وثيقة أمنية ألمانية ترصد أطماع الإسلام السياسي في ألمانيا

الخميس 22/مايو/2014 - 04:57 م
طباعة وثيقة أمنية ألمانية
 

مقدمة

مقدمة

هذه هي أول ترجمة لوثيقة الإسلام السياسي في ألمانيا الصادرة في سبتمبر 2013 عن مكتب حماية الدستور(BFV)، وهو أحد أجهزة الاستخبارات الثلاث في جمهورية ألمانيا الاتحادية بجانب المخابرات العامة الألمانية (BND) والمخابرات الحربية الألمانية (MAD)، ومكتب حماية الدستور يتبع وزارة الداخلية الألمانية، ويوازي جهاز الأمن الوطن في جمهورية مصر العربية والجهاز منوط بحماية النظام الدستوري الألماني ومكافحة الجريمة السياسية.

وتتسم هذه الوثيقة بالحياد والموضوعية، حيث تفرق بين الدين الإسلامي الذي يُحترم من قبل الدستور الألماني، حيث يمثل المسلمون الأغلبية بعد المسيحيين، حيث يعيش حوالي 4 ملايين مسلم في ألمانيا ويمارسون شعائرهم الدينية بسلمية وحرية، في إطار الدستور الذي يكفل حرية الاعتقاد، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وبين الإسلام السياسي كمظهر من مظاهر التطرف السياسي، الذي يستغل الدين الإسلامي، ويستغل مساحة الحرية للنظام الديمقراطي الدستوري لدولة القانون الألمانية؛ لممارسة ونشر أيديولوجياته المتطرفة، بالإضافة إلى اتخاذه من ألمانيا قلب أوروبا قاعدة للانتشار في كل أوروبا والعالم الغربي، فضلا عن استهداف ألمانيا من قبل المتطرفين الإسلامين، حيث تعرضت إلى اثنتي عشرة هجمة إرهابية، تم إحباط إحدى عشرة منها، وذلك منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والذي اتخذ منفذوها من ألمانيا نقطة انطلاق لهم؛ لذلك فمن أولى أولويات المكتب التصدي للمد الإيديولوجي للإسلام السياسي، وخاصة بين أوساط الشباب في ألمانيا.

مدخل

مدخل

تهدف هذه الوثيقة إلى المساعدة على فهم ظاهرة الإسلام السياسي في ألمانيا، وتستعرض نشأة الإسلام السياسي وتطور أيديولوجياته.

يقدم الجزء الأول مقدمة عن الدين الإسلامي حتى لا يتم الخلط بين الدين الإسلامي وبين الإسلام السياسي كمظهر من مظاهر التطرف السياسي المنسوب للدين.

ويقع على عاتق مكتب حماية الدستور مراقبة الأطماع المتطرفة للإسلام السياسي في ألمانيا والتصدي لها، ويؤكد المكتب أنه لا يراقب الجاليات المسلمة في ألمانيا أو يتتبعها، فدستور جمهورية ألمانيا الاتحادية يحترم العقائد ويكفل حرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، كما تنص المادة الرابعة من الدستور الألماني، لكن لا يجب أن تُستغل هذه الحرية لتتحول إلى أنشطة معادية للديمقراطية.

وثيقة أمنية ألمانية

ويتناول الجزء الثاني أطماع الإسلام السياسي في ألمانيا، ويعرض الأطياف المختلفة من الإسلاميين الناشطين في ألمانيا، إذ ينقسمون إلى إسلاميين ينتهجون السياسة لتطبيق أيديولوجياتهم السياسية، وإسلاميين يستخدمون العنف لتحقيق أهدافهم، ولكن خارج حدود ألمانيا وبالذات في بلادهم الأصلية، ويتخذون من ألمانيا مأوى ونقطة انطلاق، أما النوع الثالث من الإسلاميين في ألمانيا فهم الجهاديون، وهم الذين يسعون لتحقيق أهدافهم السياسية عن طريق الإرهاب، ويتصدر المشهد الآن في ألمانيا السلفيون وهم ليسوا فصيلا واحدا متجانسا، فبعضهم يستخدم العنف والبعض الآخر ينبذه.

وتختتم هذه الوثيقة بعرض أسباب انتشار الإسلام السياسي في ألمانيا، إضافة إلى أهم عوامل الجذب التي يستخدمها السلفيون في استقطاب وتجنيد الشباب، خاصة الإنترنت والسفر إلى معسكرات التدريب.

أولا: الإسلام السياسي مثال على استغلال الدين

وثيقة أمنية ألمانية

الدين الإسلامي

ينتشر الإسلام في الوقت الحاضر في معظم دول العالم، بينما بدأت الدعوة الإسلامية في القرن السابع الميلادي في شبه جزيرة العرب، ويُعد التوحيد هو جوهر الإسلام، فالله تجلى للبشر من خلال دعوات الأنبياء المختلفة، والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) طبقًا للعقيدة الإسلامية هو خاتم الأنبياء، وترتكز العقيدة الإسلامية على القرآن والسنة، وكذلك الشريعة التي تُستقى من كليهما.

وثيقة أمنية ألمانية

أ- القرآن:

يؤمن المسلمون أن القرآن هو كلام الله الذي أُوحي مباشرة إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلمويحتوي على 114 سورة مرتبة على حسب طولها، ويقص القرآن عن الجنة والنار ومواعظ الأسبقين، فضلاً عن العبادات والأوامر والنواهي.

