بعد "تكريت".. الجيش العراقي يتأهب لتحرير "الأنبار".. وغموض موقف "الحشد الشعبي"
الأحد 12/أبريل/2015 - 02:08 م
طباعة
مع انتشار التنظيم الإرهابي "داعش" في محافظة الأنبار بالعراق، وتوالي الدعوات التي تلقتها وزارتا الدفاع والداخلية للتدخل وتحرير المحافظة من يد داعش- لاقت مطالب القيادات القبلية ردًا سريعا لمواجهة التنظيم؛ حيث أرسلتا تعزيزات لمواجهة "داعش" هناك، بعد إعلان رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت، اليوم الأحد 12 أبريل 2015، عن جاهزية أكثر من 30 ألف مقاتل من الجيش والشرطة وأبناء العشائر، لتحرير المحافظة من سيطرة تنظيم داعش.
مطالب بقوات برية لتحرير المنطقة
على غرار ما حدث في منطقة "تكريت" منذ أسبوعين، وتحريرها من يد التنظيم الإرهابي، يحدث الآن في الأنبار، وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن أن المعركة القادمة ستكون من أرض الأنبار لتحريرها بالكامل، مؤكدا أن الانتصار في الأنبار سيكون كمثيله في تكريت، موضحًا أن القوات لن تتوقف وستحارب عناصر التنظيم والعصابات الإرهابية أينما تواجدت.
وقال العبادي: إن عديد الأطراف يريدون كسر الانتصارات التي تحققت في تحرير الأنبار والموصل من "داعش"، فيما اتهم وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي مجموعات مندسة من قوات الشعبي بالتخريب والحرق والنهب في تكريت بعد تحريرها من مسلحي التنظيم.
كما فرضت قوات أمنية كبيرة في محافظة صلاح الدين طوقا أمنيا بقطعات ضخمة على الحدود الفاصلة مع محافظة الأنبار، لعزلها من الجانبين الشرقي والجنوبي تمهيدا لاجتياحها وتخليصها من تنظيم داعش.
وأكد كرحوت أن مجلس محافظة الأنبار طلب من قيادة التحالف الدولي إنزال قوات برية، للمشاركة مع القوات العراقية في معارك تحرير المحافظة، التي تقع غرب العراق، معربًا عن آماله بتعاون التحالف الدولي مع القوات العراقية، لتطهير الأنبار من تنظيم داعش الذي يستولي على أجزاء واسعة من المحافظة التي تمثل ثلث مساحة العراق.
وكان شيوخ القبائل في محافظة الأنبار، طالبوا بإمداد مقاتلي القبائل بأسلحة وعتاد لمواجهة خطر "داعش"، فيما اعتبر أن دعم القوات الأمنية لهم ليس بالمستوى المطلوب.
وأوضحت القيادات القبلية أنهم بحاجة إلى العتاد الذي نفد منهم بسبب المواجهات المستمرة مع داعش"، مطالبين الجيش بـ"إرسال عتاد وأسلحة إلى أبناء القبيلة لمواجهة خطر التنظيم".
بدء تحرير المحافظة
في المقابل بدأت عملية عسكرية كبيرة لتحرير محافظة الأنبار غرب العراق، بعد تمدد التنظيم الإرهابي فيها، وتشارك في العملية قوات عسكرية ضخمة من الشرطة المحلية والاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب، لكن يبقى لعشائر الأنبار الدور الأهم في هذه العملية، وذلك إثر تسليح الجيش 10 آلاف مقاتل من أبناء العشائر ضمن الحشد الشعبي، وكل هذه القوات ستكون مدعومة بغطاء جوي توفره طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
فيما واصل "داعش" تقدمه وتهديده لمحافظة الأنبار بعد تنفيذه عديد الهجمات على عدة جبهات وتمكنهم من السيطرة على منطقتين على مشارف المدينة.
وأعدم تنظيم "داعش" الخميس الماضي أن 300 شخص مختطف لديه من المنتسبين للقوات الأمنية من أبناء المحافظة ومدنيين في قضاء القائم غرب الأنبار، ويبسط التنظيم سيطرته على 70 في المئة من الرمادي وعلى 6 أقضية هي القائم والرطبة وعانة وراوة وهيت والفلوجة.
ونشر مقاتلو "داعش" مركبات ومدرعات وانتحاريين لاختراق الخطوط الأمامية للقوات العراقية إلى الشمال من مدينة الرمادي، قبل أن يشنوا هجوما وهم مترجلون.
بداية استيلاء "داعش"
الجدير بالذكر أن عددًا من مناطق الأنبار سقطت من سيطرة السلطات العراقية في يونيو الماضي 2014، إضافة إلى استيلاء مسلحي التنظيم الإرهابي على مساحات واسعة في سوريا والعراق العام الماضي أعلنوا فيها قيام دولة الخلافة.
وتمكنت قوات أمنية وقوات الحشد الشعبي من استعادة بعض الأراضي في العراق منذ اجتياح "داعش" للمنطقة، لكن مناطق رئيسية لا تزال تحت سيطرة التنظيم ومنها الأنبار ومحافظة نينوي الشمالية.
