مع حرق مقرات "نداء تونس".. هل يشعل الإخوان تونس من الجنوب؟

الخميس 25/ديسمبر/2014 - 06:13 م
طباعة مع حرق مقرات نداء
 
شهدت تونس عددا من الظاهرات ضد نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الباجي قائد السبسي، رئيس حزب "حركة نداء تونس" خاصة في مناطق الجنوب والتي تعتبر أحد أهم معاقل حركة النهضة "فرع جماعة الإخوان المسلمين في تونس"، ودعمت منافسه المنصف المرزوقي الرئيس المؤقت لتونس عقب ثورة يناير 2011 والتي أطاحت بزين العابدين بن علي.

مظاهرات فوز ضد "السبسي":

مظاهرات فوز ضد السبسي:
تواصلت اليوم في جنوب تونس، الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية، التي فاز بها مؤسس ورئيس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي.
واشعل محتجون، النار في مقر حزب "نداء تونس"، الفائز بالانتخابات الرئاسية والتشريعية التونسية،، ومقر آخر لمعتمدية المحافظة (مقر إداري حكومي)، إلى جانب مركز أمن، دون أن يعرف على الفور حجم الضرر في هذه المقرات، في محافظة قبلي، جنوبي البلاد، رافضة لنتائج الانتخابات الرئاسية، وفوز "السبسي".
وقام مجموعة من المحتجين في منطقة سوق الأحد في ولاية قبلي أحرقت صباح اليوم مركز الحرس الوطني وجزءاً من مقر المعتمدية، كما أحرقت مقر حركة نداء تونس بعد اقتحامه والعبث بمحتوياته، مضيفاً أن "تعزيزات من عناصر الجيش وصلت إلى المنطقة لضبط الأمن والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة".
وكانت منطقة سوق الأحد، التابعة لمحافظة قبلي جنوب تونس، شهدت أمس مواجهات بين محتجين رافضين لنتائج الانتخابات الرئاسية وقوات الأمن الذين استعملوا الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
كذلك، أشعل محتجون غاضبون من نتائج الانتخابات الرئاسية في محافظة سيدي بو زيد الإطارات المطاطية، كما أغلقوا الطرق الرئيسية في المدينة؛ ما دفع قوات الأمن لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وجه مدير حملة الباجي قائد السبسي للانتخابات الرئاسية محسن مرزوق دعوة إلى المحتجين في الجنوب التونسي إلى ضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة، داعيا قوات الأمن للتعامل مع المحتجين برفق.
وقال مرزوق في تصريحات إعلامية على هامش مؤتمر صحفي لحزب نداء تونس في العاصمة اليوم: "أدعو المحتجين في الجنوب إلى ضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة، كما أدعو قوات الأمن للتعامل مع المحتجين السلميين برفق"، مضيفا أن "أهل الجنوب هم أهلنا، وأصواتهم مسموعة وندافع عن آرائهم وإن اختلفت معنا".

لماذا الجنوب؟

لماذا الجنوب؟
يعتبر جنوب تونس من أكثر المناطق محافظة، وبيئة حاضنة للتيارات الإسلامية، بشكل عام ويتمتع الإخوان المسلمون "حركة النهضة" والسلفيين وعدد من التيارات الإسلامية في جنوب تونس بنفوذ بالغ، وهو ما أكدته مؤشرات التصويت للانتخابات البرلمانية والرئاسة.
فقد صوتت أغلب الدوائر الانتخابية بجنوب تونس لصالح حركة النهضة، الذي فاز بـ69 مقعدا من إجمالي 217 مقعدا بالبرلمان التونسي "نواب الشعب".
اندلاع المظاهرات في الجنوب يرى المراقبون أنها أداة ضغط على الرئيس التونسي المنتخب "السبسي" وحزب نداء تونس في عدد من الاستحقاقات المقبلة، كرئيس الحكومة والذي سيكلف الرئيس المنتخب فور استلامه رسميا مقاليد الأمور في قصر قرطاج.
وأوضح المراقبون أن خسائر حركة النهضة وحليفها المنصف المرزوقي في الانتخابات الرئاسية كانت تمثل الضربة الثانية والموجعة للجماعة في صراعها؛ من أجل السيطرة على مقاليد الأمور، وخروجها عبر صناديق الاقتراع يؤكد على أن الجميع عليه احترام إرادة الشعب التونسي، وليس التهديد عبر حرق المقرات الحزبية لمنافسه "نداء تونس" أو المقرات الأمنية والسيادية التابعة للدولة التونسية، وهي ما يضعه في اتهامات الإرهاب ودعمه للشغب والفوضي بتونس والتي تشهدها دولة الجوار "ليبيا".
وأكد المراقبون أن اللعب على عودة الديكتاتورية وسياسة الحزب الواحد ليست حقيقية، مع إعلان القائد السبسي تقديم استقالته من حزب "نداء تونس"، الذي أسسه، ليكون رئيسا للجمهورية.
 ويشير المراقبون إلى أن من يجادل في تونس بأن "نداء تونس" وحلفاءه لا يجب أن يسيطروا على أهم ثلاثة مراكز في الدولة مثل رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة مجلس الوزراء؛ لأن هذا يجسد ديكتاتورية الحزب أو التحالف الواحد، ولكن هذا الجدل يمكن الرد عليه بكل بساطة بأن "حزب النهضة" وحلفاءه فعلوا الشيء نفسه طوال السنوات الثلاث الماضية، ويذهب أصحاب هذا الرأي من التونسيين إلى ما هو أبعد من ذلك، ويقولون: إن حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه السيد رجب طيب أردوغان سيطر ويسيطر على الرئاسات الثلاث على مدى السنوات الـ13 الماضية، والسيد أردوغان يعتبر القدوة والنموذج للكثير من الأحزاب الإسلامية العربية وعلى رأسها حزب النهضة ورئيسه الغنوشي.