ب- السُّنَّة:

تمثل حياة النبي وتعد المصدر الثاني بعد القرآن من حيث الأهمية للمسلمين، وتكمل وتفصل القرآن، وتعتبر السنة هي كل ما صدر عن الرسول من قول أو فعل، وتم جمعه وتدوينه في القرون الأولى من التاريخ الإسلامي.

ج- الشريعة:

تصف الأوامر الإلهية وتعتبر قاعدة للتشريع، كما تحتوي الشريعة بالإضافة إلى أوامر العبادات على تشريعات جنائية وأحوال شخصية، ولا تعتبر الشريعة مرجع قوانين شاملا، وإنما هي قواعد للتشريع، وتختلف الدول الإسلامية في مدى التزامها بالشريعة، وكذلك في طريقة تطبيقها وتثير الشريعة جدلا واسعا داخل العالم الإسلامي، ولكن يوجد إجماع على أنها مصدر مهم من مصادر التشريع.

 أدى الخلاف حول أحقية خلافة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى انقسام المسلمين الأوائل إلى فرقتين رئيسيتين هما السُّنة والشيعة، إضافة إلى بعض الفرق الصغيرة مثل العلويين.

وثيقة أمنية ألمانية

أ- السُّنَّة:

يمثل السُّنة 85% من المسلمين حول العالم، فضل عن أنهم الأغلبية في معظم الدول الإسلامية، ويضع السُّنة خلفاء رسول الله في مكانة عظيمة، ولا يشترط السنة أن يكون الخليفة من نسل رسول الله، ويختلف السنة في تأويلهم للشريعة، وينقسم السنة إلى أربع مدارس شرعية، وهي الحنفية والمالكية والحنبلية والشافعية.

ب- الشيعة:

يمثل الشيعة من 12% إلى 15% من المسلمين، ويشكلون أغلبية المسلمين في إيران والعراق والبحرين وأذربيجان، ويعيش عدد كبير من الأقليات الشيعية في لبنان وباكستان وأفغانستان واليمن، ويشتق لفظ الشيعة من اللفظ العربي "شيعة علي" ويعترف الشيعة فقط بعلي بن أبي طالب هو ونسله كخلفاء لرسول الله، ويطلق الشيعة على الخلافة (الإمامة).
أيديولوجية الإسلام السياسي
تعريف
يمثل الإسلام السياسي شكلا من أشكال التطرف السياسي المصبوغ بصبغة دينية، حيث يستخدم الإسلاميون الدين الإسلامي كأداة لتحقيق أهدافهم السياسية، ويفسر الإسلاميون النص الديني حرفيًّا، ويسعون إلى تطبيق الشريعة في شكلها النصي المرتبط بالسياق التاريخيى، ويرى الإسلاميون في الدين الإسلامي نظاما مفصلا محكما جامعا يشمل كل الجوانب السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية؛ وبذلك يرى الإسلاميون في الإسلام نظاما عالميا كونيا للبشر أجمعين، يُخضع الإسلاميون المجتمع والدولة "للحكم الإلهي"، وهو التفسير الحرفي للنص، وهذا يتعارض تمامًا مع النظام الديمقراطي الحر لجمهورية ألمانيا الاتحادية.
انتشر الإسلام تاريخيًّا من شبه جزيرة العرب إلى شمال إفريقيا وعبر غرب آسيا إلى أواسط آسيا، ويشكل في الوقت الحالي "غير العرب" غالبية المسلمين مثل إندونيسيا حوالي 201 مليون مسلم، والهند حوالي 157 مليون مسلم، وباكستان حوالي 127، وبنجلادش حوالي 120 مليونا.
يمثل المسلمون في ألمانيا الأغلبية بعد المسيحيين من حيث العدد، حيث يعيش حوالي 4 مليون مسلم في ألمانيا، ويمارس أكثر من 99% من شركاء الوطن المسلمين شعائرهم الدينية بسلمية وحرية، في إطار احترام القيم والمبادئ المنصوص عليها في دستور جمهورية ألمانيا الاتحادية، وتكفل المادة 4 من الدستور حرية ممارسة الشعائر الدينية:
"1- لا يجوز انتهاك حرية العقيدة ولا حرية الضمير ولا حرية اعتناق أي دين أو فلسفة حياتية.
2- تكفل الممارسة الآمنة للشعائر الدينية.

الإسلام السياسي

النظام الديمقراطي الحر

عقوبات جسدية

بالرغم من قسوة قطع يد السارق أو رجم الزاني، إلا أن الحدود كفارة للسارق والزاني([1]) قتل المرتد (حرية الاعتقاد تقابل بالقتل)([2])

احترام حقوق الإنسان الراسخة في الدستور، والتي تتضمن الكرامة الإنسانية التي لا يجب أن تمس بأي شكل من الأشكال، الحق في الحياة، الحفاظ على الجسد البشري، الحرية الشخصية وحرية الاعتقاد وحرية الرأي هو حق لكل إنسان

دستور المسلمين هو القرآن الكريم

الدين الإسلامي يحرم التحزب؛ لأن التحزب مفرق.

