تنظيم الفنية العسكرية

الخميس 06/فبراير/2014 - 04:21 م
طباعة تنظيم الفنية العسكرية تنظيم الفنية العسكرية
 

مدخل

يعد تنظيم الفنية العسكرية  من أوائل التنظيمات الجهادية المسلحة التي رفعت شعار الإسلام محمولا على السيف في مواجهة السلطة الحاكمة في مصر لتصنع به  الجرح الأول الذي أصبح عميقا وغائرا بطعنات التنظيمات المسلحة التالية. 
تبدأ نشأة تنظيم الفنية العسكرية عقب نكسة عام 1967 التي كانت البداية لنشاط التيار الديني الراديكالي بشكل سريع بعد أن استغل أصحابه النكسة للترويج لأفكارهم الإرهابية، تحت ادعاءات أنها نتيجة للبعد عن الله، والاستعانة بقوى الشرك والكفر بحلول علمانية قومية، بعيدا عن الدين وإقامة الدولة الإسلامية.
وكانت المساجد منابر هؤلاء الجماعات وطريقهم الممهد لدعوتهم ونشر أفكارهم، وبين تجمعات الصوفية، والجمعيات الشرعية، والقوى السلفية، كان المجال خصبا لتجنيد الشباب. 
وبعد وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتولي السادات- تلقت الحركة الإسلامية دفعة كبيرة بعد أن بدأ في التعامل مع الإخوان المسلمين كأشخاص وجماعة مصرية، وتم الإفراج عنهم، وإعادتهم إلى وظائفهم، وتمكينهم من الخطابة على المنابر, فكان ذلك عاملا مهما في سرعة نشر الأفكار الدينية في المجتمع عموما، وبين شباب الجامعات على وجه الخصوص.
 وبدأ نشاط مجموعة كبيرة من  خطباء التيار الديني الراديكالي المتشدد أمثال الشيخ محمود عيد وأحمد المحلاوي بالإسكندرية، والشيخ عبد الحميد كشك بالقاهرة وغيرهم، وبدأ العديد من الشباب الصغير في تبني أفكار كتابات سيد قطب، وابن تيمية، وأبو الأعلى المودودي.
وسرعان ما بدأ هؤلاء الشباب في تشكيل مجموعات صغيرة تؤمن بفكر الإخوان المسلمين بقيادة أفراد من الصف الثاني والثالث من الجماعة، حيث كانت قيادات الحركة خلف أسوار السجون منذ عام 1965 بعد محاكمتهم وإعدام سيد قطب وآخرين.
ليكون  حكم  الرئيس الراحل محمد أنور السادات ومصالحته السياسية الإحياء الثاني لانتشار الفكر القطبي الجهادي، والذي استخدم ضده في محاولات  لقلب نظام الحكم انتهت باغتياله شخصيا وكانت البداية مع تنظيم الفنية العسكرية.

النشأة والتطور التاريخي

اعتبر تنظيم الفنية العسكرية من التنظيمات الجهادية الأولى في مصر وتميز باتساع وتنوع انتشاره الجغرافي، من خلال مجموعات متحمسة من الشباب كان على رأسهم صالح سرية الفلسطيني، والذي قسمهم إلى مجموعات صغيرة في العديد من المحافظات المصرية، وعلى رأس مجموعة الإسكندرية "كامل عبد القادر طبيب، وطلال الأنصاري، مهندس، ومجموعة "بور سعيد" بقيادة أحمد صالح، ومجموعة "القاهرة والجيزة" وعلى رأسها حسن الهلاوي ومصطفى يسري، ومجموعة "قنا" بقيادة محمد شاكر الشريف بالإضافة إلى مجموعة "الفنية العسكرية" بقيادة كارم الأناضولي وباقي الكليات العسكرية تحت قيادته المباشرة.

المرتكزات الفكرية

اعتمد التنظيم فى أدبياته الرئيسة على أفكار صالح سرّية مؤسس التنظيم وفيلسوفه، والذي خلّف مجموعة من الكتابات، أهمها "رسالة الإيمان" التي أعاد طباعتها عدة مرات اتحاد طلاب مصر في نهاية السبعينيات.
وتلخص هذة الرسالة أفكاره فيما يلي: 
1- أن الجهاد هو الطريق الوحيد لإقامة الدولة الإسلامية.
2- لا يجوز موالاة الكفار والأنظمة الكافرة، ومن فعل ذلك فهو كافر.
3-  من مات دفاعاً عن حكومة كافرة ضد من قاموا لإقامة الدولة الإسلامية فهو كافر، إلا إذا كان مكرهاً فإنه يبعث على نيته. 
4- من اشترك في حزب عقائدي غير إسلامي فهو كافر.
5-  من اشترك في جمعية عالمية كالماسونية. 
6- من  اعتنق فلسفة مخالفة كالوجودية أو البراجماتية فهو كافر.
7- الحكم بتكفير الحكام وجاهلية المجتمع واعتباره دار حرب.
8- جواز العمل الحزبي الإسلامي والإسهام من خلاله في الانتخابات ودخول البرلمان والمشاركة في الوزارات.
9- يجوز للمسلم أن يدخل في مختلف اختصاصات الدولة بأمر من الجماعة الإسلامية، ويستغل منصبه لمساعدة الجماعة للحصول على السلطة، أو التخفيف عنها في حالة المحنة، أو إفادتها بأي طريق، ولا مانع أن يصبح وزيراً حتى مع حاكم طاغية إذا كان بهذه النية.
10- كل من ينفذ أوامر الدولة الكافرة ضد الإسلام والحركة الإسلامية فهو كافر.
11- في حالة وجود مرشح إسلامي وأمامه مرشح اشتراكي أو قومي أو شيوعي وانتخب الفرد غير الإسلامي فإنه يكون كافراً بهذا الموقف.
12- الذين يحاربون دعاة الإسلام؛ لأنهم يمزجون الدين بالسياسة كفار؛ لأنهم قصروا الإسلام على جانب وكفروا بالجوانب الأخرى.
13- المعارضون لأحكام الإسلام الذين يتهمون الدين بالتخلف والرجعية كفار، كذلك الذين يعترضون على حكم من أحكام الله ولا يرضون عنها، مثل الذين يعترضون على الإسلام ويتهمونه بالتخلف فإن هؤلاء غير راضين عن الإسلام أصلاً.
14- التفريق بين الامتناع الجماعي والامتناع الفردي بمعنى أن الترك الجماعي لأي ركن من أركان الإسلام كفر.
15- كل القوانين المخالفة للإسلام في الدولة هي قوانين كفر، وكل من أعدها أو أسهم في إعدادها أو جعلها تشريعات ملزمة فهو كافر، كذلك من طبقها دون اعتراض عليها أو إنكار لها.
16- تحية العلم والجندي المجهول والسلام الجمهوري من طقوس الجاهلية وهي صورة من صور الشرك.
ومن خلال هذه الأفكار يتضح لنا أنها استغلال واضح للدين من أجل الوصول إلى السلطة بأي طريقة أو ثمن.

