محاربة الإرهاب أم إسقاط الأسد؟!.. مأزق القوى في الشرق والغرب

الأربعاء 03/ديسمبر/2014 - 09:10 م
طباعة محاربة الإرهاب أم
 
فيما يبدو أن الدول الأعضاء في قوات التحالف لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بالإضافة إلى حكومات العراق وسوريا، قد اتفقوا في رؤيتهم لمواجهة تنظيم الدولة عبر  محاربته على الأرض وعدم الاكتفاء بالغارات الجوية.

التحالف يأمل في تدخل بري:

التحالف يأمل في تدخل
ويشمل التحالف الدولي لمحاربة داعش، أكثر من  40 دولة، ويتضمن المحور شركاء نافذين رسميين وشركاء بصورة غير مباشرة.
وينقسم إلى مجموعة من الدول العربية وعلى رأسها السعودية، وذلك لنفوذها الكبير على العشائر السنية في العراق وسوريا وبسبب تمويلها للمعارضة المعتدلة في سوريا، ومجموعة من الدول الغربية حلفاء واشنطن وعلى رأسها ألمانيا وأستراليا وفرنسا وبريطانيا والدنمارك.
فيما يعتبر الموقف التركي أكثر المواقف غموضًا في مواجهة تنظيم "داعش" في ظل إصرارها على إسقاط نظام بشار الأسد، فالأراضي التركية تعتبر نقطة دخول المسلحين الأجانب إلى سوريا.
و رأى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، اليوم الأربعاء، أن جهود مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق تتطلب وجود قوات قتالية على الأرض.
جاء ذلك في كلمة له أمام المؤتمر الدولي للدول المشاركة في التحالف ضد تنظيم "داعش"، المنعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، وبثت نصها وكالة الأنباء السعودية الرسمية اليوم.
وأوضح الفيصل أنه "لبلوغ هذه الغاية في سوريا وهي مكافحة الإرهاب لابد من تقوية قوى الاعتدال الممثلة في الجيش الحر، وجميع قوى المعارضة المعتدلة الأخرى"، لافتًا إلى أن تحقيق هذا الأمر في العراق "يتطلب توحيد الجبهة الداخلية وإعادة تشكيل الجيش بعقيدة جامعة" بعيداً عن سياسة "الإقصاء الطائفي".
وقال إنه "لبلوغ هذه الغاية في سوريا فلابد من تقوية قوى الاعتدال الممثلة في الجيش الحر، وجميع قوى المعارضة المعتدلة الأخرى، والسعي لضمها مع القوات النظامية في إطار هيئة الحكم الانتقالي المنصوص عليها في إعلان جنيف1".
واعتبر أن "هذا الأمر من شأنه توحيد جهود هذه القوات وتسخيرها لتطهير الأراضي السورية من جميع التنظيمات الإرهابية التي تحتل ثلث أراضيها".
وبيّن أنه "فيما يتعلق بالعراق فإن الأمر يتطلب توحيد الجبهة الداخلية وإعادة تشكيل الجيش بعقيدة جامعة، وتأهيله بمشاركة وطنية شاملة لكافة مكونات وأطياف الشعب العراقي بعيداً عن سياسة الإقصاء الطائفي"، مضيفا أن ما سبق يجب أن يترافق "مع إزالة كافة مظاهر وأنشطة الميليشيات المسلحة خارج إطار الدولة".
وكانت الرغبة الأمريكية واضحة في المباحثات التي أجراها رئيس هيئة الأركان الأمريكية، الجنرال مارتن ديمبسي في بغداد وأربيل، والتي لم تكن غايتها الوقوف على تطورات الأحداث الأمنية، والاطلاع على نتائج ضربات «التحالف الدولي» الجوية، بل كانت تحمل غايات أبعد تهتم إدارة الرئيس باراك أوباما بالوصول إليها.
وكشف أوباما أن هناك احتمالاً لإرسال قوات أميركية برية إلى العراق لمقاتلة تنظيم «داعش»، موضحاً أن هناك بعض الحالات قد تستدعي نشر قوات برية لمحاربة «داعش»، ومنها إذا استولى التنظيم على أية أسلحة نووية فسنقوم بإرسال قوات لقتاله.
وأضاف أن جميع الخيارات مطروحة في ما يتعلق بمحاربة «داعش» في العراق وسوريا على حد سواء.

