حرب سلفية سلفية حول "الحزبية" والعمل السياسي

الإثنين 27/أبريل/2015 - 10:11 م
طباعة حرب سلفية سلفية حول
 
حرب سلفية جديدة في الأفق، لكنها هذه المرة ليست ضد فصيل سياسي أو ديني مختلف، وإنما بين نفس الفصيل السلفي الذي اخذت الخلافات تدب فيه بداية من 25 يناير 2011 ففريق أراد المشاركة السياسية وفريق رفضها تماما ورغم حدوث انشقاقات كثيرة في جسد هذا الفصيل السلفي الا انها كانت غير ظاهرة على السطح بالمقدار الكاف، إلى ان باتت جلية هذه الايام مما أدى الى استعانة حزب النور السلفي بالداعية السلفي الشهير مصطفى العدوي للتأكيد على جواز تأسيس الأحزاب السياسية الإسلامية والمشاركة فيها بعد خروج فتاوي عديدة من علماء السلفية المدخلية أو (الرسلانية) كما يحب البعض تسميتها، تؤكد كفر السياسة وتكفير من عمل بها لأنها سياسة غير شرعية، وخرج العدوي على أحد الشاشات الفضائية المنتمية للتيار الإسلامي، ورد على تلك الفتاوى مؤكدا على أن هذا كلام خطأ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أفضل سياسي في العالم، وشدد العدوي على وجوب الانضمام إلى الأحزاب الإسلامية التي تعتمد على السياسة الشرعية أساسا لها بعيدا عن ما وصفها بالسياسة الشيطانية.

حرب سلفية سلفية حول
ورفض الداعية السلفي الشعارات التي تطالب بمنع مزج الدين بالسياسة كشعار "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"، مؤكدا أن تلك الشعارات باطلة ولا تمت لصحيح الإسلام بأي صلة كون الدين شامل كل شيء وليس عبادات فقط – على حد تعبيره.
ولمواجهة الدعوة السلفية "المدخلية" وجماعة الاخوان أطلق حزب النور السلفي لجانه الإلكترونية للرد على الهجوم الشرس الذي شنته اللجان الإخوانية الإلكترونية على قيادات الحزب والدعوة السلفية مؤخرا ولعل أبرزهم الشيخ ياسر برهامي الذي لاقى هجوما عنيفا من الجماعة بعد تصريحاته المناهضة للإخوان بعد هجومهم على عدد من مشايخ السلفية.
وعرفت الحملة السلفية باسم "كفاكم أذى" عارضة كل الإساءات التي تعرض لها القيادات السلفية من جماعة الإخوان والرد على ما يشيعوه عن السلفيين.

السلفية "المدخلية" وتكوين الاحزاب

السلفية المدخلية
وعن رؤية السلفية "المدخلية" او ما يطلق عليهم "الرسلانيين" نسبة للشيخ السلفي محمد سعيد رسلان، للسلفيين والانتخابات والوضع السياسي الحالي، يقول هشام محمد زكي، أحد مؤسسي التيار الرسلاني في بني سويف، مدرس لغة عربية إعدادي بقرية كوم أبو خلاد بمركز ناصر: "نحن نرفض الخروج على الحاكم، والإمام أحمد بن حنبل رغم ما تعرض له من إيذاء وتعذيب أثناء فتنة القول بخلق القرآن إلا أنه أمر بالسمع والطاعة للحاكم، وإذا قارنا اليوم بين السيسي والحكام المعتزلة في عهد أحمد بن حنبل، لرأينا مدى أفضلية الرئيس عبدالفتاح السيسي".
وحول الانتخابات قال زكي: "لن نشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ونحن بعيدون عنها ولا نؤيد أحد من أي اتجاه في الترشيح أو الانتخاب فكلها مخالفات شرعية تغضب الله، وكنا نتمنى أن يقوم الرئيس السيسي بتعيين البرلمان كله من ذوي الكفاءة، فالانتخابات فتنة ولا يقرها الشرع، وكان المفروض على الرئيس أن يختار هيئة استشارية له من ذوي الكفاءة وليس هناك داعٍ لإجراء انتخابات برلمانية من الأساس".
وأضاف زكي: "الانتماء لأي حزب سياسي أو جماعة دينية، هو مخالفة للشرع ولما كان عليه السلف الصالح، فالسلفيون اليوم وحزب النور التابع لهم مخالفون لمنهج السلف، والسلفيون يشكلون خطرًا على الإسلام وعلى الشعب المصري، والدولة المصرية، أكثر من الأحزاب العلمانية، قال تعالى "ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا" (الروم 30)، فهذه الآية دليل صريح على خطأ تصرفات هؤلاء وتقسيمهم الأمة لأحزاب سياسية وجماعات دينية.

