درنة التى كانت ..باحث مصري يكشف خفايا وحضارة المدينة قبل الدواعش

الثلاثاء 30/مايو/2017 - 02:43 م
طباعة درنة التى كانت ..باحث
 
يمتلك الدكتور محمد امين عبد الصمد ثراء معرفيا كبيرا بدولة ليبيا علي عدة مستويات ثقافية وتاريخية واجتماعية  .وبعد ان قامت القوات المسلحة بتوجيه عدة ضربات جوية لمعسكرات الارهاب في " درنة " الليبية اصبحت درنة اسم يتردد كثيرا في وسائل الاعلام ولا نعرف عنها الكثير وخاصة قبل ان تتحول الي مدينة لمعسكرات الشر من هنا تاتي هذه الدراسة المهمة للباحث الكبير حيث يقول الدكتور محمد تقع درنة على ساحل البحر المتوسط ، وهي جزء من الشرق الليبي الذي يتميز بالتباين والتنوع في مظاهر السطح في منطقتي وسط وغرب ليبيا ويقل هذا التباين شرق خليج بوميه في برقة شرق وادي درنة ، "وتظهر المدرجات أو الحافات المنخفضة ، وأحياناً تطل الحافة المرتفعة على البحر مباشرة كما هو الحال عند السلوم وطبرق ، أما الداخل فالسطح أقل ارتفاعا عنه في جنوب الجبل الأخضر ، وبذلك كانت المنطقة أكثر جفافاً ، وتظهر فيها آبار المياه إرتوازية ، وإن كانت مياهها تميل إلى الملوحة ، ولذلك تقتصر مواطن الاستقرار على الشريط الساحلي الضيق"
وتقع درنة ( مجتمع البحث ) على الساحل الشمالي الشرقي لليبيا على خط 32,45شرق خط جرينتش, و دائرتي عرض 22,40 شمالاً, يحدها من الجنوب سلسلة من المرتفعات , و من الشمال البحر المتوسط . و يخترقها وادي درنة المزدهر بالخضرة والماء, و يقسمها إلى قسمين . 
ومن أشهر عيون المياه بدرنة " عين منصور", ولها شلال شهير يعتبر مزاراً لكثير من المتنزهين , وتوجد عين مياه شهيرة أيضا تسمى عين البلاد 
*أما منطقة درنة فتحوي العديد من التجمعات السكانية أشهرها : الفتائح ، أبو منصور، البلاد ، كرسة ، الجبلية ، الساحل الشرقي ، راس الهلال ، دارنس .
درنة التى كانت ..باحث
ومن أهم المعالم الإسلامية في درنة " مقبرة الصحابة " ، التي يعتقد أنها تضم رفاة عدد من الشهداء من صحابة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومنهم زهير بن قيس وأبو منصور الفارسي ، وعبد الله بن بر القيسي ، وسبعين آخرين من الصحابة ، والذين صادف مرورهم على المدينة – عند عودتهم من تونس – إغارة الرومان على منطقة درنة .
فاستنجد بهم أهلها فاشتبك هذا العدد القليل مع قوات الرومات الكبيرة فاستشهدوا جميعاً ، ودفنوا في مقبرة سميت " مقبرة الصحابة " سنة689م 
* وفي العصر الحديث – ولوجود درنة على الساحل الليبي – تعرضت شواطئها لقذائف الغزو الإيطالي الكثيفة، ومن المعارك الشهيرة التي جرت على أرضها معركة " سيدي عبدالله" مارس1912 ، ومعركة عين منصور " يوم الوادي " 1912 ، و قام الاحتلال الإيطالي بعد أن استتب له الأمر ببناء سور ضخم حول المدينة لمنع تقديم الإمدادات للمجاهدين 
* ويُروى تاريخياً أن حاكم طرابلس القرمانلي قد سيَّر العديد من الحملات لبسط نفوذه على شرق ليبيا ومنها مساعدته الشهيرة للعبيدات فيما يعرف " بتجريدة حبيب " والتي قامت بطرد أولاد علي واستخلاص الإقليم كاملاً للحرابي وحلفائهم ، وقد سبق هذا أيضاً إجلاء العديد من القبائل بالقوة شرقاً مثل زويلة والجوازي وغيرها من القبائل .
و يرجح الباحث أن الدافع الاقتصادي مهم جداً لتفسير هذه الحركات البشرية الاضطرارية و مهم جداً في تفسير صراعات القبائل والنتائج التي ترتبت على هذا الصراع .
وقد انتقلت العديد من الجماعات من تاجوراء وزليتين ومصراته إلى درنة وكانت ضمن القوات التي جُندت ضمن " تجريدة حبيب " .مجتمع درنة المعاصر :
