الواقع الكنسي رؤية وشهادة واستنارة ومصطلحات

الأربعاء 17/يونيو/2015 - 05:40 م
طباعة الواقع الكنسي رؤية
 
اسم الكتاب – قراءة في واقعنا الكنسي 
الكاتب – كمال زاخر موسي
الناشر – المؤلف- 2015
الواقع الكنسي رؤية
هذا الكتاب ما زال في مرحلة الطباعة وهناك حالة اشتياق كبري من الاقباط وانتظار ولهفة حقيقية لكل سطوره لأن كاتبه مفكر كبير يحمل هم الوطن والكنيسة في ضفيرة واحدة. ولأن قلمه كمشرط جراح ماهر لا يفرق بين الاثنين فالكل في حاجة إلى رؤيته لهذا الواقع المضطرب الذي تمر به الكنيسة، ويمر به الوطن لذلك اقتنصنا هذه السطور من كتابه الذي لم يصدر بعد. لنبل بها ريقنا المشتاق إلى نقطة من ضوء تنويره في دهليزنا المظلم حتى يصدر الكتاب. 
وعن الكتابة يقول كمال زاخر في مقدمة الكتاب إنها حالة قبل أن تكون فعلاً؛ لذا فهي تفاعل يتطور مع متغيراتها، لا تتلون إنما تتشكل، ولو قدر لكاتب أن يعيد كتابة ما سبق وكتبه لجاء الناتج مختلفاً بقدر تطور ونضوج رؤيته.
وبين الكتابة والقراءة يتولد الحوار، اختلافاً واتفاقاً، فتتدعم مسارات التنوير، تستنير الأذهان وتنحسر المساحات المعتمة فيها، 
ونخرج من نقطة الـ (أنا) إلى دوائر الـ (نحن).. 
نقبل الاختلاف ونتبادل الرؤى.. 
نرتقي بالشارع ونعمق مفاهيم التكامل والتلاقي والقبول المتبادل.. 
ونجدد أذهاننا فنرتقى بحياتنا.. 
ولا تأسرنا فكرة عابرة أو يسيطر علينا تيار أو ننحاز لشخص، له أو عليه، فنخرج إلى النهار..
وبين أصدقاء الواقع وأصدقاء العالم الافتراضي تشكلت الكلمات وتواصلت الكتابة، بينما تشدو "ماجدة الرومي" بواحدة من إبداعات نزار قباني.. كانت تتساقط بعض كلماتها على أوراقي..
كلمات ليست كالكلمات..
تتساقط زخات زخات..
تحملني لمساء وردي الشرفات..
كلمات تقلب تاريخي..
تبني لي قصراً من وهم 
لا أسكن فيه سوى لحظات.. وأعود..
أعود لطاولتي لا شيء معي..إلا كلمات. 
ما الذي تغير في الصور؟
وقفتُ كثيراً في رحلتي التي تجاوزت ستة عقود ونصف أمام صور مدبري الكنيسة حتى منتصف القرن العشرين، من أساقفة وبطاركة، تكاد صورُهم تنطقُ بشخصياتهم، لكنهم اتفقوا في أن يداً تحملُ الكتابَ المقدس والأخرى تحملُ الصليب، كانت الرسالة واضحة، إنها مسئولية التعليم واحتمال الألم ومشقة الرعاية، ليقفز أمامي الآن تساؤل، لماذا اختفى الكتابُ في الصور المعاصرة المثيلة لتحلَّ محله العصا؟!

صراع الكهنة والشعب 
لم تكن الأزمة مجرد صراع بين الإكليروس والعلمانيين (المقصود هنا بالاكليروس رجال الدين أي الكهنة والعلمانيين، أي باقي الشعب من غير رجال الدين)، كما يذهب البعض من المحللين، وإنما هي منتج طبيعي لتراجع المنهج الأرثوذكسي (كلمة يونانية تعني "مستقيمو الرأي") عند كل الأطراف، هذا الصراع أفسح مكاناً للرؤى الغريبة عن السياق الكنسي، فغابت مفاهيم السلطان الروحي ليتحول إلى سلطة، وغابت الثقة بين الأطراف ليحل محلها التربص والشكوك، وصارت القضية من يخضع لمن؛ ليتوارى مفهوم الجسد الواحد والتكامل الذي يمثل حجر الزاوية في المفهوم الأرثوذكسي، بحسب الآباء، وتتعمق الأزمة مع التجريف الذي أصاب منظومة القيم داخل وخارج الكنيسة، واختلالات التعليم داخل منظومات التنشئة الكنسية.
الكنيسة بحاجة إلى مواجهة واقعها بشيء من المصارحة، وامتلاك الإرادة على تسمية الأمور بأسمائها، وإعادة المنهج الأرثوذكسي بصرامة في ضبط المفاهيم والمصطلحات، والقواعد الآبائية المنظمة لدور كل مكونات الكنيسة البشرية، تأسيساً على قاعدة التكامل بين أعضاء الجسد الواحد.
الكنيسة بحاجة إلى هيكلة الإدارة المالية وفق القواعد العلمية وتطورات علوم الإدارة، لأسباب عديدة منها إحكام وضبط وترشيد الموارد على اختلافها، تقليل دور العامل البشري الذاتي في مسارات الإنفاق، تأسيساً على وجود قواعد محددة تحكم وتحدد قنوات الصرف. 
وتقلل الفاقد الناتج عن غياب الخبرة، وتوفرُ الشفافية وآليات المراجعة المتقدمة، والفصل بين ما هو عام وما هو شخصي، على كل مستويات الهرم الخدمي، ( تبدأ بالبطريرك قمة الهرم ثم الأساقفة والكهنة والشمامسة)، وتحديد صلاحيات الصرف ومستوياتها، وغيرها من قواعد ومحددات وآليات حاكمة. ونحن نتناول شأناً إنسانيًّا بشريًّا، وفي مناخ يئن من غياب كثير من القيم والمفاهيم الرهبانية والكنسية المنضبطة، علينا أن ندرك أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وهو ما أدركته كنيسة الرسل والآباء فوضعت لنفسها منظومة قوانين عامة ومجردة وملزمة، في واحد من أهدافها. 

