في ندوة المركز العربي :تشريح اقتصادي ..ثقافي.. سياسي لتنظيم داعش

الأربعاء 18/فبراير/2015 - 06:02 م
طباعة في ندوة المركز العربي
 
اعتمد تنظيم داعش على خلطة فكرية متطرفة، حيث أن فقه التقتيل يعتمد على  قياس خاطئ لحروب الردة التي حدثت في خلافة ابي بكر الصديق، ومن هذا القياس، يستنبط  داعش غالبية أحكامه الفقهية، في التعامل مع المسلمين باعتبارهم مرتدين، وبالتالى وجب عليهم التوبة أو القتل:

الدكتور أحمد بدوي
الدكتور أحمد بدوي أستاذ السوسيولوجي بالمركز العربي للدراسات
هذا ما استعرضته ندوة المركز العربي للبحوث والدراسات بمعرض الكتاب والتى جاءت تحت "مواجهة الإرهاب الدولي .. تشريح اقتصادي وثقافي وسياسي لتنظيم داعش"، وأكد الدكتور أحمد بدوي أستاذ السوسيولوجي بالمركز العربي للدراسات على أنه من خلال تحليل نشأت التنظيمات الارهابية  التى تقوم على أهداف سياسية، لمصلحة طائفة أو عرق أو مذهب تعاني في الأساس من التهميش أو الاستبعاد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. أنه لا بد من التفريق بين نوعين من هذه التنظيمات: 
الأول: يتوقف عن ممارسة العنف غير المشروع، بمجرد تحقق أهدافه، ويمكن أن ينخرط في الحياة السياسية والاجتماعية، وغالبا ما تتم هذه الخطوة عبر مفاوضات، يتنازل فيه التنظيم والدولة التي تضمه، كل منهما عن جزء من مطالبة، لمصلحة انجاز التحول والانتقال،  حدث ذلك في اسبانيا وايرلندا، وبلدان أخرى. الصراع هنا من أجل التعايش مع الآخر.
أما النوع الثاني، فتمثله حالة التنظيمات الارهابية الاسلاموية، فهذه التنظيمات تستهدف تغيير النظم الحاكمة تغييرا تاما والحلول محلها، الصراع بينها وبين النظم القائمة هو صراع وجود. تحت دعوى اقامة الدولة الاسلامية. 

النظم العربية هيئت المناخ لنموالتنظيمات الارهابية

النظم العربية هيئت
وشددت الندوة على أن  النظم السياسية العربية قد أسهمت في تهيئة المناخ المساعد على نمو هذه التنظيمات الارهابية، فقد ظلت هذه البلدان تتعاطي مع الديمقراطية بطريقة خالية من المضمون منزوعة الدسم، تسلط ونفعية وفساد دائما يجلس خلف باب الديمقراطية العربية. ودائما ما تكون الحركة الاجتماعية الديمقراطية، مقموعة من أجهزة الأمن، لم يستقم ظهرها في أي وقت ربما حتى اللحظة الراهنة وأن  تنظيم داعش  يعتمد على خلطة فكرية متطرفة، حيث نجد أن فقه التقتيل يعتمد قياس خاطئ لحروب الردة التي حدثت في خلافة ابي بكر الصديق، ومن هذا القياس، يستنبط  داعش غالبية أحكامه الفقهية، في التعامل مع المسلمين باعتبارهم مرتدين، وجب عليهم التوبة أو القتل وبالتالى نحن بإزاء تنظيم متمدد، يعتبر نفسه  في حرب مع العالم بأسره، لتأسيس الدولة الاسلامية، وبالتالي فإن مواطني هذه الدولة من كل الجنسيات، يقوم على خلطة فقهية، مزيج من فقه الردة والمودودية والقطبية، مستغلا التزمت الوهابي. وما يوفره من كوادر مستعدة للعمل في مثل هذه التنظيمات. يمارس على ارض أبشع انواع الممارسات التي لا تمت بصلة لأي نظام اخلاقي او ديني معروف ويخلف من وراءه مآسي اجتماعية، تحتاج الى عشرات السنين من اجل التخلص من أعراضها.
 وكشفت عن تواجد أربعة تشكيلات عسكرية، على الأرض السورية تحارب النظام الحاكم، وكل منها يدعي أنه صوت الثورة السورية، وهي: (1) الجيش الحر، الذي يضم معظم الكوادر المدنية التي أشعلت الثورة. (2) الجبهة الاسلامية (حركة احرار الشام، الوية صقور الشام، جيش الاسلام، لواء التوحيد) وهي في مجملها ذات اصول اخوانية. 
(3) جبهة النصرة: وهي ممثل القاعدة في سوريا، واليها يتم ضخ أموال المتبرعين من أثرياء الخليج.
 (4) الدولة الاسلامية داعش، وهي فصيل مارق من القاعدة، والذي تمكن من النمو السريع على حساب باقي التنظيمات. ولكل تنظيم من هذه التنظيمات قصة مختلفة، ومصادر تمويل خفية ومعلنة، وأجهزة مخابرات عاملة على الارض. 

