منابر التعليم تتحول إلى ساحات تعبئة.. الحوثيون يجبرون المعلمين والطلاب على دورات عقائدية
الثلاثاء 09/سبتمبر/2025 - 12:36 م
طباعة

في ظل واقع تعليمي مأزوم يرزح تحت وطأة الحرب والصراع في اليمن، تتصاعد المخاوف المحلية والدولية من محاولات جماعة الحوثي تحويل المؤسسات التعليمية إلى منصات أيديولوجية تخدم مشروعها السياسي والديني المدعوم من إيران، فالمشهد التعليمي في العاصمة المختطفة صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية لم يعد مقتصرًا على المناهج الدراسية التقليدية، بل أصبح ميدانًا لنشر أفكار طائفية وأنشطة دعائية، تجبر مئات المعلمين والطلاب على المشاركة فيها قسرًا، وسط تحذيرات من خطورة هذه السياسات على مستقبل الأجيال اليمنية ووحدة المجتمع.
وفي هذا السياق، يكثف الحوثيون ضغوطهم على قطاع التعليم، حيث أصدرت مكاتب التعليم الخاضعة لهم في صنعاء وإب وعمران ومحافظات أخرى أوامر مباشرة للمدارس الحكومية والأهلية لحشد الطلاب والمعلمين للمشاركة في فعاليات دعائية، أبرزها الاحتفالات بالمولد النبوي في ميدان السبعين وساحات عدة، وفرضت على الإدارات المدرسية إعداد قوائم بأسماء المشاركين تحت طائلة التهديد بحرمان الطلاب من الامتحانات أو فصل المعلمين الرافضين، كما قام مشرفون حوثيون ميدانيون بتوزيع بطاقات دعوة وإلزام المدارس بتدبير وسائل النقل والوجبات، وهو ما كشفته تجارب سابقة عن قصور واضح ترتب عليه فقدان الطلاب حتى ساعات متأخرة من الليل.
وتزامن ذلك مع فرض الجماعة في محافظة إب دورات طائفية وعسكرية على مئات المعلمين تحت مبررات سياسية مثل "نصرة غزة" أو "الاستعداد لمواجهة إسرائيل"، إضافة إلى إلزام آلاف الطلاب بالتبرع لتمويل هذه الفعاليات.
ووفقًا لشهادات تربوية، فقد استهدفت هذه الدورات بشكل خاص المعلمين الذين يدرسون مواد القرآن الكريم، التربية الإسلامية، الدراسات الاجتماعية، واللغة العربية، وهي المواد التي سبق أن أجرت عليها الجماعة تغييرات واسعة لتتماشى مع أيديولوجيتها الخاصة.
وفي بيان رسمي، حذّرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات من خطورة استمرار هذه الممارسات، مؤكدة أن فرض الدورات الطائفية لا يمت بصلة للعملية التعليمية، بل يهدف إلى إعادة تشكيل وعي الطلاب والمعلمين بما يخدم مشروع الجماعة.
وأوضحت الشبكة أن هذه الدورات استمرت لعدة أيام في مديريتي الظاهر والمشنة بمحافظة إب، وأن المليشيا هددت المعلمين الرافضين بحزمة من الإجراءات العقابية.
كما أشارت إلى أن الحوثيين دأبوا منذ سنوات على إلزام الموظفين والمعلمين بحضور ما يُعرف بـ"اليوم الثقافي"، حيث تُبث محاضرات مؤسس الجماعة وزعيمها بشكل أسبوعي.
ويرى مراقبون أن هذه السياسات تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتهديدًا مباشرًا لمستقبل التعليم في اليمن، إذ تسعى المليشيا إلى تطويع الأجيال القادمة لخدمة مشروعها الطائفي وإفراغ العملية التربوية من مضمونها الوطني.
ويؤكد هؤلاء أن هذه الممارسات تفتح الباب أمام تفكك النسيج الاجتماعي اليمني وتعميق الانقسامات المذهبية، فضلًا عن تحويل المدارس إلى ساحات تعبئة فكرية وعسكرية، بما يهدد استقرار البلاد على المدى الطويل.
كما يشددون على أن ترك هذه الممارسات دون محاسبة سيؤدي إلى نشوء جيل مشبع بالكراهية والأفكار المتطرفة، بعيد كل البعد عن قيم التعليم ومبادئ التعايش.