بعد عام على وصم داعش لهم بحرف النون.. المسيحيون يرفضون لقب النصارى

الخميس 16/يوليو/2015 - 03:09 م
طباعة بعد عام على وصم داعش
 
في مثل هذه الأيام من العام الماضي ابتكر تنظيم "داعش" الإرهابي وصم حرف (ن) ليكون رمز ودلالة على بيوت وعقارات وكنائس المسيحيين التي سيطر عليها في العراق. جاء ذلك كخطوة متواكبة من التنظيم مع تهجير المسيحيين من مدينة الموصل لأول مرة منذ دخول المسيحية للعراق، في القرن الأول الميلادي، ويدل حرف النون من قبيل التنظيم اختصارًا (لنصارى)، كما تعد كختم من التنظيم على أن هذه العقارات أصبحت تابعة وملك للخلافة. 

الجرد

الجرد
وبدأت عمليات جرد منازل المسيحيين ووسمها بحرف النون في الرابع عشر من يوليو عام 2014، وانطلقت العمليات من إحياء السكر والبلديات والكفاءات بالجانب الأيسر من المدينة، خصوصًا وأن تلك الأحياء كانت ذات كثافة مسيحية، مُقارنةً بالأحياء الأخرى، ثم انتقلت في اليوم التالي تلك العملية لتشمل حي العربي، والذي يضم أيضًا إلى جانب منازل المسيحيين دير مار كوركيس ودير النصر للراهبات، وكانت عناصر التنظيم إضافة إلى قيامها بوضع عبارة عقارات الدولة الإسلامية وحرف النون على تلك البيوت تطرق أبواب هذه المنازل لتضيف إليها عبارة ساكن نسبة لمشغولية تلك المنازل، أو خلوها من الساكنين بعد النزوح الأكبر الذي تزامن مع دخول التنظيم للمدينة في العاشر من يونيو من العام 2014، وكانت تلك العناصر تستعلم عن معلومات خاصة بالعوائل المسيحية تحدد فيها وظيفة رب العائلة وعدد الأفراد .
وسبقت تلك العملية قيام عناصر التنظيم بإبلاغ وكلاء الحصة التموينية بحجب الحصص الموزعة على العائلات المسيحية، والإبقاء على العائلات المسلمة كإشارة لطرد تلك العائلات فيما بعد ..
أما تلميحات داعش الأولى تجاه المسيحيين، والتي أعقبت سيطرته على المدينة فكانت تدميره لتمثال سيدة دجلة المطل على نهر دجلة– تمثال العذراء مريم- والقريب من كنيسة الدير الأعلى ثم استباحته للكنائس والأديرة وإبقاء عناصر التنظيم فيها لتهيئتها كمقرات لهم، إضافةً لعدد كبير من المنازل الخاصة بالمسيحيين ممن تركوا المدينة، ومن ثم أعقب تلك الأعمال قيامه باختطاف راهبتين ومجموعة من الأيتام في نهاية شهر يونيو حتى إطلاقهما في 14 يوليو عام 2014، وكانت تلك العملية بإمارة عنصر داعشي سوري الجنسية، وكانت الغاية منها الضغط لغرض استقطاب رجال الدين من رؤساء الطوائف المسيحية قبل أن يصار إلى إبلاغ ساكني المنازل المسيحية التي يجري وضع حرف النون عليها، لإبلاغ المطارنة بالاجتماع الذي حدده التنظيم، وذلك يوم الخميس الذي كان يوافق 17 يوليو؛ حيث حدد مكانه في نقابة المعلمين وفي تمام الساعة الثانية عشر ظهرًا، وبعد رفض رؤساء الطوائف حضور الاجتماع المذكور تم إبلاغ العائلات المسيحية من قِبَل كهنتهم بضرورة الخروج من المدينة بأسرع وقت لتوقع حدوث أمر لا تحمد عقباه مما أرغم الكثيرون على المغادرة، بينما ارتأى آخرون تأجيل تركهم للمدينة في صباح اليوم التالي، أي الجمعة، وفي عصر اليوم (الخميس) تم إصدار بيان من "داعش" يشير فيه إلى رفض رؤساء الطوائف المسيحية حضور الاجتماع؛ مما أثمر عن عدد من الخيارات المتاحة لمسيحيي الموصل، ومنها إرغامهم على دفع الجزية أو اعتناق الإسلام لغرض البقاء في المدينة أو ثالث الخيارات والرفض الذي يؤدي إلى القتل. 
 وفي اليوم التالي أي الجمعة الموافق 18 يوليو حدثت المأساة الأكبر بتهجير أكبر عدد من المسيحيين بالموصل من قبل التنظيم التي أقفلت منافذ المدينة، لترغم المسيحيين على ترك ممتلكاتهم وإجبارهم على الخروج من المدينة خالي الوفاض .