تنظيم داعش رائد "الجهاد الإعلامي”

تنظيم داعش رائد الجهاد
و عرض د.شريف درويش اللبان وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة ورئيس وحدة الإعلام بالمركز العربي للبحوث ورقة بحثية بعنوان"الاستراتيجية الإعلامية والثقافية لمواجهة تنظيم داعش"، حيث ذكر أن تنظيم داعش يعتمد كثيراً على الإعلام ويسميه بـ "بالجهاد الإعلامي” في معركته مثل بقية أنواع “الجهاد” المتعددة، ويكثّف حملاته الإعلامية، التي فاقت تنظيم "القاعدة" وغيره من التنظيمات “الجهادية”، بكفاءة الإعلام وسرعة إيصال الرسائل ونوعية خطابه الإعلامي باستخدام التقنية الحديثة، رغم أنه يطلب من مجتمعاته العودة إلى الحياة الإسلامية في زمن الإسلام وتتمثل خطورة تنظيم داعش في أن معظم مقاتليه من الشباب الذين ولدوا في عصر الكمبيوتر والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، ويجيدون التعامل مع هذه الأدوات، وخاصةً أن بعضهم من مسلمي أوروبا والمهمشين فيها، والذين يريدون تقويض الحضارة الغربية بأدواتها التكنولوجية نفسها.
 وتابع قائلا "إننا أمام جيل جديد من الإرهابيين الذين يتسترون تحت عباءة الإسلام، وإذا صح التعبير فنحن أمام ظاهرة الإرهاب في عصر مابعد الحداثة، الذي لم يعد يعتمد على الأساليب التقليدية في الحشد والتجنيد وجذب المتعاطفين؛ مثل تلك الحناجر التي كانت تجأر لمناصرة المشروع الإسلامي على منابر المساجد وفي المليونيات القندهارية، وفيديوهات الجزيرة مباشر من تورا بورا بجبال وكهوف أفغانستان، حيث كان يقيم أسامة بن لادن ورفيقه محمد الظواهري وقبيلُهما و أن تنظيم داعش نجح في ضم الشباب للانضمام إليه في كل من العراق وسوريا، ليس فقط من بعض الدول العربية، وإنما أيضا من بعض الدول الآسيوية والأوربية، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب انجذاب بعض الشباب إلى التنظيم، إذ لم تعد تلك النوعية من التنظيمات تعتمد على استغلال الظروف الاقتصادية، والمشكلات الاجتماعية، وتدني مستوى التعليم لضم أعضاء جدد إليها فحسب، بل إنها طورت آليات جديدة لتحقيق ذلك، بشكل ربما يفرض تحديات ليست هينة أمام الدول التي ينضم بعض مواطنيها إلى هذه التنظيمات، خاصة بعد عودتهم المحتملة إليها من جديد.

في ندوة المركز العربي
وكشف عن أن آليات جذب تنظيم داعش للشباب للانضمام إلى صفوفه، تمثلت في جذب الشباب بالأدوات التكنولوجية الحديثة والألعاب الإلكترونية والملابس التي تحمل شعار التنظيم، وتطبيقات التليفون المحمول التي تروج له والأفلام الوثائقية، وتنشئة الأطفال على قيم الجهاد والقتال وتفجير النفس، وتوظيف آلية التجنيد الإلكتروني عبر مواقع الإنترنت والمنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي، علاوة على الدور الذي تماسه جماعة الإخوان في ضخ المتطوعين من الشباب إلى تركيا للتدريب ، ومن ثم يتم نقلهم إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف التنظيم.  
ووضع اللبان بعض الآليات التي يراها فاعلة في مواجهة الاستراتيجية الإعلامية لتنظيم داعش أهمها ضرورة تفكيك البنية الاتصالية والإعلامية للتنظيم، وعدم الوقوع في فخ الترويج الإعلامي له، وتبني استرتيجية للمواجهة الإلكترونية لتنظيم داعش من خلال تدشين مواقع إلكترونية لمواجهة فكر التنظيم وإطلاق "كتائب الحق" من الدعاة الشباب المستنيرين لمواجهة "كتائب الباطل" الداعشية على شبكات التواصل الاجتماعي، وإنشاء قنوات فضائية ومحطات إذاعية إسلامية بلغات مختلفة موجهة لأوربا لنشر الفكر الإسلامي الوسطي ومحاربة الفكر المتطرف، علاوة على التنسيق مع الدول الأوربية لإحلال الفكر الديني الوسطي محل نظيره المتطرف وخاصة في المراكز الإسلامية المنتشرة في تلك الدول.

