40 عاما في قبضة الملالي.. إيران بين تسليح و تصدير الإرهاب وقهر المواطنين

الأربعاء 13/فبراير/2019 - 01:13 م
طباعة  40 عاما في قبضة روبير الفارس
 
مرت 40 عاما علي سقوط ايران في قبضة الملالي ايات الله السوداء .وتاتي الذكري الاربعين مع انهيار اقتصادي  تعترف به وسائل الاعلام الايرانية نفسها .وفشل تام في تصدير ما يسمي بالثورة الاسلامية مع الاستمرار في قهر المواطنين ودعم الارهاب من خلال الاذرع المتعددة لايران في عدد من الدول .في هذا التقرير نرصد اراء لخبراء ومحللون يتحدثون عن واقع ايران المزري بعد اربعة عقود من دجل الملالي وديكتاتوريتهم الدامية في البداية يقول "سايمون هندرسون "الباحث بمعهد واشنطن لسياسيات الشرق الادني لم تكن الثورة الإيرانية عبارة فقط عن الإطاحة بالشاه وعودة الخميني من المنفى. فقد غلبت الفوضى على الأشهر القليلة الأولى، حيث تمّ أولاً استئصال الجماعات اليسارية ومن ثم الإسلاميين المعارضين من "مجاهدي خلق"، الذين يتواجد ما تبقى منهم في باريس حالياً. وكانت هناك تمرّدات في المحافظات، حيث تعرّض العرب في الجنوب الغربي للهجوم، ولم يُقدّم العراق الذي كان يحكمه صدام حسين في ذلك الحين أي مساعدة. وفي كردستان، أخذ المقاتلون الأذربيجانيون المحليون ثأرهم من كراهية دامت قرون. وقد رأيت ذات مرة أذربيجانيين يرمون جثة أحد الأكراد في النهر بينما كان الأولاد في القرية يرمون الحجارة على الجثة التي كانت تطفو في مجرى النهر. لكن ما ساهم في تعزيز الثورة هو الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران في نوفمبر 1979. فقد تمّ تهميش من تبقى من معتدلين في الحكومة الجديدة، أو إرغامهم على الاستقالة، أو هروبهم أو حتى إعدامهم. ونظراً لتواجدي هناك، يمكنني أن أشهد على أن مأساة تلك الفترة قد تمّ توثيقها بشكل جيد في فيلم من بطولة بين أفليك بعنوان "أرغو" من عام 2012.

ويطرح الباحث سؤال يقول هل هناك حِكَم متراكمة يمكن تطبيقها على يومنا الحالي؟ ويجيب قائلا قد مالت الكُرة عموماً لصالح النظام الإسلامي خلال السنوات الأربعين الماضية. وقد يكون من الجيد التفكير أنه بسبب تدخل طهران في سوريا ولبنان والعراق واليمن، فإنها تقترب من مُقابل ثوري لامتداد امبريالي مفرط. وعلى نحو مماثل، لا بدّ من أن تكون العقوبات الاقتصادية خانقة، ولكن هل يلوم الشعب طهران على ما يعانيه من مشقات؟قد يكون النظام الإسلامي مقبولاً، وليس شعبياً، فـ «الحرس الثوري» مستعد بالتأكيد للقيام بأعمال قتل من أجل الحفاظ على النظام في السلطة - وربما تكون معرفتنا وفهمنا للاتجاهات في البلاد ضعيفة على الأرجح.

وفي رأيي، يكمن الخطر الأكبر في نظرة المرشد الأعلى علي خامنئي لبرنامج إيران النووي باعتباره المرادف العصري للاستيلاء على السفارة الأمريكية. فهو سيضمن استمرارية النظام الإسلامي. وفي هذا السياق، كانت «خطة العمل الشاملة المشتركة» لعام 2015، المعروفة بالإتفاق النووي الإيراني، فترة فاصلة وليس توقفاً. إنه استنتاجي الشخصي، ولكن من الواضح هناك آخرون يشاطرون هذه النظرة.    ولذلك، يكتسي اجتماع وارسو أهمية أكثر مما قد يعتقده الكثيرون، ومن المؤكد تقريباً أنه لن يكون كافياً.وعلي ذكر ضحايا الثورة الايرانية نذكر علي سبيل المثال فقط بادرت قيادة الثورة في البداية إلى إعدام كبار الجنرالات، وبعد شهرين أعدم أكثر من 200 من كبار مسؤولي الشاه المدنيين بهدف إزالة خطر أي انقلاب، وأجرى قضاة الثورة من أمثال القاضي الشرعي صادق خلخالي محاكمات موجزة افتقرت إلى وكلاء للدفاع أو محلفين أو إلى الشفافية، ولم تمنح المتهمين الفرصة للدفاع عن أنفسهم، ومن بين الذين أعدموا بدون محاكمة (عملياً) أمير عباس هوفيدا، رئيس الوزراء السابق لإيران، أما الذين هربوا من إيران فليسوا محصنين، فبعد مرور عقد اغتيل في باريس رئيس الوزراء الأسبق شابور بختيار، وهو واحد من ما لايقل عن 63 إيرانيا قتلوا أو جرحوا منذ الإطاحة بالشاه.

