داعش".. حلم الزعامة يفتت التنظيم "الأم"

السبت 17/مايو/2014 - 08:22 م
طباعة داعش.. حلم الزعامة
 
أبو بكر البغدادي
أبو بكر البغدادي
كشفت الخلافات التي وقعت مؤخراً بين التنظيم الأم للجماعات الجهادية في العالم تنظيم "القاعدة" بزعامة أيمن الظواهري والتنظيم الوليد الأكثر دموية "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروف بـ"داعش" بزعامة أبو بكر البغدادي- عن كم الخلافات بين التنظيمين، وكيف أن الأخير سعى منذ فترة إلى تصدر المشهد الجهادي، محاولاً سحب البساط من التنظيم الأم ليحل محله.
وربما تعود أسباب رغبة أبي بكر البغدادي في تصدر المشهد الجهادي بدلاً من زعيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري، تعود إلى عدم امتلاك الأخير شخصيّة كاريزميّة، مثل التي كان يتمتع بها زعيم التنظيم الأول أسامة بن لادن وقت توليه زعامة التنظيم قبل مقتله على يد قوات المارينز الأمريكية في باكستان مايو 2011، ومن وقتها لم يعد تنظيم "القاعدة" تنظيمًا مركزيًّا نخبويًّا، حيث تسبب مقتل زعيمه في تفكّك القيادة المركزيّة للتنظيم.
أيمن الظواهري
أيمن الظواهري
وبعد تفكك القيادة المركزية برز نهج جديد وضع قواعده أيمن الظواهري يناهض الغرب بطرائق غير مباشرة، من خلال المزاوجة بين قتال العدو القريب (الأنظمة الحاكمة العربيّة والمسلمة) الموالية (الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل) بحسبهم، وهو الأمر الذي بدأ يظهر مؤخراً من خلال ترك جهاد العدو الحقيقي والتوجه لاستهداف الحكومات العربية، مثلما ظهر في تنظيم "أنصار بيت المقدس" الذي يتخذ من شبه جزيرة سيناء مركزاً لعملياته ضد قوات الجيش المصري، والذي ترك جهاد العدو الإسرائيلي واتجه إلى قتال الجيش المصري.
الكاتب الصحفي الأمريكي وليام ماكانت، أرجع في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية فشل الظواهري في قيادة التنظيم؛ لكونه لم يكن يتوقع النزاعات التنظيمية التي من شأنها أن تنشأ، نتيجة قبوله للكثير من التنظيمات، رغبة منه في توسيع دائرة الجهاد، داخل البلدان العربية، خاصة ضد الحكام الموالين للغرب؛ ما أدى إلى التطرف في تطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا على عكس سياسات الزعيم الأول أسامة بن لادن، الذي تحفظ على توسعة نشاطه بضم فروع جديدة للتنظيم، ففي حين رفض أسامة بن لادن ضم حركة شباب المجاهدين للتنظيم قبلها الظواهري.
الأمر لا يخلو أيضاً من الشق الإنساني، حيث إن كل الجماعات المسلحة تعاني من الاقتتال الداخلي؛ لكونهم إذا أرادوا تحقيق أهدافهم، يجب أن يتم إعطاء القادة الفرعيين في الميدان قدرًا من السلطة الذاتية؛ وحينما يصبح القادة الميدانيون مستقلين جدًّا فإنهم ينزعون للانفصال.

أولا: تنظيم "داعش"