إيرادات "الفدية" مصدر تمويل لداعش

إيرادات الفدية مصدر
وأكد  إبراهيم نوار رئيس وحدة البحوث الاقتصادية بالمركز العربى للبحوث والدراسات   فى ورقة بحثية بعنوان" الحرب على الإرهاب: إستراتيجية للإقتصاد " على أن  بداية القرن الواحد والعشرين  شكل تحول الإرهاب إلى ظاهرة عالمية عابرة للحدود. وعلى العكس من ظواهر العنف السياسي المنظم الذي ارتبط بحروب التحرير والتخلص من الإستعمار بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن الإرهاب يتميز بطابعه العشوائي كما يتميز بسيطرة الطابع الديني على برنامجه السياسي. ويقترب الإرهاب في القرن الحالي من أن يكون صفة لصيقة بالتطرف الديني الإسلامي وتمارسه جماعات وأفراد تحولوا من نظرية "الجهاد ضد الصليبيين والصهاينة" إلى نظرية "تكفير المجتمعات الإسلامية المعاصرة والعمل على هدم الدولة وإقامة دولة الخلافة الإسلامية". ونظرا لما في الإسلام من تنوع في المذاهب وفي التوجهات الفقهية، فإن التنظيمات المتطرفة لجأت إلى الإحتماء بفقهاء (مثل ابن تيمية) ونظريات فقهية (مثل دار الإسلام ودار الحرب" تبرر العنف والإرهاب وتوفر أساسا "شرعيا دينيا" لما يسمونه "العمليات الجهادية". وقد ساعدت هذه الروافد الفكرية التي تستند إليها الجماعات الإرهابية في تبرير وجودها على تحويل الإرهاب إلى "ظاهرة سياسية متوطنة" في العالم الإسلامي، وحيث توجد جماعات إسلامية في مجتمعات لا تدين أغلبيتها بالإسلام. 
في ندوة المركز العربي
وأكد على أن الموجة الأولى من التنظيمات الإرهابية، تلتها الموجة الثانية بعد حرب العراق الثانية في العام 2003. وقد بدأت هذه الموجة بوضع تبريرات فقهية وسياسية لعدم الإنخراط في العملية السياسية لإعادة بناء العراق بعد إسقاط صدام حسين. ووجدت جماعات من المسلمين السنة تبريرات عملية لهذا النهج في الرد على عمليات الإرهاب المسلح التي راحت ترعاها إيران في العراق بعد إسقاط صدام والتي كانت موجهة أساسا ضد رموز المسلمين السنة تحت غطاء تصفية قيادات حزب البعث. وتضمنت عمليات الإرهاب التي رعتها إيران في العراق وقامت بتنفيذها منظمات إيرانية (مثل الحرس الثوري الإيراني) أو تنظيمات مرتبطة به وتابعة له (مثل فيلق بدر العراقي) أو أفراد تابعين للجيش العراقي الذي أعيد تكوينه على أساس طائفي. وتسبب الإرهاب الذي تمارسه هذه الجماعات في نشوء نزعة طائفية مضادة، ترفض المشاركة في العملية السياسية وتميل إلى الرد على الإرهاب بالإرهاب المضاد. 
 وتابع وتشكلت في العراق جماعات تركز وجودها في بغداد وفي الإنبار وبعض المحافظات الأخرى ذات الأغلبية السنية أو التجمعات السنية الكبيرة (مثل أنصار السنة) تعمل على  قتال القوات الأمريكية والجماعات الإيرانية والمنظمات الطائفية الشيعية التي تمارس العنف والإرهاب. وبلغت هذه التشكيلات ذروتها الأولى بإعلان قيام تنظيم "القاعدة في أرض الرافدين" بقيادة الأردني أبو مصعب الزرقاوي الذي حصل على شرعيته من مبايعته لزعيم القاعدة أسامة بن لادن. وعلى الرغم من أن القبائل العربية السنية في العراق، واجهت هذا التنظيم  وتمكنت من تصفيته تقريبا بدون أي تأييد من الدولة، فإن الحكومة العراقية تجاهلت حقوق ومطالب هذه القبائل وقياداتها، مما أدى إلى تعزيز قوة "القاعدة في بلاد الرافدين" من جديد، في الوقت الذي وقفت فيه القبائل بعيدا عن الصراع نسبيا. ومع نمو الجماعات والتنظيمات الإرهابية (ذات الطابع السني) عاد نفوذها إلى الإنتشار بقوة، وخرجت على "القاعدة"، وأقامت تحالفات سياسية مع جماعات أخرى حتى وصل الأمر  إلى إعلان قيام "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) واحتلال الموصل في صيف العام 2014، فكانت هذه هي الذروة الثانية التي بلغتها التنظيمات الإرهابية في العراق بعد  ذروتها الأولى أيام الزرقاوي. 
وشدد على أنه بسبب تحول نشاط "داعش" من مجرد شن عمليات عسكرية أو أعمال عنف متقطعة في أنحاء متفرقة من البلاد، إلى إقامة قاعدة قيادية على الأرض، تتمركز فيها، وتجهز نفسها، وتحكم الناس تحت إمرتها، فقد أصبح داعش تنظيما جاذبا يجسد نموذجا للشعار الذي تجمع عليه كل الحركات الإسلامية المتطرفة تقريبا ألا وهو "دولة الخلافة" واصبح "أمير المؤمنين وخليفة المسلمين" أبو بكر البغدادي، وليس زعيم القاعدة أيمن الظواهري هو قبلة الحركات الإرهابية المتطرفة ذات الطابع الإسلامي في العالم، يبايعونه ويعلنون الولاء له ويأتمرون بأمره. واتخذا "الخليفة" لنفسه مقرا في مدينة الرقة السورية الواقعة تماما تحت سيطرة داعش. وتتولى إدارة دولة الخلافة في الرقة تسيير أمور الدولة سواء في بلاد العراق والشام أو في غيرها من البلدان التي أعلنت تنظيماتها الإرهابية أو بعضها الولاء لدولة أبوبكر البغدادي. وعلى هذا الأساس جرى إعلان قيام ولايات إسلامية في مناطق أخرى من العالم العربي. 