أهم القيادات

صالح سرية
صالح سرية
صالح سرية
يعد صالح سرية الأردني الجنسية من أصل فلسطيني الضلع الأكبر في هذا التنظيم، والمدبر الأساس لعملية الفنية العسكرية، وقد كان لتوقيت وصوله إلى مصر عام 1971 أثرا حاسما في بلورة فكرة الانقلاب العسكري.
 صالح عبد الله سرية من مواليد مدينة حيفا الفلسطينية وتعلم فيها حتى نكبة عام 1948 ليهاجر مع أسرته إلى العراق، وأكمل دراسته الثانوية هناك، وانضم خلالها لجماعة الإخوان المسلمين في العراق؛ ليدخل كلية الشريعة بجامعة بغداد بوساطة مباشرة من مرشد جماعة الإخوان المسلمين هناك، حيث كان من العناصر النشطة فيها.
وسرعان ما أسس مجموعة فلسطينية بالعراق سماها"جبهة التحرير الفلسطينية" واستمر نشاطه متصاعدا حتى قيام ثورة 1958 بقيادة عبد الكريم قاسم، وبعد حدوث خلاف بين قاسم والإخوان لجأ إلى العمل السري، وقام بعدة عمليات ضد اليهود العراقيين من قتل واستيلاء على أموال لتمويل مجموعته بالأسلحة.
حاول سرية التقرب من عبد السلام عارف بعد انقلابه على قاسم، لكنه فشل وتم اعتقاله عام 1965 وبعد الإفراج عنه حصل على الماجستير في الشريعة، وابتعد عن العمل السياسي لفترة، وبعد هزيمة 1967 عاد لنشاطه الفدائي وانضم إلى المجلس الوطني الفلسطيني، وحضر اجتماع المجلس بالقاهرة عام 1968.
وبعد أن اتهم بالاشتراك في محاولة اغتيال أحمد حسن البكر، فرّ إلى سوريا, فالأردن وارتبط بحزب التحرير الإسلامي الذي أسسه "تقي الدين النبهاني" عام 1950, ثم جاء إلى مصر عام 1971 وحصل على درجة الدكتوراه في التربية من جامعة عين شمس عام 1972، وعمل بمنظمة التربية والثقافة والعلوم (الأونيسكو) بجامعة الدول العربية بالقاهرة.
لم يضيّع صالح سرية حال وصوله إلى القاهرة أي وقت، فاتجه مباشرة إلى منزل السيدة زينب الغزالي، والتي كان قد تعرف إليها في زيارة سابقة إلى القاهرة عن طريق طليقها الشيخ "حافظ التيجاني"، ونزل ضيفا عليها هو وأسرته المكونة من زوجته و9 من الأبناء, ولعبت السيدة زينب الغزالي دورا أساسيا في تقديمه إلى المرشد العام المستشار "حسن الهضيبي" وتعريفه بمجموعات الشباب الجديد ومنهم "طلال الأنصاري"، و"إسماعيل طنطاوي" و"يحيى هاشم".
وجد سرية قادة المجموعات الشبابية مشتتي الحركة، ومشوشي الرؤية، بين المتدين المتحمس  والسلفي الحريص، ومن يرفض فكرة الانقلاب العسكري ويدعو إلى حرب عصابات طويلة الأجل، فتوجه مباشرة إليهم ليكّون منهم تنظيمه، ونجح في تجنيد العشرات منهم بسرعة فائقة؛ ليكون تنظيم الفنية العسكرية. 
وكان صالح سرية شخصية كاريزمية فقد كان له تأثير قوي على كل من يلتقي به، فقد قال عنه "أيمن الظواهرى" زعيم تنظيم القاعدة في كتابه "فرسان تحت راية النبي": إن صالح سرية كان محدثاً جذاباً ومثقفاً على درجة عالية من الاطلاع والمعرفة، وكان حاصلاً على درجة الدكتوراه في التربية من جامعة عين شمس، كما كان متضلعاً في عدد من العلوم الشرعية، وإنه التقاه مرة واحدة أثناء أحد المعسكرات الإسلامية في كلية الطب، وحين دعاه أحد المشاركين في المعسكر إلى إلقاء كلمة في الشباب، وبمجرد استماعي لكلمة هذا الزائر أدركت أن لكلامه وقعاً آخر، وأنه يحمل معاني أوسع في وجوب نصرة الإسلام. وقررت أن أسعى للقاء هذا الزائر، ولكن كل محاولاتي للقائه لم تفلح.
كما يقول عنه رفيقه والقيادي الثانى بالتنظيم "طلال الأنصاري" في كتابه "صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة": "كان صالح سرية شخصية كاريزمية، لا يملك من يقابله فكاكا من أن ينبهر به.. خلقه.. شخصيته.. علمه.. قدرته الفائقة على الإقناع بأبسط الطرق وأيسرها، وقدرته على صياغة أعقد القضايا وعرضها في كلمات بسيطة وموجزة".
تنظيم الفنية العسكرية
طلال عبد المنعم الأنصاري
يعد طلال عبد المنعم الأنصاري واحدا من أهم قيادات تنظيم الفنية العسكرية بعد صالح سرية وهو ابن الشاعر السكندري الراحل عبد المنعم الأنصاري، وهو من مواليد محافظة الإسكندرية عام 1941 وكان أحد المدبرين الأساسىين  لعملية الهجوم على الكلية الفنية العسكرية.
 وتعلم في المرحلة الابتدائية في مدارس الإسكندرية، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة الناصرية بحي باكوس بالإسكندرية، وبدأت أولى خطواتى نحو الانضمام للتيار الإسلامي بهذه المدرسة.
وتعرف إلى الشيخ "محمد" بسيوني وكان آنذاك يشرف على تربية مجموعة مكونة من ثلاثين رجلاً كانوا هم التشكيل التنظيمي الوحيد في مصر والذي بدأ بداية حقيقية عقب محنة الإخوان عام 66، وهذه المجموعة كانت تتبنى أفكار ومنهج الإخوان المسلمين، وبالتحديد أفكار سيد قطب، ومحمد قطب.
التحق بكلية الهندسة متأثرا بأفكار جماعة الإخوان المسلمين، وانضم اليهم عام 1968 والتقى مع أول دفعه من قيادات الإخوان عقب خروجهم من السجون عامي 1970 و1972، ومن بينهم حسن الهضيبي المرشد الثاني للإخوان، وزينب الغزالي، وشكري مصطفى، ومحمد إبراهيم سالم. 
وانضم إلى الإخوان رسميا على ثلاث مراحل: الأولى على يد القيادي الإخواني علي عبده إسماعيل، وكان من بين المفرج عنهم في عهد السادات، وكان خطيباً لمسجد سلطان بالإسكندرية، ولعب الدور الأكبر في تطوير علاقته الرسمية بجماعة الإخوان، ثم تولى تأهيله للعمل معهم محمد إبراهيم سالم، ثم زينب الغزالي؛ ليقدم البيعة للمرشد العام للإخوان وقتها حسن الهضيبي وأصبح من الإخوان رسميا.
وتعرف في أحد الجلسات في وجود زينب الغزالي إلى صالح سرية زعيم التنظيم، لينضم إليه بصيغة جديدة مقبولة من الإخوان وحسن الهضيبي 
وعقب فشل العملية قضى في السجن 20 عاما في انتظار الإعدام ليتم الإفراج عنه في عام 1994.
وقد توفي صباح يوم الأحد الثاني من سبتمبر 2012 م عن عمر يناهز 70 عاما بعد صراع طويل مع المرض بعد إصابته بجلطة أدت إلى شلل نصفي، وكان يرقد بمستشفى بمدينة برج العرب منذ حوالي شهر قبل الوفاة يعالج من عدة جلطات مفاجئة، وقد تقدم العديد من أصدقائه بطلب لمعالجته على نفقة الدولة، ولم يبت في الطلب حتى توفاه الله.
تنظيم الفنية العسكرية
كارم الأناضولي 
تعرف كارم الأناضولي إلى صالح سرية في منزل زينب الغزالي أيضا؛ ليصير بعد ذلك الذراع الأيمن لصالح سرية في تأسيس وإدارة تنظيم الفنية العسكرية. 
انضم للاخوان وهو طالب بالسنة النهائية، ومارس ضغوطا هائلة على صالح سرية بهدف القيام بالمحاولة الانقلابية قبل الموعد المحدد لها بسنوات عدة، ونجحت ضغوط كارم في إرغام صالح على التبكير بالعملية؛ مما كان له أبلغ الأثر في فشلها، كان كارم قائد عملية محاولة الاستيلاء على كلية الفنية العسكرية وقد حكم عليه بالإعدام مثل صالح سرية وتم تنفيذ هذا الحكم عليه. 
يحيى هاشم
يحيى هاشم من مواليد القاهرة ومن خريجي كلية الحقوق جامعة القاهرة.. عين وكيلا للنائب العام عقب تخرجه، وبدأ نشاطه السياسي عام 1968 بقيادة مظاهرة من مسجد الحسين بالقاهرة بسبب هزيمة يونيو 1967.
شكل هاشم تنظيما بلغ عدد أفراده حوالي 300 فرد معظمهم من الإسكندرية، وحاول بعد فشل عملية الفنية العسكرية والقبض على أعضائها القيام بعملية مغامرة لتهريبهم، ولكن خطته انكشفت فهرب الى الصعيد وتمت تصفيته هناك بواسطة قوات الأمن. 

