الحقوقية التونسية أمال قرامي : اقصاء الإخوان أنهى تعنت ونرجسية "النهضة"

الأربعاء 07/مايو/2014 - 09:28 ص
طباعة الحقوقية التونسية
 
- النهضة لن تحتضن قيادات الاخوان الفارين من مصر
- الدستور التونسي توافقي ومعبرا عن مرحلة انتقالية بجميع تقلباتها
الدكتورة آمال قرامي أستاذة بكلية الآداب والإنسانيات، جامعة منّوبة، الجمهورية التونسية، وحصلت على درجة الدكتوراه في اطروحتها التي جاءت "قضيّة الردّة في الفكر الإسلامي"، استبعدت أن تضحى حركة النهضة فى تونس بمستقبلها السياسي وتعمل على استضافة قيادات جماعة الاخوان الفارين من مصر، مؤكدة على أن الظرف التاريخي الذى تمر به المنطقة العربية يتطلب تحكيم العقل.
 أكدت الدكتورة آمال قرامي فى حوارها مع "بوابة الحركات الاسلامية" على أن اقصاء الاخوان في مصر من الحكم  ترتب  عليه  بلوغ حزب النهضة الرشد ومفارقته لحالة التعنت والنرجسية والتسلط فكان القرار الصائب بالخروج من الحكم...فإلى الحوار
هل يمكن أن تتحول تونس إلى بلد تأوى قيادات الاخوان الفارين من مصر أم ماذا؟ 
ليس مستغربا أن يحدث ذلك في العلن أو في السر فالتحالف بين الحزبين قديم وهناك تاريخ من المعاملات بين الحزبين بيد أن هذا القرار يعسر اتخاذه في الوقت الراهن،  إذ ليس من مصلحة حزب النهضة أن يضحي بحساباته الحزبية وهو على أبواب الانتخابات في سبيل التماهي مع تجربة تاريخية جعلت المهاجرين والأنصار يتحدون في السراء والضراء، فالسياق التاريخي اليوم يقتضي تحكيم العقل ومراعاة المصلحة.
كيف تؤثر الاطاحة بالإخوان فى مصر على مستقبل النهضة؟
في حزب بمرجعية إسلامية تؤمن بمقولات من قبيل انصر أخاك ظالما ومظلوما ، والمناصرة، وشد الأزر ، والمساندة ...لمسنا أثر ما حل بالإخوان في نفوس النهضاويين الذين عبروا عن سخطهم وحنقهم وأبدوا كل مشاعر التعاطف مع إخوانهم  ولعل التزام النهضة بعلامة رابعة رمزا يحل في كل الاجتماعات وفي كل المؤسسات بما فيها الوزارات أين تعمد وزراء ونواب رفع شعار رابعة يخبر عن النكبة التي حلت بالإخوان أينما كانوا، ولكن رب ضارة نافعة إذ ترتب عن سقوط الإخوان بلوغ حزب النهضة الرشد ومفارقته لحالة التعنت والنرجسية والتسلط فكان القرار الصائب بالخروج من الحكم.

