بعد رد مصر على الإرهاب في ليبيا.. هل ينجح مجلس الأمن في اتخاذ قرار لمواجهته؟

الأربعاء 18/فبراير/2015 - 01:00 م
طباعة بعد رد مصر على الإرهاب
 
مع تصاعد الأحداث الإرهابية في ليبيا، وتدخل مصر بضربة جوية للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في مدينة "درنة"، عقب مذبحة التنظيم الذي ارتكبها في حق 21 مصريًّا قبطيًّا- يستعد مجلس الأمن، اليوم الأربعاء 18 فبراير 2015، لبحث الملف الليبي المشتعل طوال الفترة الماضية.
بعد رد مصر على الإرهاب
يأتي ذلك في الوقت الذي دعا فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي لتفويض أممي لتشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا، في غضون ذلك شددت القوى الغربية على ما وصفته بالحاجة إلى التوصل إلى تسوية سياسية لحل الأزمة في ليبيا.
وفي هذا السياق، ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي، أن جلسة مجلس الأمن الطارئة ستعقد بناء على طلب مصر وليبيا في الثالثة ظهراً بتوقيت مدينة نيويورك للاستماع إلى الإحاطة التي يقدمها المبعوث الدولي إلى ليبيا برناردينو ليون من تونس بالـ"لفيديو كونفرانس" حول الوضع الليبي المتفاقم، يليها قيام وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بإلقاء بيان مصر أمام المجلس، ثم يتلو وزير خارجية ليبيا كلمته، لتنعقد بعد ذلك جلسة المشاورات الخاصة.
يأتي ذلك بعد بيان وقعته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا في محاولة من تلك الدول على ما يبدو للنأي بنفسها عن دعوات وجهت لها للتدخل العسكري في ليبيا.
وجاء في البيان أن القتل الوحشي لـ 21 من المصريين الأقباط في ليبيا على أيدي مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" يبرهن من جديد الضرورة الملحة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في ليبيا.
وعلى الرغم من تحذيرات المبعوث الأممي لدى ليبيا برناردينو ليون، من تفاقم الأوضاع وخطورتها حال عدم اجتماع الفرقاء الليبيين، فإن الصراعات ما زالت مستمرة، بل وتتفاقم يوما عن الآخر.
فيما يبدو أن المتنازعين، غير مدركين خطورة الأوضاع الليبية فجميعهم شغلهم الشاغل هو التنازع على أسبقية احتلال كرسي السلطة بعيدا عن مصالح البلاد واستقرارها.
بعد رد مصر على الإرهاب
ومن ناحيتها، تقف الحكومة الموازية والتي تقيم في طرابلس بقيادة عمر الحاسي، والتي ينتمي إليها قوات فجر ليبيا الإرهابية- دائما كالسد المنيع ضد أي مصالحة مع الحكومة المعترف بها دوليًّا التي تقيم في طبرق بقيادة عبدالله الثني، وكأن هدفها هو عرقلة مسيرة الاستقرار في البلاد، فضلا عن أن مصلحتها في استمرار الأزمة والفوضى الدائمة، التي تشعل الأوضاع وتزيد من احتدام الأجواء.
والبرهان على ذلك هو إدانة حكومة الإخوان المسلمين الليبية، قصف طائرات مصرية لمواقع تابعة لتنظيم "داعش" في مدينة درنة شرقي ليبيا ردا على ذبح التنظيم لـ21 مصريًّا مسيحيًّا؛ ما يؤكد أن الإخوان هم العقبة أمام عودة الهدوء واستقرار الأوضاع.
وزعمت الجماعة أن ما قامت به طائرات السلاح الجوي المصري "عدواناً سافراً على السيادة الوطنية الليبية واستهدافا لمناطق آهلة بالسكان بمدينة درنة، قائلة: إن القصف الجوي المصري أسفر عن مقتل وجرح عدد من المواطنين الليبيين من بينهم الأطفال والنساء". على حد زعمها.
وطالبت الجماعة باتخاذ ما يلزم لوقف ما أسمته بـ"العدوان والتأكيد على المسار الحواري ودعمه لوقف حالة الانقسام وصولاً إلى بناء الدولة الليبية المدنية الحديثة وتحقيق الاستقرار المنشود الذي ينعم بظلاله الجميع". كما أكدت الجماعة في البيان ذاته إدانتها لـ"كل أشكال الإرهاب والاعتداء على النفس البشرية ولحادثة الإعدام الجماعي بحق الأقباط المصريين".