حرب سلفية سلفية حول
وتابع زكي أن الشيخ محمد حسان، الذي أيد تلك الأحزاب السلفية ورحب بتأسيسها ودعا للانضمام إليها، كان قبل ثورة 25 يناير من أشد المحاربين لفكرة الأحزاب، وقال وأفتى بتحريمها، وذلك مسجل له بالصوت والصورة، موضحا أن الشيخ محمد حسان أيضًا كان يحرم التظاهر في عهد مبارك ويحرم الخروج على الحاكم، ولكن بعد ذلك رأيناه يقف مع الإخوان والجهاديين والسلفيين في خندق واحد في عهد محمد مرسي، عند جامعة القاهرة، ويتظاهر ويقود المسيرات، وأصبح مؤيدًا لفكر الخوارج، بحسب قوله.
واختتم زكي: "نحن كأتباع لفكر الدكتور محمد سعيد رسلان، نحرم الدعاء على الحاكم أو السلطان، ونرى أنه من السنة الدعاء له، والبدعة كل البدعة في الدعاء عليه".

تناقضات الفصيل السلفي

تناقضات الفصيل السلفي
أدبيات الفصيل السلفي تجرم الخروج على الحكام ولم ترد في قواميس الأسلاف مفردة (ثورة)، مما استدعى مراجعة ملحة للمواقف وإعادة فتح باب الاجتهاد في الواقع سيما بعد إزالة العديد من العقبات، وحدوث انفراجة كبيرة في الحريات بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيه، وظهور بصيص أمل في التغيير قد يؤدي لتطبيق الشريعة من خلال إمكانية الوصول السلمي للسلطة عبر البوابة الديمقراطية، أو على الأقل التصدي للرغبات العلمانية في إلغاء المادة الثانية للدستور والتي تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع أو حتى الوصول لصيغة توافقية تخفف من التبعات وترضي جميع الأطراف ولو جزئيا، لذا كان لزاما فتح باب المراجعة على مصراعيه لكثير من الأمور التي كان السلفيون جميعاً يرفضونها في السابق لمبررات وأسباب مختلفة، كحق التظاهر السلمي، والمشاركة الانتخابية، والنظام الديمقراطي وغيرها من الأمور المتعلقة بالسياسة، لتصبح عند الكثير منهم واجبا شرعيا تفرضه ضرورة الواقع.
فسارعت جماعة أنصار السنة بالتنسيق مع مجموعة من أبرز دعاة التيار السلفي إلى إنشاء ما يسمى بمجلس شورى العلماء برئاسة د.عبد الله شاكر الجنيدي رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية وعضوية كل من الشيخ / محمد حسين يعقوب والشيخ محمد حسان والشيخ د. جمال المراكبي، والشيخ مصطفي العدوي، و الشيخ / أبو بكر الحنبلي، و الشيخ / وحيد بن عبدالسلام بالي، والشيخ /جمال عبد الرحمن مقرراً.