مستقبل الإخوان:

مستقبل الإخوان:
مع تلقي حركة النهضة الهزيمة السياسية الثانية في شهرين عبر صناديق الاقتراع مع انتخاب السياسي التونسي المتمرس الباجي قائد السبسي رئيسا للبلاد في أعقاب فوز حزبه العلماني بالانتخابات التشريعية.
 وألقت النهضة بكل ثقلها سياسيا وتنظيميا من أجل فوز حليفها المنصف المرزوقي في محاولة فاشلة لقطع الطريق أمام السياسي المخضرم ورجل الزعيم الحبيب بورقيبة "السبسي"، حتى إن رئيسها راشد الغنوشي أعلن سريا "النفير العام" داخل مختلف هياكل التنظيم المعقد لإنقاذ الأمل الأخير، غير أن إرادة الناخبين التونسيين انتصرت للمشروع الوطني الحداثي، وأجهضت المشروع الإخواني الذي يهدد مكاسبهم السياسية والاجتماعية.
اعتبر نائب رئيس حركة النهضة، والنائب الأول لرئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، الشيخ عبد الفتاح مورو- أنّ فوز السبسي "كان متوقعًا؛ لأنه استكمال للتوجه الذي سار عليه الناخب بالانتخابات التشريعية، إذ استبعد الناخبون الترويكا من الحسابات ووضعوا النهضة في الصف الثاني وقدموا نداء تونس، وهذا ما حدث بانتخابات الرئاسة، إذ تقدم نداء تونس من خلال السبسي واستبعد المرزوقي الذي كان جزءًا من الترويكا".
وتحدث نائب رئيس حركة النهضة عن تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية على حركة النهضة، فقال: "أتوقع بأن يحدث شرخ داخل حركة النهضة وقد ينفصل جزء من قاعدتها أو شبابها عقابًا لها على اختيارها؛ لأن جزءًا منهم ناقم على عدم تأييدها للمرزوقي".
وتوقع مورو أن "ينشئ المرزوقي حزبًا مستعملًا القاعدة الشبابية التي ستنسحب من حركة النهضة والذين أيدوه وانتخبوه، وبالتالي فهم ناقمون على المجتمع التونسي لاختياره السبسي، وعلى حركة النهضة لعدم تأييده للمرزوقي".
وحول أخطاء حركة النهضة قال رئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام السابق لحركة النهضة،: "النهضة اقتنعت بالتشاركية والوفاق، ومع الأسف نتيجة لسياستها الانتخابية والاستراتيجية أخلّت بهذا التوازن، فقد بنت حركة النهضة سياستها على أساس أنها ستفوز حتمًا في التشريعيات وفرّطت في ورقة الرئاسيات ولم ترشح أحدًا، ليس بالضرورة ترشيح حمادي الجبالي، قلت لحركتي لست راغبًا لكن أن تنسحب من الرئاسيات وتخسر البرلمان يعني أنك فرّطت في كل عناصر التوازن في البلاد، هذا انتقادي للحركة، نتيجة لخطئها ثمة خلل في التوازن السياسي والاجتماعي وهذا خطر على الديمقراطية، النهضة سلمت بما يحدث من حولها بعدم الترشح وانطلقت بأن الإسلام السياسي محاصر ومنبوذ في الشرق العربي، هنالك دعاة الحسم والاستئصال، وفي الأخير فقدت التوازن وفتحت الباب للهيمنة".
تحدث حمادي الجبالي عن رفض المواطنين في عدد من جهات تونس وخاصة في الجنوب لهذه النتائج، وقال: "السبب الأساسي للثورة التونسية والعربية هو هذا الشرخ الاجتماعي والاقتصادي بين المناطق زيادة على الاستبداد السياسي الذي تحول إلى مظلمة وفساد، لكن الأصل عندنا الشرخ الاجتماعي والجهوي بين الشرق والغرب والآن بين الشمال والجنوب".

المشهد الآن:

المشهد الآن:
الإخوان في تونس يواجهون رفضا شعبيا متزايدا، في ظل حالة السقوط العام الذي يشهده الإخوان في الدول العربية وعلى رأسهم الجماعة الأم في مصر، فنتائج الانتخابات التونسية البرلمانية أو الرئاسية لم تكن بعيدة عن سياسة الإخوان بشكل عام، وأخطائهم في الحكم من خلال الإسراع في مشروع التمكين، راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة آثر السلامة في تونس والحفاظ على مكانة حركة النهضة والبقية الباقية من شعبيتهم، عبر الاستلام المؤقت للنتائج الانتخابية وصناديق الاقتراع، مقدما نفسه على أنه فريق مؤمن بالديمقراطية، وهذه في الصورة العامة والعلنية، ولكن بشكل خفي يبدو أن "السبسي" الرئيس المنتخب لتونس وحزبه ذا الأغلبية البرلمانية سوف يواجه مشاكسه في الشارع من قبل جماعة الإخوان بتحريك أعضائها لافتعال المشاكل والعراقيل أمام حكومة السبسي القادمة.. هل ستستقر تونس أم سيحقرها الإخوان؟

شارك