نشأة داعش
نشأة داعش
- النشأة
داعش: تنظيم يتبنى الفكر السلفي الجهادي لإعادة دولة "الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة"، تُعد "الدولة الإسلامية في العراق" هي امتداد لجماعة "التوحيد والجهاد" بزعامة أبي مصعب الزرقاوي التي أسسها في 2004، بعد مُبايعة حصل عيلها من زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وبعد مقتل أبي عمر البغدادي وأبي حمزة المهاجر، اللذين توليا زعامة التنظيم بعد مقتل أبي مصعب الزرقاوي، انعقد مجلس شورى الدولة ليتم اختيار أبي بكر البغدادي خليفة له.
ليبدأ التكوين الأول "للدولة الإسلامية في العراق" 15 أكتوبر 2006، بتولي أبي بكر البغدادي زعامة التنظيم، بعد الأحداث الجارية في سوريا واقتتال الجماعات الثورية والجيش الحر ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تم تشكيل جبهة النصرة لأهل الشام أواخر سنة 2011، التي أعلن أبو بكر البغدادي دمجها مع "دولة العراق الإسلامية" تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الأمر الذي رفضه أبو محمد الجولاني.
"الدولة الإسلامية في العراق والشام" تبنت عملية تفجير السفارة الإيرانية في بيروت، ويسيطر أفراد هذا التنظيم على مساحة كبيرة من مدينة الفلوجة العراقية ابتداءً من أواخر ديسمبر.
وتمتلك "الدولة الإسلامية في العراق والشام" العديد من الدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة والسيارات الرباعية الدفع والأسلحة المتنوعة، التي حصلت عليها من الجيش العراقي والجيش السوري وغيرهما.

المرتكزات الفكرية لـ"داعش"

صوره لبعض المقاتلين
صوره لبعض المقاتلين
في وثيقة فكرية/ فقهية صادرة - مؤخراً - عن تنظيم داعش، يمكن رصد أهم المنطلقات والثوابت الفكرية للتنظيم في:
- من لم يكفر من يكفره فصيل البغدادي أو شك في كفره فهو كافر .
- كل من قابل كافراً أو جلس مع كافر فهو كافر.
- كل كافر يجب قتله، وكل من قتلناه كافر .
- كل من لم يبايع البغدادي مرتدون يجب قتالهم.
- يجوز القتل احتياطاً وللمصلحة.
- الحج حرام على المجاهدين، وهو خيانة، بل كفر ودليل على الردة.
- كل عالم لا يجاهد لا يؤخذ بقوله حتى ينفر للجهاد ويبايع البغدادي، وبغير ذلك لا يكون قوله معتبراً.
- لا يؤخذ بقول العالم السجين؛ ﻷنه تحت الفتنة ومغيب عن الواقع.
- لا يؤخذ بقول العالم الطليق؛ ﻷنه لم يسجن وعدم سجنه دليل على رضى الطواغيت عنه.
- لا دعوة ولا حكمة أثناء الجهاد بل قتل ودمار.
- كل من يقاتلنا كافر، وكل من نقاتله كافر، أو أنه سيكون في المستقبل كافراً .
- يمتحن دين الناس ومنهجهم بتكفير أشخاص نكفرهم، فإن كفروهم وإلا كفرناهم؛ لأنهم لم يكفروا من نكفره.
- تلقي المساعدات من الكفار ردة إن أخذها غيرنا، وغنائم وخديعة لهم بالنسبة لنا؛ فهي حلال لنا، وكفر وردة لغيرنا .
- كل تعامل مع الكفار موالاة لهم وردة صريحة.
- موالاة الكفار بالقول أو الفعل أو القلب، صغيرة كانت أم كبيرة، بأي نوع أو شكل كانت ردة كبرى مخرجة من الملة .
- كل من يقول بالتفصيل في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ضال مبتدع وجهمي مرجئ وقد يكون كافراً.
- يجوز الكذب للمصلحة وحتى لغير مصلحة على غيرنا؛ لأننا في حرب معهم، وكل من ليس معنا فهو ضدنا.
- الحرب خدعة وغدر لكل من حاربنا مسلمين كانوا أو كفارا.
- لا يجوز الالتزام مع المجاهدين اﻵخرين بعهود أو مواثيق؛ ﻷنهم مشروع صحوات ولا عهد ولا ذمة للكافر المرتد.
- ﻻ يمكن أن نقيم دولتنا إلا بفرضها على الناس بسياسة اﻷمر الواقع وبالقوة والمفخخات والكواتم.
- الشورى محصورة بقادة وشرعيي فصيلنا، وكل رأى من غيرهم فهو سفيه ويجب إسقاطه وعدم النظر فيه.
- التحاكم للشرع محصور بمحاكمنا فهي التي تمثل شرع الله على الأرض، والتحاكم لغيرها تحاكم لغير الشرع المطهر.
- يجوز الانغماس الكامل والتماهي بين الكفار في بلاد الكفر (قولاً وفعلاً وطقوساً) لمصلحة الجهاد؛ إذ الجهاد يبيح كل شيء.
- اﻹيمان: تكفير وتفجير واعتقاد يزيد بالغلو وينقص بالرحمة.
- يجوز قتل النفس للجزع أو خشية الأسر عند الصحوات؛ لأنه لا يجوز تسليم النفس للمرتد.