"أنسنة الأسقف" 
إن غياب أو محاصرة وتقليص وتهميش الدور العلماني، في مقابل إطلاق يد الإكليروس، يخل بتدبير الكنيسة وفق المفهوم الآبائي والكتابي، ويؤدي إلى متاعب لا قبل للكنيسة بها، والواقع يشهد بذلك، ويخلق نسق المركزية التي تنتهي إلى غياب البعد المؤسسي، بالمخالفة لما وصلت إليه الدراسات المتقدمة لعلوم الإدارة، ومن جانب آخر تؤكد على غياب استيعاب المفاهيم الكنسية التي تستثمر التنوع والتعدد فيها لحساب هدفها الذي وجدت من أجله، وفق المحددات التي جاءت في الآيات التي صدّرنا بها الكلام عن الأبوة وإدارة الأموال.
المصطلحات 
ملحق بعض مصطلحات كنسية (عرض موجز عن كتاب معجم المصطلحات الكنسية للراهب القس اثناسيوس المقاري)

أبصلمودية:
من الكلمة اليونانية (بصالموس) أي مزمور أو نشيد، وهو كتاب التسبحة اليومية، يتلى كل أيام السنة، أو كتاب التسبحة الكيهكية ـ يقرأ في شهر كيهك بحسب التقويم القبطي ـ ويضم بجوار المزامير أشعاراً موزونة قبطياً ومقفاة صوتياً كالشعر، لتمجيد الرب أو العذراء أو القديسين، وغالباً ما تكون مرتبة على الحروف الهجائية وتسمى (أبصالية).
أجبية:
معربة عن اللفظة القبطية (آجب) أي ساعة أو زمن، لتشير إلى كتاب "صلوات السواعي" الذي يضم السبع صلوات الليلية والنهارية، والأجبية في الكنيسة القبطية تحوي 77 مزموراً، موزعة على الساعات السبع، مع فصول من الأناجيل، وصلوات قصيرة، تسمى "قِطَع"، ثم صلوات ختامية آخر كل ساعة.
أرثوذكس :
تعريب للكلمة اليونانية (أرثوذكسوس) أي مستقيم الرأي، والإيمان الأرثوذكسي هو إيمان الكنيسة الجامعة قبل الانشقاق، وهم شعب الكنيسة الشرقية بعد أن انفصلت الكنيستين الشرقية والغربية عن بعضهما نهائيًّا في مارس 1054م.
أنبا: 
هي ترجمة للكلمة القبطية (أبا) بتفخيم الباء دون تشديدها، وتعني الأب، وهو لقب اختص في الكنيسة القبطية بالآباء الأساقفة، ومشاهير النساك الأوائل الذين أسسوا الحياة الرهبانية أو أثروها بسيرتهم الصالحة، حتى ولو لم يحملوا أية درجة كهنوتية، والعلمانيون الأتقياء يُدعَون أيضاً في الليتورجية القبطية (آباء) وهم الأراخنة أي مقدمو الشعب.
إفخارستيا:
كلمة يونانية وتعني (الشكر)، لأن الفعل الأساسي الذي قدمه المسيح للآب في يوم تأسيسه لهذا السر ليلة خميس العهد هو الشكر، وأيضاً لأن هذا السر المقدس هو أعظم تعبير عن الشكر تقدمه الكنيسة للمسيح له المجد.
وتشير الكلمة إلى سر التناول، الذبيحة غير الدموية، وهي ليست مجرد تذكار لذبيحة الصليب، ولكنها استحضار فعلي وسري بآن لفعل موت المسيح الذي ماته مرَّة واحدة على الصليب؛ لأن موت المسيح كونه عملاً إلهياً، فقد تخطى الزمان والمكان ليحتوي فيه كل زمان وكل مكان.

باترولوجي:
هو علم دراسة أقوال آباء الكنيسة وكتاباتهم، وتحقيقها ونشرها وترجمتها إلى اللغات الحديثة الحية، سواء دونوها بأنفسهم، أو نقلاً عن أبنائهم الروحيين، الذين سجلوا أقوالهم لنفعهم الخاص، أو نقله إلينا الرَّحَّالة خلال مناظراتهم وحواراتهم معهم.
وآباء الكنيسة الذين يعني بهم هذا العلم، هم المشهود لهم بالعلم الكنسي العميق، وصحة الإيمان، واستقامة السيرة.
وتقنين صحة التعليم منوط بالمجامع الكنسية، وكنيستنا الأرثوذكسية لا تؤمن بعصمة الآباء بصفتهم الشخصية، ولا تلتزم بآرائهم الشخصية بعيداً عن روح الإنجيل والتقليد الكنسي الحي.
أما فئات هؤلاء الآباء فهي:
ـ الآباء الرسوليون؛ الذين تتلمذوا على الآباء الرسل القديسين، أو على أحد تلاميذهم المعاصرين لهم.
ـ الآباء المدافعون: الذين تصدوا بحججهم وإثباتاتهم لمهاجمات الوثنيين، أو للهرطقات والبدع بامتداد تاريخ الكنيسة.
ـ الآباء الملهَمون: الذين أثروا حياة الكنيسة الليتورجية أو الإيمانية أو الروحية أو التاريخية بمؤلفاتهم أو عظاتهم أو أقوالهم التي دونها تلاميذهم في حياتهم أو بعد انتقالهم.

شارك