تعتبر درنة من أقدم الحواضر الليبيـة , و من أكثر مجتمعاتها عراقة , و ساهم في هذا موقعها المتميز على ساحل البحر المتوســط , و خصوبـة أرضها , و توافر المياه العذبة عن طريق العيون التي تتفجر في كل مكان .
كما أن ارتفاع المدينة عن مستوى سطح البحر و وجودها على حافة الجبل الأخضر جعل جوها لطيفاً و جاذباً لاستقرار السكان و ممارسة أنشطتهم المتنوعة 
يبلغ عدد سكان درنة81174 نسمة حسب آخر إحصاء تم عام 2007 , يتوزعون على مناطق الفتائح و الجبيلة و المغار و الساحل الشرقي و رأس الهلال و عيـــن مارة و القبقب و الأبرق و التميمي و أم الرزم و مرتوبة و العزيات و المخيلي .
و تتركز بعض القبائل و العائلات في مناطق بعينها , أي أن التوزيع القرابي في مجتمع البحث ظاهر بشكل واضح و يرجع هذا إلى سبب تاريخي _ سبق ذكره _ و هو أن أراضي درنة , بل والجبل الأخضر كله , قد تم تقسيمها بين القبائل المتحالفة بقيادة العبيدات , بعد طرد قبائل "أولاد علي" و المتحالفين معها من منطقة الجبل الأخضر . 
ومن أشهر العائلات في مجتمع البحث : بدر و الطشاني تعود إلى التواجير , وشنيب و وربي تعود إلى الطواهر , و العوامي و المسماري و الشواعرة من المرابطين و بو جيدار من الدرسة , و البراعصة و الحاسة ,و عزوز من الأندلسيين , وبن خيال و بن حليم من زليتن , و المريمي و المنصوري و غيـث من العبيدات , و اسديسي من ورفلة , و بو خشيم من الكراغلة بمصراتة , و الحوتي , وغيرها من العائلات الأخرى .
وتبلغ كثافة السكان في مجتمع البحث 16.54نسمة/ كيلو متر مربع .
ولموقع منطقة درنة المتميز وكونها مركزاً حضارياً أصبحت نقطة تجمع واستقرار وتفاعل لسكان المنطقة الشرقية والقبائل القادمة من أماكن متفرقة من ليبيا مثل زليتين ومصراتة وتاجوراء و غيرها، وكذلك القبائل الأندلسية التي استقرت كذلك بها. ويعتمد سكان هذه المنطقة على الزراعة فى المقام الأول، ويرجح إنريكو دى أوجستينى أن يكون اسم درنة من أصل إغريقي، ويشير إلى وجود أطلال لمقر أسقفية كانت موجودة بالمكان، كما توجد المغارات التى كانت تخصص للصلاة والتعبد فى المنطقة الصخرية شرق المدينة، ومن المعلومات المتوافرة لديه أن عهد الازدهار الحقيقى لمدينة درنة كان فى القرن الخامس عشر الميلادي بوصول بعض المهاجرين من الأندلس , والذين قاموا بنشاط تنظيمي واقتصادي كبير بالتعاون مع السكان المحليين، ووصلت أوج ازدهارها فى أواخر القرن السابع عشر على يد شخص يدعى " سيدي محمد بي" وهو شيخ وولى اشتهر بالحزم وحسن الإدارة فأحبه الناس وأطاعوه، وينسب الأهالى له أعمالاً كثيرة منها :
- شـق القنـوات الأولى لميـاه الوادى ، ويعتقد الأهالى أن النبع قد تفجر كرامة له.( صورة : 17)
- أنشأ الجامع الكبير بدرنة والذي جلب أعمدته الرخامية من آثار يونانية مدفـونة . ( صورة :18)
- إنشاء المقبرة الموجودة فى منطقة أبى منصور، والجامع والمقبرة انشأهما على أرض اشتراها بنفسه ثم وهبها.
ويذكر صلاح الدين محمد جبريل أنه يوجد بدائرة العقارات بمدينة درنة السند الأصلى لشراء هذه الأرض بتاريخ سبتمبر سنة 1689م (1)
وجذب ازدهار درنة الكثير من تجار طربلس وتاجوراء وزليتين ومصراته وهي مناطق تقع غربي درنة ، كما أنها نفس الأماكن التي قدم منها إلى درنة الكثير من السكان كأعضاء ومشاركين فى الحملات العسكرية , التي سيرها حكام الأسرة القرمانلية لطرد بعض القبائل المشاغبة والمتمردة.

