منتدى يدعو بالإمارات إلى التعايش السلمي لمقاومة التطرف الديني

الثلاثاء 12/ديسمبر/2017 - 12:05 م
طباعة منتدى يدعو بالإمارات
 
انطلقت في العاصمة الإماراتية أبوظبي صباح اليوم الاثنين 11 ديسمبر 2017 أعمال المنتدى الرابع لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة تحت عنوان (السلم العالمي والخوف من الإسلام .. قطع الطريق أمام المتطرف)، تحت رعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تستمر لغاية 13 ديسمبر الجاري، بمشاركة 700 من علماء الدين ونخبة من الشخصيات تمثل مختلف الاتجاهات الفكرية والدينية والثقافية على مستوى العالم.

الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان

الشيخ نهيان بن مبارك
وافتتح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، الجلسة الافتتاحية بكلمة أكد من خلالها على الدافع الرئيس من وراء تأسيس منتدى السلم، والمتمثل في "غياب محاولات ونماذج ناجحة للتعايش السلمي بين البشر، بالرغم من أن العصر الحالي يتسم بثورة تكنولوجيا الإعلام والاتصال وسهولة التنقل عبر العالم".
وذكر الشيخ، في مداخلته أمام حضور متنوع من المثقفين والإعلاميين والأكاديميين ورجال الدين من ديانات مختلفة وبعض الشخصيات الدبلوماسية، أن تفشي ثقافة الكراهية "يرجع أساسا إلى فشل التعايش السلمي بسبب الجهل بثقافة الآخر"، وهو "ما يستغله بعض ذوي النفوس الضعيفة للتآمر والتلفيق وبث ثقافة الكراهية في النفوس، حيث عانت المجتمعات المسلمة من ذلك بسبب هجومات عنيفة على الإسلام والمسلمين باسم الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان".
واعتبر أن "الهجومات التي وقعت باسم الإسلام كرست الخوف من الإسلام والمسلمين، وشيوع النظرة السلبية عبر وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية بأساليب تعمل بقصد على قلب الحقائق وتشويهها".
وأكد الشيخ آل نهيان على ضرورة تحليل ظاهرة الإسلاموفوبيا وتأثيرها على السلم العالمي، على اعتبار أن الخوف من الإسلام في كثير من المجتمعات ليست ظاهرة تتعلق بسلوك الأفراد فقط؛ بل نزعة عنصرية بغيضة تنتشر في المجتمع ويعاني بسببها المسلمون المهاجرون.
والمسلك الفعال، بعبارة الشيخ، هو التعليم وتعريف الآخرين بما يتسم به المسلمون من قيم، كما يجب العمل مع كافة الدول والشعوب على نشر ثقافة التسامح والتخلص من الخوف تجاه المسلمين، ناهيك عن "تأسيس مرصد إسلامي لرصد وتوثيق حالات الكراهية والعنف ضد المسلمين في جميع دول العالم".

