أقباط مصر التاريخ والقضية ..رؤية متميزة لأبو سيف يوسف

الخميس 24/ديسمبر/2015 - 03:09 م
طباعة أقباط مصر التاريخ
 
•اسم الكتاب – اقباط مصر التاريخ والقضية 
•تأليف: أبو سيف يوسف
•تقديم -راجي شوقي ميخائيل
•الناشر – دار العين مصر

من الكتب المهمة المنتظر صدورها خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب 2016 كتاب " اقباط مصر التاريخ والقضية "  عن دار العين للنشر للكاتب الصحفي الكبير أبو سيف يوسف المشهور ايضا بكتاب الاقباط والقومية العربية والمتوقع ان لايقل هذا الكتاب اهمية عنه والكاتب ابو سيف يوسف 
هو المناضل السياسي والكاتب الصحفي الذي وُلد في مدينة قوص بمحافظة قنا في صعيد مصر في عام 1922 وتخرج من قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة احد مؤسسي حزب التجمع وتولى مهمة امانة الإعلام بالتجمع وانتخب اكثر من مرة في القيادة المركزية للحزب.
عمل محررًا في العديد من الصحف والمجلات المصرية منذ عام 1945 ومنها: الفجر الجديد والبلاغ وصوت الأمة وروز اليوسف والطليعة، وانخرط منذ شبابه المبكر في صفوف الكفاح الوطني من أجل الاستقلال والدفاع عن حقوق الشعب المصري في مواجهة الاستعمار البريطاني والسراي الملكية والفساد المحلي.
كان له دور كبير في تيار الطليعة الوفدية، وفى تحرير مجلة "رابطة الشباب" الناطقة بلسان هذا التيار.
ساهم في تأسيس منظمة "طليعة العمال والفلاحين" السياسية، كما انتخب قائدًا لها.
استمر في نضاله حتى وصل إلى موقع القيادة في منظمات الحركة الاشتراكية المصرية. وقدم أكبر التضحيات خلال مسيرة كفاحه، فبذل أحلى سنوات عمره إما مطاردًا مطلوبًا للاعتقال أو مغيبًا وراء أسوار السجون ومتحملًا مع رفاقه لأشد أنواع التعذيب.
بعد خروجه من السجن عام 1964 عاود العمل في الصحافة وتم تعيينه في عام 1970 عضوًا في اللجنة العامة للمواطنين من أجل المعركة، كما تم تعيينه عضوًا بمجلس الشعب بين عامي 1971 و1975، بالإضافة إلى عمله كخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام كما كان عضوًا في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وقد أكسبته كل هذه التجارب خبرات عريضة أهلته لتقديم عطاء فكري متميز، كان من بينه هذا الكتاب. 
استمر يواصل نضاله حتى رحل عن عالمنا في فبراير 2005.
بعد رحيله شارك العديد من المثقفين في ذكر مآثره ومدح فضائله الشخصية، وتمجيد عطائه الفكري والسياسي، ومن هؤلاء المثقفين الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذي وصفه بأنه فارس الضياء وأهداه قصيدته التي تحمل هذا العنوان والتي تمجد مسيرته النضالية الكبيرة، وقد نُشرت ببعض الصحف المصرية وعلى الإنترنت.
و من اهم فصول  الكتاب الجديد نختار
مَن هُم القِبْـط
قبل الفتح العربي لمصر عرف العرب أهل البلاد باسم "القِبْط" كما سموا مصر "دار القِبْط". ولما كان المصريون إذ ذاك مسيحيين، فقد استعمل العرب كلمتي "قِبْطي" و"نصراني" على التبادل عند الإشارة إلى سكان البلاد الأصليين"(1). 
أما عن كلمة "قِبْط". فالراجح أنها تحريف عن الكلمة اليونانية "ايجبيتوس" (Aiguptus) التي أطلقها اليونانيون على مصر والنيل. 