قيادات "داعش"

قيادات داعش
قيادات داعش
كانت تقارير إعلامية كشفت عن هويات القادة الستة الأهم في تنظيم "داعش"، والموضوعين على قائمة الإرهاب، وهم:
1- أبو بكر البغدادي
أبو بكر البغدادي- بحسب وزارة الداخلية العراقية- هو إبراهيم عواد إبراهيم، قائد تنظيم القاعدة في العراق، والملقب بأمير دولة العراق الإسلامية، قام بإعلان الوحدة بين دولة العراق الإسلامية، وجبهة نصرة أهل الشام، اعتبرته الخارجية الأمريكية إرهابيًّا عالميًّا في 4 أكتوبر 2011، ورصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه أو وفاته، وهو مسئول كافة النشاطات العسكرية لتنظيم القاعدة في العراق، أدار مجموعة كبيرة من العمليات الإرهابية كهجوم 28 أغسطس 2011 على جامع أم القرى الذي أدى لمقتل 6 أشخاص، وبعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن هدد أبو بكر بالانتقام له، وأعلن في 5 مايو عن مسئولية تنظيمه في الهجوم الذي وقع في مدينة الحلة،والذي نتج عنه مقتل 24 عسكريا وإصابة 72 آخرين.
2- أبو أيمن العراقي
أهم مسئول لـ"داعش" في سوريا، ، عضو المجلس العسكري لـ"داعش"، والمكون من 3 أشخاص، كانت كنيته في العراق أبو مهند السويداوي، من مواليد عام 1965 وكان ضابطاً برتبة مقدم في استخبارات الدفاع الجوي في عهد صدام، اعتقل عام 2007 لنحو 3 أعوام، ثم انتقل إلى دير الزور في سوريا عام 2011، واليوم يتولى قيادة "داعش" في إدلب وحلب وجبال اللاذقية.
3- أبو أحمد العلواني
اسمه وليد جاسم العلواني، كان ضابطا في الجيش في عهد صدام، عضو المجلس العسكري لـ"داعش"، والمكون من 3 أشخاص.
4- أبو عبد الرحمن البيلاوي
اسمه عدنان إسماعيل نجم، كانت كنيته أبو أسامة البيلاوي، من سكان الخالدية في الأنبار، اعتقل في 27 يناير 2005 في بوكا عمل بالجيش في عهد صدام، عضو المجلس العسكري لـ"داعش"، والمكون من 3 أشخاص، وهو أيضاً رئيس مجلس شورى، وقتل في الخالدية في الأنبار.
5- حجي بكر
اسمه سمير عبد محمد الخليفاوي، ضابط سابق في جيش صدام، تولى مهام تطوير الأسلحة، سجن في بوكا، وبعد إطلاق سراحه التحق بالقاعدة، كان الرجل الأهم لـ"داعش" في سوريا، حيث قتل مؤخرا على أيدي ميليشيات تابعة لما يسمى بالجيش الحر.
6- أبو فاطمة الجحيشي
نعمة عبد نايف الجبوري، تولى عمليات التنظيم في جنوب العراق، ومن ثم كركوك ومواقع أخرى في الشمال.