علاقة التنظيم بالإخوان

زينب الغزالي
زينب الغزالي
أدرك صالح سرية أن الإخوان المسلمين فى مصر لا يريدون أن يكونوا في واجهة من يقوم بالانقلاب، وبعد لقائه بالمرشد العام ومحمد الغزالي والسيد سابق بدأت همزة الوصل، من خلال أول لقاء بين طلال الأنصاري وصالح سرية وكان في منزل زينب الغزالي برعاية الهضيبي، مع التاكيد على أعضاء التنظيم إنكار العلاقة بينهما في حالة انكشاف أمرهم. 
وكشف طلال الأنصاري أحد قادة التنظيم الذي حكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد في مذكراته المعنونة "صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة من النكسة إلى المشنقة‏"- أنهم كانوا قد شكلوا تنظيما سريا بمدينة الإسكندرية عام ‏1968، وظل هذا التنظيم قائما إلى أن خرج الإخوان من السجون وذهب إلى أحد كوادر جماعة الإخوان بالإسكندرية وهو الشيخ علي عبده إسماعيل؛ ليقوم بترتيب لقاء مع  زينب الغزالي التي  رتبت لقاء يجمعه بالمرشد العام آنذاك المستشار حسن الهضيبي أواخر عام ‏1972، وذلك بمنزله بحي منيل الروضة‏ ليقدم له البيعة.‏
كان اللقاء الأول بين سرية والأنصاري برعاية وترتيب زينب الغزالي بداية مرحلة جديدة من تاريخ الجماعة‏، وكان أول تعليمات صالح سرية للشباب أنه هو وحده حلقة الوصل بالإخوان‏,، وأنه اعتبارا من هذا التاريخ لا بد أن يتوارى أي دور ظاهر للإخوان‏,، كما ينبغي عدم الإعلان عن أي صلة بهم.
 وعرض سرية أفكاره على قيادات الإخوان وعلى رأسهم المرشد‏، مع خطته لإدخال تجديد على فكر الإخوان؛ ليكون الوصول للسلطة بالقوة العسكرية خيارا أساسيا‏، وأن المرشد وافق على مضمون الفكرة.
‏وقال الأنصاري في مذكراته: "ليس منطقيا القول بأن تاريخ صالح سرية ونزوعه إلى الانقلاب والثورة كان خافيا على الإخوان المسلمين في مصر‏!!‏ لقد احتضنته الإخوان في مصر ورحبوا به‏!!‏ والأهم من ذلك أن قام الإخوان وفي بيت من أقرب بيوتاتهم بيت زينب الغزالي بتقديم تنظيمهم الشبابي الوحيد في حينها إلى صالح سرية‏!!‏ هذه نقاط لم يسبق أن طرحت من قبل‏؛ لأن أحدا لم يطرح هذه الوقائع الجديدة‏، ولذا يتعامل الإخوان مع هذه القصة الغريبة بحذر شديد حتى الآن‏، وقد أخفاها تماما مؤرخوهم وكتابهم‏، بل قل إنهم قد تحاشوا جميعا التعرض لهذه المسألة رغم مرور ثلث قرن عليها‏!!‏ لكن الحقيقة أنه قد دارت العجلة‏، وتولى الدكتور صالح عبد الله سرية قيادة أول جهاز سري بايع الهضيبي شخصيا بعد محنة 1965 و1966.
وشدد على أن خطة الإخوان المسلمين أن ينكر المتهمون كل ما نسب إليهم، وأن يخفوا تماما أي علاقة لهم بجماعة الإخوان المسلمين على أن تقوم الجماعة بحملة قانونية وإعلامية كبرى للدفاع عنهم، وهذا ما تم بالفعل، فمع اقتراب موعد المحاكمات أبلغ الأنصاري ابنه أنه قد اختار للدفاع عنه محاميا قديرا وشهيرا هو الأستاذ الكبير إبراهيم طلعت الذي حضر إلى السجن وقابل طلالا بالفعل‏..‏ كانت جماعة الإخوان المسلمين قد دخلت بهمة في الأمر وتولى رجالها إدارة عملية الدفاع وعبء المحامين‏..‏ ووضعت جماعة الإخوان خطة الدفاع وتولاها المحامون منهم ومن غيرهم‏.
فكان من محامي الإخوان الدكتور عبد الله رشوان الذي ألزم بقية طاقم الدفاع بخطة الدفاع التي تعتمد على محورين‏:‏ الأول في الوقائع والموضوع‏,‏ والثاني‏:‏ سياسي‏..‏ ففي الوقائع كانت الخطة تعتمد على إنكار التهمة ونفي محاولة الانقلاب وتصوير المسألة باعتبارها مؤامرة داخل عملية الصراع على السلطة في مصر‏، وأن القصة هي أن مجموعة من طلبة الكلية الفنية العسكرية كانت تقيم ندوات دينية داخل مسجد الكلية، ويحضرها زوار من خارج الكلية مدنيون،‏ وأن المتآمرين استغلوا هذا للإيقاع بهم‏..‏ وعندما حضر إبراهيم طلعت لمقابلة طلال واستفسر منه عن الحقيقة أكد له هذا التصور الذي قرره دفاع الإخوان‏.