وتتعدد الآراء حول أصل كلمة "قِبْط". فتزعم إحدى المخطوطات القِبْطية أن الإغريق أطلقوا كلمة "كوبتوي" (Coptoi) على المصريين لأنهم كانوا يختنون أولادهم(2). وفي بعض المصادر العبرية والسامية روايات تفيد بأن كلمة "قِبْط" مشتقة من اسم قفطايم (قِبْطيم) بن مصريم (أو مصرايم) أحد أحفاد نوح وأول من استقر بوادى النيل وسمى مدينة قفط باسمه(3) وإلى هذا يذهب أيضًا بعض المؤرخين العرب(4). غير أن الاتفاق العام بين الباحثين يرجح أن كلمة "قِبْط" مشتقة من الكلمة اليونانية "ايجيبتوس". ومنهم من يرى أن الآشوريين في كتاباتهم المسمارية أطلقوا اسم "هيكوبتون" (Hi-Ku-Pton) على المصريين و"هيكوبتاه" (Ha-Ka-Ptah) على مصر ومعناه "بيت روح بتاح" إشارة إلى العاصمة منف. وكان إطلاق هذا الاسم على المملكة كلها من قبيل إطلاق اسم العاصمة على القطر(5). وأن اليونانيين سمعوا هذا الاسم فأخذوه عن الآشوريين منذ عصور قديمة وسموا مصر "ايجيبتوس" وأنه إذا حذفنا علامة الرفع (و س) ثم الحركة الأولى التي ظنها العرب حرف استهلال خلص لنا بعد ذلك اسم "قِبْط"(6). 
وأيًا ما كان الأمر، فإن كلمة "قِبْط"، أصبحت تطلق تخصيصًا على المسيحيين من أهل البلاد الذين ظلوا على ديانتهم بعد أن تحولت اكثريتهم إلى الإسلام. ومن هنا لا يدخل في القِبْط المسيحيون العرب الذين يتبعون كنائسهم الأصلية كالفلسطينيين والسوريين والمارونيين، كما لا يدخل أيضًا المسيحيون من ذوي الجنسيات الأجنبية. 
وتتفاوت الآراء حول التكوين العرقي للقِبْط، وهل هم من أصول سامية أو حامية، أو حامية سامية مختلطة. 
وفي هذا تحرص مصادر عديدة معظمها قِبْطي وبعضه غربي على التشديد على الفكرة القائلة أن القِبْط الحاليين يمثلون – من بين سكان مصر السلالة التي تنحدر مباشرة من سكان مصر الأقدمين وأنهم يمثلون النموذج الأقرب إلى قدماء المصريين في ملامحهم وصفاتهم الجسمية. وفي الوقت نفسه، فإن معطيات الأنثروبولوجيا تشير إلى أن المصريين إنما يندرجون ضمن أحد أفرع العرق القوقازي الذي يضم مائة مليون نسمة تتدرج ألوان بشرتهم من البياض الفاتح جدًا إلى البني الغامق. وأنه تدخل في هذا العرق مجموعة البحر الأبيض المتوسط. ويندرج تحت هذه المجموعة المصريون والساميون (الذين يدخل فيهم بدو الجزيرة العربية) وأكثرية الإيرانيين وكثير من الأفغان. وثمة اجتهادات حول الأصول الجنسية للمصريين القدماء ترجح أن هؤلاء ينتمون أساسًا إلى مجموعة الحاميين الشرقيين الذين ينتشرون حاليًا في كل شمال شرق أفريقيا حتى القرن الأفريقي، والذين يؤلفون مع الحاميين الشماليين في شمال أفريقيا (أي إقليم الأطلس والبربر أو المغرب) مجمعة لغوية واحدة. وتشكل الشعبتان كلتاهما – رغم فروق محلية كثيرة – وحدة إثنية أو إثنولوجية واحدة ومن أصل مشترك. وهذه الوحدة بدورها تقابل وتقارب وحدة أخرى كبرى وشقيقة هي المجموعة السامية في الجزيرة العربية أو غرب آسيا، وكلتاهما تؤلف فرعًا من جنس البحر الأبيض المتوسط الأوروبي القوقازي 