ورصد تمويل  وزارة الخزانة الأمريكية لإدارة الحرب الإقتصادية على داعش بالتنسيق مع البلدان الأخرى الأعضاء في التحالف وقد تم تحديد مصادر القوة الإقتصادية لداعش في القنوات التالية:
1-إيرادات تصدير النفط والمشتقات النفطية وهذه تتراوح بين 350 إلى 500 مليون دولار في السنة
2-إيرادات "الفدية" التي تحصل عليها داعش من المخطوفين، سواء كانوا أجانب أوغيرهم. وعلى الرغم من أن هناك قانونا يحظر على مواطني الدول المنضمة إلى اتفاقيات مكافحة الإرهاب دفع فدية للخاطفين، ألا أنه تم في حالات كثيرة دفع فدية تترواح بين 200 ألف دولار إلى 5 ملايين دولار في العملية الواحدة. ويقدر المراقبون أموال الفدية التي حصلت عليها داعش في النصف الثاني من العام 2014 بنحو 20 مليون دولار.
3-الأتاوات والرسوم التي تقوم إدارات داعش بتحصيلها من رعاياهم ومن التجارة العابرة من النقاط الحدودية المقامة على الحدود بين الدولة وبين غيرها (تركيا وسورية والعراق). وتفرض داعش رسوما بنسبة 10% على التجارة العابرة وعلى الأنشطة الإقتصادية المختلفة وكذلك على التحويلات والمعاملات المصرفية.
4-إيرادات بيع الآثار والوثائق التاريخية والأسلحة والذخائر التي لا تحتاجها داعش في حربها وبيع الممتلكات المنهوبة (الغنائم).
5-تبرعات الأثرياء والمراكز الإسلامية من كل أنحاء العالم بما في ذلك العالم العربي.
في ندوة المركز العربي
ويقدر بعض المراقبين الإيرادات السنوية لداعش بما يصل إلى 3 مليارات دولار، في حين تبلغ التقديرات الدنيا ما يترواح بين مليار إلى مليار ونصف المليار دولار. ولكن من الواضح أن داعش التي تمددت بسرعة صاروخية في النصف الثاني من العام 2014 لتحتل أراض من دولتين عربيتين هما العراق وسوريا تعادل ما يقرب من ثلث مساحة الدولتين لا تتمتع بقوة استراتيجية قادرة على البقاء. وقد برهنت عمليات تحرير "كوباني" في سورية و"بيجي" في العراق ومناطق أخرى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق يمكن بسهولة أن يكون مجرد فقاعة على الأرض تنفجر بسهولة وبسرعة كما نشأت.
وشدد على أن  العمليات الإرهابية في مصر قوتها من الدعم الدولي الذي يوفر غطاء سياسيا خارجيا للإرهاب ودعما ماديا ومعنويا. كذلك يستمد الإرهاب قوته من قوة التنظيم الدولي للإخوان ومن مراكز الدعم المنتشرة في عدد من الدول العربية خصوصا بواسطة الجمعيات والأفراد التي يرتبط بها الإخوان في بعض دول الخليج مثل قطر. غير إننا في كل الأحوال يجب أن نفرق بين إرهاب الإخوان الذي يستهدف الأفراد والمنشآت والمرافق مثل محطات وخطوط الكهرباء والسكك الحديد ووسائل النقل العام  وهو الإرهاب الذي يعم مصر كلها تقريبا، وبين إرهاب "أنصار بيت المقدس" الذي يتركز في سيناء والذي يستهدف مؤسسات وأفراد وقيادات الجيش والشرطة. ويهدف إرهاب الإخوان مباشرة إلى "إسقاط النظام السياسي" بينما يهدف إرهاب "أنصار بيت المقدس" إلى إقامة إمارة إسلامية في سيناء وفصلها عن مصر وان هناك اتفاق بين الخبراء وصناع السياسة على أن الحرب على الإرهاب يجب أن تقوم على أساس استراتيجية متعددة المحاور، أمنية وسياسية واقتصادية وفكرية وإعلامية ومعلوماتية. وعلى الجانب الإقتصادي فإن استراتيجية الحرب على الإرهاب تتضمن، تحدد عناصر قوة الخصم، وفرض حصار عليها، ثم تصفيتها تماما. ونظرا لأن تمويل الإرهاب لا يقتصر على مصادر محلية فقط، فإن استراتيجية الحرب الإقتصادية على الإرهاب تتضمن بالضرورة التعاون مع الدول المعنية على الصعيدين الإقليمي والعالمي ومع المنظمات الدولية المعنية بالحرب على الإرهاب. 
واختتم دراسته بالقول "إن الحرب الإقتصادية على الإرهاب تمثل ضرورة من ضرورات التنمية الإقتصادية والإجتماعية. وبدون الإنتصار على الإرهاب فسوف يستمر النزيف في الموارد والطاقات بما يخلق حالة متردية في كل نواحي الحياة. لكن يجب القول في الوقت نفسه إن تكاليف الحرب على الإرهاب يجب أن تتوزع بعدالة بين طبقات وفئات المجتمع، وألا تصبح الحرب على الإرهاب مبررا لاعتصار الفقراء ومحدودي الدخل". 