أهم العمليات

اغتيال السادات
اغتيال السادات
العملية الأولى 
بعد نجاح سرّية في تكوين تنظيم واسع ومتنوع جغرافيا من مجموعة متحمسة من الشباب, قسمهم إلى مجموعات صغيرة على رأس مجموعة الإسكندرية "كامل عبد القادر (طب) وطلال الأنصاري (هندسة)، ومجموعة "بور سعيد" بقيادة أحمد صالح، ومجموعة "القاهرة والجيزة" وعلى رأسها حسن الهلاوي ومصطفى يسري، ومجموعة "قنا" بقيادة محمد شاكر الشريف، وأبقى مجموعة "الفنية العسكرية" بقيادة كارم الأناضولي وباقي الكليات العسكرية تحت قيادته المباشرة.
وأمام ضغط الشباب المتحمس المتكرر والمستمر على سرعة التحرك، واستعجال العمل، والإلحاح الدائم- اضطر للتسرع بوضع الخطة الأولى، وهي اغتيال الرئيس السادات مع كبار قياداته بالمطار عند عودته من زيارة خارجية ليوغوسلافيا، وتم تكليف مجموعة القاهرة والجيزة بقيادة "حسن الهلاوي" برسم خريطة تفصيلية للمطار، ولكن لعدم قيام المجموعة بما كلفت به تم إلغاء الخطة.
تنظيم الفنية العسكرية
العملية الثانية
تم تكليف مجموعة الإسكندرية بإعداد رسم كروكي عن مكانين محتملين للهجوم، الأول مجلس الشعب، والثاني مبنى الاتحاد الاشتراكي على "كورنيش النيل"، وقد حضرت مجموعة من ستة أفراد من الإسكندرية، منهم محمد علي خليفة وهاني الفرانوني وأنجزوا المطلوب.
 تم وضع الخطة البديلة بواسطة سرية والأناضولي, وتعتمد على الاستيلاء على الفنية العسكرية بمهاجمة حرس بوابة الكلية في صمت لإدخال عدد كبير من الشباب إلى الكلية، ثم بعد ذلك الاستيلاء على الأسلحة والسيارات والمدرعات من الكلية الفنية العسكرية بمساعدة إخوانهم الطلبة داخل الكلية مستغلين صلاحياتهم كقادة مناوبين أثناء الليل، ثم التوجه بما حصلوا عليه إلى مقر الاتحاد الاشتراكي لمهاجمة السادات وأركان حكمه أثناء اجتماعهم.
وكبروفة للأحداث طلب سرية من مجموعة الإسكندرية الحضور إلى القاهرة، والتوجه إلى موقع العملية قبل بدء التحرك بيوم واحد، وبعد حضورهم طلب منهم العودة والحضور في اليوم التالي. 
ومع بداية التحرك تسلل اثنان من التنظيم، أحدهما توجه إلى وزارة الداخلية والثاني إلى رئاسة الجمهورية. 
وفي فجر يوم الخميس الثامن عشر من شهر أبريل للعام 1974 بينما كان يعد لاجتماع يضم أركان النظام المصري وعلى رأسهم أنور السادات في قاعة اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي على شاطئ النيل صباحا؛ لمناقشة خطة العمل التنفيذية لورقة أكتوبر- تحرك أعضاء التنظيم الإرهابي المسلح بقيادة صالح سرية من مكان تجمعهم بميدان العباسية بالقاهرة، وتوجهوا فرادى حتى لا يكشف أحد سترهم إلى مبنى الكلية الفنية العسكرية القريب من الميدان، فوصلوا قبيل «ساعة الصفر» المحددة بالواحدة من صبيحة يوم الخميس 18-4-1974 واتخذوا مواقعهم على أبواب الكلية من الخارج، وتكتل معظمهم عند البوابة الخلفية المطلة على شارع «إسماعيل الفنجري»؛ توطئة لاقتحام مبنى الكلية بالقوة، بمجرد حلول ساعة الصفر، وصدور إشارة زعيم التنظيم المتفق عليها من قبل بالاقتحام والالتحام بعناصر التنظيم من طلبتها بالداخل حسب الخطة الموضوعة.
وعندما حانت ساعة الصفر، أعطى قائد العملية إشارة البدء في الاقتحام بعد قيام أعضاء التنظيم من طلبة الكلية بإطفاء الأنوار من الداخل، وإغلاق غرفة الكهرباء وتخدير حراس البوابة الأمامية.
وانقسمت العملية الى معركتين: الأولى على أبواب كلية الفنية العسكرية بين 18 شابا من أعضاء التنظيم مسلحين بمجموعة من السكاكين والمطاوي، بادروا  حراس البوابة الخلفية، طعناً بالخناجر؛ ليسقط عدد من الجنود بين قتلى وجرحى.
والثانية على الجانب الآخر من سور الكلية، وفي الداخل تحاول مجموعة أخرى من طلبة الكلية الاستيلاء على مخزن سلاح لواء الحراسة، لكنهم فشلوا في ذلك أمام دفاع سرية الحراسة، فتوجهوا إلى كابينة الإنارة وعمدوا إلى قطع الكهرباء, لتدور معركة داخل الكلية.
وعندما بلغ العميد أحمد بسيوني ضابط عظيم الكلية خبر هذا الاقتحام وسقوط القتلى والجرحى، أعلن حالة الطوارئ ووجه قوات الصاعقة بالكلية بقيادة الرائد محمد عبد القادر إلى البوابة الخلفية مع فرق إطلاق النار، حيث أحكموا السيطرة على الموقف، فتفرق جميع أعضاء التنظيم ما بين مختبئ وراء الجدران وبين المباني المجاورة لمقر الكلية، وواصلت قوات الصاعقة بقيادة الرائد محمد عبد القادر تصفية جيوب المهاجمين حتى الصباح. 
وبعد عدم قدرة أعضاء التنظيم على المقاومة حاولوا سحب أنفسهم فى محاولة للفرار؛ ليتم إجهاض الهجوم في بدايته، ويتم القبض على قياداته، وعلى رأسهم صالح سرية الفلسطيني.
الضحايا 
بلغ عدد الضحايا فى هذة العملية  24 قتيلا من المهاجمين، والحراس 65 جريحا. 