لماذا يرفض المسيحيون لقب النصارى؟

لماذا يرفض المسيحيون
بعد مرور عام على استخدم حرف الـ( ن) يثار دائمًا تساؤل حول رفض المسيحيين لتلقبيهم بالنصارى. بهذا التعميم قد أتى هذا الاعتقاد من أن ما سجله القرآن الكريم من صفات إلحادية ووثنية كانت تنطبق على جماعات نصرانية ضالة ومنحرفة عن تعاليم المسيح وعن الإيمان السليم، وهذه القبائل النصرانية سكنت في جنوب العراق وشمال شرق الجزيرة العربية كانت في الأصل قبائل عربية وثنية تعبد كوكب الزهرة التي كانت عند الرومان الوثنيين إلهة الحب والجمال، فلما اعتنقت هذه القبائل الإيمان المسيحي لم تتخل تماماً عن كل معتقداتها السابقة الوثنية، فانحرفت ونادت بأن فينوس هي العذراء مريم، وقامت بتأليهها، وهذا الإيمان النصراني المنحرف هو الذي أشارت إليه سورة المائدة آية 116، بما نصه:
{إذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك}.
 وفي سورة الأنعام الآية 101: {بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة}، وفي سورة الجن الآية 3 : {وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدًا}، ونفس الكلام ورد في سورة يونس- الكهف- مريم- الزخرف، كما جاء في سورة النساء آية 171: {ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد}، والمسيحية تقول بذلك؛ لأنه لا يمكن أن يكون لله ولد من مريم بأسلوب بشري تناسلي، فالخالق هو روح بالطبع وجاء في سورة المائدة آية 73: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد}، وهو ما تقول به المسيحية كما يوضحه الإنجيل وتعاليم رسل المسيح «العهد الجديد»، وتاريخ الكنيسة وتاريخ العالم بصفة عامة واسألوا أقباط مصر فاحصي الإنجيل.
 وتحارب المسيحية بدعة تأليه مريم منذ القرن الخامس كما قال القديس إبيفانوس أسقف قبرص في كتابه عن البدع: «أكرموا مريم ودعوها لشأنها ولا تعبدوا إلا الإله الواحد الأب والابن والروح القدس أما مريم فلا تدعوا أحداً يعبدها".
 ويقول البيضاوي، والجلالان السيوطي والمحلي: "إن الواضح أن المسيحية لا تُعلم بأن لله صاحبة ولا يمكن أن يكون لله ولد، ولادة تناسلية ولا ثلاثة آلهة.. فكلها ابتداع فرقة نصرانية منحرفة.. وهو أمر حقيقى".
 وكما جاء في كتاب أصول الدين للإمام الغزالي قوله: "إن أقوال علماء النصارى «المسيحيين» المنبثقة في آفاق كل الكتب المقدسة لتشهد بتوحيدهم، وبأن أسماء الأب والابن والروح القدس إنما هي خواص «صفات» لذاته الواحدة، أي أن الله تعالى جوهر واحد موصوف بالكلام وله ثلاث خواص «صفات جوهرية» ذاتية".
 ويقول القاضي محمد بن الطيب: "إننا إذا أمعنا النظر في قول المسيحية؛ إن الله تعالى جوهر واحد في ثلاثة أقانيم لا تجد بيننا وبينهم خلافاً إلا في اللفظ فقط".

شارك