ثانيا: تنظيم "القاعدة"

تنظيم القاعدة
تنظيم القاعدة
هو قاعدة الحركات الجهادية، أسسه أسامة بن لادن لجهاد "الحكومات الكافرة"، وتحرير بلاد المسلمين من الوجود الأجنبي أيا كان، نشأ التنظيم عام 1987 على يد عبد الله يوسف عزام على أنقاض "المجاهدين" الذين حاربوا الوجود السوفيتي في ثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان، وتشير بعض المصادر إلى أن عدة جهات كانت تدعم هذا التنظيم، أبرزها وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)؛ بهدف مواجهة مد الاحتلال السوفيتي.
يترأسه حالياً المصري أيمن الظواهري، بعد مقتل زعيمه أسامه بن لادن على يد قوات المارينز الأمريكية، ورغم معرفتنا بقيادات التنظيم إلا أنه من الصعب تحديد تركيبة هذا التنظيم، من الناحية العددية، فلا يعرف تكوينه هل هو من مئات أم آلاف الخلايا.
وينتمي للتنظيم "الأم" عدد من التنظيمات الفرعية الآخرى:
- الجماعة الإسلامية المسلحة.
- الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية.
- حركة الجهاد.
- الجماعة الإسلامية.
- شكر طيبة الباكستانية.
- عصبة الأنصار.
- جيش محمد.
- جبهة تحرير مورو (الفليبين).

أبرز العمليات

هجمات 11 سبتمبر 2001
هجمات 11 سبتمبر 2001
- هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة الأمريكية.
- هجوم بشاحنة مفخخة على قاعدة الخبر بالمملكة العربية السعودية يونيو 1996.
- هجوم على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا وسقوط 224 قتيلا أغسطس 1998.
- هجوم بزورق على المدمرة الأمريكية uss cole بعدن في اليمن يوقع 17 قتيلا، و38 جريحا في صفوف قوات المارينز الأمريكية أكتوبر 2000.
- هجوم على كنيس يهودي بجزيرة جربة التونسية يوقع 21 قتيلا أغلبهم من الألمانيين، أبريل 2002.
- هجوم على ملهى ليلي ببالي في إندونيسيا يوقع 202 و300 جريح، أكتوبر 2002.
- سلسلة هجمات انتحارية بالمتفجرات تستهدف مصالح غربية بمدينة الدار البيضاء المغربية، خلفت أكثر من 30 قتيلا، مايو 2003.
- هجوم على كنيسين يهوديين بمدينة إسطنبول التركية يخلف 27 قتيلا ونحو 300 جريح، نوفمبر 2003.
- هجمات على قطارات الضواحي في العاصمة الإسبانية مدريد يوقع 191 قتيلا و1500 جريح، مارس 2004.
- هجمات على منتجع شرم الشيخ بمصر توقع 88 قتيلا، يوليو 2006.

ضعف "القاعدة"

ضعف القاعدة
ضعف القاعدة
ساعد ضعف التنظيم "الأم" على ظهور جماعات جديدة تشارك "القاعدة" أيديولوجيّتها السلفيّة الجهاديّة وأهدافها البعيدة- في إقامة خلافة إسلاميّة، فضلاً عن منازعة التنظيم في القيادة، مثلما حدث بين زعيم القاعدة وزعيم "داعش" حيث رفض الأخير ولاية الظواهري، واتهمه في تسجيل صوتي بثه مايو 2013 بارتكاب مخالفات شرعيّة، قائلاً: "إني خُيّرت بين حكم ربي وحكم الظواهري فاخترت حكم ربي"، كل ذلك بلا شك جعلنا أمام مرحلة جديدة للسلفيّة الجهاديّة تفرّخ قيادات جديدة، وقيادات تنقلب على قياداتها، ما ينذر بنشوء حالة جديدة، شديدة التطرّف.
ورغم اعتبار الكثيرين من خبراء ملف الجماعات الإسلامية أن الخلاف بين "القاعدة" و"داعش" خلاف فكري وسياسي مرتبط بموضوع البيعة وتوقيت إقامة الدولة الإسلاميّة، وأنهم جميعاً يتّفقون على الأهداف العامة التي قام عليها تنظيم "القاعدة" وهي إقامة الخلافة الإسلامية، إلا أنه من الواضح أن السلفية الجهادية تمر حالياً بطور جديد قد تشهد خلاله مزيداً من انشقاقات هذه التنظيمات عن التنظيم "الأم" لتنشئ جيلا جديدا منقسما على نفسه، فضلاً عن كونه أكثر تشدّدًا وتطرفًا.
وتشير العديد من التقارير المتخصصة في الشأن الجهادي، إلى أن تنظيم "القاعدة" فقد جزءًا كبيرًا من سيطرته على فروعه في أعقاب الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق على خلفية أحداث 11 سبتمبر، ومع توسيع دائرة العمليات القتالية، وتعدد جبهات القتال حول العالم، بفعل سياسات زعيمه الحالي أيمن الظواهري، أصبحت القاعدة تبدو فكرة أكثر من كونها تنظيمًا بالمعنى التقليدي.
القوات الأمريكية
القوات الأمريكية أثناء غزو أفغانستان
القيادي السابق في تنظيم الجهاد نبيل نعيم أكد أن تنظيم "القاعدة" بعد مقتل مؤسسه الأول أسامة بن لادن تحول إلى كيان هلامي، لا تأثير له ولا سطوة له على التنظيمات الأخرى، موضحاً أن التنظيم تحول إلى فكرة تحاول الجماعات الجهادية الناشئة حديثاً أخذ البيعة منه وفقط، مشيراً إلى أن ضعف التنظيم أدى إلى ظهور العديد من الانشقاقات مثل تلك التي وقعت بين التنظيم "الأم" وتنظيم "داعش".
الأمر الذي ظهر في اتهام المتحدث باسم "داعش" أبي محمد العدناني لتنظيم القاعدة بـ"الانحراف" عن المنهج الجهادي وشق صفوف المقاتلين، وهو النتيجة الطبيعية لمن يتبنى الفكر التكفيري؛ ما عزز فرص الانقسام والاقتتال بين تلك الجماعات، البحث إذن عن الزعامة والسيطرة على الجماعات الجهادية المختلفة، لا شك أنه مبرر أساسي للاقتتال.

