دعا لحماية مسلمي الروهينجا.. صوت الفاتيكان الذى لا يسمعه العالم
الثلاثاء 07/أكتوبر/2025 - 01:21 م
طباعة

في زمن تتشابك فيه المصالح وتتعالى فيه الأصوات الداعية للعنف والانتقام، يبقى صوت الفاتيكان استثناء نادرا، يحمل نبرة أخلاقية وإنسانية ثابتة، يعلو فوق سياسات المصالح، ليذكر العالم بأن كرامة الإنسان لا تتجزأ، وأن كل مظلوم يستحق نصرة، أيا كان دينه أو عرقه.
الفاتيكان: من غزة إلى ميانمار… مواقف لا تتبدل
في تصريح حازم وصريح، قال الكاردينال بييترو بارولين، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، إن الوضع في غزة "أكثر خطورة ومأساوية من العام الماضي"، معتبرا أن الحرب أفرزت نتائج كارثية وغير إنسانية، داعيا إلى التخلي عن "منطق الكراهية والانتقام الأعمى".
قال بارولين:"يؤلمني تعداد الموتى يوميا في فلسطين... كثير منهم أطفال، ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا هناك. نخشى أن نعتاد على هذه المجزرة."
الفاتيكان ومسلمو الروهينجا: موقف شجاع لا يعلو في الإعلام
الفاتيكان بمواقفه المشرفة سجل بكل قوة ايضا في المؤتمر الرفيع المستوى الذي عقدته الأمم المتحدة في مقرها الرئيسي في نيويورك الوضع الراهن لمسلمي الروهينجا والأقليات الأخرى في ميانمار، حيث ألقى أمين سر العلاقات مع الدول والمنظمات الدولية في الكرسي الرسولي، المطران بول ريتشارد غالاغر، خطابا دعا فيه إلى تعزيز المساعدات للاجئين في ميانمار والدول المجاورة، إضافة إلى حث الدول على إيجاد حل مستدام لهذه الأزمة الإنسانية، مشيرا إلى أهمية قبول التعددية الدينية وتعزيز التعايش المشترك.
في خطابه، رحب المطران غالاغر بانعقاد المؤتمر الرفيع المستوى بشأن الوضع الراهن لمسلمي الروهينجا والأقليات الأخرى، مشيرا إلى أهميته في ضوء أحدث الإحصاءات، التي تفيد بوجود أكثر من 1.2 مليون لاجئ روهينجي يعانون من النزوح وانعدام الجنسية، حيث يعيش نحو 89% منهم في بنجلادش.
أزمة إنسانية مهددة… وتمويل يختفي
حذر ممثل الفاتيكان من أن جهود الإغاثة مهددة بسبب نقص حاد في التمويل، مما قد يؤدي إلى حرمان مئات الآلاف من الغذاء والرعاية الصحية والتعليم، ويفتح الباب أمام الاتجار بالبشر وشبكات الجريمة المنظمة، خصوصا في ظل هشاشة وضع اللاجئين.
وأضاف المطران أنه، وعلى الرغم من "المساعدات الإنسانية السخية" التي تقدمها بنغلادش والدول المجاورة لهذه "الأزمة الخطيرة"، لا يزال العديد من اللاجئين الروهينجا، ولا سيما النساء والأطفال، يعانون من ظروف قاسية في مخيمات مكتظة مثل كوكس بازار وباسان تشار.
مشيرا إلى وجود حوالي 630 ألف شخص من الروهينجا لا يزالون في ولاية راخين بميانمار، يعانون من انعدام الجنسية، والتجنيد القسري، والتمييز، والجوع، والاضطهاد من قبل الجماعات المسلحة والقوات العسكرية.
وحذر غالاغر من أن جهود الإغاثة الإنسانية مهددة بالخطر نتيجة نقص حاد في التمويل، مما قد يؤدي إلى انقطاع خدمات حيوية مثل الرعاية الصحية الأساسية، والمساعدات الغذائية، والتعليم، في الأشهر المقبلة.
وأضاف أن هذا النقص قد يفتح الباب أمام استغلال اللاجئين من قبل شبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر. وشدد على أهمية سد الفجوة بين الاحتياجات الإنسانية والتمويل، مؤكدا ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون تمييز وبما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي.
وأضاف في خطابه مشيرا إلى أهمية الوصول إلى حلول طويلة الأمد تقلل الإعتماد على المساعدات الإنسانية، وتسعى لحل جذور الأزمة عبر التوصل إلى حل توافقي وطني يتجذر في الصلح الوطني والادماج.
دعوة إلى التعايش والحرية الدينية
وأشار المطران غلاغر إلى موقف الكرسي الرسولي الرافض للانقسام المبني على الاختلاف الديني بل يحفز الوحدة والمصالحة، منوها بدور الأديان في اقتلاع جذور الصراعات، وتشجيع الحوار، ودعم العدالة، والدفاع عن حقوق المتألمين. وأضاف: "يتطلب ذلك بالضرورة احتراما كاملا للحرية الدينية في كل بلد، لأن التجربة الدينية تعد بعدا أساسيا للإنسان. وبدونها، يصعب التوصل الى نقاء القلب الضروري لبناء علاقات سلمية."
وفي ختام كلمته، شدد ممثل الكرسي الرسولي على أن كل إنسان، بغض النظر عن عرقه أو دينه، يتمتع بكرامة منح الله اياها وبحقوق أساسية، من بينها حقه في الجنسية والعيش بأمان. وأدان المطران غالاغر بشدة جميع أشكال التمييز والاضطهاد والعنف القائم على أساس ديني أو عرقي، داعيا جميع الأطراف إلى احترام حقوق الإنسان الدولية، وحماية الأقليات، والاستجابة لنداء البابا لاون الرابع عشر: "للالتزام في حوار شامل، الطريق الوحيد نحو حل سلمي ودائم". فمن يسمع صوت الفاتيكان
لكن المفارقة المؤلمة أن هذا الصوت الأخلاقي النادر لا يسمعه أحد، أو بالأحرى لا يرغب كثيرون في الاستماع إليه، في عالم تعميه الأحقاد، وتخرسه حسابات المصالح.
يواصل الفاتيكان، في زمن انكفاء الضمائر، أداء دوره النبوي الذي لا يعرف المساومة، يرفع صوته من أجل المضطهدين في غزة، واللاجئين في كوكس بازار، والضحايا المنسيين خلف حدود الصمت الدولي.