داعش علامة فارقة في تطور تنظيمات الإسلام السياسي

داعش علامة فارقة
وأكد د. يسري العزباوي  فى دراسته التى جاءت تحت عنوان "مقاربة بين الرؤية الدولية والعربية والدولية لمواجهة داعش" على أن  "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروف باسم "داعش"، والذي غير اسمه في يونيو 2102 إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، يمثل  علامة فارقة في تطور حركات وتنظيمات الإسلام السياسي، ولذلك فإن هناك حاجة لدارسته بشكل علمي معمق، لا سيما وأن معظم المنشور عنه باللغة العربية عبارة عن مقالات ومواد صحفية وإعلامية أو تقارير موجزة في بعض الدوريات وعلى مواقع بعض المؤسسات البحثية. ومما يضفي على دراسة التنظيم أهمية خاصة أنه يُعد حاليًا التنظيم الأكثر قوة من حيث القدرات والمعدات العسكرية، والتي استولى على جانب مهم منها من الجيشين العراقي والسوري، والأكثر ثراء من حيث الإمكانات المالية، والأكثر عولمة من حيث الخلفيات الاجتماعية لأعضائه، حيث يضم أعضاءً ينتمون إلى سوريا والعراق وعشرات الدول العربية والأجنبية بما في ذلك فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية واستراليا. كما استطاع التنظيم خلال عامي 2102 و 2102 توسيع دائرة نفوذه، حيث اقتطع مساحات واسعة وصلت إلى نحو ثلث كل من سوريا والعراق، وأعلن قيام ما اعتبره دولة الخلافة الإسلامية عليها، ونصب زعيمه أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين. وارتكب التنظيم الكثير من العمليات البربرية والهمجية ضد السكان المحليين وبعض المواطنين الغربيين الذين ذُبحوا على الهواء بدم بارد وشهدت منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة نموًا لافتًا للنظر في عدد ونوعية الجماعات المتطرفة والتي باتت تهدد بنية الدولة الوطنية، والتي سارع البعض منها في إعلان مشروعه المتطرف بإقامة الخلافة متجاوزًا في ذلك الحدود الوطنية المتعارف عليها في العصر الحديث. 
 وكشف عن أن  تحديد المسؤولية عن أعمال الإرهاب الدولي، فإن النظام القانوني الدولي يتكون من مجموعة من القواعد والمبادئ القانونية التي تحدد حقوق وواجبات الدول وتنظم سلوكها. أما عن المواثيق الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، فمنذ بداية القرن العشرين انشغل العالم بإعداد المواثيق لمكافحة الإرهاب وصاغ الاتفاقيات الدولية المعنية بذلك. وتتميز اتفاقية جنيف بأنها تتناول بالتحديد مجموعة الأفعال المكونة للإرهاب، والتي تشكل جرائم معاقَبًا عليها طبقًا لنصوصها كما توضح الاتفاقية هذه الجريمة والتدابير الوقائية والإجراءات الجنائية لمنع الإرهاب ومعاقبة مرتكبيه. ولم تدخل اتفاقية جنيف حيز التنفيذ بسبب عدم التصديق عليها من جانب الدول الموقِّعة ولم يصدَّق عليها إلا دولة واحدة هي الهند، ومع ذلك فالاتفاقية تعد أول محاولة جادة لمعالجة ظاهرة الإرهاب على المستوى الدولي. ثم هناك الاتفاقية الأوروبية لقمع الإرهاب، والاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن الموقَّعة في نيويورك. وهناك أيضًا الاتفاقية المتعلقة بقمع التدخل غير المشروع في خدمات الطيران المدني الدولي بعد أن تزايدت أعمال العنف ضد الطيران المدني.  