ثالثا: الخلاف بين التنظيمين

الخلاف بين داعش والقاعدة
الخلاف بين داعش والقاعدة
الخلاف بين "القاعدة" و"داعش" بدأ عندما أعلن زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي ضم الدولة الإسلامية في الشام بقيادة أبي محمد الجولاني إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" ليصبح هو زعيم الكيان الجديد الذي يحمل اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، الأمر الذي اعترض عليه زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ليبث تسجيلاً صوتياً يعلن فيه رفضه لذلك.
التسجيل الصوتي لزعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري أحدث ضجّة كبيرة؛ كونه يدعو فيه إلى إلغاء "داعش"، ويؤكّد أن "جبهة النصرة في بلاد الشام" هي فرع التنظيم في سوريا؛ ما يعطي الجبهة غطاءً "شرعيًّا"، لكن "داعش" رفضت على لسان زعيمها أبي بكر البغدادي ما قاله الظواهري، مؤكّدة على أن "داعش" باقية في العراق وسوريا.
وقال التسجيل الصوتي للظواهري "تُلغى دولة العراق والشام الإسلاميّة ويستمرّ العمل باسم دولة العراق الإسلاميّة"، "جبهة النصرة لأهل الشام فرع مستقلّ لجماعة قاعدة الجهاد يتبع القيادة العامة". "الولاية المكانيّة لدولة العراق الإسلاميّة هي العراق، والولاية لجبهة النصرة لأهل الشام هي سوريا"، "أخطأ الشيخ أبو بكر البغدادي الحسيني بإعلان دولة العراق والشام الإسلاميّة دون أن يستأمرنا أو يستشيرنا، بل ودون إخطارنا، وأخطأ الشيخ أبو محمد الجولاني بإعلانه رفض دولة العراق والشام الإسلاميّة وإظهار علاقته بالقاعدة دون أن يستأمرنا أو أن يستشيرنا بل ودون إخطارنا".
الأمر الذي دفع زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي للرد على الظواهري في تسجيل قال فيه: "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام باقية.. ولن نساوم عليها أو نتنازل عنها، و"جبهة النصرة" هي امتداد لدولة العراق الإسلاميّة وجزء منها"، معلناً "إلغاء اسم دولة العراق الإسلاميّة وإلغاء اسم "جبهة النصرة" وجمعهما تحت اسم واحد هو الدولة الإسلاميّة في العراق والشام": "داعش".
وزعم البغدادي أنه استشار "أهل الحلّ والعقد" أي القادة والعلماء في دمج التنظيمَين وأنهم باركوا هذه الخطوة، لكن الجولاني ردّ في بيان على البغدادي قال فيه إنه لم يُستشر بل وإن كبار "علماء النصرة" لم يبلغوا خبر الدمج إلا عبر وسائل الإعلام، رافضاً الرضوخ لإمرة البغدادي؛ ما أثار بلبلة بين "الجهاديّين" في سوريا، وأحدث انقسامات بين مقاتلي "جبهة النصرة" التي تُعتبر من أشدّ المجموعات المسلحة قوّة وتأثيراً في قتال النظام السوري.