لا يقبل الإسلام بالديمقراطية ولا يمكن أن يكون المسلم ديمقراطيًّا([3])

الحق في تأسيس أحزاب، وممارسة المعارضة، الكتل النيابية الصغيرة لها الحق في مراقبة الحكومة والعمل على بدائل سياسية

الحكم في دولة الإسلام لله والحاكم ما هو إلا منفذ للإرادة الإلهية. ([4])

سيادة الشعب

 تستمد الدولة سلطتها من الشعب ويمارس الشعب سلطته من خلال حق الانتخاب والاقتراع

جوهر الإسلام هو التسليم بأن المشرع والقاضي هو الله. ([5])

فصل السلطات، تنفصل وتستقل السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية عن بعضهم البعض، وتراقب السلطات الثلاث بعضهم البعض (التوازن والمراقبة)

"يكفر المرء إذا ما اعترف بالقوانين الوضعية حتى لو آمن بأفضلية الشريعة

البشر لا يملكون في شئونهم شيئًا فالشريعة فريضة على كل مسلم.([6])

استقلال القضاء، لا يخضع القاضي إلا للقانون وضميره

تنظر الشريعة إلى الحاكم باعتباره ظل الله في الأرض والمنوط بتطبيق الإرادة الإلهية؛ لذلك لا يسمح لبشر مناهضة هذه الإرادة الإلهية.([7])

مسئولية الحكومة

 يلتزم المشرع بالقانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية، وتقوم المحكمة الدستورية بالنظر في التشريعات الجديدة، إذا ما كانت تتوافق مع الدستور الألماني



[1] - كتاب عقيدة أهل السنة والجماعة لـ"محمد بن صالح العثيمن"، مترجم إلى الألمانية.

[2] - منقول عن عقيدة المسلم، موقع على الإنترنت www.as_sunnah.de

[3] - ما هو الإسلام، بيرا فووجل ، ص 11.

[4] - أمة محمد، 18/1/2001، ص 8.

[5] - دين الحق، عبد الرحمن بن حمد، مترجم إلى الألمانية، ص 126.

[6] - شرح نواقد الإسلام، للإمام محمد بن عبد الوهاب، تحقيق الشيخ عبد العزيز بن عبد الله، مترجم إلى الألمانية.

[7] - رسالة الإسلام، عبد الرحمن الشيخ، مترجم إلى الألمانية.

يجاهر الإسلاميون بانفرادهم الحصري بحق التمثيل الإلهي، وبذلك يمثلون النموذج الأوحد لصحيح الدين، ويستبعدون من جماعة المسلمين أي مسلم له فهم مغاير لفهمهم للإسلام.
وبالرغم من أن الإسلاميين يستمدون كما يدعون إلى صحيح الإسلام، إلا أن الإسلاميين ذاتهم ينقسمون على أنفسهم في تفسيرهم للدين، ويتجلى هذا الاختلاف أولاً في مرجعيتهم الأيديولوجية، وثانيًا في اختيار الوسائل لتحقيق هدفهم المنشود، فبينما تستخدم الحركات "الإسلامية المقننة" الطرق السياسية لتطبيق الشريعة لأتباعهم في ألمانيا تستخدم "الحركات المرتبطة بالعنف" العنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم خارج ألمانيا، أما الحركات الجهادية فترى في الإرهاب أهم وسيلة لتحقيق أهدافهم السياسية والاجتماعية داخل وخارج ألمانيا.

الفرق بين الإسلام والإسلام السياسي

الفرق بين الإسلام

سيد قطب
سيد قطب

نشأة الإسلام السياسي

ظهرت حركات إسلامية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر تدعو للعودة إلى صحيح الإسلام من خلال اتباع السلف الصالح، وتعد "الوهابية" أهم هذه الحركات الإسلامية، وهي الأيديولوجية التي تأسست عليها المملكة العربية السعودية، وهذه الحركات تختلف عن الحركات الإسلامية التي تكونت في القرن الـ19 نتيجة للصراع مع الاستعمار والإمبريالية، فكثيرًا من علماء الإسلام هذه الفترة أرجعوا حالة التردي والتخلف العلمي والاقتصادي والعسكري إلى الابتعاد عن صحيح الدين.

اتسع الجدال في هذا الوقت حول إمكانية التوفيق بين الإسلام وبين الأفكار السياسية والاجتماعية الغربية، وتمت مناقشة إمكانية استيعاب الإسلام للتطور العصري الجديد، على سبيل المثال مسألة تحريم الفوائد البنكية أو مسألة تعدد الزوجات وقضية العقوبات الجسدية الإسلامية، ومدى التوافق مع المفاهيم الإنسانية الحديثة، وقد حاول بعض التقدميين من رجال الدين مثل جمال الدين الأفغاني (1938-1897) ومحمد عبده (1845-1905) إعادة تأويل وتفسير الدين الإسلامي؛ ليصبح مواكبا للعصر، ولكن في المقابل تعالت الأصوات منذ مطلع القرن العشرين منددة بهذه المحاولات الإصلاحية، واعتبرت إعادة قراءة النص القرآني بما يتناسب مع العصر الحديث هو خيانة للعقيدة الإسلامية، متعللين بأن الأنظمة السياسية الغير إسلامية لا تصلح لحل مشاكل العالم الإسلامي، انطلاقًا من خبراتهم السيئة مع الاستعمار والإمبريالية.

بدأ أبو العلا المودودي بتعبئة مقاتلين لمحاربة الاستعمار الإنجليزي في شبه الجزيرة الهندية، وأسس عام 1941 "جماعة الإسلام"، أما سيد قطب (1906-1966) فدخل جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا عام 1928 ليصبح أهم منظريها، وأدت سنوات اعتقاله إلى تماديه في التطرف، وقد أعدم عام 1966 ويعتبر كل من قطب والمودودي الأبوين الروحيين للإسلام السياسي.