الشيخ عبد الله بن بية

الشيخ عبد الله بن
من جانبه أكد رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الشيخ عبد الله بن بية، على أن دور المنتدى يتمثل في "إطفاء حرائق جسد المجتمعات المسلمة، وذلك من خلال النظر المعرفي والفحص العلمي الكافي لما وصفها بـ"المفاهيم المتفجرة" من قبيل دار الحرب، والجهاد، والتكفير، والجاهلية… وهي مفاهيم يقوم عليها الخطاب الإسلامي في نسخته المتطرفة.
وتساءل الشيخ بن بية خلال كلمته: هل يجوز للأديان أن تكون طرفا في هذه الصراعات، أم ينبغي أن تجعل من نفسها المخلص والمنقذ للإنسان والأوطان، فتكون عامل بناء لا هدم، عامل وقاية لا عدوى؟ وهل من الضروري أن يخلق كل عصر "إسلاموفبيا خاصة به؟ وهل من الضروري أن تنطبق على الواقع مقولة هيجل "إن كل ما نتعلمه من درس التاريخ أنه لا أحد تعلم من هذا التاريخ؟" أم أنه ينبغي أن نتعلم من هذا التاريخ حتى يستقر السلم العالمي؟ أو ليس من الواجب تفعيل مقولة هانس كيونج: لا سلام بين الأمم ما لم يكن هناك سلام بين الأديان؟
للإجابة عن هذه الأسئلة، حمل بن بية رجال الدين، من كل المذاهب والديانات، مسؤولية معالجة الغلو والتطرف وإعادة التوزان في نطاق كل ديانة لبناء الجسور بين الديانات على أسس صلبة ودعائم قوية قابلة للاستمرار والاستقرار بل الازدهار ولإعلان الانتصار على الشر وعلى جيش الشيطان "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا".
ومن أجل نشر ثقافة السلام في التعاون مع من سماهم "مع أولي بقية" من الأقوام والديانات والثقافات الأخرى، اقترح بن بية السير في ثلاثة اتجاهات، والتركيز على ثلاثة أمور؛ أولها ترتيب بيت الإسلام من خلال تفكيك منظومة الفكر المتطرف، ثم ثانيها يتعلق بنقل الحوار والدخول فيه على مستوى عالمي، أما الاتجاه الثالث فيتمثل في الانتقال من قيم الحوار والتضامن لتكوين "حلف فضول" ينبذ التمييز والكراهية.

الدكتور عباس شومان

الدكتور عباس شومان
و ألقى الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، كلمة الأزهر في الملتقى الرابع لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، والذي يعقد في الإمارات تحت عنوان: "السلم العالمي والخوف من الإسلام".
وأكد شومان خلال كلمته، على أن رسالة الإسلام منذ بدء نزولها تواجه حربًا شرسة من أجل وأدها والقضاء عليها، وقد مرت الدعوة الإسلامية عبر تاريخها الممتد إلى أكثر من أربعة عشر قرنًا بمراحل عصيبة واجهَ فيها المسلمون ألوانا شتى من الإيذاء والاضطهاد والتنكيل، حتى إن رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - لم يسلم من ذلك الأذى، فقد ضيق سادات مكة وكبراؤها على النبي ودعوته، وآذوه ومن آمن معه إيذاءً شديدًا.
وأضاف وكيل الأزهر: أنه ليس من العيب أن نعترف أن بعض بني جلدتنا انحرفت بهم عقولهم السقيمة عن فهم الدين فهمًا صحيحًا، فشوهوا إسلامنا الحنيف في أذهان من لا يعرفون جوهر رسالته السمحة، فضًلا عن رفض بعض المسلمين الذين يعيشون في الغرب الاندماج في مجتمعاتهم، وسيطرة التيارات المتشددة على الخطاب الديني في بعض المجتمعات.
وشدد وكيل الأزهر، على أن الموضوعية والإنصاف وإلزام كل بمسئولياته، تحتم علينا ضرورة التأكيد على أن ظاهرة الإسلاموفوبيا ليست ناجمة عن انحرافات بعض أتباع ديننا فقط، كما أنها ليست وحدها ما يؤثر سلبًا على السلم العالمي، فالغرب نفسه مشارك في ذلك بشكلٍ كبير، فلم يعد يخفى على أحدٍ دعم بعض الأفراد والمؤسسات في بلاد الغرب لهذا الانطباع السائد عن الإسلام والمسلمين، على الرغم من علمهم اليقيني ببراءة الإسلام من أخطاء أو خطايا بعض أتباعه.
وأشار شومان، إلى أن أخطر هذه الممارسات الظالمة والقرارات المُجحفة بحق المسلمين حول العالم، من هذا القرار المتهور، الذي اعترف بموجبه الرئيس الأمريكي بالقدس الشريف عاصمة للكيان الصهيوني المحتل، وأعلن فيه عزم الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس الشريف بعد ستة أشهر، مؤكدا على أن عروبة القدس وهويتها غير قابلة للتغيير أو العبث.
ولفت شومان، إلى أن الأزهر الشريف من هذا المنبر يجدد رفضه القاطع لهذه الخُطوة المتهورة، ويحذرُ من خطورة الإصرار على التمسك بهذا القرار الباطل الذي تتجلى فيه مظاهر الغطرسة، مؤكدا على ما سبق أن أعلنه في وثيقته حول القدس في 2011م، وفي بياناته الأخيرة، أن عروبة القدس وهويتها غير قابلة للتغيير أو العبث، ولا شك أن خطوة كهذه من شأنها تأجيج مشاعر الغضب لدى جميع المسلمين، وتهديد الأمن والسلم الدوليين.