في ندوة المركز العربي
وكشف عن أن إن هناك عدة قضايا وإشكاليات يمكن التركيز عليها عند دراسة تنظيم "داعش" تتمثل فيما يلى 
1- قدرة التنظيم على استقطاب وتجنيد أعداد كبيرة من شباب بعض الدول الغربية في صفوفه، والوسائل التي يستخدمها من أجل تحقيق ذلك. وإذا كان انخراط فئات من الشباب الذين ينتمون إلى عديد من الدول العربية في صفوف "داعش" أمرًا يسهل فهمه، فالسؤال المهم هنا هو: ما الذى يدفع مراهقين وشبابًا يعيشون في مجتمعات غربية يُفترض أنها تتمتع بالحرية والديمقراطية والتنمية بالانضمام إلى تنظيم متطرف يمارس العنف والإرهاب مثل "داعش"؟ وما الخلفيات الاجتماعية للمعنيين؟ وما أساليب التجنيد التي يعتمد عليها التنظيم؟ وكيف يوظف الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في هذا المجال؟
2- العوامل الجوهرية التي تقف خلف سرعة تمدد التنظيم في كل من سوريا والعراق. وهنا لا بد من أخذ الإطار السياسي والاجتماعي بعين الاعتبار، حيث تمدد التنظيم في دولتين تعانيان من عجز السلطة المركزية وعدم قدرتها على فرض سيطرتها على إقليم الدولة، فضلًا عن ارتباط الصراع داخل كل منها بأبعاد طائفية ومذهبية، استغلها التنظيم في توسيع دائرة حاضنته الاجتماعية المحلية وبخاصة في العراق، حيث عانى السنة كثيرًا من جراء السياسات الطائفية التي انتهجتها الحكومة العراقية السابقة (حكومة المالكي)، والتي قامت على أساس تهميش السنة وإقصائهم.
3- مصادر تمويل تنظيم "داعش" وتسليحه، والتي جعلته الأكثر ثراءً، والأكثر قوة وتسليحًا مقارنة بالتنظيمات الجهادية الأخرى، الأمر الذي مكنه من أن يخوض منذ أغسطس 2102 حربًا على جبهتين في سوريا والعراق، وهى حرب ينخرط فيها تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. وإذا كانت بعض المقالات والتقارير تشير إلى انخراط التنظيم من بيع كميات من النفط في السوق السوداء، وهو نفط مستخرج من حقول تقع ضمن الأراضي التي سيطر عليها في كل من سوريا والعراق، وقيامه بفرض ضرائب على السكان المحليين، والحصول على مبالغ مالية كفدية مقابل إطلاق سراح رهائن مختطفين، ونهب بعض المصارف في الموصل وغيرها، فصلًا عن سيطرته على كميات كبيرة من الأسلحة التي خلفتها وحدات الجيش العراقي التي غادرت مواقعها على إثر تقدم "داعش" في الموصل ومناطق عراقية أخرى في يونيو 2102، إذا كانت مقالات وتقارير تشير إلى كل ذلك وغيره، فإن هناك حاجة للتعمق في بحث مسألة تمويل تنظيم "داعش" وتسليحه استنادًا إلى معلومات دقيقة وموثقة. 
4- مستقبل التنظيم في ضوء الحرب التي يشنها ضده التحالف الدولي، وهى حرب ستكون طويلة وستشهد تقدمًا وانتكاسات حسب تقديرات الإدارة الأمريكية وغيرها. كما أن هناك قناعة راسخة مفادها أن الضربات الجوية لا تكفي بمفردها للقضاء على التنظيم. لكن التحدي الأكبر هنا يتمثل في أن الحل العسكري قد يقضي في نهاية المطاف على القدرات العسكرية لتنظيم "داعش"، وقد يؤدي إلى القضاء على عدد كبير من قياداته وأعضائه، إلا أنه لا يكفى للقضاء على الأفكار التي يتبناها التنظيم، والبيئات الاجتماعية والسياسية التي سمحت له بالتمدد والانتشار، لأن ذلك يحتاج إلى إستراتيجيات أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية وإعلامية. ولا بد من أن نأخذ بعين الاعتبار درس خبرة الحرب على الإرهاب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها الكثير من دول العالم، في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حيث إنها لم تقض على تنظيم القاعدة، الذي تحول إلى شبكة، كما أنها لم تضع نهاية لحركة طالبان أفغانستان، التي باتت تشكل رقمًا صعبًا، وتحديًا كبيرا للنظام الحاكم في كابول.

تحالف الدول العربية كلمة سر القضاء على داعش

وأستعرض دور الدول العربية في مواجهة داعش حيث شاركت السعودية والإمارات في طليعة الدول ضد تنظيم "داعش" بين دول الخليج وأنه يمكن أن تحصل واشنطن على مساعدة من البحرين مقر الأسطول الأمريكي الخامس والكويت التي تقدم تسهيلات عسكرية للولايات المتحدة وقطر التي تضع قاعدة العديد الجوية تحت تصرف الأمريكيين كما أنها تضم مقر القيادة الوسطى العسكرية الأمريكية المكلفة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. إلا أن موقف قطر لا يزال غير واضح، إذ يشتبه الغرب في أن الدوحة تمول المجموعات المتطرفة وتعهدت دول الجامعة العربية أيضا بمكافحة الإرهاب وتنظيم "داعش" على المستوى "السياسي والأمني والأيديولوجي"، إلا أن عدد الدول العربية التي أفصحت عن حجم مشاركتها كان محدودا.
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية أعربت السعودية عن استعدادها لمنح 500 مليون دولار للمفوضية العليا للاجئين. وكان مفتي السعودية أكد أن تنظيم "داعش" هو "العدو الأول للإسلام". أما الكويت فقد أكدت على تقديمها لعشرة ملايين دولار من المساعدات الإنسانية ويضاف إلى ذلك التعاون الأمني والاستخباراتي بين بعض الدول العربية مثل مصر على سبيل المثال وبين التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. 
ولكن المشكلة الأساسية تتمثل في أن أغلب الدول العربية لديها يقين بأن الولايات المتحدة غير جادة في محاربة الإرهاب، في ظل مشروعات كثيرة لتفتيت المنطقة. فمن الوهلة الأولى نستطيع الجزم بأن كونداليزا رايس، والتي بشرتنا بمشروع "الشرق الوسط الجديد" في مطلع عام 2005 عبر نشر "الفوضى الخلاقةCreative Chaos "، قرأت وبعناية فائقة مؤلفات "ميكافيللي"، الذي يُعرف السياسة بأنها: "فن الخداع والغش"، ويؤكد في كتابه "الأمير" أن "الشجاعة تُنتج السلم والسلم يُنتج الراحة والراحة يتبعها فوضى والفوضى تؤدي إلى الخراب، ومن الفوضى ينشأ النظام والنظام يقود إلى الشجاعة" .
ومن الأهمية بمكان هنا التذكرة بأن الكونجرس الأمريكي قد وافق بالإجماع في عام 1983على مشروع صاغه المستشرق البريطاني الأصل الأمريكي الجنسية، اليهودي الديانة الصهيوني الانتماء، "برنارد لويس" والذي أُطلق عليه اسم "حدود الدمBlood Borders " ويهدف إلى تقسيم وتفتيت الدول العربية والإسلامية إلى دويلات على أساس ديني ومذهبي وطائفي. 