من أوائل شهر مارس استشعر الديمقراطيون بخيبات الأمل المنتظرة عندما أعلن الخميني "لاتستخدموا هذا المصطلح (الديموقراطية)، إنها مفهوم غربي". في منتصف شهر أغسطس تم إغلاق عشرات الصحف والمجلات المعارضة لفكرة الحكومة الخمينية، استنكر الخميني غاضبا الاحتجاجات ضد إغلاق الصحافة، وقال "كنا نظن أننا نتعامل مع بشر، من الواضح أن الأمر ليس كذلك". بعد نصف سنة بدأ قمع المعارضة الخمينية المعتدله المتمثلة في حزب الشعب الجمهوري، واضطهد العديد من كبارها، ورموزها منهم الشريع تمداري الذي وضع تحت الاقامة الجبرية. وفي مارس 1980 بدأت "الثورة الثقافية"، أغلقت الجامعات التي اعتبرت معاقل لليسار مدة سنتين لتنقيتها من معارضي النظام الديني. في يوليو فصلت الدولة البيروقراطيه 20.000 من المعلمين و8.000 تقريبا من الضباط باعتبارهم "متغربين" أكثر ممايجب. واستخدم الخميني كثيرا أسلوب التكفير للتخلص مع معارضيه، وعندما دعا قادة حزب الجبهة الوطنية إلى التظاهر في منتصف عام 1981 ضد القصاص، هددهم الخميني بالإعدام بتهمة الردة "إذا لم يتوبوا". وفقًا للمؤرخ إرفاند أبراهاميان، قامت المحاكم الثورية بإعدام أكثر من 8000 معارض بين يونيو 1981 ويونيو 1985؛ وقد كانوا بشكل رئيسي أعضاء بحركة مجاهدي خلق، وكان من بينهم أيضًا قد وثقت منظمة العفو الدولية 2946 حالة إعدام في 12 شهرًا و رصدت قائمة جمعتها حركة مجاهدي خلق 7746 شخصًا كانوا قد فقدوا حياتهم إما بالإعدام شنقًا، أو في اشتباكات بالشوارع

الازرع الفاشلة 
يقول الكاتب الايراني حسن منيمنة حول اذرعة ايران الارهابية فسواء كان الأمر في لبنان أو فلسطين أو سوريا أو العراق أو اليمن أو البحرين، أثبتت إيران أنها عاجزة عن تحويل حضورها الثوري إلى علاقة مستدامة بصيغة دولة نافذة على مستوى المنطقة. بل إن اعتمادها المتواصل لنموذج الاذرع يحرمها من أن تصل بسياستها إلى الشكل الاعتيادي. بالإضافة إلى أنه من شأن الأطراف السياسية الإيرانية الداخلية المتباينة والمستفيدة ضمناً وصراحة من انتشار منظومة الاذرع أن تعترض أي قرار يسعى إلى التخلي عن هذا الاستثمار الباهظ، في حال ظهر من يحبذ التحوّل. لا شك بأن الدولة الإيرانية من شأنها أن تستفيد كثيراً من تطبيع علاقاتها مع الأسرة الدولية والانتقال إلى صيغة الدولة الاعتيادية، غير أن الواقع أن منظومة الاذرع  تشكل عائقاً وتورطاً عقائدياً لا يبدو بأن الثورة الإيرانية، مع بلوغها الأربعين، قادرة على انتشال نفسها منها.
ارهاب الملالي 
وتقول الكاتبة الايرانية هدي مرشدي في هذه الأيام في أي مكان تنظر فيه من الشرق الأدنى إلى الشرق الأقصى، لا يمر أسبوع واحد إلا ويتم الكشف فيه على نشرات الاخبار عن حالة من إرهاب نظام الملالي، من التدخلات في شؤون الدول وارسال المال والأسلحة ونشر الحروب وحتى التجسس الاستخباري.