وركزت الحركات الإسلامية في البداية على العالم الإسلامي لمحاولة إعادة المسلمين والحكومات من الجاهلية إلى حظيرة الإسلام الصحيح من منظورهم. مع بداية النصف الثاني للقرن العشرين بدأت تظهر علامات الأسلمة في المجتمعات العربية والإسلامية ونجح الإسلاميون في التأثير على المجتمع والمؤسسات الحكومية.


ثانيا: أطماع الإسلام السياسي في ألمانيا

ثانيا: أطماع الإسلام
- يشمل الإسلام السياسي في ألمانيا أطيافا عديدة، تبدأ من الجماعات الإسلامية المقننة والتي تستخدم الوسائل السياسية حتى الجماعات الجهادية، والتي تنهج الإرهاب لتحقيق أهدافها السياسية، وينتمي أغلبية الإسلاميين والذين يصل عددهم إلى حوالي 40000 إسلامي إلى الجماعات المقننة "الشرعية".
 ولا تُعتبر أيديولوجيات الإسلام السياسي جامدة، بل على العكس هلامية وتتصف بالمرونة والديناميكية.
ويتضح من تطور الحركة السلفية في ألمانيا على سبيل المثال إلى أي مدى هي براجماتية، وكيف تمتلك جاذبية تزداد يوما بعد آخر، من خلال ظهور إعلام احترافي على الإنترنت، واستخدام مكثف لشبكات التواصل الاجتماعي، والحملات الدعوية، مثل حملة "اقرأ" لتوزيع نسخ تفسيرهم للقرآن بالمجان.
إن حركات الإسلام السياسي في ألمانيا متنوعة ومتعددة، حيث لا يوجد نموذج موحد للتطرف فالإسلاميون يسلكون طرقا متعددة، وهذا يتجلى في الدعوة السلفية التي يتزايد نجاحها في استقطاب الشباب في ألمانيا يوما بعد آخر، ويتجلى ذلك بوضوح فيما يطلق عليه "التطرف التربو" والذي يتم فيه استقطاب الشباب وتحويلهم إلى متطرفين فقط عبر الإنترنت، حيث تتوفر المادة الدعائية وشبكات التواصل الاجتماعي 24 ساعة بدون تكلفة.
وهذا ما اتضح بعد العملية الإرهابية التي تم فيها إطلاق الرصاص على جنديين أمريكيين في مطار فرانكفورت في 2 مارس 2011، وظهر فيها أن الفاعلين تطرفوا عن طريق الإنترنت، ويطلق عليهم "Lone wolves"، والمقصود بهذا المصطلح الإسلاميين الذين يتطرفون على الإنترنت، والذين يتجولون في الإنترنت بأسماء مستعارة، ويقومون بالتخطيط عبر الإنترنت، وهو ما نطلق عليه الآن "الإرهاب المنزلي"، ونشطاء هذا النوع من الإرهاب ألمان من أصول أجنبية، وكذلك داخلون جدد في الإسلام من أصول ألمانية.
فضلاً عن أن الإنترنت يعطي مساحة كبيرة للمرأة لتظهر في مشهد التطرف، فالصورة التقليدية للمرأة عند الإسلاميين تحجم من دور المرأة، أما الفضاء الافتراضي فيعطي المرأة الفرصة للمشاركة الفعالة، وفي هذه الحالة لا يقتصر دور المرأة على تربية الأولاد على أيديولوجية الإسلام السياسي (الدور السلبي) ولكن يصبح لها دور مباشر.
مثال على النشاط المتطرف للمرأة على الإنترنت
قامت ناشطة إسلامية برفع ما يزيد عن 1000 فيديو والقيام بالمشاركة والتعليق على منتدى للإسلاميين على شبكة الإنترنت، وكذلك قامت بجمع تبرعات بقيمة 3200 يورو من خلال الإنترنت دعمت بها منظمات إرهابية، من بينها القاعدة، وقد أدانتها محكمة برلين وحكم عليها بالحبس لمدة سنتين ونصف في 2011، وتم الإفراج عنها في أبريل 2012 لحسن السير والسلوك.

وثيقة أمنية ألمانية
الحركات الجهادية
من هم الجهاديون الإسلاميون؟
يستند الجهاديون إلى مفهوم "الجهاد الأصغر"، فهم يرون الجهاد كفاحا مسلحا، وحربا مقدسة، ويستخدمون العنف بشكل مقصود لتحقيق أهدافهم فالعنف هو منهجهم وطريقتهم لتحقيق أهدافهم السياسية، ويؤمنون بأن استخدام السلاح هو الطريق الوحيد لتحقيق أهدافهم، ويرون في أنفسهم مجاهدين في سبيل الله، فهم يعتبرون الجهاد فريضة على كل مسلم ويقتبسون من الدين ما يبرر لهم استخدام السلاح والعنف، ويدعون للجهاد في كل بقاع الأرض ضد أعداء الإسلام لنصرة الإسلام، ومن يستشهد في حربهم المقدسة هذه ينال عظمة الشهادة.
لا يحض الدين الإسلامي على الإرهاب ولا يضفي شرعية على الإرهاب ولكن الجهاديون يستغلون الدين لتبرير أفعالهم، فهم يفسرون المفاهيم الدينية بشكل أحادي انغلاقي، للتأثير على الشباب لتعبئة وتجنيد هؤلاء لتنفيذ أهدافهم وأيديولوجياتهم.
يهدف الإسلاميون الجهاديون إلى محاربة الدول الغير إسلامية (العدو الأبعد) والإطاحة بالأنظمة التي لا تطبق الإسلام في الدول الإسلامية (العدو الأقرب)، ويستهدف الجهاديون على وجه الخصوص القوات الأجنبية التي تتمركز في بعض الدول الإسلامية، والتي تعتبر هدفا مستديما للعمليات الإرهابية. 
الجهاد
يعني الجهاد حرفيًّا (بذل الجهد) والثقافة الإسلامية تعرف الجهاد الأصغر والأكبر.
والجهاد الأكبر هو سلمي على الأغلب فهو جهاد النفس لتقويم السلوك الشخصي تجاه الخالق والمجتمع.
أما الجهاد الأصغر فهو مرتبط بالحرب والعسكرية، وتاريخيًّا يرتبط بالدفاع عن أرض المسلمين، وكذلك الفتوحات الإسلامية.