وعلى الرغم من وجود مشروعات أخرى مماثلة خرجت من الكيان الصهيوني ذاته، فإن مصطلح الفوضى الخلاقة لم يطفو على السطح إلا بعد الغزو الأمريكي للعراق الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش الابن، في تصريح لوزيرة خارجيته كوندوليزا رايس، حيث انتشرت بعض فرق الموت والأعمال التخريبية التي اتهمت بأنها مسيسة من قبل الجيش الأمريكي وبعض المليشيات المسلحة التي تؤمن بأن الخلاص سيكون لدى ظهور المهدي المنتظر والذي سوف يظهر بعد حالة من انعدام الأمن والنظام، والذي بشر بها من قبل فيلسوفهم ميكافيللي. 
وكشف عن ك ثلاث سيناريوهات للفوضى الخلاقة في منطقتنا العربية، تقع جميعًا على خط مستقيم، واثنان منهما على طرفي نقيض تتمثل فيما يلى  
السيناريو الأول، وهو الأكثر تفاؤلًا، ويتمثل في إفشال المخطط الفوضوي في المنطقة، ويتحقق هذا السيناريو عندما تنجح الأنظمة العربية في تحقيق المحددات والعوامل سالفة الذكر، وحينئذ يحدث نوع من اللحمة العربية العربية. واللافت للنظر أنه كانت هناك خطوة جادة في تحقيق هذا الهدف يقودها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد اللـه بن عبد العزيز آل سعود، رحمه اللـه، لمحاولة تنقية الأجواء الصراعية العربية صوب التوفق ونبذ الخلافات بين الدول الخليجية وقطر وبين قطر والقاهرة، وهو ما رحبت به مؤسسة الرئاسة المصرية وقتها من أجل تحقيق الإجماع والتوافق العربي العربي.
السيناريو الثاني، وهو بقاء الحال كما هي عليه، محاولات خارجية لتفكيك وهدم بنية الدولة العربية، ومحاولات عربية للحفاظ على ما تبقى منها متماسكًا. واللافت للنظر أن هذا السيناريو هو ما تعيش فيه أغلب الدول عامة ودول الربيع العربي خاصة، بعدما نجح البعض في تعديل مسار الثورات العربية والانحراف بها عن أهدافها الرئيسة في إقامة العدالة الإنسانية وتحقيق الكرامة من خلال محاربة الفساد الإداري والسياسي الذي شهدته بلدان الربيع العربي. 
السيناريو الثالث، وهو الأكثر تشاؤمًا، ويتمثل في نجاح مخطط الفوضوي، وحينئذ لن تكون هناك دولة عربية موحدة، وهو ما سيؤدى إلى تفتيت ما هو مفتت وتجزئة ما هو مجزأ من الدول العربية. 
 وأعتبر أن هناك فجوة كبيرة بين الرؤية العربية والغربية لمواجهة الإرهاب عامة وداعش خاصة تتمثل فيما يلي:
1-تعريف الإرهاب: أسهم نكوص المجتمع الدولي من إيجاد تعريف للإرهاب في المزيد من الالتباس والإبهام، رغم وجود ما يزيد على 12 اتفاقية وتصريح دولي صادرة عن الأمم المتحدة منذ العام 1963 بشأن الإرهاب الدولي، وكذلك في الاستمرار بسياسات الكيل بمكيالين والازدواجية في التعامل والانتقائية في المعايير خصوصًا بدمغ المقاومة المشروعة بالإرهاب. 
ولهذا السبب فإن القوى المتحكمّة بالساحة الدولية في الوقت الذي تسارع فيه لإدانة الأعمال الإرهابية الفردية، أو التي تقوم بها جماعات مسلحة، لكنها تشجع وتحمي إرهاب الدولة الجماعي بما فيه احتلال الأراضي وانتهاك حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والتجاوز على اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام ،197 وقواعد القانون الدولي الإنساني، وتجد "مبررات" أو "مسوّغات" لذلك، لكنها ترفض هذه المبررات أو المسوّغات لغيرها!
وحسب هذا المنطق: فإن مقاومة الفلسطينيين الذين يريدون استعادة وطنهم وحقهم، إنما هو إرهاب أشرار، وهو إرهاب مذموم، أما بناء جدار الفصل العنصري والمستوطنات والإبادات الجماعية وإجلاء السكان من جانب إسرائيل في الضفة والقطاع، فهو إرهاب أخيار يستحق الإعجاب وهو إرهاب محمود، طالما تقوم به إسرائيل "دفاعًا عن النفس" ضد الآخر، الفلسطيني سواءًا كان على مستوى جماعي أو على المستوى الفردي. لعل الأول هو إرهاب فقراء أما الثاني فقد يكون إرهاب أغنياء! 