الموقف السوري:

الموقف السوري:
ربما لا تكون رؤية وزير الخارجية السعودي سعودي الفيصل بضرورة وجود قوات برية لمحاربة "داعش" والقضاء عليها،  خاصة بالسعودية فقط، فالرئيس السوري بشار الأسد، كانت له نفس الرؤية، ويقول، لـ"ريجيس لي سوميير" نائب رئيس تحرير مجلة "باري ماتش" في حوار ينشر غداً الخميس: "لا يمكن أن تقضي على الإرهاب من الجو، ولا يمكن أن تحقّق نتائج على الأرض إن لم تكن هناك قوّات بريّة ملمّة بتفاصيل جغرافية المناطق وتتحرّك معها بنفس الوقت، لذلك بعد أكثر من شهرين من حملات التحالف، لا توجد نتائج حقيقية على الأرض بهذا الاتجاه".
وأضاف:" فالقول إن ضربات التحالف تساعدنا غير صحيح، لو كانت هذه الضربات جديّة وفاعلة سأقول لك بأننا سنستفيد بكلّ تأكيد. ولكنّنا نحن من نخوض المعارك على الأرض ضد داعش ولم نشعر بأي تغيّر خاصة وأن تركيا ما زالت تدعم داعش مباشرة في تلك المناطق".
وقال الأسد: "القبطان لا يفكّر بالموت أو الحياة، يفكّر بإنقاذ السفينة، هذا ما يفكّر به، فإذا غرقت السفينة سيموت الجميع، وبالتالي فالأحرى بنا أن ننقذ البلاد، لكن أريد أن أؤكد شيئاً هاماً وهو أن بقائي رئيساً ليس هدفاً بالنسبة لي لا قبل الأزمة ولا خلالها ولا بعدها. لكن نحن كسوريين لن نقبل أن تكون سورية دولة دمية للغرب.. هذا بكلّ وضوح أحد أهمّ أهدافنا ومبادئنا".

الموقف العراقي:

الموقف العراقي:
وفيما يتعلق بالموقف العراقي فإن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أكد في بيان صحفي أن اللقاء تم الأربعاء 3 ديسمبر على هامش المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب المنعقد في العاصمة البلجيكية.
وقال العبادي "إننا نتطلع إلى مساعدة دول الاتحاد الأوروبي في حربنا ضد داعش في مجالات التسليح والتدريب والمعلومات، وإلى دعم دولي في عملية إعادة النازحين إلى مدنهم المحررة وإعادة بنائها وإعمارها".
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، استبعد احتمال أن يناقش النواب العراقيون طلبا تقدم به رئيس مجلس محافظة الأنبار يدعو فيه إلى الاستعانة بقوات دولية لتخليص المحافظة من سيطرة تنظيم "داعش" على أجزاء واسعة منها.
واعترف الجبوري بأن الهجمات الجوية للتحالف الدولي لن تقضي على مسلحي "داعش"، وقال إن الهاجس الأمني في العراق يمثل أكبر المشاكل التي تواجه حكومة حيدر العبادي.
من جهة أخرى أعلن حلف شمال الأطلسي الأربعاء أن العراق يعتزم أن يتقدم بطلب للحلف للمساعدة في تدريب قواته الأمنية.
وصرحت أوانا لانغيسكو المتحدثة باسم الحلف، أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أبلغ ينس شتولتنبرغ أمين عام حلف الناتو في اجتماع حول ذلك، مضيفا لانغيسكو أن سفراء الدول الأعضاء بالحلف سيراجعون هذا الطلب بمجرد أن يتم تقديمه.