وثيقة أمنية ألمانية
لماذا يراقب مكتب حماية الدستور الجهاديين؟ 
أولاً: لأن الجهاديين أنفسهم يستهدفون ألمانيا وموجودون بها؛ مما يؤدي إلى تعرض الأمن الداخلي للخطر الذي يمكن أن يظهر في أي وقت في شكل عمليات مختلفة، وقد شُكل بسبب هذا الخطر القائم للإسلاميين، مكتبُ مكافحة الإرهاب المشترك (Gtaz) لتوحيد الجهود ولتنظيم التعاون وتنظيم التواصل بين 40 جهة أمنية داخل ألمانيا، فقد ثبت بالتجربة العملية مدى فاعلية التعاون الاستخباراتي بين المكاتب الاستخباراتية والشرطة الجنائية، ومكتب مكافحة الجريمة السياسية وهو مفتاح النجاح في مكافحة الإرهاب.
ما هي نشاطات الجهاديين في ألمانيا؟
يحاول الجهاديون القيام بعمليات إرهابية في ألمانيا وعلى الجانب الآخر يخططون لعمليات خارج ألمانيا لكن من داخل الأراضي الألمانية، أو يقومون بتقديم دعم لوجيستي للعمليات الإرهابية، وعلى سبيل المثال جمع التبرعات وتوجيهها إلى الإرهاب، فضلاً عن تجنيد الشباب وهذا ما يتضح في بعض الهجمات الإرهابية، والتي من بينها 11 سبتمبر وتم تنفيذها من أشخاص يعيشون في ألمانيا.
ما هي التنظيمات الجهادية الموجودة في ألمانيا؟
تشمل الحركات الجهادية طيفا كبيرا من التنظيمات والشبكات تبدأ من التنظيمات الكبرى والتي ترتبط بشكل مباشر بعلاقات مع منظمات جهادية خارج ألمانيا إلى خلايا صغيرة مستقلة، وإلى أفراد تطرفوا بشكل سريع وفجائي ويخططون لعمليات إرهابية بشكل فردي، ونلاحظ تنامي ما يطلق عليه "الجهاديون أون لاين" أو الجهاد في العالم الافتراضي في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى تكوين الشبكات على الأرض.