 وفي تناقض واضح لما يقومون به، ناشدت الجماعة الأطراف الليبية تحكيم العقل والانحياز إلى مصلحة الوطن العليا بعيدا عن الأغراض والأهواء الشخصية، واعتبار أن السيادة الوطنية الليبية خط أحمر يجب الحفاظ عليه.
في سياق مواز، أعربت الحكومة الليبية المؤقتة والمعترف بها دوليًّا عن استيائها وقلقها من خطر تنامي الإرهاب على الأراضي الليبية، في ظل ازدواجية معايير المجتمع الدولي وصمته عما يحدث، مثمنة دور مصر في مساندة الشعب الليبي ضد الإرهاب والتطرف. 
بعد رد مصر على الإرهاب
وأكدت الحكومة المؤقتة أنها تتابع بقلق بالغ تنامي الإرهاب على الأراضي الليبية، وتأثيره الخطير على دول الجوار والمنطقة والقارة الأوروبية، خاصة بعد التهديد الأخير لأوروبا من قبل بعض عناصر "داعش"، أثناء ذبحهم لواحد وعشرين عاملا قبطيا مصريا على الساحل الليبي، في مشهد "بربري بشع"، داعية الحكومة المصرية للاستمرار في توجيه ضربات جوية عسكرية، لأوكار التطرف والإرهاب في ليبيا، وذلك بعد التنسيق مع القيادة الليبية، ضمن عمليات مشتركة مع سلاح الجو الليبي. 
في الوقت الذي يجتمع فيه مجلس الأمن لبحث مواجهة التنظيم الإرهابي "داعش"، في ليبيا، كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، صورًا عن تواجد عناصر من تنظيم "داعش" في ليبيا، في ظهور يؤكد وصول التنظيم الإرهابي لأبواب أوروبا.
وأظهرت الصور سيارات من نوع "تويوتا" و"لاند كروزر" وهي تجوب شوارع مدينة يعتقد أنها بنغازي، وتحمل أعلام التنظيم الإرهابي.
وأكدت "الديلي ميل" أن الفيديو قام بنشره تنظيم يدعى "أنصار الشريعة" تابع لتنظيم داعش بتاريخ 5 فبراير الحالي، مؤكدة أن التنظيم يتخذ من مدن درنة وبنغازي وسرت مناطق نفوذ له.
من المعروف أن ليبيا غارقة وسط معارك وصراعات بين الميليشيات المتطرفة والجيش الليبي في أنحاء المدن الليبية.
بعد رد مصر على الإرهاب
وتنتشر في ليبيا كتائب مسلحة عدة، قبلية وجهوية ومدينية، في طبرق ومناطق برقة في الشرق الليبي، أما في درنة فمعظم الكتائب عقائدية دينية، ومنها ميليشيات أنصار الشريعة القريبة من تنظيم القاعدة، وميليشيات تتبع داعش، وتتنازع مع أنصار الشريعة على السلطة في درنة.
أما بنغازي فبات معظمها بيد الجيش الليبي باستثناء جيوب في الليثي والقوارشة، ينشط فيهما متطرفون يتبعون ما يسمونه مجلس شورى ثوار بنغازي، الذي يحارب الجيش الليبي منذ مايو الماضي عندما انطلقت عملية الكرامة.
وتسيطر القبائلية على المشهد العسكري في الجنوب الليبي، ويعاني من فراغ أمني جعله أرضاً خصبة، بحسب مراقبين، لانتشار ميليشيات متطرفة قادمة من دول إفريقية.
وتسيطر وسط ليبيا حيث الهلال النفطي وحدات حرس المنشآت النفطية التابعة للجيش، وتخوض معارك منذ أكثر من شهرين دفاعاً عن المنشآت النفطية ضد ميليشيات تابعة لفجر ليبيا.
وفي سرت يفرض داعش سيطرته على المدينة، ويخوض معارك ضد ميليشيات فجر ليبيا، فيما يغلب على تشكيلات الغرب الطابع المديني، فتعد مصراتة معقل ميليشيات فجر ليبيا التي تحالفت في أوقات سابقة مع متطرفين للإطاحة بمجلس النواب ومحاربة الجيش الليبي.
واندلعت في العاصمة طرابلس معارك بين كتائب الزنتان التابعة للجيش وميليشيات فجر ليبيا انتهى لصالح الأخيرة.
وتتخذ القيادة العسكرية التابعة للجيش الليبي من الزنتان جنوب غرب ليبيا مقراً لها امتد نفوذها إلى مشارف الحدود التونسية.
المشهد الحالي يوضح أن القرار في يد مجلس الأمن الآن للتصدي والقضاء على العناصر المسلحة المنتشرة في الأراضي الليبية، فهل ينجح في اتخاذ القرار الذي يصعد بالبلاد إلى الاستقرار والأمان مرة أخرى؟

شارك