاتها الميدانية، وأن مصادرها غالبا "سوقية" مع تعديلات محلية، بينما تبقى مزاعم الدعم الخارجي (جزائري، فرنسي، أوكراني) محل جدل وتحقيقات معلوماتية وتحليلية دولية. استمرار هذه الديناميكية سيجبر الفاعلين الإقليميين والدوليين على إعادة تقييم سياسات الأمن والرقابة على تدفق مكونات الدرون في منطقة الساحل.