وثيقة أمنية ألمانية
مثال على المنظمات الجهادية
القاعدة: تأسست عام 1980 على يد أسامة بن لادن في أفغانستان وتعتبر القدوة للعديد من التنظيمات الإرهابية وكذلك الأفراد.
تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب (AQAH)، انضم تنظيم القاعدة في اليمن مع قوى القاعدة في السعودية لتكوين هذا التنظيم عام 2009.
القاعدة في العراق (AQI) الدولة الإسلامية في العراق تم تأسيسها في عام 2003 وتعد مسئولة عن العديد من الهجمات الإرهابية في العراق.
القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي "AQM" تأسست في الجزائر في نهاية التسعينيات من القرن الماضي "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" (salafiste pour la predication)" والتي انضمت للقاعدة بشكل رسمي عام 2006 وهي الآن التنظيم الأنشط في بلاد المغرب العربي.
وثيقة أمنية ألمانية
أنصار الإسلام (AAI) ظهر هذا التنظيم في شمال العراق كوريث لتنظيم "جند الإسلام" نتيجة لاندماج بعض التنظيمات الكردية الصغيرة تحت هدف واحد وهو تأسيس دولة إسلامية في الجزء الكردي بالعراق، أما هدفهم المعلن الآن فهو كفاح قوات التحالف وإسقاط الحكومة العراقية.
وثيقة أمنية ألمانية
حركة أوزبكستان الإسلامية (IBU) تأسست عام 1998 في كابل بهدف إسقاط النظام في أوزبكستان، وإحياء دولة الخلافة في أوزبكستان ووسط آسيا وتحارب الحركة جنبًا إلى جنب إلى طالبان ضد القوات الأجنبية وتقوم بحملة منظمة ضد ألمانيا.
وثيقة أمنية ألمانية
اتحاد الجهاد الإسلامي (IJU) وهو تنظيم انشق عن حركة أوزبكستان الإسلامية، وتم الإعلان عنه عام 2002.
الشباب) (al-shabab تأسس عام 2006 في الصومال وهو أقوى تنظيم إرهابي في الصومال ويعد مسئولا عن الهجمات في دول مختلفة بشرق إفريقيا.
وثيقة أمنية ألمانية
الحركات الإسلامية "المرتبطة بالعنف"
هذا النوع من الإسلاميين لا يرفض العنف على الإطلاق ولكنه يستخدم العنف بشكل انتقائي ومحدود، فهم يستخدمون العنف كوسيلة بالإضافة إلى وسائل سياسية وإعلامية متعددة، هذا النوع من الإسلاميين في ألمانيا يرتبط في أغلب الأحيان بالدول التي هاجر منها إلى ألمانيا سواء هو أو والديه، حيث يتمركز وينشط التنظيم الأم الذي ينضم إليه، وغالبًا ما يشن هذا النوع من الإسلاميين الهجمات في دولهم الأصلية، ضد بنية الحكم هناك بهدف تأسيس "دولة إسلامية"، ويمكن تمييزهم أيضًا من خلال مشاركتهم الفعالة في العمل الاجتماعي والسياسي في بلادهم الأصلية، وكثير من هذه التنظيمات تتخذ شكل الأحزاب السياسية؛ حتى يكون لها أذرع سياسية وتقوم أيضا برعاية مستشفيات ومدارس تحصل من خلالها على شعبية داخل شرائح عريضة من المجتمع.
لماذا يتم مراقبة هذا النوع من التنظيمات؟
أولاً: لأنهم يعرضون علاقات ألمانيا الخارجية للخطر، ويضرون بسمعة ألمانيا حينما يتخذون منها محطة للانطلاق لهجماتهم، كما يضر بسمعة ألمانيا الخارجية أن تقف متفرجة أمام نشاط هؤلاء الإسلاميين، فضلا عن تلك التنظيمات لا تعترف بحق وجود دولة إسرائيل وترفض فكرة التعايش السلمي المشترك بين الشعوب.
ما هي نوعية "نشاط الحركات الإسلامية المرتبطة بالعنف" في ألمانيا؟
هم يستغلون وجودهم في ألمانيا، ويتخذون منها مقرًّا وقاعدة لدعم منظماتهم الأم في بلادهم الأصلية دعمًا دعويا وماديًّا ولوجستيًّا؛ لذلك يتم وضعهم تحت مراقبة مباحث أمن الدولة.
ما هي المنظمات "المرتبطة بالعنف" الموجودة في ألمانيا؟
ينتمي إلى هذا النوع من التنظيمات حوالي 2500 شخص في ألمانيا. ويركزون على جمع التبرعات واستقطاب وتجنيد أفراد جدد ونشر دعوتهم، وهم خاملون في ألمانيا حتى لا يقعوا تحت أعين الأمن؛ لذلك يتجنبون الفعاليات العلنية أو ينشطون تحت غطاء منظمات أخرى، ويشارك أتباع هذه المنظمات في المظاهرات السياسية.

وثيقة أمنية ألمانية
حزب الله
تأسس كحركة مقاومة بعد الاجتياح العسكري الإسرائيلي للبنان عام 1982 لمصر، ويتم دعم هذه التنظيم الشيعي من كل من إيران وسوريا، ومنذ عام 1992 ممثل في البرلمان اللبناني.
وثيقة أمنية ألمانية
حزب التحرير (HUT)
تأسس في القدس عام 1953 وهو منظمة إسلامية تهدف لتوحيد الأمة تحت لواء خليفة المسلمين.
وثيقة أمنية ألمانية
حركة المقاومة الإسلامية حماس (Hamas)
تأسست عام 1988 في قطاع غزة ويعتبر الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين ولها حزبا سياسيا نشطا، فضلاً عن دورها الكبير في الشئون الاجتماعية.
وثيقة أمنية ألمانية
حزب الله التركي (TH)
تأسس عام 1980 في تركيا بهدف إسقاط النظام وتأسيس دولة على أساس الشريعة.
وثيقة أمنية ألمانية
حركة شمال القوقاز الانفصالية (NKSB)
تأسست عام 1990 في القوقاز، وهدفها تأسيس دولة الشريعة، وانقسمت الحركة عام 2007 وخرج منها تنظيم "الإمارات القوقازية" تحت قيادة دوكو عمروف.