وتلعب محافظة الأنبار دورا مهما في حسم الحرب ضد داعش، حيث تتاخم الأنبار سوريا والسعودية والأردن، وتمثل أكبر المحافظات وثلث مساحة العراق، كما تعتبر المنطقة العمق الاستراتيجي لتنظيم "الدولة الإسلامية" مع سوريا.
وتعتبر مدينة الفلوجة المنتمية لمحافظة الأنبار مركزا أساسيا ومحوريا في المحافظة؛ كونها تبعد 60 كيلومترا عن بغداد، وتربط العراق من خلال الطريق الدولي بسوريا والأردن، ويعني فقدان التنظيم السيطرة على المنطقة، تجفيف منابع وخطوط الإمداد للتنظيم.
فر مئات العائلات من البو فراج إلى الشمال مباشرة من الرمادي بعد أن اقتحم مسلحو "الدولة الإسلامية" منازل رجال الجيش والشرطة في المنطقة وقتلوا 15 شخصا من أفراد أسرهم، فيما ألقى عناصر من الجيش والأمن اللوم على أعضاء عشيرة البوفراج لسماحهم للمقاتلين بالتسلل إلى منطقتهم، كما يذكر أن المقاتلين المسلحين استولوا أيضا على منطقة البو عيثة المجاورة للبوفراج.
وزار العبادي القاعدة للاطلاع على الاستعدادات للمعركة، وأجرى مناقلات عسكرية بين عدد من القادة في الجيش تندرج ضمن الهدف نفسه.
تغيير قيادات عسكرية
من جانبها ذكرت مصادر عسكرية عراقية- حسبما أشارت صحيفة الحياة اللندنية- إلى أن العبادي أصدر أوامر بتغيير عدد من القيادات العسكرية في الأنبار، وقالت: إن هدف التغييرات هو الاستعداد لمعركة الأنبار التي تنتظر اكتمال تسليح نحو 15 ألف مقاتل من أهالي الأنبار.
وأشارت المصادر إلى وجود قرابة 5 آلاف مقاتل من عدد من مجموعات الحشد الشعبي في الأنبار خصوصاً في جبهات الكرمة والبغدادي والرمادي، لكنها أكدت أن القوة الأساسية التي ستتولى تحرير مدن الأنبار ستكون من أبناء المحافظة، وقد تعهد العبادي بمواصلة تسليح ميليشيا الحشد الشعبي، وذلك بعد تأكيد وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي مشاركة هذه الميليشيات في عمليات استعادة السيطرة على محافظة الأنبار.
غموض في مشاركة الحشد الشعبي
كان شيوخ في المحافظة أبدوا اعتراضهم على وجود هذه الميليشيات بمحافظاتهم، في حين ذكر أحد شيوخ عشيرة البو محل الشيخ عاشور الحمادي، أن 13 عشيرة تؤيد مشاركة مقاتلي الحشد الشعبي في القتال ضد مسلحي داعش، وذكر الحمادي في تصريح صحفي أنه "من خلال الاتصال بالعشائر لبيان موقفها من الحشد الشعبي، فإن عشائر البو عيسى والمحامدة والحامضية والبوعيثة والبو ذياب والبو سودة والبو مرعي والبو ريشة والبو علي والبو نمر والبو محل والبو عساف والعبيد، جميعها تؤيد دخول قوات الحشد الشعبي للاشتراك بمعارك استعادة الأراضي"، وذلك في غموض واضح بمشاركة الحشد الشعبي في تحرير الأنبار من عدمه.
وقال وزير الدفاع خالد العبيدي على هامش اجتماع المجموعة المصغرة لدول التحالف الدولي ضد داعش في عمان: إن عمليات الأنبار ستتم عبر قوات الجيش العراقي والمتطوعين، ولن يكون هناك تدخل بري أمريكي، لافتاً إلى أن هناك تعاوناً عسكرياً مع الأردن في هذا الخصوص.
مواجهة "داعش"
الجدير بالذكر أن القوات العراقية بمساندة من مسلحي العشائر تمكنوا من تطهير الزلاية والعوينات في محافظة صلاح الدين بالكامل من تنظيم "داعش"، بينما توجهت قوات أخرى شمال تكريت باتجاه الحويجة في كركوك وبيجي على أطراف مدينة الشرقاط.
من جانبه أكد عيد عماش، الناطق باسم مجلس محافظة الأنبار، في تصريحات له، أن أوصال الأنبار الآن مقطعة، مضيفا أن التنظيم أصبح يسيطر على أكثر من نصف مدينة الرمادي.
وأضاف عماش أن تسليح قوات الجيش والشرطة المحلية بائس ولم يستطع الصمود في مواجهة أسلحة مقاتلي التنظيم المتطورة، لافتا إلى أن مقاتلي التنظيم عبارة عن قنابل متحركة لا يمكن التعامل معهم سوى من مسافة بعيدة وهو ما لا تملكه القوات الموالية للحكومة.
وقال عماش: لقد فوجئت القوات بوجود خلاية نائمة داخل المدينة، وهو ما أدى لانكسار قوات الجيش والشرطة بالمدينة.