تعقيدات الوضع الميداني:

تعقيدات الوضع الميداني:
هناك العديد من العقواب التي تنعكس علي المشهد الميداني لمواجهة "داعش" علي الأرض، فإذا كانت لابد من مواجهة فعالة، فعلى واشنطن أن تنسق مع الرئيس السوري بشار الأسد، وحكومة حيد العبادي رئيس الوزراء العراقي، ومن وارئهم طهران.
ومسألة التنسيق بين واشنطن وبشار الأسد وحلفائه  فهل يتحول "محور الشر" في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن إلى "محور التنسيق" في عهد الرئيس بارك أوباما.
فهناك تقارير متضاربة كانت قد تحدثت عن نوع من التنسيق وحتى التعاون بين الولايات المتحدة وإيران الشيعية حول مواجهة تنظيم داعش السني.
 طهران قد دفعت بعض الثمن بفقدان حليفها الشيعي في بلاد الرافدين نوري المالكي وتخشى من سيناريو فقدان حليفها السوري بشار الأسد،  لكنها قد تعوّض خسائرها المفترضة بتنازلات أمريكية في مفاوضات الملف النووي وهو كما هو معروف السيناريو الذي يقلق إسرائيل.
عدد من الدول الغربية والعربية تشترط مشاركتها في التحالف الدولي لمحاربة داعش في سوريا برحيل بشار الأسد،  ولكن بدون تنسيق مع  الرئيس الأسد، فعلى أي جهة تعتمد واشنطن في محاربة داعش في سوريا؟ لا سيما أن ما يوصف بالمعارضة المعتدلة وعلى رأسها الجيش الحر وائتلاف قوى المعارضة لم تثبت فعاليتها عسكريًا أو سياسيًا منذ انطلاق الحرب في سوريا قبل أكثر من 3 سنوات.

16 ألف مقاتل أجنبي:

16 ألف مقاتل أجنبي:
وحول عدد المقاتلين الأجانب في سوريا، قال المستشار الأول في وزارة الخارجية الأمريكية لشئون المرتزقة الأجانب في سوريا، روبرت برادتكي، إن ما يزيد على 16 ألفا من المقاتلين الأجانب المرتزقة من 90 دولة يقاتلون في سوريا منذ بداية عام 2012.
وجاء في بيان تلاه برادتكي خلال جلسة الاستماع في مجلس النواب الأمريكي: "وفقا لتقارير استخباراتية، وصل إلى سوريا، ابتداء من يناير 2012، أكثر من 16 ألفا من المرتزقة الأجانب، وهم ينتمون إلى أكثر من 90 بلدا، بما في ذلك من الولايات المتحدة، وانضم عدد كبير من هؤلاء المرتزقة إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة" وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، وأصبحوا يشكلون خطرا على السكان المدنيين في سوريا والعراق، ويتسببون في زيادة الاضطرابات في المنطقة (الشرق الأوسط) عموما ".

الوضع الآن:

الوضع الآن:
بدا وفق ما تقدم، أن الدول الأعضاء في قوات التحالف الدول لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بالإضافة الي حكومات العراق وسوريا، قد اتفقت في رؤيتها لمواجهة تنظيم الدولة عبر  محاربته علي الأرض وليس الاكتفاء بالغارات الجوية، ولكن تبقي كيفية تنفيذ هذه الرؤى لمواجهة التنظيم المتطرف، وهي ما تفيد "داعش" في بقائه واستمراره حتى الآن في مواجهة الغارات الجوية والمعارك من قبل قوات الجيش العراقي والبيشمركة والجيش السوري والجماعات المسلحة الأخرى.
دحر "داعش" يحتاج إلى توافق الفرقاء في المنطقة، تقارب سعودي سوري إيراني عراقي لمحاربة التنظيم، فهل الواقع السياسي والميداني وخاصة في سوريا يخير قوات التحالف الدولي بين  التعاون مع  الأسد لموجهة "داعش" أم اسقاطه في مقابل توسع نفوذ الإرهاب؟!

شارك