التحقيقات

الرئيس السادات
الرئيس السادات
بدأت نيابة شرق القاهرة العسكرية مباشرة التحقيق حيث أمر الرئيس الراحل محمد أنور السادات عندما أخطر بالحادثة الإرهابية بأن تتولى النيابة العامة التحقيق، وأشر بخط يده على مذكرة العرض بإخطار النائب العام لكي يتولى التحقيق، وكان المستشار محمد ماهر حسن النائب العام في ذلك الوقت موجوداً خارج البلاد، ويقوم مقامه المستشار علي أباظة المحامي العام الأول، فلما تسلم مكتبه ملف القضية رسميا من القضاء العسكري، اختار المستشار ماهر الجندي الوكيل الأول لنيابة أمن الدولة العليا التي عهد إليها بمباشرة التحقيق في الحادث الذى انتقل إلى مقر الكلية الفنية العسكرية لمعاينة مواقع الأحداث بها. 
ماهر الجندي
ماهر الجندي
ويقول المستشار ماهر الجندي فى حديثه عن الواقعة: "لدي وصولنا استقبلنا الفريق دكتور محمد إبراهيم سليم قائد الكلية ومؤسسها وقد بان عليه الانزعاج الشديد من هول ما حدث، وعلى الفور وأجريت عدة معاينات لمواقع الأحداث بإرشاد الضباط من شهود العيان، سجلت في محاضرها مشاهداتي وملاحظاتي، وكان من أبرزها وجود العديد من البؤر المستديرة الشكل الغاصة بدماء الضحايا الأبرياء من جنود الحراسة، وقد امتدت تلك البؤر لتغطي منطقة تبلغ مساحتها 90 مترا مربعا في موقع البوابة الخلفية للكلية المطلة على شارع «إسماعيل الفنجري» على اعتبار أن هذه المنطقة محدود عرضها بفتحة البوابة الحديدية التي تبلغ 6 أمتار، أما طولها فيبلغ 15 متراً منها 5 أمتار عرض الطريق الخارجي و10 أمتار طولاً على امتداد الطريق الداخلي.
كما كشفت المعاينات عن وجود آثار تحطيم بالبوابة وبأماكن تواجد جنود الحراسة، ووجود تلك الآثار الدموية بهذه الكثافة وعلى تلك المساحة إنما يترجم هجوما ضارياً ومفاجئاً على هؤلاء الجنود في توقيت زمني واحد، وينم عن سرعة الانقضاض عليهم طعناً متعددا في مواضع كثيرة أصابت من أجسامهم مقتلاً، بما يوفر في حق الجناة الإرهابيين نية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فقد كانت البوابة الخلفية للكلية هي التي اختارها أعضاء التنظيم لاقتحام مبنى الكلية، ولكنها تحولت لتكون أرضاً للمذبحة الدموية التي كان يديرها الإرهابي الأثيم صالح سرية، ويتابع: "أجريت معاينة لمخزن الأسلحة والذخائر ولاحظت أن مساحته الواسعة قد امتلأت حتى آخرها بالعديد من الأسلحة النارية المتنوعة والمتطورة، كذلك سجلت بمحاضر المعاينة وجود عدد لا بأس به من الدبابات والآليات العسكرية التي تستخدم كنماذج علمية وتعليمية لطلبة الكلية، كذلك سجلت محاضر المعاينة وجود آثار ذات أحجام كبيرة في عدة مواقع بداخل الكلية تعكس عنفاً ومقاومة، ونظراً لخطورة وجسامة الأحداث التي وقعت فقد كلفت خبراء المعمل الجنائي بوزارة الداخلية بسرعة الانتقال إلى مواقع الأحداث وإجراء معاينات وتسجيل آثارها، ورفع البصمات المطبوعة عليها توطئة لمضاهاة بصمات المتهمين عليها فلئن تطابقت صارت دليلاً فنيا على ارتكاب أصحاب البصمات منهم للجرائم الخطيرة التي أقدم التنظيم على مقارفتها.
وأشار الى أنه أثناء قيامه بإجراء التحقيق في الأحداث التي قارفها التنظيم الإرهابي بمقر الكلية الفنية العسكرية فوجئت بحضور الفريق محمد إبراهيم سليم قائد الكلية ويرافقه النقيب سيد هاشم نائب الأحكام بالكلية، حيث قدم لي مذكرة رسمية يتهم فيها 20 طالبا بالكلية بالانتماء للتنظيم الإرهابي، ولما استوضحته عن أدلته وأسانيده على هذا الاتهام، قال: إن التفتيش المفاجئ الذي أجرته الكلية على أمتعة طلبة الكلية داخل عنابر الإعاشة، أسفر عن ضبط «مصحف وسواك» مع كل من هؤلاء الطلبة المتهمين ولما كان هذا الاتهام قد جاء عاريا من أي دليل جازم على انتماء هؤلاء للتنظيم الإرهابي فقد أشرت على المذكرة بالحفظ بعد أن استطلعت رأي النائب العام، وأن تأشيرتي بحفظ هذه المذكرة كانت مشفوعة بأسباب قلت فيها: «إن الاتهام لهؤلاء قد جاء محمولاً علي مجرد الظن والتخمين دون أن يبعث علي أساس من الجزم واليقين، ومحال أن يتخذ من كتاب الله الكريم وسنة رسوله العظيم التي أقرت «السواك» دليلاً على الإثم والعدوان.
 ليختتم حديثه بقوله: "وعلى خلاف ما جرت عليه التقاليد القضائية، ونصت عليه أحكام القانون من أن رئاسة وزير العدل لجهاز النيابة العامة في الدولة ذات طبيعة إدارية بحتة وليست ذات طبيعة قضائية.. لكن الدكتور مصطفى أبو زيد فهمي وزير العدل وقتذاك قد أخذ خطا مغايرا حين دعا النائب العام وفريق المحققين من رجال النيابة العامة للحضور إلى مقر الوزارة، حيث عقد على مرتين الاجتماع بهم".
وكان الهدف من هذين اللقاءين هو وقوف الوزير على حقيقة ضلوع إحدى الدول العربية المجاورة في محاولة إحداث انقلاب في مصر، وتجنيدها صالح سرية للعمل لحسابها، وارساله إلى مصر مستترا في وظيفة متواضعة بجامعة الدول العربية، وحاملاً لجواز سفر صادر عن هذه الدولة؛ بهدف قيامه بتنفيذ هذا الهدف من خلال تنظيم سري مسلح، وكانت مصر في ذاك الوقت قد اتهمت الدولة المجاورة بأنها كانت وراء أحداث القلائل والاضطرابات التي عاصرت وقوع أحداث التنظيم الدامية، وبعد أن يتحقق حلم الاستيلاء على مصر.. ويعلن العميل الإرهابي صالح سرية نبأ تنصيبه «أميراً» عليها يقوم بتسليمها لقمة سائغة إلى زعيم الدولة المجاورة.
وكان رد النيابة العامة نائبا عاماً ومحققين على استفسارات وزير العدل قاطعاً في أن التحقيقات لم تكشف عن وجود أدلة قوية، تجزم بقيام علاقة بين تنظيم صالح سرية، وبين أي من المسئولين بالدولة المجاورة، سوى ما زعمه صالح سرية من أن زعيم هذه الدولة كان قد اجتمع به في إحدى المرات، ولم يكشف صالح سرية في أقواله بالتحقيق عن الغرض الذي كان وراء هذا الاجتماع ولم يفصح عن طبيعة ونوعية الحديث الذي دار فيه.