مستقبل التنظيم

مستقبل تنظيم القاعدة
مستقبل تنظيم القاعدة
يمكن القول بأن مستقبل تنظيم القاعدة حالياً أصبح قاتما، رغم استمراره في تنفيذ عمليات وحشية حول العالم، بعدما بدأ العديد من الجماعات الجهادية تدير ظهورها للتنظيم، بل لدرجة الانقلاب عليه بأعداد غير مسبوقة، مثلما حدث مؤخراً من خلاف بين تنظيم "القاعدة"، وتنظيم "داعش" لدرجة وصلت إلى تكفير كل فريق للآخر.
ولا يمكن إغفال تصريحات القيادي الجهادي "بن عثمان"، رفيق بن لادن، حيث أكد خلال أحد الاجتماعات أن مستقبل التنظيم قاتم، وقال: "الحركة الجهادية فشلت، ونحن ننتقل من كارثة إلى أخرى، كما هو الحال في الجزائر" في إشارة إلى الحرب الأهلية الجزائرية التي حصدت أكثر من 100 ألف إنسان، ودمرت معظم مصادر الدعم المحلي الذي كان "الجهاديون" يتمتعون به، وطالب "بن عثمان"، قائد التنظيم وقتذاك أسامة بن لادن بالتوقف عن استهداف الغرب، قائلاً: "إن قرار استهداف الغرب سيخرب فرص مجموعات كتلك التي يقودها في الإطاحة بمستبدين علمانيين في العالم العربي، وقد طلبنا منه صراحة وقف حملته ضد الولايات المتحدة؛ لانها لن تقود إلى شيء، وضحكوا عندما قلنا لهم: إن أمريكا ستهاجم المنطقة برمتها إذا استهدفناها بهجوم".
ويقول "بن عثمان": إن بن لادن وعده بالتوقف بعد عملية واحدة، وهي إشارة على ما يبدو إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ضد الولايات المتحدة، وقال له إنه لا يستطيع التراجع عن هذه العملية لأنها ستدمر معنويات التنظيم برمته. حسب رواية بن عثمان.
في السياق كشف أحد الباحثين الإسلاميّين موسى الغنامي، أن أحد كبار مسئولي "داعش" الشرعيّين والعسكريّين اجتمعوا بالبغدادي، واتفقوا على إلغاء اسم "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" والإعلان عن دولة الخلافة الإسلاميّة، والعمل على أخذ البيعة من بعض مجموعات "القاعدة" في تونس وليبيا وسيناء والصومال، وكان يفترض أن يصدر بيان إعلان الخلافة لتصدر بعدها البيعات للبغدادي وتنصيبه أميراً للمؤمنين.
وقد حاول أنصار البغدادي أخذ البيعة من "أنصار الشريعة" في اليمن وأتباع "القاعدة" في مالي، لكنهم رفضوا ذلك وأبلغوا الظواهري بالأمر، الذي دفعه إلى إصدار بيان ينتقد فيه "داعش" ويتهمها بأنها تكفيرية.
الأمر الذي عزز تلك المعلومات رصد جهاز الأمن مكالمة هاتفية، للمدعو عادل حبارة المتهم في ارتكاب مجزرة رفح الثانية، والتي راح ضحيتها 25 جنديا مصريا، أغسطس 2013، ويعرض عليه أحد المقاتلين في سوريا أن يعطي البيعة لأبي بكر البغدادي مقابل إمداده بالمال لجمع الأفراد وشراء الأسلحة، الأمر الذي أقره المتهم.
 http://www.youtube.com/watch?v=0WxMZBRF_Kk

شارك