تشكيل خلية أوروبية لمواجهة توغل الجهاديين.. هل تؤدي إلى القضاء على الإرهاب؟

الأحد 04/يناير/2015 - 01:38 م
طباعة تشكيل خلية أوروبية
 
مع انتشار الجماعات الجهادية في العديد من الدول العربية، وبعض الدول الأوروبية، وإشعال البلاد بالفوضى والصراعات المستمرة على أراضي دول كثيرة، على رأسها ليبيا والعراق وسوريا، والتي انتشر فيها الإرهاب بشكل كبير- يعتزم الاتحاد الأوروبي على تشكيل خلية مستشارين في مجال مكافحة الدعاية "الجهادية"، في دولة بلجيكا على الأخص، وذلك للتصدي للعمليات الإرهابية التي تشهدها تلك الدول
تشكيل خلية أوروبية
ويبدو أن أمريكا وصلت إلى طريق مظلم في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، عن طريق التحالف الدولي الذي يشن هجمات مستمرة للقضاء على التنظيم الإرهابي ولم يفلح حتى الآن.
الأمر قد يكون معقدًا للغاية في مواجهة الجماعات الجهادية المسلحة، حيث إنها انتشرت بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة في ظل الفوضى التي تشهدها بعض الدول والثورات والاعتصامات التي أحدثت نوعًا من عدم الاستقرار في البلاد؛ ما أدى إلى انتهاز الفرصة بالنسبة للجماعات الجهادية وجعلها تتوغل على الأراضي التي شهدت حالة من الحراك السياسي.
وتقدمت العناصر الإرهابية بأعمالها الدموية بشكل كبير في مناطق عديدة في تلك الدول التي تشهد الفوضى العارمة، وكان من بينها العراق وسوريا واللتان انتشر فيهما التنظيم الإرهابي "داعش"، ولم يتم السيطرة عليه حتى الآن؛ ما أدى إلى ارتكابه المزيد من أعمال العنف والقتال في البلاد.
الجدير بالذكر أن محاولات التصدي لتلك التنظيمات الجهادية جميعها باءت بالفشل، والتي كان آخرها تدشين التحالف الدولي لمواجهة تنظيم "داعش"، وتم ذلك بقيادة أمريكية ولم تفلح تلك المحاولات.. قد يكون الاتحاد الأوروبي حاول الوصول إلى حلول حتى يتم القضاء تماما على تلك التنظيمات، ووصل إلى ذلك القرار وهو تشكيل خلية كبيرة من مستشاري وخبراء في مواجهة التنظيمات الجهادية.
تشكيل خلية أوروبية
وبدأ الاتحاد الأوروبي اعتزامه على تشكيل خلية مستشارين في بلجيكا يمكن للحكومات الأعضاء أن تستشيرها في مجال مكافحة الدعاية "الجهادية"، بحسب ما أوردت صحيفة بلجيكية نقلا عن مسئول كبير في الاتحاد اليوم الأحد 4 يناير 2015.
وقال المسئول عن مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل كيرشوف لصحيفة لوسوار البلجيكية: إن الفكرة تكمن في أن تستضيف بلجيكا خلية خبراء يمكنها تقديم أجوبة فورية للدول الأوروبية حول مشكلة تواصل حادة جدا "في مواجهة المتشددين، الجهاديين".
وأصبحت شبكات التواصل الاجتماعي وسيلة مهمة لتجنيد الشباب لدى "الجهاديين" الذين استخدموا أيضا الإنترنت لبث عدد من شرائط الفيديو التي تظهر عمليات إعدام رهائن من الدول الأوروبية والأمريكية.
ويدور محور النقاش في هذا الموضوع حول سبل مكافحة الحملة الدعائية، التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية ومجموعات "جهادية" أخرى مثل القاعدة وبيت المقدس وغيرها من التنظيمات الجهادية التي انتشرت على الأراضي المصرية بسيناء، كما أوضح كيرشوف.
كيرشوف، أوضح أيضا أن عرض الموضوع سيكون بطريقة عملية، وليس شفوية فقط، حيث أكد على أنهم قد يبثون على سبيل المثال مقابلات "لجهاديين" محبطين عائدين من سوريا، وقد صدمتهم الأعمال التي يقوم بها مرضى يتلذذون بالعنف- على حد وصفه- أو أن الأمر لم يعد يتعلق بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وإنما بمكافحة مجموعات متمردة متنافسة.