وبما أن السياسة الأساسية لهذا النظام متركزة حول القمع في الداخل وتصدير الأزمات لخارج الحدود فلابد من أن هذا النظام بحاجة لنفس هذه التدخلات وسياسات نشر الحروب من أجل إدامة مسيرة هذا النظام والإبقاء على حياته ولكن في هذه الأيام يتم إزاحة الستار ليتم فضح مسؤولي الدكتاتورية الدينية على الملأ بشكل أكبر.

وقد وصل هذا الموضوع لحد عدم تصديق قطع العلاقات من هذه الحكومة سواء اقتصاديا أو عسكريا من قبل المرتبطين بهذا النظام.

وليس من دون سبب نجد أن الحكومة الإيرانية تصف كلًا من سورية والعراق ولبنان واليمن بالعمق الاسترتيجي لحكومتها.

وفي أعقاب النفطية التي اتخذتها أمريكا ضد إيران فإن هذا النظام لايملك حلا لإعادة تشجيع هذا الارتباط سوى بالاختباء خلف عبائة الدول المرتبطة به.

يوم الثلاثاء ٢٠١٨ قام عادل عبد المهدي رئيس الوزراء العراقي بإرسال هيئة للتفاوض مع واشنطن من أجل إجراء محادثات حول إعفاء العراق من العقوبات النفطية والمالية الإيرانية.

وهدف هذه الهيئة العراقية من التفاوض مع واشنطن كان الحصول على موافقة واشنطن للاستمرار في استيراد الغاز والكهرباء من ايران. والعراق على الرغم من أنه يعتبر من بين المنتجين الكبار للنفط في العالم إلا أنه يعتمد على استيراد الكهرباء والغاز من إيران.

حكومة العراق تقوم بشراء ٢٨ مليون متر مكعب من الغاز الإيراني والقسم الأساسي من هذا الغاز المشترى من إيران يتم استخدامه لتوليد الكهرباء في محطات الطاقة العراقية.

وطبعا حكام ايران لديهم ضوء اخضر للاستمرار في بيع ونقل الغاز والنفط حتى آخر الأيام المتبقية.

آلبسر برت نائب رئيس شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية قال يوم الأحد ٢٧ يناير بأنه يجب على العراق تقليص اعتماده على الاقتصاد الإيراني المنهار وأيضا من نفوذ اقتصاد طهران عليه.

هذا فقط جانب واحد من الوضع الاقتصادي للحكومات التي تسعى من خلال التهديد والرشوة لحفظ تقدم سياساتها واستراتيجيتها. ولكن يجب التذكير بأن شعبية إيران بين الشيعة العراقيين قد انخفضت خلال الاعوام الثلاثة الماضية من ٢٠١٤ حتى ٢٠١٨ بشكل حقيقي.

وعلى سبيل المثال فإن عدد العراقيين الشيعة المؤيدين لإيران انخفض من ٧١ % إلى ٤٣ % وارتفعت نسبة الأشخاص الذين لا يثقون بدكتاتورية إيران من ٢٤% إلى ٥٥%.

وبالإضافة لذلك ارتقى عدد الأشخاص الذين يعتبرون إيران تهديدا على الحكومة الوطنية العراقية من ٢٥% إلى ٥٨% في عام ٢٠١٨.

الدعم الإيراني المستمر للحكومات العراقية الفاسدة بعد عام ٢٠٠٦ وخاصة حكومة نوري المالكي العميلة لم يكن بلا تأثير أيضا في هذا المجال.

علاوة على أن التدخل في السياسة الداخلية العراقية وأيضا تشكيل وتنظيم المليشيات الشيعية المرتبطة بإيران لها دور مؤثر بالنسبة لنظام ولاية الفقيه.

وكان هناك قسم من الاحتجاجات في جنوب البصرة في صيف هذا العام عبر عن معارضته لتدخلات إيران.