وأصدر مجلس شورى العلماء بيانه الأول الذي وضع خارطة طريق للسلفيين في المرحلة المقبلة أظهر نواياهم بوضوح واختصار أيضا يمكن تلخيص أهم ما ورد فيه في التالي:
1- التأكيد على أن الطريق الصحيح لتطبيق الشريعة الإسلامية هو تربية المسلمين علي عقائد الإسلام وأحكامه وآدابه من خلال الوسائل الشرعية المتاحة .
2- مناشدة المسلمين أن لا يتأخروا عن التصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية يوم السبت الموافق 19 / 3 / 2011 ميلادية لأن إيجابياتها أكثر من سلبياتها.
3- التأكيد على مشروعية المشاركات السياسية في مجلس الشعب والشورى والمحليات لأنها وسيلة من وسائل التمكين للدعوة ونشرها بين فئات المجتمع، غير أن البيان دعا البيان العلماء والدعاة أن لا يترشحوا بأنفسهم حتى لا ينشغلوا عن الدعوة إلي الله وإنما يقدمون من يتبني قضايا الإسلام ومصلحة الأمة.
4- مطالبة المسلمين بالتصويت في انتخابات الرئاسة لمن يرونه أكثر تبنياً لقضايا الشريعة الإسلامية ومصالح الأمة.
5- التحذير من المساس بالمادة الثانية من الدستور بالتغيير أو التبديل في أي صياغة مقبلة للدستور.
من جانبها سارعت الدعوة السلفية في الإسكندرية – الكيان الثاني والأكثر نشاطا الآن – إلى إصدار بيان مقتضب تعلن فيه أنها بعد التشاور والمحاورة في ضوء المتغيرات الجديدة قد قررت المشاركة الإيجابية في العملية السياسية، وأنها بصدد تحديد الخيار المناسب لصورة هذه المشاركة، قبل أن تعود لتعلن عن تأسيسها حزب سياسي بمرجعية إسلامية وهو (حزب النور) على أن تكون قيادته مستقلة عن القيادات الشرعية كما أعلنت عن توسعها في إنشاء الجمعيات الخيرية . وتسارعت الفصائل السلفية بعد ذلك في تكوين الاحزاب السياسية رغم وجود فتاوى ونصوص تحرم عليهم هذا فقد طوعوا الفتاوى لصالح الممارسة السياسية.
وبالرغم من أن هذين الموقفين هما الذين ظهرا على السطح فإن ثمة طيف عريض من دعاة السلفية (العلمية) ما يزال على موقفه القديم وآراءه الرافضة لكل المتغيرات بشكل قاطع بدءً من السماح بالتظاهر وانتهاءً عند الولوج في عالم السياسة عبر بوابة الديمقراطية وتحول السلفيين من طلاب علم ودعاة إلى ساسة وبرلمانيون وناشطون.
وتتلخص هذه المواقف في الآتي:
1- فريق يؤيد الانخراط في اللعبة الديمقراطية بضوابط معينة، ويمثله الدعوة السلفية بالإسكندرية، والسلفية الحركية بالقاهرة والتي من رموزها محمد عبد المقصود وفوزي السعيد ونشأت أحمد.
2- فريق يحاول المقاربة وإمساك العصا من المنتصف، فلم يقوموا بإنشاء أحزاب سياسية ولم يتجهوا لتكوين مرجعية لأحدها ولكنهم متابعون للوضع السياسي في مصر ويقومون على إصدار البيانات التي ترسم خريطة التوجه السياسية للسلفيين في المرحلة القادمة من أجل الحفاظ على هوية مصر الإسلامية، ويمثل هذا الاتجاه جماعة أنصار السنة المحمدية حيث قامت بإنشاء مجلس شوري علماء أنصار السنة لهذا الغرض وضمت في عضويته دعاة بارزين من خارج الهيكل الإداري للجماعة كالشيخ محمد حسان ومصطفى العدوي ومحمد حسين يعقوب.
3- الممانعون: وهؤلاء تنوعت مواقفهم ما بين إيثار الصمت، والرفض التام والقول بكفر النظام الديمقراطي وحرمة المشاركة في الانتخابات، والتأييد في بادئ الأمر ثم الانقلاب والتبرؤ من القول بجواز انشاء الأحزاب السياسية أو المشاركة في العملية الانتخابية كما هو الحال مع القيادي السلفي بمدينة المنصورة أحمد النقيب. 

محاذير عامة

محاذير عامة
يشترك غالب الممانعون للمشاركة الديمقراطية من السلفيين في العديد من المحاذير والتي تتمثل في:
1- الديمقراطية مذهب كفري لأنها تجعل التشريع لغير الله سبحانه وتعالى وعليه فإن المشاركة في التصويت في العملية الانتخابية ودخول البرلمان والتقيد بدستورها حرام لأنه دخول تحت قبة مذهب كفري.
2- طلب الولاية: حيث يقوم الفكر الديمقراطي على طلب الولاية للنفس بل وعلى الصراع من أجل ذلك من خلال تكوين الأحزاب ونشر الدعايات وخوض الانتخابات وهو أمر منهي عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: “إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدا سأله ولا أحدا حرص عليه” وقوله:  لن، أو لا نستعمل على عملنا من أراده”.
3- التعددية: وهي من آليات الديمقراطية، وإن كان ظاهرها السماح بالاختلاف في الرؤية فإن حقيقتها إباحة لجميع المعتقدات والأفكار والتصورات في المجتمع وبأحقية كل فرد أو جماعة في تكوين الآراء والمعتقدات الخاصة وهو ما يوجب قيام الأحزاب الإسلامية بقبول هذه التعددية بل والعمل على إتاحة السبيل لها لتأسيس أحزاب وكيانات جديدة في حال وصول الإسلاميين للحكم وهو ما يتعارض مع الثوابت الإسلامية.
4- قبول الحل الديمقراطي يعني القضاء على الحل الإسلامي والاعتراف الضمني بأن الديمقراطية بديل عن الشريعة.
فما هي ردود حزب النور على كل هذه الاتهامات التي توجه لهم من رفاق الامس واخوة الدعوة؟
فلا سبيل الآن أمام حزب النور والدعوة السلفية "جماعة ياسر برهامي" الا الخروج على معتقداتهم وفتواهم القديمة والتي تظهر من وقت لآخر حتى يقومون بإقناع الناس بما غرسوه منذ زمن في أذهانهم، فبعدما كانت الديموقراطية كفرية وبدعة وضلالة أصبح حزب النور ودعوته السلفية يحتكمون لها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هل ننتظر حرب فتاوى تكفيرية جديدة بين الاخوة السلفيين حيث يكفرون بعضهم البعض بسبب الديموقراطية؟

شارك

موضوعات ذات صلة