الاقتصاد في درنة :

تشتهر درنة تاريخياً بأنها مجتمع زراعي في المقام الأول , تكثر فيه الحدائق الدائمة و الزراعات الموسمية(صورة21), التي تعتمد على مياه متوافرة دائماً من العيون المنتشرة في مجتمع البحث , و كذلك مياه سدين شهيرين هما سد البلاد بسعة تخزين 1.5 مليون متر مكعب , و سد بو منصور بسعة تخزين 21.5 مليون متر مكعب .
و تخرج من العيون قنوات تغذي مختلف أراضي درنة ( و هو نظام شبيه بعض الشيء بنظام الري الذي عاينه الباحث في واحة سيوه المصرية , أثناء رحلة بحثية له عام 2006 ).
واشتهرت درنة ثانياً بأنها منطقة مراعي خصبة مما سمح بنشاط الرعي , وما يرتبط به من (موَّالة) وتجارة , خاصة مع الشرق .
و منذ فترة تواجدت أنشطة أخرى بجوار هذين النشاطين , بل أحياناً على حسابهما , مثل العمل في قطاعات العمل الحكومي _ و خاصة في المجالات الخدمية _ التي استقطبت عدداً كبيراً من القوى العاملة في المجتمع , و قد لاحظ الباحث أن عدد المنتسبين إلـى الوظائف الحكومية فـي مجتمــع البحث أكبر بكثير من طاقة العمل واحتياجاته الفعلية , و يستقطب قطاعي التعليم و الصحة العدد الأكبر من هذه القوى .
ويتوزع الآخرون في الإدارات التابعة لشعبية درنة , مثل إدارات الزراعة و الثروة الحيوانية , و المواصلات و النقل , و الصحة و البيئة , و التعليم , و الكهرباء و المياه والغاز , و الإسكان و المرافق , و العلاقات العامة و التخطيط , وغيرها من الهيئات الحكومية . 
و تنتشر في مدينة درنة و خاصة على الطرق التي تربطها بالمناطق الأخرى المحال التجارية التي تقدم مختلف الخدمات للمسافرين .
و يوجد داخل المدينة و المناطق المحيطة بها العديد من المحال التجارية التي تقدم خدماتها للسكان (صورة23,22) .
وفي مدينة درنة يشتهر شارع إبراهيم الأسطى عمر , المعروف بشارع " وسع بالك " , بأنه الشارع التجاري الأساسي , و يقع في بدايته سوق كبير يسمى " سوق الظلام " و قد تم تطويره مؤخراً ليتلاءم مع نوعية الخدمات الحديثة المطلوبة حالياً .
ويوجد شكل من أشكال المشاركة الاقتصادية الذي قننه نظام الشعبيات المعمول به في ليبيا , و هو نظام " التشاركية " , و الــذي قننــه القانون رقم 21 واللائحة التنفيذية رقم 171 , و التي تنظم عمل "التشاركية" , و توجب أن تعمل برأس مدفوع بالكامـل , و لا يجوز في هذا النظام تشغيل آخرين غير مثبتين في عقد التأسيس , و لا يمانع القانون في " التشاركية " مع غير الليبيين .
وتوجد العديد من المؤسسات الصناعية في درنة مثل مصانع الأسمنت (صورة24) , المطاحن , و بعض الصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعي .
وقد قررت الشعبية مؤخراً تخصيص 100مليون دينار ليبي لتمويل و دعم المشروعات الصغيرة و المتوسطة , و ذلك لمواجهة ظاهرة البطالة . 
كما يوجد ميناء في درنة تبلغ إجمالي مساحته 480000متراً مربعاً , و يوجد بالميناء منارة لإرشاد السفن بارتفاع 92 قدم , و يبلغ مداها 11 عقدة بحرية , و مساحة التخزين المسقوف داخل الميناء تبلغ حوالي 4800 متراً مربعاً(صورة 25) , و رغم المساحة المتميزة و موقع الميناء , إلا أن قوة التشغيل به ضعيفة و لا تلائم قدراته , و قد يرجع هذا إلى أنه ميناء غير مؤهل لتصدير البترول , كما أن عمليات الاستيراد من الخارج يستأثر بها مينائى بنغازي وطرابلس .
و قد اتخذت الشعبية العامة ( توازي رئاسة الوزراء ) قراراً برقم 858 بإعفاء البضائع الواردة عبر ميناء درنة من رسوم خدمات التوريد , و ذلك تنشيطاً للحركة التجارية و تشجيع التجار على توريد بضائعهم عبر ميناء درنة لخلق فرص عمل للشباب في مجتمع البحث (صورة 26 ).