ويقدر بعض الباحثين أن بين سكان مصر الحاليين 88 بالمائة من الأسر القِبْطية القديمة اعتنق تسعة أعشارها الإسلام فإذا أضيف إلى ذلك ما يذهب إليه المتخصصون من أن الاختلاط الكبير الذي تم بين العرب والمصريين – وهو ما تحقق بعد الفتح العربي – لم يغير من التركيب الأساسي لجسم السكان أو دمهم، وهو أمر ترجع بعض أسبابه إلى أن العنصر العربي هو من أصل قاعدي واحد مشترك مع العنصر المصري الذي لا يختلف جسميًا عن البدويفقد يصح القول، بعد ذلك، أن تعريب مصر لم يغير من التجانس الأصلي لسكان البلاد
الديموغرافية الاجتماعية
عنى المؤرخون والباحثون بالتعرف على تعداد سكان مصر في مختلف عصور تاريخها المكتوب. ولا خلاف على أن الأرقام التي أوردوها تحتمل الجدل لأنها تظل في النهاية ذات طبيعة تقريبية إلى حد كبير 
ومن المعلوم أنه بعد أن تحولت أكثرية المصريين إلى الإسلام أصبح القِبْط يشكلون أقلية عددية بالمقارنة مع تعداد المسلمين. وفي العصور الحديثة انتهى التعداد الذي اضطلع به علماء الحملة الفرنسية إلى أن سكان مصر يبلغون مليونين ونصف المليون وقد ذكر بعض الكتاب أن عدد الأقباط لم يكن يزيد عن مائتي ألف عند الاحتلال الفرنسي وقدر عدد السكان في عهد محمد علي بأربعة ملايين ونصف المليون وقدر كلوت بك أن تعداد القِبْط الأرثوذكس كان في تلك الفترة 150 ألف نسمة غير خمسة آلاف من القِبْط الكاثوليك 
وعندما انتظمت الإحصاءات الرسمية، أظهر إحصاء عام 1907 أن عدد المسيحيين (وطنيين وأجانب) يبلغ 882.000 بنسبة 7.87 بالمائة من التعداد الكلي للسكان، منهم 706.332 من الأقباطوفي ذلك الوقت لاحظ بعض الباحثين الأقباط أن هذا الرقم لا يمثل التعداد الحقيقي للأقباط وقدروا أنهم يبلغون المليون 
ومنذ 1907 أظهرت الإحصاءات الرسمية التي تتابعت حتى عام 1976، أن نسبة الأقباط الوطنيين كانت أقرب – بوجه عام إلى الثبات، ومن ثم أظهر إحصاء 1976 أن عدد المسيحيين في مصر بلغ 2.285.620 من المجموع الكلي لعدد السكان أي بنسبة 6.7 بالمائة من المجموع الكلي لعدد السكان البالغ وقتئذ (37.543.000) وقد جادلت بعض الأوساط القِبْطية في هذه النسبة. وكانت بعض القيادات في الكنيسة الأرثوذكسية قد قدرت عدد القِبْط بأربعة ملايين في عام 1968. وفي بعض المراجع التي تزعم أنها تستند إلى مصادر الكنيسة القِبْطية الأرثوذكسية أن عدد المسيحيين في مصر لعام 1975، هو (6.844.090) نسمة أي بنسبة 18.02 بالمائة من المجموع الكلي للسكان. أما الإحصاءات التي قدرت عدد الأقباط الأرثوذكس بثلاثة ملايين من 44 مليونًا هم عدد سكان مصر، أي بنسبة 7 بالمائة، فإن هذا التقدير يظل موضع شك في نظر الأقباط لأن عددهم وفقًا لتقديراتهم الخاصة يتراوح بين 7 ملايين وثمانية ملايين على الأقل 
ولما كان التوثيق العلمي لهذه التقديرات غير مطروح، فلا مناص من محاولة الوصول إلى رقم تقريبي اعتمادًا على ما ذكره بعض الباحثين المتخصصين. 
ثمة تقدير يعتمد الإحصاءات الرسمية العشرية بين 1907 – 1976 ثم يؤصلها على ضوء مقارنات تاريخية ومعطيات ديموغرافية. وينتهي هذا التقدير إلى أن نسبة المسيحيين – بمن فيهم الأقباط – إلى العدد الكلي لسكان مصر كانت ثابتة تقريبًا: بين 6.32 بالمائة وبين 8.33 بالمائة وأنه بعد خروج الجاليات الأجنبية أصبحت نسبة الأقباط ترادف عمليًا نسبة المسيحيين بدون فارق هامومعنى ذلك أن نتائج إحصاء 1976 الرسمي لا تبعد كثيرًا عن الرقم الحقيقي لتعداد القِبْط. 