المرأة التونسية تواصل
المرأة التونسية تواصل النضال
•   هل تتنازل حركة النهضة فى المستقبل لصالح مطالب الأحزاب والاتحاد العام للشغل أم ستصر على مواقفها؟
أعتقد أن حزب النهضة مستمر في تقديم التنازلات لتلميع صورته خاصة بعد السواد الذي شابها طيلة سنوات الحكم، ثم إنه حريص على كسب الانتخابات مع حلفاء جدد ولذلك لابد أن يلين ولا يتصلب كما أن ارتباطه بالسياسية الأمريكية يجعله أكثر قبولا للتوافقات، أضف إلى ذلك أنّ التجربة المصرية أثرت في تغيير موازين القوى وجعلت النهضة تعيد حساباتها مراعية السياق الإقليمي والوضع الاقتصادي.
•   ماذا جني الشعب التونسي بعد ثلاث سنوات من ثورتهم؟
تعلم المواطن التونسي سواء المرأة أو الرجل كيف يعبّر عن حاجاته واختياراته، وأدرك الأخطاء التي وقع فيها وانتبه إلى المزالق وتمرن على الممارسات الديمقراطية وفهم الألاعيب والحسابات الحزبية وغيرها ، وفي تقديري هذه سنوات مكّنت التونسيين من امتلاك الفضاء العمومي ومن امتلاك الصوت ومن التفاعل مع كل ممثلي السلطة ، صحيح أننا عانينا من الانحرافات وتحويل وجهة الثورة والتنكر لقيمها وللشهداء ولكن هذا الغليان مفيد وهذا الاستقطاب الحدي دفعنا إلى القبول بالتنازلات وإعادة النظر في الخيارات، ولعل ميزة التجربة التونسية تكمن في ابتكار "الرباعي الراعي للحوار" الذي مكننا من الخروج من النفق المظلم.
•  ما تقييمك للوضع التونسي الآن؟
تعسر  الإجابة عن هذا السؤال باعتبار أنّ تقييم ما يعيشوه التونسيون اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا يتطلب توصيفا دقيقا وتحليلا معمقا ولكن يمكن القول إنّ الوضع مركّب ومعقّد ويتسم بالنسبية إذ تحسّن الوضع الأمني عمّا كان عليه من قبل ولكن تبدو المقدرة الشرائية للمواطن أو المواطنة محدودة والوضع الاقتصادي مترديا ، وإن عملت حكومة مهدي جمعة على اتخاذ تدابير خاصة للتقشف وترشيد الاستهلاك ودعم السياحة ، أما على المستوى السياسي فالحملات الانتخابية انطلقت ، ونلمح ذلك في الخطابات السياسية وفي تصريحات القياديين يكفي أن نتتبع موقف راشد الغنوشي من العزل السياسي لندرك ما للانتخابات من أهمية في تغيير المواقف فبعدما كان رئيس حزب النهضة يدعو إلى تطهير البلاد من الأزلام بات يدعو إلى التسامح والمصالحة وطي صفحة الماضي مستجيبا في ذلك للأوامر الأمريكية التي تطلب من هذا الحزب أن يرسخ فكرة "الحزب الوسطي المعتدل الديمقراطي".
الثورة التونسية مستمرة
الثورة التونسية مستمرة
•  هل لبي الدستور التونسي الجديد طموحات الشعب التونسي أم لا؟ ولماذا؟
هذا الدستور يحظى بتمثيلية نسبية للتونسيين وإن لم يجد فيه المتشددون والحالمون بعودة الخلافة ما كانوا ينتظرونه، ولكن يبقى دستورا توافقيا معبرا عن مرحلة انتقالية بجميع تقلباتها ولذلك يعد في نظري وثيقة تاريخية بالدرجة الأولى تعكس النزاعات الجانبية حول الهوية واللغة والدين ومنزلة المرأة وحماية المقدسات وغيرها، ولأن هذا الدستور ثمرة عمليات تفاوض فإن مواده جاءت متناقضة في بعض الحالات ومختلة في حالات أخرى، ويمكن القول إنه ليس بالإمكان في الظروف التي مرت بها البلاد "إبداع" نص أفضل.
•  ماذا جنت المرأة التونسية من جراء الثورة؟
تعلمت النساء أن المكاسب ليست أبدية إذ يمكن أن تلغى إذا تغيرت الإرادة السياسية، وأدركت التونسيات أهمية العمل الميداني والتوعية وعقد التشبيك وتقوية القدرات وتكوين قوة ضغط من أجل دسترة حقوقهن، ولعل أهم درس أن مشاركة النساء في السياسة تظل معركة كبرى تخوضها النساء ضد القوى الرجعية إن كانت يمينية أو يسارية ، فما نعيشه اليوم من حراك من اجل فرض التناصف العمودي والأفقي يوضح بجلاء حصول شبه إجماع ذكوري للحيلولة دون دخول النساء معترك السياسة.
•  كيف تتعامل النهضة والسلفيين مع المرأة؟
لابد من الإقرار بالدفع الذي قام به حزب النهضة من أجل تمكين النساء من المشاركة في الحياة السياسية خلافا للأحزاب السلفية التي ظلت محتشمة في تحفيز النساء على العمل السياسي، ولعل القاسم المشترك بين الأحزاب الدينية هو توظيف النساء من أجل الدعوة والـتأثير أثناء الانتخابات ، ومعنى هذا أن على المرأة الالتزام بالأوامر وتنفيذ سياسة الحزب حتى وإن كان ذلك على حسابها، فالمرأة المنتمية إلى هذه الأحزاب كثيرا ما تفشل في التعبير عن ذاتها من فرط تقيدها بأوامر الحزب والسلطة الذكورية التي تمتلك حق تقرير المصير.

جموع من التونسيين
جموع من التونسيين يدافعون عن ثورتهم
•  ما مستقبل الحريات في ظل الدستور الجديد؟
لا يمكن التكهن بذلك إلا بعد تفعيل النصوص وتعديل القوانين ومراقبة تنفيذها ولذلك يبقى المواطن يقظا منتظرا ما ستؤول إليه الأمور لاسيما وأننا عهدنا نصوصا ثورية ولكن بقيت حبرا على ورق.
•   كيف ترين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة؟
لن تعيش تونس على وقع الحزب الواحد والإعلام الرسمي المأمور فهذه مرحلة قد انتهت نحن نستعد لخوض غمار التعددية والتنوع وما على الأحزاب إلا أن تشمر على السواعد وتصوغ البرامج التي تحترم عقل المواطن والمواطنة التونسية ولا تستخف بمشاعره وطموحاته، وفي تقديري تونس تفتقر إلى جيل من السياسيين المبتكرين المتمتعين بكاريزما تخول لهم التأثير والإقناع وإعادة الثقة إلى نفوس التونسيين ولعل الخطورة تكمن في عزوف الشباب وشرائح من التونسيين عن المشاركة في الانتخابات بسبب فقدان الثقة في السياسيين لاسيما بعد أداء رديء للنواب داخل المجلس التأسيسي والصراعات  التي دارت في وسائل الإعلام بين مختلف الخصوم، والتي أثبتت تطفل عدد من الناس على السياسية أو عدم بلوغهم النضج أو لامبالاتهم بالمصلحة الوطنية..
•   ما موقف المؤسسة العسكرية فى تونس من ما يحدث الآن؟
تبدو المؤسسة العسكرية محايدة وإن حاول بعض رجالها خوض معترك الصراع الذي دار بين مختلف السياسيين خاصة فيما يتعلق بمحاكمة من تسبب في قتل الشهداء وفي البحث عن الحقيقة، ولكن عموما التاريخ يؤكد مرة أخرى أن هذه المؤسسة نجحت في النأي بنفسها عن التجاذبات السياسية، و البحث عن التموقع السلطوي.

شارك