التعليم في درنة :

اشتهر مجتمع درنة منذ منتصف القرن العشرين بكثرة عدد المتعلمين فيه , مقارنة ببقية مناطق ليبيا و خاصة برقة ,و قد أسندت في هذه الفترة معظم المناصب التعليمية إلى أساتذة من درنة , و لمع منهم قياديون في معظم إدارات الدولة , و برز منهم شعراء مجيدون , وجدوا مكانهم بين شعراء ليبيا و وعلى رأسهم إبراهيم الأسطى عمر , الذي تواكب وجود الباحث في مجتمع البحث مع إقامة المهرجان الشعري السنوي في بيت ثقافة درنة في ذكراه .
و كان التعليم يعتمد في درنة قديماً , ولقرون طويلة على الكتاتيب و الزوايا التي كانت تنتسب للطرق الصوفية مثل الرفاعية و العروسية و العيسوية .... إلخ , و هي طرق لها زواياها النشطة في مدينة درنة .
وبـدأ انتشـار هذه الزوايا منذ منتصف القرن التاسع عشر في الحواضر و على الطرق التجارية , و كانـت تقوم على تعليم القرآن , و رعاية الشعائر الدينية , و تقوم أيضاً مقام الدولة في فض المنازعات و التوفيق بين الناس في مجتمعاتها. 
و في بداية القرن العشريـن افتتحت في درنة مدرستي " الرشدية " للبنين و البنات , و ضمت أعداداً محدودة , و لم تطل بها المدة بسبب الغزو الإيطالي لليبيا .
وفي بداية الغزو الإيطالي , كانت هناك محاولة جريئة لتدشين التعليم الحديث, و لعله الأساس الذي زرع حب و أهمية التعليم في درنة الحديثة بوجه خاص , قام بها ضابط تركي هو أنور باشا(صورة 27) , و الذي تولى قيادة المقاومة المسلحة للاحتلال الإيطالي في برقة , سنة 1912 .
و قد ربط أنور باشا بفضل حماسه و روح المبادرة العالية لديه , بين اكتساب العلم و مقاومة الغزاة و تحرير الوطن و في جبال درنة , حيث ربض المجاهدون سنة 1914 , قام أنور باشا بجمع الأطفال , و قسمهم إلى مدرستين , الأولى للذكور و الثانية للإناث , و بدأ الضباط و المتعلمون بتدريس القراءة و الكتابة و الأشغال اليدوية , كما حرص أنور باشا على بث الروح الوطنية بين الصغار بالأناشيد الحماسية و الطوابير العسكرية المنتظمة .
واختار أنور باشا بعض النابهين من هؤلاء التلاميذ و بعث بهم إلى تركيا .. حيث رحلوا براً إلى السلوم و منها بالباخرة إلى الإسكندرية , ثم إلى إستانبول .
و أشرف على استقبالهم في مصر وتسفيرهم إلى تركيــا الأمير عمر طوسون ، و للأسف لم تعد هذه البعثات إلى ليبيا مرة أخرى بسبب الاحتلال الإيطالي , و ظلوا في تركيا و استقروا بها .(1)
وفي العهد الإيطالي تم افتتاح أول مدرسة حديثة في درنة عام 1914(صورة28) , و أول مدرسة متوسطة فنية عام 1924 . و كان عدد الطلاب في عام 1933 في المدارس الأولية المختلطة115 تلميذاً , و المدرسة المتوسطة 61 تلميذاً , و البنات 18 طالبة .
وفي عشرينات القرن العشرين ظهر التأثير الكبير في مجال التعليم لأبناء درنة من خريجي الأزهر الشريف , والذين عملوا على تعليم الشباب , و بث الروح الوطنية , و الحفاظ عليها في نفوسهم , و منهم محمد البي خلوصي ( المفتي ) و عبد الكريم عزوز و عبد الحميد الديباني و عبد السلام بن عمران و عبد الجواد القربطيس .