وأكد أن هذا المشروع لم ينته إعداده بعد، لكن المفوضية الأوروبية تتوقع تخصيص مليون يورو على مدى 18 شهرا للتعاقد مع خمسة أو ستة خبراء يعملون في وزارة الداخلية البلجيكية، بحسب الصحيفة.
وأضاف كيرشوف: "سنرى إن كان هذا الأمر سينجح أم لا؟"، موضحًا: إذا سار هذا الأمر بشكل جيد، ستكون هذه الدول على أتم استعداد للتطوير بوسائلها الخاصة، الفكرة هي تقديم النصح للدولة ثم لتفعل ما تشاء.
تشكيل خلية أوروبية
وكان كيرشوف أعلن سبتمبر من العام الماضي، أن حوالي ثلاثة آلاف مواطن في الاتحاد الأوروبي انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، مشيرًا إلى أن دولا أعضاء تخشى أن يمثلوا تهديدا إرهابيا لدى عودتهم.
وتعود تخوفات الاتحاد الأوروبي من انضمام عناصر أوروبية إلى التنظيمات الجهادية، وبالأخص عقب الزيادة الغير متوقعة في الفترة الأخيرة والذي أكدت انضمام أكثر من 3 ألاف شخص أوروبي، حيث أكد كيرشوف مسبقًا أن عدد "الجهاديين" الأوروبيين الذين توجهوا إلى سوريا والعراق للقتال قد تجاوز ثلاثة آلاف مقاتل، موضحًا أنه "من الممكن" أن يكون هذا الارتفاع ناجما عن تقدم تنظيم "الدولة الإسلامية"، "داعش"، على الأرض وإعلان "الخلافة" في المناطق التي سيطر عليها.
وقال دي كيرشوف: إن العدد الذي ذكره، وهو 3000 مقاتل، يشمل كل الأوروبيين الذين ذهبوا إلى منطقة الشرق الأوسط بمن فيهم أولئك الذين عادوا إلى بلدانهم والذين قتلوا. وكان خبراء قد قدروا في وقت سابق من العام الحالي عدد الأوروبيين المنضمين لتنظيم "الدولة الإسلامية" بنحو ألفين.
ومعظم هؤلاء المقاتلين من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وهولندا والسويد والدانمارك، لكن بعضهم "انطلقوا أيضا من إسبانيا وإيطاليا وإيرلندا وحتى النمسا".
تشكيل خلية أوروبية
 وقال كيرشوف: حتى بلد مثل النمسا بات لديه مقاتلون الآن وهذا لم نكن نعرفه من قبل، قائلا: إن بين عشرين وثلاثين بالمائة من المواطنين الأوروبيين أو المقيمين في أوروبا عادوا، واستأنف بعضهم حياتهم الطبيعية لكن آخرين يعانون من صدمات، بينما هناك قسم متشدد يشكل تهديدا. وقال المنسق الأوروبي لشئون مكافحة الإرهاب: إن "التحدي الذي تواجهه كل دولة يتمثل في تقييم مدى خطورتهم والرد الأمثل على ذلك".
الأسلوب الذي تتبعه التنظيمات الجهادية في استقطاب الشباب، انتشر أيضا في الفترة الأخيرة عن طريق الحملات الدعائية التي توجهها عناصر تلك الجماعات، والتي تتبع سياسة قد تجبر الشباب إلى الانضمام لها فكريًّا أولًا ثم الانضمام إلى صفوفها بالفعل، وهذا بات واضحًا خلال الأيام الماضية.
الواضح من المشهد الحالي أن الاتحاد الأوروبي فقد الثقة في التحالف الدولي الذي تترأسه أمريكا في مواجهة "داعش"، وقرر العزم على طرح كافة السبل للمواجهة بطرق علمية وذات دراسة.. قد ينجح الاتحاد في الوسائل الذي يتبعها وقد يفشل أيضا في ظل الأعداد المتزايدة يوما تلو الآخر في التنظيمات الإرهابية، ولكن الأمر سيكون مختلفا هذه المرة في مواجهة الإرهاب على حد رؤية الخبراء، حيث أكدوا أن تدخل الاتحاد الأوروبي وعزمه على ذلك سيكون بداية حقيقية للقضاء على تلك التنظيمات المسلحة التي ترهب العالم بعملياتها القتالية. 

شارك