ومن الباحثين الغربيين من قدر أن عدد القِبْط في القرن الحالي هو كما كان في القرن الرابع عشر الميلادي: أي لا يزيد عن عُشر العدد الكلي للسكان، ويذكر باحث متخصص في "مصر القِبْطية" أنه بحلول القرن الرابع عشر الميلادي انخفض عدد القِبْط في مصر إلى 1/10 أو حتى 1/12 من العدد الكلي للسكان وأن هذه النسبة مازالت قائمة على وجه التقريب 
وثمة باحث غربي آخر يذهب إلى أن نسبة المسيحيين في مصر تقع بين 8 بالمائة و10 بالمائة من المجموع الكلي للسكانونخلص من هذا إلى أنه إذا كان قد أعلن أن تعداد السكان في مصر قد بلغ 48 مليونًا عام 1985، وكانت نسبة القِبْط – وفقًا لجميع التقديرات التي أشرنا إليها – تتراوح بين 7 بالمائة و10 بالمائة من المجموع الكلي للسكان، فإن عدد القِبْط حاليًا يقع في مكان ما بين 3.360.000، و4.800.000 نسمة (وقت إعداد هذه الدراسة في عام 7891). 
ويتفرق القِبْط في جميع أنحاء البلاد مع تفاوت في الكثافة السكانية بين منطقة وأخرى وبين محافظة وأخرى، فتزداد في الصعيد عما هي عليه في الدلتا. وهذا الأمر تظهره الإحصاءات الخاصة بثلاثة محافظات هي: أسيوط والمنيا وسوهاج، إذ تبلغ نسبتهم في تعداد 1976 – وعلى التوالي – إلى المجموع الكلي للسكان هناك: 19.99 بالمائة و19.38 بالمائة و14.16 بالمائة وهي ظاهرة ملحوظة على الأقل، منذ أوائل القرن العشرين، كما يشير إلى ذلك تعداد عام 1907. وفي 1976 بلغ تعداد القِبْط في هذه المحافظات الثلاث 1.010.000 نسمة من إجمالي عددهم الكلي وهو 2.295.620 نسمة. ووفقًا لهذا الإحصاء أيضًا تضم القاهرة أكبر عدد منهم (514.511). ويوجد القِبْط بكثافة ملحوظة في عدد من أحياء العاصمة مثل شبرا والأزبكية ومصر الجديدة ومصر القديمة والساحل، وهذا يمكن رده إلى أسباب تاريخية واجتماعية. وبينما يشكل مجموع القِبْط في الصعيد 10.8 بالمائة من العدد الكلي للسكان هناك، فإن هذه النسبة منخفضة في الدلتا في تعداد 1976، إذ تصل إلى أقل من 2.3 بالمائة ويلاحظ هنا أنه وإن كان نزوح القِبْط من الريف إلى الحضر جزءًا من ظاهرة عامة تشمل المسلمين والمسيحيين معًا، وأنها بدأت تتأكد منذ عشرينيات هذا القرن – إلا أن الإحصاءات الرسمية تظهر ميل القِبْط إلى تفضيل سكنى الحضر. ففي إحصاء 1960 نجد أن 47 بالمائة منهم كانوا يعيشون إذ ذاك في المدن والمراكز، وأن نفس هذه النسبة سوف نجدها في تعداد 1976 إذا حللت الأرقام الخاصة بمحافظات أسيوط والمنيا وسوهاج وقنا 
وتتعرض الديموغرافية الاجتماعية للقِبْط لمتغيرات رئيسية هي:
أ – تفوق معدلات مواليد المسلمين. 