و قد ذكر بعض المؤرخين تأثر الشيخ محمد البي خلوصي بأفكار الإمام الشيخ محمد عبده التحديثية , و محاولته نقلها إلى درنة .
واستمر التعليم في درنة أمانة في يد الدرناوية , و محاولة قوية منهم لمقاومة " طلينة " السكان و مسح هويتهم , و كان منهم محمد جبريل و عبد الكريم جبريل و عبد العزيز شنيب و محمد سرقيوه و يونس بو سويق و عبد السلام الثلثي و منصور الجلبي و هلال بن فايد و غيرهم ممن حملوا على عاتقهم واجب الحفاظ هوية درنة العربية .(1)
و استمرت أجيال تسلم أجيالاً , داخل هذا المجتمع , الاهتمام بالتعليم حتى أن درنة تعتبر من أكثر حواضر ليبيا في نسبة التعليم . 
و الســؤال الآن لماذا أعطـى مجتمع درنة كل هذا الاهتمام للتعليم ؟ والإجابة نجدها عند الشاعر الدرناوي أحمد بللو حيث يقول " ...مجتمع درنة مجتمع زراعي ... يمتلك الناس سواني صغيـرة (1) , لاتستوعب النمو السكاني الحادث , وما كانش أمام المزارع إنه يورث الأرض لسبعتاش ولد , فكيف يتم تقسيم الأرض ... فأصبح ما فيه غير التعليم و الشهادة , و ساعد على هيك إن أباءنا إتعلموا في المدارس الطلياني .. فعرفوا قيمة التعليم و أهميته " .
و يعرض الباحث هنا التاريخ الرسمي لحركة التعليم في درنة لإيجاد تفسير لوجود عدد كبير من المدارس و المؤسسات التعليمية في درنة , مقارنة بعدد سكانها , فهناك ما لا يقل عن عشرين مدرسة أولية حكومية , هذا غير المدارس الخاصة , كما أن هناك العديد من المدارس الفنية , و للتدليل على هذا يجب أن نعرف أن عدد الطلبة الذين انتظموا في امتحانات الشهادة الإعدادية العام الدراسي 2008 / 2009 بلغ 4712 طالباً .(2) (صورة 29 ، 30)
و قد افتتحت في درنة جامعة خاصة بها سابقاً , و لكن تم إلغاء هذا القرار , و تم إلحاق كليات هذه الجامعة بجامعة عمر المختار . 
و لاحظ الباحث أن أعداد المتعلمين الذين لا يجدون عملاً بشهاداتهم في تخصصاتهم عدد كبير , مما خلق حالة من البطالة لم يستوعبها سوق العمل و لا نوعية الفرص المتاحة فيه . 

المؤسسات الثقافية في درنة :

تتميز درنة بوجود العديد من المؤسسات الثقافية النشطة , التي تقدم خدماتها الثقافية لأهل درنة , و منها بيت ثقافة درنة(صورة31) , الذي يتميز بأنشطته الثقافية المتنوعة, و التي تعكس مستوى أهل درنة , و عراقة ثقافتهم .
وهناك أيضاً جمعية الهيلع للدراسات الميدانية(صورة32), و الذي تقدم أنشطة مشابهـة . و توجد العديد من الجمعيات الثقافية النشطة مثل : جمعية البيئة و تنسيق المدينة , جمعية المدينة للصم و البكم , جمعية النهضة الخيرية , جمعية الصحابة الخيرية.
وهناك أيضاً بعض المتاحف التي تهتم بتاريخ ليبيا عامة , و تاريخ درنة خاصة , مثل متحف درنة , و متحف القبقب , و متحف مركز المجاهدين الليبيين للدراسات التاريخية , و هو ما يعكس المستوى الثقافي المتميز لهذا المجتمع . 

شارك