أحمد التوفيق

أحمد التوفيق
من جانبه، أكد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، على أهمية تيمة السلم؛ وذلك لكون "المسلمين يعيشون مرحلة تاريخية تكتنفها إشكالات صعبة"، داعيا تحليل ظاهرة العنف ومحاصرته عبر توسيع مجال الحريات ومعرفة أحوال المسلمين، والمعني بهذه المهمة هم علماء الدين "هم المسؤولون في السلم والحرب على تقديم التوجيه والنصيحة، وأن من واجبهم العمل بكل الأسباب لإقامة السلم، بالكلمة والقدوة الحسنة".
وفي هذا الصدد، ساق المتحدث مثالا عن رواية تولستوي المعنونة بـ"الحرب والسلم" والتي نسجت مضامينها ووقائعها من حروب نابليون لتقدم خلاصة مفادها أن "وراء الحرب حتمية تاريخية وجبرية قدرية لا يمكن تفسيرها، لكن هذا المعنى يتجاوزه الإسلام الذي يعتبر أن الحرب مصدرها النفوس، وأصل الحروب هي انفعالات البشر".
كما أكد التوفيق على ضرورة تمحيص فتاوى العلماء بما يطرحه الواقع من تساؤلات وإشكالات، حيث ذكر ما تعرض له المغرب من مناوشات أجنبية خلال القرن الـ19 ، حيث وقع العلماء المسلمون آنذاك بين رأيين، الأول يدعو إلى الاستنفار للجهاد، ورأي ثان يميل إلى تجنب الحرب مع الأجانب باعتباره يفوق عدة وعددا، وكانت النتيجة بعد اتباع الرأي الأول هزيمة نكراء عوضها المغرب بضرائبه لمدة 30 سنة.
وخلص التوفيق إلى القول: "لا يجوز السكوت عن الحقوق؛ لكن يجب التفحص مليا في طلبها ونيلها".

محمد عبدالكريم العيسى

محمد عبدالكريم العيسى
من جهته ألقى الدكتور محمد عبدالكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي كلمة ركز فيها على مفهوم السلام ومعنى الإنسانية والأمن والوئام الفكري الشامل. وقال العيسى إن التفسيرات الخاطئة لكثير من المعاني التي تتضمن الجهاد والولاء شوهت الإسلام بمفهومها المزور، فالدين الإسلامي يدعو للسلام ويدحر العنف والكراهية، أما الجهاد فأصله الدفاع عن الظلم والاستبداد، مبيناً أن المفاهيم الصحيحة للإسلام خُطفت من قبل التنظيمات الإرهابية.
من جانبه أكد المرجع الشيعي السيد علي الأمين في تصريح لوكالة أنباء البحرين أن على الشباب المسلم أن يهتم في هذا النوع من المنتديات حتى يساهم في إظهار الصورة الحقيقية والمشرقة للإسلام.
وعن دور المرجعية الشيعية العربية شدد على توعية الشباب والانتباه لهم حتى لا ينخرطوا مع منظمات متطرفة وأن يكون ولاؤهم وارتباطهم لوطنهم، مؤكداً في الصعيد نفسه على دور المرجعية في ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية، وارتباط الشيعة بأوطانهم حيثما وجدوا.
وأشار سماحته إلى أن هناك احزابا ارتبطت بالمشروع السياسي الايراني، والمرجعيات الدينية الموجودة في العراق تكتمت على هذا الامر، مما أدى إلى ارتباط نظرة العرب بالمذهب بهذه الاحزاب مبيناً أنه لا يمكن أن تختزل الاحزاب المذاهب والطوائف بل أن هذه الأحزاب تمثل نفسه