ب – التحولات الدينية إلى الإسلام فتذكر بعض المصادر الغربية أن أكثرية معتنقي الإسلام من بين المسيحيين في مصر هم من الأقباط الأرثوذكس وذلك بمعدل سنوي يبلغ سبعة آلاف شخص 
ج – هجرة القِبْط إلى خارج البلاد، ويقصد بها هنا هجرتهم الدائمة إلى دول المهجر الرئيسية وهي كندا والولايات المتحدة وأستراليا، ويمكن أن يقال، بوجه عام، إن هجرة القِبْط قد بدأت تتزايد باطراد منذ أوائل الستينات. وفي بداية الهجرة حظيت كندا بأكبر عدد منهم. ويقدر بعض الباحثين أن عدد المهاجرين المصريين إلى كندا في الفترة بين 1962 – 1975 بلغ 5427 منهم 4399 من المسيحيين و506 من المسلمين (وقت إعداد هذه الدراسة في عام 7891). كما هاجر في الفترة ذاتها من القِبْط إلى استراليا والولايات المتحدة الأمريكية 4789 و3314 مهاجرًا على التوالى، وفي أيلول/ سبتمبر 1979 ذكرت بعض أوساط المهاجرين إلى الولايات المتحدة أن إجمالي عدد القِبْط الذين هاجروا خلال السنوات (69 – 1979) يقدر إجمالًا بـ 150 ألف قِبْطي، منهم: 85 ألفًا هاجروا إلى الولايات المتحدة وكندا و150 ألفًا إلى استراليا وحوالى 15 ألفًا إلى أوروبا وآسيا 
وفي دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، أن أول بيان متاح عن الهجرة الخارجية بدأ منذ عام 1962. وحتى عام 1979 بلغ إجمالي المهاجرين 31.649 مهاجرًا أصليًا يضاف إليهم 23.599 فردًا اكتسبوا صفة المهاجر وهم بالخارج. وبلغت نسبة المهاجرين الأصليين من المسيحيين 72.89 بالمائة من الإجمالي بينما بلغت نسبة المهاجرين من المسلمين 26.92 بالمائة من الإجمالي خلال الفترة المذكورة
ومما يلفت النظر أن عام 1969 يمثل أعلى السنوات التي بلغت فيها الهجرة مداها سواء كان ذلك بالنسبة للمسلمين أو المسيحيين. ومن الملاحظ أيضًا أنه عندما بدأت نسبة المهاجرين في التناقص بوضوح بداية من عام 1975، فإن ذلك جاء بالنسبة للمسلمين والمسيحيين على السواء 
على أن بعض الباحثين يلاحظون مع ذلك، أنه لا يرجح أن تكون حركة الهجرة المصرية – نظرًا لارتفاع نسبة المهاجرين من الأقباط فيها – "قد أخلت بالتكوين العقائدي لسكان مصر"، ذلك أنه على الرغم من أن معظم المهاجرين كانوا من القِبْط إلا أن عددهم لا يكاد يذكر إذا ما قورن بعدد الباقين منهم على أرض الوطن، بل أن من الباحثين من يؤكد أن عامل "الهجرة المتفاوتة" (Differential Emigration) فيما يتعلق بالقِبْط – هو عامل مستحدث للغاية ودوره – إذا استمر – مستقبلي أكثر مما ينتمي أو ينطبق على الماضي 
وليست لدينا بيانات تفصيلية عن القِبْط الذين يهاجرون هجرة دائمة إلى الأقطار العربية، ففي فلسطين يوجد منهم بضع مئات في القدس وغزة واللد وحيفا. وفي عام 1968 كان عددهم في السودان يتراوح بين ثلاثين ألفًا وأربعين ألفًاوكان القِبْط قد بدأوا يسكنون السودان منذ عام 1822. وفيما بين 1900 – 1913 سكنوا منطقة كبيرة في شمال أم درمان القديمة واختلطوا بالسودانيين أما هجرة القِبْط الدائمة والمؤقتة إلى الأقطار العربية الأخرى فيعززها مؤشر هام هو تلك الكنائس التي أقامها القِبْط الأرثوذكس في عمان وبغداد وأبوظبي ودبي والكويت ولبنان، فضلًا عن الكنائس التي في دول القارة الأفريقية مثل نيجيريا وكينيا 
التراتب الاجتماعي
ويتوزع القِبْط حاليًا على مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية التي يتكون منها المجتمع المصري:
– هناك كبار التجار من المشتغلين بالاستيراد والتصدير، وكبار المقاولين، والصاغة، ورجال الأعمال المشتغلين بالخدمات السياحية: الفندقة والنقل، وتجار الحاصلات الزراعية، ثم أصحاب بعض المصانع المتخصصة في بعض الصناعات المعدنية الخفيفة والملابس، والصناعات الغذائية 
– الفئات الوسطى من ملاك العقارات في المدن والرأسمالية الريفية. لكن يظل الثقل الحقيقي داخل هذه الفئات للحضريين من أصحاب المهن الحرة كالأطباء والصيادلة والمهندسين والمحاسبين والمحامين كما يلاحظ أنه يدخل فيها أيضًا كبار موظفي الحكومة والقطاع العام والشركات والمصارف الخاصة وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والمعاهد العليا. وفئات من الحرفيين أصحاب المهارات التقنية المتخصصة. 
– الفئات المتوسط الصغيرة من معلمي المدارس وغيرهم من الموظفين وتجار التجزئة وصغار الملاك والحرفيين ورجال الدين في أكثريتهم. 
– العمال في القطاعين العام والخاص والفلاحون. 