اعترافات المتهمين

اعترافات المتهمين
أدلى صالح سرية باعترافات مثيرة في التحقيق، فيقرر في ص 527 من محضر استجوابه بالجريمة قائلا: «أنا اللي أنشأت هذا التنظيم.. ونشأت فكرته وأنا خارج مصر.. ودي مسألة في دمي.. وجيت مصر سنة 1971.. وسنة 1973 في أوائلها بدأت أجند أعضاء له في مصر بقصد قلب نظام الحكم والإطاحة بالمسئولين فيها.. وتكوين حكومة برئاستي»، ويشرح ص 510 مفهوم القوة اللازمة لتحقيق هذا الهدف، فيقول: «وأقصد بالقوة.. القوة المسلحة التي تعد إعدادا كافيا لأفراد التنظيم بأن يتسلحوا في البداية بأي شيء مثل الخناجر والبلط.. وعن طريق التكتيك السليم وعنصر المفاجأة يستطيع هؤلاء الأفراد مهاجمة أي مخزن ذخيرة ويستولون على ما فيه من سلاح.. وبذا يستطيعون بعد ذلك أن ينتقلوا إلى مجالات أكبر يكون فيها رءوس البلد.. وفي مقدمتهم بطبيعة الحال السيد رئيس الجمهورية وأعضاء الجهاز التنفيذي.. ويستولوا على هذا المكان.. ويعتقلوا رئيس الجمهورية وقادة البلد وبهذا نضمن السيطرة على البلد».
ثم يذكر في ص 518: «وفي يوم الثلاثاء 16-4-1974 قرأت في الصحف بأن فيه مؤتمر سيعقده رئيس الجمهورية مع أعضاء مجلس الشعب بمقر اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي قبل ظهر الخميس 18-4-1974.. وعلى هذا الأساس فقد قررت القيام بالعملية يوم الأربعاء ليلا، ويستطرد في القول ص 530: «بمجرد دخولنا القاعة تسارع مجموعتان منا بقيادتي شخصيا إلى منصة رئيس الجمهورية ونعتقله على الفور.. وفي هذا الوقت فيه مجموعتان أخريان سوف تتجه إحداهما إلى يمين القاعة والأخرى إلى يسارها للسيطرة على القاعة.. ثم أتقدم إلى الرئيس بمطلب التنازل عن الرئاسة.. وأكرهه بالقوة المسلحة على التخلي عن رئاسة الجمهورية.. وأن يذيع بنفسه بيانا على الشعب بالتخلي عن الرئاسة.. فإن رفض أمرنا وزير الإعلام أو غيره من المختصين في الإذاعة تحت ضغط القوة المسلحة بإعلان وقوع ثورة مسلحة استولت على الحكم في البلد»، ويقرر في موضع آخر ص 533 وبعد ذلك أجري بصفتي رئيسا للجمهورية تشكيل وزارة جديدة.
ولم تكن لدى صالح سرية أي خطة أو برنامج كان يعتزم تطبيقه في حالة نجاحه في تحقيق حلمه في الاستيلاء على نظام الحكم بالقوة، فقد سئل ص 546 عن الأفكار التي كان ينوي تنفيذها عند ذاك، فأجاب :"معنديش أفكار محددة".
كما أدلى أمراء التنظيم الأربعة، وأغلب المتهمين باعترافات في التحقيق أثناء استجوابهم أقروا فيها باعتناقهم لأفكار صالح سرية المضللة وانخراطهم في تنظيمه الإرهابي وسعيهم للإطاحة بالنظام القائم بالقوة المسلحة، وباتهامهم في الأحداث الدامية التي فجرها أعضاء التنظيم بالكلية الفنية العسكرية يوم الثامن عشر من شهر أبريل 1974.
وقال الأمراء الأربعة: إن خطة التنظيم التي اتفقوا على تنفيذها لإسقاط حكم الرئيس السادات، كانت تتضمن اغتيال الرئيس بعدما نعتوه ونظامه بالكفر الذي يستبيح دمه. لقد جرت إجراءات التحقيق في هذه القضية التاريخية في جو تسوده الحيدة، وتظله العدالة ولم تسجل محاضر التحقيق التي جاوزت الخمسة عشر ألف صفحة أي ملاحظة عن وقوع ثمة إكراه مادي أو معنوي على أي من الجناة الإرهابيين.
واستغرقت تحقيقات القضية حوالي 60 يوما وقدمت النيابة العامة في الجناية رقم 81 لسنة 1974 أمن الدولة العليا- إلى محكمة أمن الدولة العليا 92 متهما، معظمهم طلاب بالجامعات المصرية وبالكلية الفنية العسكرية، يتصدرهم زعيم التنظيم صالح عبد الله سرية، وأمراؤه الأربعة طلال عبد المنعم الأنصاري، كامل محمد عبد القادر، وحسن محمد هلاوي وكارم عزت حسن عبد المجيد الأناضولي، ووجهت للمتهمين من الأول وحتى الرابع والسبعين التهم الآتية: 
1- محاولة تغيير دستور الدولة وشكل الحكومة فيها بالقوة.
2- تشكيل تنظيم سري مسلح يستهدف إسقاط الحكومة القائمة بانقلاب مسلح للاستيلاء على زمام الحكم في الدولة، وقد تولى المتهمون الخمسة الأوائل قيادة هذا التنظيم. 
3- وقعت نتيجة ذلك جرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار.
4- جرائم سرقة أسلحة جنود الحراسة. 
5- احتلال مبنى الكلية الفنية العسكرية.
 وأسندت إلى المتهمين من الخامس والسبعين وحتى التسعين ارتكاب جريمة الاشتراك في اتفاق جنائي مع المتهمين السالف ذكرهم، وأسندت إلى المتهمين الأخيرين الضابطين بالقوات المسلحة جريمة عدم إبلاغ السلطات المختصة بأمر هذا التنظيم الإرهابي رغم علمهما به.

المحاكمة

المحاكمة
عقدت محكمة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار برهان العبد وعضوية المستشارين عبد اللطيف المراغي ووجدي عبد الصمد- عدة جلسات لنظر القضية استمعت خلالها إلى مرافعات النيابة العامة والدفاع عن المتهمين.
وقد شهدت جلسات المحاكمة واقعتين مثيرتين، الأولى عندما وجه وكيل النائب العام حديثه فى المرافعة لصالح سرية، قائلا: "واليك يا صالح. أما زلت تزعم أنك قد ابتغيت بعملك الرخيص.. أن تقيم دولة الإسلام في أرض السلام.. هل صدقت نبوءة المهدي المنتظر يا صاحب الأحلام.. من أنت أيها الإرهابي المتآمر.. أما كان الأحرى بك أن تتآمر على أعداء بلادك.. أعدائنا.. أعداء الدين، بدلا من أن تسفح دماء المسلمين في ديار المسلمين.. هل تعرف من أنت..؟؟
وفوجئ الحاضرون بالقاعة بقوله صائحا: «أنا كنت هحكمكم وأحاكمكم».
فرد عليه وكيل النائب العام قائلا: «أنت الذي يغتال.. أنت العابث في الظلام.. أنت المنبوذ في كل مكان.. وتريد بعد كل هذا وذاك أن تكون صاحب تاريخ..؟؟
والواقعة الثانية هي قرار هيئة المحكمة التاريخي باستدعاء كل من وزير العدل والنائب العام ورئيس المخابرات العامة؛ للمثول أمامها، وقد أحدث هذا القرار المفاجئ صدى كبيرا في الأوساط القضائية والإعلامية، باعتباره قرارا غير مسبوق في تاريخ القضاء، ومثل وزير العدل مصطفى أبو زيد فهمي أمام هيئة المحكمة، وبعد أن أدلى باسمه وسنه ووظيفته وأقسم اليمين، وسألته المحكمة عن الأسباب التي دعته للاجتماع بأعضاء النيابة العامة الذين تولوا التحقيق في أحداث التنظيم، مرتين بمقر وزارة العدل.. فأجاب الوزير علي ذلك بقوله: إن القيادة السياسية العليا كانت تريد أن تطمئن إلى عدم وجود أي علاقة بين الإرهابي صالح سرية وبين إحدي الدول العربية المجاورة التي تكون قد دفعته للعمل لحسابها بإحداث انقلاب مسلح في مصر، حيث كانت مصر وقتذاك- قد اتهمت هذه الدولة باثارة القلاقل والاضطرابات على أرضها.
ثم مثل النائب العام ورئيس المخابرات بعد ذلك أمام المحكمة ورددا نفس المضمون الوارد بشهادة وزير العدل.. وقررت المحكمة حجز القضية للحكم والنطق به في جلسة تالية.
الحكم على التنظيم
أصدرت المحكمة حكمها باعدام كل من صالح سرية وطلال الأنصاري وكارم الأناضولي وبمعاقبة قيادات التنظيم بعقوبات تتراوح بين الأشغال الشاقة المؤبدة والسجن، وبالبراءة  لأربعين متهما من بينهم المتهم حسن هلاوي أمير التنظيم بالقاهرة. 
وقد استندت  في حكمها بتبرئة هذا العدد الكبير من المهتمين إلى عدم كفاية الأدلة بالنسبة لبعضهم، ولصغر سن البعض الآخر، وقام الرئيس السادات بتخفيف عقوبة الإعدام الصادرة في حق المتهم طلال الأنصاري إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، نتيجة وساطة والده الشاعر السكندري عبد المنعم الأنصاري، بينما تم تنفيذ حكم الإعدام على كل من صالح سرية وكارم الأناضولي. 