وثيقة أمنية ألمانية
الحركات الإسلامية "المقننة""الشرعية"
ينتمي غالبية الإسلاميين في ألمانيا إلى هذا النوع من الحركات، ويقصد بها الحركات والتنظيمات الإسلامية في ألمانيا التي تسعى بطريقة سياسية إلى فرض تصوراتها التي تنبثق من أيديولوجياتها الإسلامية، وذلك بالوسائل السياسية. 
لماذا يراقب مكتب حماية الدستور التنظيمات الإسلامية "المقننة""الشرعية"؟
يستغل أتباع هذه التنظيمات مساحة الحرية لدولة القانون في ألمانيا، وتنشئ هذه التنظيمات لأتباعها مجتمعا موازيا داخل ألمانيا، والذي يعوق بالتأكيد سياسة الاندماج في المجتمع الألماني.
وبالرغم من الانتقادات التي توجه إلى مكتب حماية الدستور بسبب مراقبته لهذه التنظيمات؛ لأنها في الغالب تقدم نفسها أمام الرأي العام على أنها متسامحة ومنفتحة ومهتمة بالحوار مع الآخر، ولكنها لها وجه آخر أمام أتباعهم، بحيث تقنع تلك المنظمات أتباعهم بأفكار معادية للحرية والديمقراطية.
ما هي التنظيمات المقننة "الشرعية" في ألمانيا؟
يمثل أتباع هذه التنظيمات غالبية الإسلاميين في ألمانيا، حيث يصل عددهم حوالي 33,000، ويتركز نشاطهم في جمهورية ألمانيا الاتحادية على 3 محاور: 
أولاً السياسية (حيث لهم حضور سياسي بارز). 
ثانيًا التعليم: يبرزون في مجال التعليم، ثالثًا: القدرة على الحشد والتعبئة. ويتميز هذا النوع من الإسلاميين بالتنظيم الجيد وكذلك التخفي تحت جمعيات إسلامية مختلفة، فضلاً عن أنهم يستغلون حضورهم السياسي للتأثير على بعض الموضوعات المجتمعية في ألمانيا مثل مسألة التربية الدينية في المدارس وتأسيس معاهد إعداد الدعاة في ألمانيا، بالإضافة إلى سعيهم الدائم لكسب أعضاء جدد في تنظيماتهم لنشر أيديولوجياتهم الإسلامية، وذلك عن طريق استغلال المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية في ألمانيا، من خلال عقد الندوات الدينية وورش العمل وتقديم دورات مجانية ورحلات ومعسكرات صيفية، وتهدف كل هذه الفعاليات إلى احتواء الشباب وإقناعهم وتنشئتهم على مفهومهم الضيق للإسلام.

وثيقة أمنية ألمانية
حركة ميلي جروس (IGMG) الإسلامية:
تأسست عام 1985 في ألمانيا تحت شعار "رؤية جديدة" للعالم"، ويعد نجم الدين أربكان هو الأب الروحي لتلك الحركة.
وثيقة أمنية ألمانية
التجمع الإسلامي في ألمانيا (IGD) الإخوان المسلمين
 تأسس في مصر 1928 وتعتبر أقدم حركة إسلامية مؤثرة في مشهد الإسلام السياسي حتى الآن، وطبقًا لبيانات الإخوان أنفسهم (ينتشر الإخوان في أكثر من 70 دولة)، يستغل الإخوان المسلمين المراكز الإسلامية المختلفة في ألمانيا في أنشتطهم المختلفة، ويعتبر التجمع الإسلامي في ميونخ أهم منظمة تابعة لهم في ألمانيا.
"جماعة التبليغ" (TJ)
تأسست عام 1926 في الهند، وانتشرت من شبه الجزيرة الهندية إلى جنوب آسيا، ثم إلى شبه الجزيرة العربية، ومنها إلى إفريقيا وأوربا وحتى أمريكا الشمالية، ولها أتباع بالملايين في دول العالم المختلفة ولها أعضاء ناشطون في ألمانيا.
وثيقة أمنية ألمانية
المركز الإسلامي في هامبورج (IZH)
تعتبر ألمانيا مقرا للعديد من المراكز الإسلامية الموالية للنظام الإيراني، والعديد منها يتبع الدولة الإيرانية مباشرة، وأهم هذه المراكز في هامبورج والذي أنشئ عام 1962.
وثيقة أمنية ألمانية
السلفية
ما هي السلفية؟
تعتبر أيديولوجية فكرية، وفي الوقت ذاته هي تيار داخل الإسلام السياسي، ويزعم السلفيون أنهم يتخذون من القرآن والسنة المحمدية منهجًا لهم، ويعتبر السلفيون أن السلف الصالح (المسلمون الأوائل) هو النموذج الأوحد للإسلام للصحيح، ويستدعي السلفيون سيرة السلف الصالح ويستميتون في تطبيقها الحرفي في مجتمعاتنا الحديثة، ويرفضون أي نماذج حياتية أو عقائدية أخرى سواء كانت من مسلمين أو غير مسلمين. 
ومع ذلك لا يعتبر السلفيون فصيلا واحدا متجانسا، فهم أطياف متعددة، أما في ألمانيا يمكن تقسيمهم إلى فصيلين: "السلفية الجهادية"، و"السلفية السياسية"، ويجتمع الفصيلان على هدف واحد وهو تأسيس دولة سلفية، ولكنهم يختلفون في طريقة الوصول إلى هدفهم.
"السلفية السياسية" تتميز بالقدرة الدعوية والدعائية في الوقت نفسه، فهم يصفون الحركة "بالدعوة" أي الدعوة إلى الإسلام الصحيح من منظورهم، ويعتبرون الدعوة سلاحهم، أما "السلفية الجهادية" فهي تستخدم السلاح، والجدير بالملاحظة أن تحول الأنصار من السلفية السياسية إلى السلفية الجهادية يحدث بسرعة ويسر شديدين، والأكيد أن كل أتباع السلفية الجهادية في ألمانيا كانت لهم بدايات ونشاطات مع السلفية السياسية، وهذا يعني أن انتشار أيديولوجية السلفيين يمكن أن تؤدي إلى الإرهاب.
لا يوجد للسلفيين هيكل تنظيمي واضح أو تنظيم حديدي، كما هو حال جماعات أخرى مثل الإخوان المسلمين، يظهر السلفيون في أغلب الحالات في صورة دعاة أو تنظيمات صغيرة أو مجموعات تتركز في مساجد بعينها في ألمانيا، بالإضافة إلى الأنصار العاديين والمتصلين مع بعضهم البعض داخل وخارج ألمانيا.
لماذا يراقب مكتب حماية الدستور السلفية في ألمانيا؟
هدف السلفيين في ألمانيا هو إنشاء دولة ومجتمع ونظام قضائي (بديل للدستور) يتوافق ومعتقداتهم السلفية، وبذلك يرفضون القيم الديمقراطية الغربية، متعللين بأنها من صنع البشر.
أنشطة السلفية في ألمانيا:
يقدر عدد السلفيين في ألمانيا بحوالي 4500 سلفي، لكن العدد الفعلي غير معلوم، وذلك بسبب عدم وجود هيكل تنظيمي، فالانضمام والانخراط في البيئة السلفية يتم عادة بشكل غير رسمي وغالبًا يتم من خلال علاقة "التلميذ بأستاذه" وكذلك "العلاقات الافتراضية" على شبكة الإنترنت، فضلاً عن تواجدهم تحت غطاء منظمات إسلامية مختلفة، وتعد الجماعة السلفية "الدعوة إلى الجنة"، من أكثر المجموعات السلفية نشاطًا وتأثيرًا في ألمانيا حتى تم حلها، وكذلك جماعة "الدين الحق" تعد الجماعة الأقوى على الساحة السلفية في ألمانيا، ونذكر أيضًا جماعة "ملة إبراهيم"، والذي أدى حلها ومنع نشاطاتها في ألمانيا من قبل وزارة الداخلية الألمانية الي سفر معظم أعضائها إلى الدول العربية.
وأهم ما يميز السلفيين في ألمانيا في الوقت الراهن إجادتهم استخدام الخطاب الإعلامي الموجه لأنصارهم، فضلاً عن تكثيفهم للفعاليات الدينية للانتشار وكسب محبين جدد، مثل رحلات الحج والعمرة، ورحلات لتعلم اللغة العربية للمسلمين الألمان في الدول العربية، وتعتمد السلفية في ألمانيا على الإنترنت بشكل رئيسي في نشر دعوتهم؛ لذلك يوجد عدد كبير من المواقع السلفية باللغة الألمانية، فضلاً عن عدد كبير من الفيديوهات المدبلجة بالألمانية على اليوتيوب.