"التدخل" استراتيجية:

على مدى العقود الأربعة الماضية، وضع هذا النظام المتأزم مجموعة من التكتيكات المختلفة للحرب السياسية من أجل الحفاظ على بقائه وسنشير لبعض منها:

● استخدام المليشيات المستأجرة والمرتزقة من أجل التدخل في السياسة المحلية بما يخدم مصالح الحكومة الدينية.

● استخدام النفوذ الاقتصادي كأداة سياسية.

● إثارة الحروب النفسية ونشر الأيدلوجية المسماة بالإسلامية من خلال وسائل الإعلام الوطنية، و NGO، والمجموعات المحلية المأجورة.

● الدبلوماسية الدينية والثقافية واستخدام الدين لخدمة أهدافه.

وفي الحقيقة استيلاء إيران على الحرب السياسية هو بسبب ضعفها التاريخي وجميع جوانبها الأصولية والمتطرفة. لأنه خلال ٤٠ عاما مضى لم يستطع النظام تثبيت حكمه بشكل متناسب مع تقدم المجتمعات البشرية وكان لابد من استخدام وإيواء التكتيكات الرجعية.

فولاية الفقيه رغم دعمها لمجموعات مرتزقة لها مثل حزب الله والمليشيات الشيعية العراقية في العراق تعتبر الحرب السياسية قدرة غير عسكرية غير متماثلة ويجب استخدامها ضد النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري الأمريكي.

علي رضا زاكاني برلماني سابق من الجناح المحافظ ادعى أيضا في سبتمبر ٢٠١٤ قبل سقوط صنعاء بيد المتمردين الحوثيين بأن هناك ٣ عواصم عربية اليوم تحت سيطرة إيران وتنتمي للثورة الإسلامية وعبر عن تمنياته بأن تكون صنعاء رابع تلك العواصم. زاكاني أشار لدمشق وبغداد وبيروت.

كما أن علم الهدى عضو مجلس الخبراء وممثل خامنئي في مشهد أكد: "اليوم ليس الأمر بأن أرض العراق والشام وساحل البحر الأبيض المتوسط هي نقطة خارج هذا البلد وخارج هذه الحدود، فالجبهة الإسلامية (اقرأوا حدود نظام الملالي) تم تشكيلها هناك".

كما أن الاعترافات الواضحة لكبار مسؤولي خامنئي في القوات المسلحة للنظام الإيراني تظهر بوضوح أنه طالما أن هذا النظام على الحكم فإنه سيستمر في تدخلاته في جميع أنحاء المنطقة ومن بينها سورية والعراق واليمن ولبنان والبحرين.

والأمر الضروري جدا هو وضع قوات الحرس وبقية ذيوله وأتباعه على قوائم الإرهاب وقطع يد هذا النظام وقوات حرسه في المنطقة.

وبناءا على تجربة ٤٠ عاما من حكم الملالي المليئ بالجرائم والفساد فإن هؤلاء لايفقهون إلا لغة القوة والشعب والمقاومة الإيرانية يرفضون هذا النظام بشكل تام وقطعي ويطالبون بإسقاطه.
سقوط الملالي 
ويقول الباحث الايراني  عبدالرحمن مهابادي بعد مرور أربعين عام على سقوط نظام الشاه على يد انتفاضة الشعب الإيراني ودخول انتفاض الشعب الإيراني الحالية ضد نظام الملالي عامها الثاني، هب المجتمع الدولي لدعم هذه الانتفاضة وقام بإعمال عقوبات مميتة ضد النظام. وبالتوازي مع هذا يشهد العالم صعود البديل الديمقراطي أي المجلس الوطني للمقاومة الإيراني كبديل ومنافس وحيد وحقيقي لنظام الملالي. فعلي خامنئي وبقية مسؤولي النظام الكبار والصغار اعلنوا عن خوفهم وذعرهم مرات عديدة من مثل هذا البديل. فهم يعلمون جيدا بأن المحرك الاساسي لانتفاضة الشعب الإيراني هي المقاومة الإيرانية التي تشكل مطلب اسقاط نظام الملالي وخلق الحكومة الشعبية والوطنية والديمقراطية والتعددية والتي تفضل الدين عن الحكومة أقل مطالبها. نعم ثوابت ومبادئ الانتفاضة المناهضة للحكم الملكي لم تمت ولم تذر كالرماد، فالمقاومة الإيرانية مؤمنة ايمانا كاملا بانتصارها.

شارك