تنظيم الفنية العسكرية في وثائق ويكيليكس

تنظيم الفنية العسكرية
تكشف وثائق ويكيليكس تقارير السفير الأمريكي بالقاهرة حول تنظيم الفنية العسكرية، والتي تتضمن معلومات عن منفذ العملية وتفاصيلها وعلاقة ذلك بجماعة الإخوان المسلمين.
ففي وثيقة بتاريخ 27 أبريل 1974 أرسل السفير الأمريكي رسالة إلى الخارجية الأمريكية وعدد من سفاراتها في السعودية وليبيا ولبنان، يوضح فيها هوية منفذ التفجير وعلاقته بالإخوان المسلمين، بعنوان "الاتصال بين منفذ هجوم الفنية العسكرية وجماعة الإخوان المسلمين".
وفي الوثيقة يوضح السفير أنه لا يوجد سوى تقرير واحد يفيد بأن «صالح سرية» كان عضواً قديماً بجماعة الإخوان المسلمين، وعدا ذلك فليس هناك ما يؤكد اتصال تنظيم الإخوان الحالي بالهجوم، ولكنها أشارت إلى بعض الدلائل التي توضح اتصاله بما سمته التنظيم القديم للإخوان.
ولفتت الوثيقة إلى وجود تقارير صحفية تحدثت عن علاقة «سرية» بمرشد الإخوان الراحل «حسن الهضيبى» قبيل وفاته، كما أن الشيخ «محمد الغزالي»، مستشار وزارة الأوقاف، قد تم استبداله بإمام آخر بمسجد عمرو بن العاص حتى تنتهي التحقيقات وتتبين طبيعة موقفه من القضية، بعدما ذكر «سرية» اسمه في التحقيقات، وادعى أنه كان على اتصال به.
وعلقت السفارة على هذه المعلومات بترجيح اتصال «سرية» بالإخوان قائلة: "إن المعلومات سالفة الذكر هي مثيرة حقاً، حيث توحي بأن (سرية) قد يكون قد لجأ بالفعل إلى مساعدة الإخوان مستنداً في ذلك إلى علاقته بالتنظيم القديم للجماعة".
وقد سبقت تلك البرقية مجموعة من المراسلات الممتدة في الفترة من 23 إلى 26 أبريل تتحدث عن التفجير وأسبابه وأهدافه، ففي 23 أبريل 1974، أرسل السفير الأمريكي بالقاهرة برقية إلى الخارجية الأمريكية وسفارتيها بكل من المملكة العربية السعودية وليبيا، تحمل الرقم 1974CAIRO02521_b ومعنونة بــ«الهجوم على الكلية الفنية العسكرية»، كشف من خلالها عن المعلومات التي قدمها السفير السعودي بالقاهرة «فؤاد نظير» لنظيره الأمريكي، وأخبره فيها عن التفاصيل التي تمكن من الوصول إليها فيما يتعلق بالحادث.
وأخبر «نظير» السفارة- وفق ما ورد بالوثيقة- «إن الغرض من تنفيذ الهجوم هو السيطرة على أربعين دبابة لاستخدامها في استهداف عدد من الوزارات المصرية الحساسة، وإجبار السادات على تقديم استقالته»، كما أفادت المعلومات التي قدمها «نظير» بتورط بعض طلبة الكلية الفنية العسكرية في الحادث، وعن تشكك أجهزة الأمن المصرية في تورط بعض الضباط المنتمين للكلية أيضاً.
كما أوضحت المعلومات التي قدمها السفير السعودي أن «التحقيقات مع من تم القبض عليهم، أظهرت أنهم إما أصدقاء لطلاب الكلية، أو أبناء لضباط معينين بها، ومن ثم كان لديهم معلومات وافية حول الكلية وما تحتويه من معدات وأجهزة». وبالنسبة لمنفذ التفجير، تنسب الوثيقة لسفير الرياض أنه أفاد بـ«انتماء متزعم التفجير لحزب شيوعي قبل انضمامه إلى جماعات التطرف الديني، تحديداً جماعة (السنة المحمدية) التي تأسست كامتداد لجماعة الإخوان المسلمين في طنطا.
وأضافت الوثيقة أن الحكومة المصرية- وفق المعلومات التي أوردها «نظير»- تتهم القذافي بكونه الفاعل الرئيسي وراء هذا الحادث، مستشهدة في ذلك بزيارة وزير الداخلية الليبي «محمد الحميدي» والتقائه «أشرف مروان»، وكذلك بالزيارة المرتقبة التي سيقوم بها قائد القوات الجوية «حسني مبارك» إلى ليبيا، في غضون اليومين المقبلين.
وعن العلاقات الليبية المصرية أشارت الوثيقة على لسان «نظير» إلى لقاء جمع بين الرئيس السادات و«أبوبكر يونس» أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة الليبية، حيث سلمه السادات ملفاً يحوي 26 صفحة، به جميع الأعمال التي ارتكبتها ليبيا ضد مصر منذ حرب أكتوبر، وأنه من المفترض أن يعرض «يونس» الملف على المجلس، حيث هدده السادات أنه في حال استمرت ليبيا في أعمال التخريب هذه، فسوف يقوم بنشر الملف.
وتقول الوثيقة: إن السفير السعودي ظل يلاحق وزير الداخلية المصري لمعرفة المزيد من التفاصيل، وإنه أخبره أنه في حال عدم توفير المعلومات الكافية عن الحادث فسيعتقد الملك «فيصل» بأن الأوضاع الأمنية في مصر غير مستقرة، موصياً الوزير المصري بأن يخرج السادات ويفصح بنفسه في بيان واضح عن هذه المعلومات.
وفيما يتعلق بالفاعل، رأت السفارة أن «الحدث قد ألقى الضوء على واحدة أو اثنتين من الجماعات الإسلامية التي قد تكون أو لا تكون على علاقة بجماعة الإخوان المسلمين، والتي تتطابق أهدافها وسياساتها مع أهداف وسياسات الإخوان، فأهدافها سياسية، وتتخذ من العنف وسيلة لبلوغ أهدافها.
وفي يوم 24 أبريل، أرسل السفير الأمريكي برقية أخرى إلى الخارجية بواشنطن تحمل الرقم 1974CAIRO02568_b بعنوان «السنة المحمدية وشباب محمد والإخوان: رؤية سعودية»، يسرد فيها المزيد من التفاصيل عن منفذ الهجوم.
يوضح السفير أنه بعد لقائه فؤاد نظير، توجه أحد مسئولي السفارة إلى السفارة السعودية بالقاهرة؛ وذلك من أجل الوقوف على ما توصلت إليه حول حادث تفجير الأكاديمية وتفسير السعودية له في سياق الوضع الداخلي في مصر، وكذلك علاقة منفذي الهجوم بقوى خارجية مثل ليبيا.
تنظيم الفنية العسكرية
وأشارت الوثيقة إلى ما صرح به مسئول السفارة السعودية «الفقي» بخصوص جماعة السنة المحمدية، حيث أوضح أن جماعة السنة المحمدية تأسست خلال العقد الثالث من القرن العشرين، وكانت جماعة دينية في الأصل وبعيدة كل البعد عن المجال السياسي، حيث اهتمت بها السعودية خلال العقد الخامس من القرن نفسه، لما وجدت من تقارب بين أهدافها وفكرها والفكر الوهابي، وأفاد «الفقي» أن تحقيقات النيابة كشفت عن تورط بعض أعضاء الجماعة في حادث التفجير، ولكنه يعتقد بشكل شخصي أن هؤلاء المتورطين انشقوا عن جماعة "أنصار السنة المحمدية"، وكونوا جماعة أخرى خاصة بهم أطلقوا عليها اسم «شباب محمد». وعلقت السفارة الأمريكية على ذلك بأن السعودية تفتقر إلى المعلومات الكافية بشأن قضية يفترض أنها موضع اهتمامها.