الإرهاب والديمقراطية
2-الإرهاب والديمقراطية: ساهمت أحداث 11 سبتمبر في تفاقم النتائج السلبية الخطيرة للسياسة الازدواجية، التي تمارسها الولايات المتحدة ومواقفها الانتقائية إزاء القضايا العربية والإسلامية، خصوصًا لجهة الادعاءات بشأن ربيع الديمقراطية ونعيم الحرية، الذي لا ينتظر العراق وحده بل دول المنطقة، ففي حين أبدت الولايات المتحدة ارتياحها لنتائج " الانتخابات" التشريعية التي جرت في 15 ديسمبر2005 في العراق، رغم استمرار الانفلات الأمني والتقاسم الوظيفي المذهبي والإثني، ورغم الكثير من الملاحظات والتحفظات، التي تنتقص من "شرعيتها"، تلك التي أبدتها جهات دولية محايدة، ولكنها في الوقت نفسه تشكك بنتائج الانتخابات التي أفرزت فوز "حركة حماس" (مطلع العام 2006)، رغم أنّها باعتراف منظمات دولية محايدة أيضًا، كانت أقّل انتخابات المنطقة من حيث التجاوزات والخروقات، وتصرّ الولايات المتحدة على ضرورة تخلي "حماس" عن برامجها والاعتراف بإسرائيل.
3-نطاق والفترة الزمنية للحرب على داعش، ففي الوقت الذي ترى فيه بعض الدول العربية ضرورة أن تمتد الحرب على الإرهاب إلى كل من ليبيا ومالي وبوكو حرام في نيجيريا تقتصر الولايات المتحدة على رؤيتها على مواجهة داعش في سوريا والعراق، والتي سوف تستغرق من الوقت خمس سنوات، مما يفتح الباب على مصراعيه للتساؤلات عن مدى جدية الولايات المتحدة في مواجهة داعش وغيرها من من الجماعات المتطرفة على مستوى العالم.
4- طرق مواجهة الإرهاب، ترى بعض الدول العربية، منها مصر على وجهة التحديد، ترى أن الخيار العسكري ليس كافيًا فقط، وأنه لا بد من مقاربة ومواجهة فكرية وثقافية واجتماعية لاجتثاث الإرهاب. فضلا عن أولًا، التنسيق الدولي لتضييق الخناق على تمويل الجماعات الإرهابية وملاحقة مموليها. ثانيًا، إحداث تنمية اقتصادية وسياسية حقيقية في تلك البلدان التي تشكل أرضًا خصبة لنمو مثل تلك الجماعات التكفيرية. ثالثًا، التنسيق معلوماتيًا وعسكريًا، مع الجماعات المحلية والوطنية في تلك البلدان التي يوجد فيها تكفيريون. رابعًا، المواجهة الثقافية الدينية، وتفعيل مبادرة الأمين العام السابق لحوار الحضارات والأديان. وهنا، يمكن أن تلعب المؤسسات الدينية والثقافية مثل الأزهر الشريف والفاتيكان والمرجعيات الدينية في النجف وقُم دورًا مهمًا، لانتشال مئات الشباب من الأفكار التكفيرية والجهادية. وأخيرًا، تفعيل أجهزة الأمم المتحدة المعنية بمحاربة الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية والفقر والتنمية، ليس في منطقة الشرق الوسط فقط، لكن في إفريقيا وغيرها من قارات العالم أيضًا، بما في ذلك مواجهة محاولات التطهير العرقي التي مورست في بعض البلدان الآسيوية ضد الأقليات المسلمة.
 وأختتم د. العزباوي بتلخيص الحلول المقترحة لمكافحة الإرهاب في:
 تبادل المعلومات الاستخبارية بين كل الوكالات والهيئات العاملة في الأقاليم على الساحة العالمية، تنسيق إستراتيجيات وتكتيكات مكافحة الإرهاب العالمي، وضع الاستنتاجات الدقيقة حول حقيقة البيئات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية التي تنبثق عنها عناصر الإرهاب، والأفكار الإرهابية المتشددة، التركيز على أهمية تحييد واستيعاب المنظمات الإرهابية، وفتح قنوات الاتصال معها لمعرفة حقيقتها ودوافعها ومعتقداتها، وإنشاء وتأسيس وحدات وقوات الرد الفوري السريع العسكرية – الأمنية  المشتركة على مستوى الدول على الساحة العالمية  ويمكن القول أن الإجراءات الأمنية لمكافحة الإرهاب، تشكل أهم وأكبر التحديات لكل دول العالم في الحاضر والمستقبل، وهي ما زالت بحاجة دائمة ومتواصلة لمسح ومتابعة وتقييم التهديدات الإرهابية عن كثب، والعمل على إحباطها والرد عليها بحزم وقوة، مع ضرورة استيعاب وتفهم كافة العوامل البشرية والإنسانية المحركة والدافعة للعناصر الإرهابية المتحمسة، للقيام بمثل تلك الأعمال التدميرية اللا إنسانية.

شارك