ثالثا: أنشطة الإسلاميين في ألمانيا

يجذب الإسلام السياسي الشباب بوجه عام، وذلك يستهدف الإسلاميون الشباب في ألمانيا ويوجهون خطابهم عن قصد إليهم، وهناك دراسة أمريكية في هذا السياق تحت اسم "الجهاد كول Jihad Cool". وبالطبع يلعب الإنترنت الدور الرئيس للترويج للأفكار السلفية، فالإنترنت بسيط التكاليف ويستخدمه أغلب الشباب، وبالأخص الفيديوهات والأناشيد يبحث عنها الشباب على الإنترنت، فالإسلاميون يضعون السم في العسل، حيث يغلفون أيديولوجياتهم بغلاف جذاب يخاطب ذوق الشباب، وقد قامت هيئة المصنفات في ألمانيا بتصنيف الأناشيد التي يرفعها السلفيون على الإنترنت على أنها خطر على الشباب صغير السن، حيث إن العديد من هذه الأناشيد يدعو إلى العنف ويصوره على أنه أمر إلهي، فضلاً عن أن هذه الأناشيد تدعو بصراحة إلى "قتال الكفار"، ويظل السفر إلى أماكن الجهاد من أهم أسباب تطرف الشباب.

من ناحية أخرى يقدم الإسلاميون للشباب اليقين الذي يبحثون عنه، من خلال إجابات بسيطة وواضحة، وفي السياق نفسه يحددون نمطا واحدا للسلوك الصحيح، وبذلك يحتكرون العالم المثالي، حيث لا توجد تعددية (أبيض أو أسود)، إما المؤمنون الذين يمثلون الخير أو الكفار الذين يمثلون الشر، وبذلك يحتكر الإسلاميون الحقيقة المطلقة، فهم يمثلون المجتمع الصالح الذي يرضى عنه الخالق، والذي يعطي معنى وقيمة للحياة، سواء في هذا العالم أو العالم الآخر.

الخلاصة

يركز مكتب حماية الدستور في السنوات المقبلة على مسألة مكافحة ومراقبة الإسلام السياسي، حيث إن ألمانيا تقع في مرمى نيران المتطرفين الإسلاميين، وتتصدر ظاهرة "الإرهاب" أولويات مكتب حماية الدستور، وذلك بعد سلسلة الهجمات المتصلة في شتى أنحاء العالم؛ ولذلك فالسبيل الوحيد لمكافحة ومحاربة الإرهاب عابر الحدود هو توحيد الجهود الأمنية على المستوى الداخلي والخارجي.
وسوف تظل جماعات الإسلام السياسي التي لا تمارس العنف أيضًا تحت المراقبة، فأهداف هذه الجماعات تتعارض مع النظام الدستوري الديمقراطي الحر لجمهورية ألمانيا الاتحادية.
فهؤلاء الإسلاميون يستغلون الديمقراطية لتحقيق أهدافهم الإسلامية في إطار دولة القانون في ألمانيا، وهنا يكمن الخطر أن يعيش عدد من الألمان المسلمين في "مجتمع مواز" على الأراضي الألمانية؛ الأمر الذي يحول دون مشاركتهم الفعالة في المجتمع، ويمنع وجود تعايش سلمي بين الأديان، ويؤدي إلى عزلة المسلمين في ألمانيا.
لذلك يجب وقف المد الأيديولوجي للإسلاميين في ألمانيا، وبالأخص بين الشباب.

شارك