منابر وأفكار وأموال: كيف تهدد جماعة الإخوان المسلمين أمن فرنسا؟

الثلاثاء 20/مايو/2025 - 04:39 م
طباعة منابر وأفكار وأموال: علي رجب
 
في تقرير سري مؤلف من 73 صفحة، قدمته أجهزة الاستخبارات الفرنسية إلى وزير الداخلية برونو ريتيلو، تم الكشف عن صورة مقلقة لتغلغل جماعة الإخوان المسلمين في المجتمع الفرنسي.

الوثيقة، التي نشرت نسخة منها بعد رفع السرية عنها بواسطة صحيفة “لوفيغارو” في 20 مايو 2025، تظهر كيف أن الجماعة تعمل على تقويض الدولة الفرنسية من الداخل عبر شبكة واسعة من المؤسسات والأفراد.

تغلل الإخوان في مؤسسات فرنسا
ويقال إن “نحو عشرين إدارة” تأثرت بهذا الاختراق للإسلام الراديكالي، والذي يمكن تفسيره على وجه الخصوص بـ “الافتقار المستمر للهيكل في تنظيم الإيمان الإسلامي “.

ويمكن تفسير صعود جماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص بحقيقة أن المنظمة صممت “مصفوفة الإسلام السياسي المعدلة ليتم تنفيذها في الغرب”.

ويكشف التقرير أيضا عن النظام المحكم الذي تتبعه جماعة الإخوان المسلمين ، والتي تتبنى أساليب عمل مختلفة مثل “إعادة الأسلمة” أو “التخريب أحيانا” لزعزعة استقرار البلاد.

وفي المجمل، تم تسجيل 139 مكانا للعبادة تابعا للمسلمين في فرنسا في البر الرئيسي الفرنسي. ويقال إن هذه المساجد هي “الفرع الرئيسي للإخوان المسلمين في فرنسا”، حتى وإن كانت تنكر الحقائق.

المساجد والمدارس

يشير التقرير إلى أن هناك 139 مكان عبادة إسلامي في فرنسا يعتبرون بمثابة “الفرع الرئيسي للإخوان المسلمين”، بالإضافة إلى 68 مكانا آخر يعتبرون “قريبين من الاتحاد”، مما يشكل حوالي 7% من إجمالي أماكن العبادة الإسلامية في البلاد. هذه الأماكن تستخدم كمنابر لنشر الفكر الإخواني، رغم نفي الجماعة لذلك.

ويظهر التقرير أن جماعة الإخوان المسلمين تستهدف القطاع التعليمي كأولوية، حيث تم تحديد 21 مؤسسة تعليمية مرتبطة بالجماعة ومن بين هذه المؤسسات، خمس فقط لديها عقد شراكة مع الدولة، مما يثير القلق بشأن تأثير هذه المؤسسات على الأجيال القادمة.

وتذكر الوثيقة أيضا قضية مدرسة ابن رشد الثانوية في ليل ، والتي يزعم أنها تلقت “تمويلا غير مشروع في شكل قروض مع التنازل عن الديون من المساجد المجاورة ومن المركز الإسلامي في فيلنوف داسك، والذي تم تمويله بدوره من قبل الكويت وقطر ومصر “.

وتمت ملاحظة ” نقص خطير في الموارد التعليمية” ، بما في ذلك وجود أعمال الإمام حسن إيكيوسن، الذي تم إدراجه في القائمة “S” وتم ترحيله إلى المغرب في عام 2024.

وسائل التواصل الاجتماعي: “الوعظ 2.0”

ويشير التقرير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كأداة رئيسية للتأثير على الشباب، حيث يقوم “المؤثرون” بنشر رسائل دعوية تروج للأيديولوجيا الإخوانية.

ومن بين هؤلاء، مروان محمد، المدير السابق للتجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا (CCIF)، الذي يعتبر من بين “نحو عشرين مؤثرا لهم تأثير حقيقي على الشبكات”.

التمويل: شبكات مالية مشبوهة

ويكشف التقرير عن وجود 280 جمعية مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، تعمل في مجالات متنوعة تشمل الدين، الأعمال الخيرية، والتعليم، والمجالات المهنية والشبابية وحتى المالية.

وتمثل هذه الجمعيات شبكة مالية تستخدم لتمويل الأنشطة المرتبطة بالجماعة، مما يثير تساؤلات حول مصادر التمويل ووجهتها.

ويدعو المؤلفون إلى الوعي بهذا التقدم ويقترحون عدة طرق لمعالجة هذا الاتجاه. على سبيل المثال، يطلبون من البرلمان تقديم تقرير "كل عامين حول حالة التهديدات للأمن القومي". سيتم مناقشة مسألة التسلل الإسلامي والإخواني في المجلس الأعلى للدفاع الوطني، برئاسة إيمانويل ماكرون ، في قصر الإليزيه يوم الأربعاء 21 مايو.

ويحذر التقرير من أن جماعة الإخوان المسلمين تعتمد على “آليات متعددة تتراوح بين إعادة الأسلمة، والانفصالية، وأحيانا التخريب، بهدف زعزعة استقرار الجمهورية الفرنسية”.

وتسعى الجماعة إلى بناء “نظم بيئية” على المستوى المحلي، تتمحور حول المسجد وأصحاب المصالح فيه، وتتمحور حول “أعمال مجتمعية أو أنشطة رياضية منفصلة عن المسجد، من أجل الاستثمار في مجال التعليم الخاص”.

ويظهر التقرير أن جماعة الإخوان المسلمين قد نجحت في بناء شبكة واسعة من المؤسسات والأفراد المنتشرين في مختلف قطاعات المجتمع الفرنسي، مما يشكل تهديدا للأمن القومي.

يتطلب التصدي لهذا التهديد تنسيقا بين مختلف الأجهزة الأمنية، وتعزيزا للرقابة على المؤسسات والجمعيات المرتبطة بالجماعة، بالإضافة إلى نشر الوعي بين المواطنين حول مخاطر هذا التغلغل.

من المتوقع أن تناقش هذه القضية في الاجتماع المقبل للمجلس الأعلى للدفاع الوطني، مما قد يفضي إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمواجهة هذا التهديد.

شارك