وأوضح «الفقي» أن جماعة «شباب محمد» هي جماعة جديدة، وأنها هي التي قامت بتنفيذ الهجوم بقيادة زعيمها «صالح سرية» وما زالت حتى الآن تتابع أنشطة الجماعة التي وصل عدد أعضائها إلى 150 عضواً، ومقرها الرئيسي «طنطا»، مضيفاً أنه على الرغم من تشكك بعض المصريين في تورط ليبيا والعراق بالحادث، إلا أنه يعتقد أن الاتحاد السوفيتي ليس بعيداً عن الاتهام، وأنه شجع العراقيين على تنفيذ الهجوم؛ من أجل زعزعة الاستقرار في مصر، وبالتالي زعزعة نظام السادات، واستبعد المسئول السعودي تورط الإخوان المسلمين في الحادث.
وفي اليوم نفسه، أرسل السفير الأمريكي برقية أخرى سرية للغاية إلى الخارجية الأمريكية وسفاراتها في لبنان، والسعودية وبيروت تحمل الرقم 1974CAIRO02549_b عنوانها «خطة الأكاديمية ونشاط فدائي محتمل»، شرح فيها السفير ما دار بين أحد مسئولي سفارته وأحد 
مسئولي أجهزة الأمن المصرية، والتي حذر فيها الأخير من احتمالية قيام بعض الفرق «الفدائية» بعملية تستهدف بعض السفارات، ومنها السفارة الأمريكية، كامتداد لتفجير الكلية الفنية العسكرية، وأن أجهزة الأمن قامت بتعزيز التواجد الأمني عند محيط السفارات بمجرد ورود تلك المعلومات إليها.
وتحدث السفير في رسالته عن الأسئلة التي وجهها مسئول السفارة، وكان أولها ما إذا كانت السفارة الأمريكية هي الهدف الأوحد للهجوم المحتمل، أم أن هناك سفارات أخرى مهددة، وكان الرد أن الهجوم المحتمل يستهدف أيضاً السفارتين الأمريكية والسعودية وعدداً من السفارات الأوروبية، ولكن المسئول المصري رفض الإجابة على الأمريكي حين سأله ما إن كانت السفارتان الألمانية والإيطالية مستهدفتين، أم أنهما خارج المخطط؟
وعن ارتباط العملية الفدائية الجديدة بهجوم الكلية العسكرية، وما إذا كانت ستشكل خطراً على زيارة وزير الخارجية الأمريكي المرتقبة، أفاد المسئول الأمني المصري بأن تحقيقات النيابة كشفت عن أن الخطة التي وضعها مخططو هجوم الكلية اشتملت في الجزء الثاني منها على احتجاز رهائن بأي من السفارات الأجنبية بالقاهرة، حتى إذا ما نجحت قوات الأمن المصرية في القبض على الفريق الأول، الذي سيتولى مهمة تفجير الكلية، يقوم الفريق الثاني باستخدام الرهائن المحتجزين للضغط على الحكومة.
ووصف المسئول المصري زعيم التفجير «صالح سرية» بأنه قوي البنية والشخصية، من أصل فلسطيني، ولديه جواز سفر عراقي، وعند سؤاله عن انتماء المتورطين لجماعة الإخوان المسلمين أجاب بأنهم لا ينتمون لهم، ولكنهم ينتمون إلى «اليسار الإسلامي الجديد»، وأنهم مجرد منفذين لا يدركون الهدف الفعلي من وراء التفجير، وكانت الخطة كالتالي: أن يقوم الفريق الأول بالهجوم على الكلية العسكرية، والاستيلاء على الأسلحة اللازمة للهجوم على مقر الاتحاد الاشتراكي العربي أثناء تواجد السادات فيه، على أن يكون الفريق الآخر مستعداً لاختطاف رهائن أي من السفارات الأجنبية حال تم القبض على منفذي هجوم الكلية. وحول تورط ليبيا في الحادث أشار المسئول إلى أن المخطط خارجي، وأنه حتى روسيا قد تكون متورطة فيه.
وفي يوم 26 أبريل، أرسل السفير الأمريكي برقية سرية جديدة تحت الرقم 1974CAIRO02637_b بعنوان «الهجوم على الكلية العسكرية» إلى الخارجية الأمريكية وسفاراتها في السعودية وليبيا ولبنان، يخبرها فيها بما نشرته الصحف من اعترافات منفذ الهجوم ومنظميه، بعدما رفعت الحكومة حظر النشر عن الحادث. حيث اعترف منفذ الهجوم «صالح سرية» بأن هدفه كان بلوغ الكلية والسيطرة عليها. بينما اعترف باقي أفراد التنظيم بأنه تم تجنيدهم من المساجد والجامعات والمدارس الثانوية، ومن هنا حدث الاتصال بين سرية وحسن الهضيبي، زعيم جماعة الإخوان المسلمين الذي وافته المنية منذ بضعة أشهر، وعدد من الإخوان المسلمين لبحث مسألة إقامة دولة إسلامية. تنظيم الفنية العسكرية ينضم إلى حزب السلامة والتنمية.
تنظيم الفنية العسكرية بعد 25 يناير 
وبعد مرور هذه الأعوام وعقب ثورة 25 يناير طالب العديد من كوادر وقيادات تنظيم الفنية العسكرية الانضمام إلى حزب السلامة والتنمية تحت التأسيس، الذي يضم في صفوفه عددا كبيرا من كوادر تنظيم الجهاد، لتعد أول مشاركة لأعضاء التنظيم في الحياة السياسية منذ الإفراج عنهم.
وقال الدكتور كمال حبيب وكيل مؤسسي حزب السلامة والتنمية، أنه تلقى طلبا من طلال الأنصاري القيادي بتنظيم الفنية العسكرية قبل وفاته؛ للانضمام إلى الحزب ومعه حوالي 25 من كوادر التنظيم، وأوضح أن الحزب وافق على ضمهم إلى صفوفه، وأنهم سيتولون عملية جمع التوكيلات في عدد من المحافظات، على رأسها الإسكندرية، التي ينشط فيها كوادر التنظيم.
وشدد في تصريحات صحفية أن انضمام مجموعة الفنية العسكرية يمثل إضافة إلى حزب السلامة والتنمية، ويعد دليلا على رغبة التيار الجهادي القديم في الانخراط في ممارسة العمل السياسي السلمي بعد ثورة 25 يناير وأن هذه المجموعة الفنية  تربطهم  رابطة روحية عميقة رغم ابتعادهم عن ممارسة العمل السياسي والجهادي منذ سنوات طويلة، وهو الأمر الذي مكنهم من تجميع أنفسهم بعد الثورة والانضمام إلى حزب السلامة والتنمية، الذي يعد الأقرب فكريا لهم.

أسباب فشل التنظيم

لا شك أن هذه التجربة بوصفها من التجارب الأولى في العمل التنظيمي الجهادي والمختلف عن المسار التقليدي لجماعة الإخوان المسلمين، شابها العديد من الأخطاء والتي تمثلت في:
1- الاعتماد بشكل رئيس على مجموعة من الشباب  قليلي الخبرة والتجربة، ممن لم تتجاوز أعمارهم العشرين عاما.
2- وجود شخصية مثل الدكتور صالح سرية على رأس التنظيم، وهو الأردني الجنسية والفلسطيني الأصل أضعف كثيرا من مصداقية هذا التنظيم وقدرته على النجاح.
3- سذاجة الخطط التي وضعت، وارتجال التنفيذ، والاستعجال في الحركة، كلها عوامل أسهمت في الفشل، وعدم وجود أي إمكانية للوصول إلى الهدف. 

شارك