ويعمل القِبْط في مختلف مؤسسات الدولة: التنفيذية والتشريعية والقضائية. فمنهم وزراء وأعضاء في كل من مجلس الشعب ومجلس الشورى، وقضاة وضباط من مختلف الرتب في الشرطة والقوات المسلحة، وموظفون في مختلف مستويات السلم الإداري. ومنهم من يعمل في الصحف وغيرها من أجهزة الأعلام. ويؤدي شبابهم الخدمة العسكرية. كما أنهم يسهمون في العديد من الأنشطة الفكرية والفنية والعلمية ومن بينهم من برز على المستوى القومي العام وتميز في مجال تخصصه كمفكرين وعلماء وكتاب ونقاد وفنانين. وبحكم الدستور فإن لهم كغيرهم من المواطنين حق الانتخاب والترشيح إلى المجالس المحلية ومجلس الشعب ومن بينهم أعضاء في الأحزاب السياسية القائمة. 
الطوائف القِبْطية:
يتبع القِبْط حاليًا ثلاثة معتقدات رئيسية تمثلها الطوائف الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية (البروتستانتية). على أن سوادهم الأعظم يتبع الكنيسة القِبْطية الأرثوذكسية التي تعرف أيضًا باسم "كنيسة الإسكندرية" و"الكنيسة المصرية" وهي الكنيسة القومية وأقدم الكنائس في مصر. وفي التقليد الأرثوذكسى أن مؤسسها هو القديس مرقس الرسول الذي جاء إلى مصر في فترة يرجح أنها تقع بين عامي 48 و64 للميلاد 
وفيما يتعلق بالمذهب الكاثوليكي، فإنه على الرغم من أن الرهبان الفرنسيسكان كانوا قد بدأوا نشاطهم في مصر منذ عام 1219م إلا أنه لم يبدأ تنظيم كنيسة للأقباط الكاثوليك في مصر إلا في عام 1895 وقد تزايد عدد الكاثوليك في مصر حتى بلغ 104 آلاف في عام 1973. وللكنيسة الكاثوليكية بطريرك يرعى شئون الطائفة الدينية، إلا أن الكنيسة تظل في النهاية خاضعة لقيادة الفاتيكان الروحية. 
وقام المجمع المسيحي بتنظيم أول كنيسة إنجيلية بمصر في عام 1860، وقد ظلت هذه الكنيسة مرتبطة بالمحفل العام للكنيسة المشيخية بالولايات المتحدة الأمريكية ولم تستقل عنه إلا في عام 1958، ويبلغ تعداد الطائفة الإنجيلية 200 ألف 
وتقدر بعض المراجع أن عدد الكنائس يبلغ 1413 كنيسة منها 648 في الحضر و765 في الريف (وقت إعداد هذه الدراسة في عام 7891) أما المحافظات الأولى من حيث عدد الكنائس فيمكن ترتيبها تنازليًا كما يلي:
المنيا وأسيوط والقاهرة وسوهاج والإسكندرية والغربية والقليوبية. ويبلغ عدد الأديرة 37 ديرًا، منها 32 في الحضر وخمسة في الأرياف ويلاحظ الباحثون أن الدقة في البيانات الإحصائية التي تتطلبها عملية المسح الديني ليست متوفرة في عدد الكنائس والأديرة التي تتبع كل طائفة من الطوائف المسيحية العديدة 
ولجميع الطوائف القِبْطية مؤسسات عديدة تتمثل في كليات ومدارس لاهوتية ومؤسسات تعليمية وجمعيات علمية وخيرية ومراكز طبية وغير ذلك من المؤسسات التي تقوم بتنفيذ برامج تختص بمشروعات تحسين الأراضي والاقتصاد المنزلي ومكافحة الأمية. كما أن للطوائف القِبْطية الكثير من المجلات الدينية والعلمية والمتخصصة. ولها بعض دور للنشر والتوزيع لا يتسع المجال هنا لذكرها وحصرها 
وتنشط في بلدان المهجر الرئيسية، كما تنشط في أوروبا حركة بناء الكنائس القِبْطية خاصة الأرثوذكسية منها. وحتى أواخر عام 1984 كان هناك حوالى 30 كنيسة في الولايات المتحدة الأمريكية و9 كنائس في استراليا وخمس في كندا، وفي البلدان الأوروبية 16 كنيسة منها 7 في ألمانيا الاتحادية (وقت إعداد هذه الدراسة في عام 1987

شارك