فعاليات المنتدى

فعاليات المنتدى
وستتواصل فعاليات المنتدى غداً الثلاثاء 12 ديسمبر بانطلاق ثلاث محاور هي : الإسلام والعالم، ومسارات التعارف والتضامن ، والخوف من الإسلام الاسباب والسياقات.
الجدير بالذكر أن مؤتمر ماردين سنة 2010م، كان أولى الخطوات التي قامت بها جماعة من علماء المسلمين برئاسة معالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم مراجعة الفتوى الماردينية لشيخ الإسلام ابن تيمية التي طالما استند إليها أصحاب الفكر المتشدد في تبرير أعمالهم الإجرامية، لتصحيح العلاقة بين المسلمين وإخوانهم في الإنسانية، وتجريد أصحاب الفكر المأزوم من بعض متمسكاتهم التي يتمسكون بها في أفعالهم وأعمالهم التي لا يقرها العقل والحس الإنساني فضلا على الشرع الحنيف. وخلص هذا الاجتماع للخروج بتصحيح خطأ مطبعي في هذه الفتوى وقع من مائة سنة.
وجاء تأسيس منتدى تعزيز السلم استجابة لضرورة الواقع، والحاجة الملحة لخفض حرارة جسد الأمة الذي يوشك على الانفجار، ككيان مؤسسي قام في ملتقاه الأول بأبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في مارس 2014م، وملتقاه الثاني في أبريل 2015م باستثمار اجتماع أكثر من 450 شخصية علمية وفكرية وسياسية لتشخيص أسباب هذه الظاهرة ومعالجتها بما يحقق السلام والوئام الإنساني، ويساعد على التنمية في مختلف مجالاتها.
 لقد كان لانعقاد هذين الملتقيين صداهما لدى المؤسسات الرسمية والدولية، وصار المنتدى محل استشهاد به في المنتظمات الدولية، واستدعي رئيسه للمشاركة في قمة مكافحة التطرف العنيف، وألقى فيها خطابا يبحث من خلاله عن أولي بقية من عقلاء الإنسانية تنقذ ما يمكن إنقاذه. لكن لم تنفك الأحداث تتسارع بمستوى لم يعد أمام علماء المسلمين خيار إلا تنسيق جهودهم لإعلان الحرب الفكرية على التطرف أيا كان نوعه ومصدره، وإعلان سنة 2016 سنة مكافحة التطرف والإرهاب.
وقد ضم المجلس الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، و الدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية بالإمارات العربية المتحدة، و الدكتور فيصل بن معمر ممثل مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الحضارات والأديان (السعودية)، والدكتور عبد الله معتوق المعتوق المستشار بديوان صاحب السمو أمير دولة الكويت، ورئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، والشيخ الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، و الشيخ محمد المختار ولد أمباله رئيس المجلس الأعلى للفتيا والمظالم بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، والدكتور عبد الله عمر نصيف رئيس المؤتمر الإسلامي، والدكتورة عائشة العدوية رئيسة جمعية الكرامة بالولايات المتحدة الأمريكية، والشيخ مصطفى سيريتش المفتي السابق رئيس علماء البوسنة، و الدكتور عطاء الله مهاجراني وزير الثقافة والإرشاد السابق بإيران، والمفكر الدكتور رضوان السيد – لبنان، والدكتور محمد السماك أمين عام لجنة الحوار الإسلامي المسيحي بلبنان، المفكر الدكتور عبد الله السيد ولد أباه من موريتانيان والشيخ عبد الله علي سالم رئيس المجلس الدستوري السابق بموريتانيا، الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الإسكندرية، والدكتور محمود عبده الزبير مستشار الشؤون الدينية بمالي، والشيخ حمزة يوسف هانسون رئيس كلية الزيتونة بكاليفورنيا، والدكتور محمد بشاري أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوربي. وعدد آخر من الشخصيات العلمية والفكرية.

شارك