من المسئول عن براءة مبارك !!

الأربعاء 03/ديسمبر/2014 - 08:18 م
طباعة
 
عندما أشرقت ثورة 25 يناير على الشعب المصري وتفتحت طاقات من الأمل في عقول وقلوب الشعب المصري، بخاصة طليعته الشبابية الذين رفعوا شعارات العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وكانت كل آمال الشعب المصري تتعلق بمطلب إسقاط النظام والبدء في تدشين نظام جديد قادر على تحقيق مطالب الثورة (عيش – حرية – عدالة – كرامة إنسانية). لقد اصطدمت آمال الشعب المصري وأحلامه وطموحاته بمعسكر الرجعية والظلامية المتمثلة في تيار الإسلام السياسي بكل أطيافه ومكوناته بدءاً بجماعة الاخوان المسلمين ومروراً بجميع التيارات السلفية وانتهاءً بتنظيمات السلفية الجهادية، لقد قفز هذا التيار الرجعي على ثورة 25 يناير واختار مساراً يخالف مسار الثورة والثوار، وسارع إلى عقد الصفقات مع رموز النظام لتغيير مسار الثورة، كان لابد لانتصار ثورة 25 يناير أن يتم إسقاط دستور 1971، والشروع في تدشين دستور ثوري يستوعب آمال الثورة وطموحاتها، ولكن هذا المسار لم يتم تفعيله، بل تم التآمر عليه من قِبل أعداء الثورة المتحالف مع تيارات الإسلام السياسي التي تصدرت المشهد السياسي وتوافقت مع أعداء الثورة لتغيير مسار الثورة بإجراء بعض التعديلات على دستور 1971، يليها الانتخابات البرلمانية ثم الدستور وبعدها الانتخابات الرئاسية علما، بأنه في الأصل يجب أن يتم إقرار دستور ثوري ثم يستتبعه المسار السياسي (سواء انتخابات برلمانية أو رئاسية)، فالدستور هو حجر الأساس في عملية البناء الديموقراطي لمؤسسات الدولة، وقد خاضت التيارات الإسلامية بجميع أطيافها معركة التعديلات الدستورية تحت غطاء ديني طائفي، حتى سحبت بموقعة الصناديق.

وقد تم الحشد الديني بطريقة فظة لدرجة منع قرى بأكملها من الوصول إلى صناديق الاقتراع، لقد كانت التعديلات الدستورية هي أول وأكبر مسمار في نعش ثورة 25 يناير، لقد دافع الثوار عن مطالبهم بكل قوة، وكان من أبرز مطالبهم هو محاكمة رموز النظام على الجرائم التي ارتكبوها خلال فترة حكمهم، ولقد مارس الثوار ضغوطهم من أجل هذا المطلب، وبعد أكثر من عام من الثورة تم الاستجابة لمطالب الثورة والثوار لتحويل الكثير من رموز النظام ومبارك وعائلته إلى المحاكمة الجنائية، وهو ما لا ينص عليه دستور 1971 وتعديلاته.
الأصل في الثورات هو إسقاط الدساتير ومحاكمة الطغاة والفاسدين بمحاكم ثورية في إطار العدالة الانتقالية، لأن المحاكم الجنائية قاصرة في حدود القانون الجنائي عن محاكمة الطغاة والأنظمة الفاسدة، لقد أسهمت التعديلات الدستورية لدستور 71 في حرمان الشعب المصري من محاكمة النظام بمحاكم ثورية أو على الأقل بمحاكم تخضع لمعايير العدالة الانتقالية، والتيار الاسلامي السياسي هو الفاعل الأساسي في هذه التعديلات، بل والأكثر من ذلك عندما وصل الإسلاميون للحكم عرضوا فكرة التصالح مع النظام ورموزه وهو ما يؤكد أن الاسلام السياسي لم يكن على خلاف مع النظام إلى على حجم ومساحة المشاركة في الحكم. لم يكن على خلاف مع الفساد والاتجار بالشعب المصري ومقدراته.
إن دستور 2014 ينص في مواده على مبدأ العدالة الانتقالية، شرط أن يكون عبر مجلس النواب المنتخب الذي يستطيع أن يقر قوانين تحاكم الفساد والفاسدين وعدم إسقاط تهم الفساد بالتقادم، وأن تكون المحاكمات سواء لمن هم في السلطة أو خارجها، ولكن ليتم تدشين هذه القوانين لابد من وصول عناصر وطنية شريفة إلى كراسي البرلمان المقبل.

شارك