"بن كيران".. وعلاقته بالتنظيم الدولي للإخوان

الخميس 07/مايو/2015 - 08:34 م
طباعة بن كيران.. وعلاقته
 
بن كيران.. وعلاقته
قال متابعون للشأن المغربي إن التبرؤ من الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين الذي دأب رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران على التذكير به، لا يعدو أن يكون مناورة وتقيّة من خاصيات خطاب الأحزاب والحركات الإخوانية.
وغالبا ما تنفي بعض حركات الإسلام السياسي أي علاقة لها بالتنظيم الدولي، لكن التقارير أو التحقيقات الأمنية تفضح الاجتماعات التي تتم بينها سرا وخاصة في السنتين الماضيتين، فضلا عن أدائها البيعة بالولاء للمرشد بدل الولاء للدول التي تنتمي إليها.
وتمسك ابن كيران في كلمة له بمنتدى الجزيرة الذي اختتم الثلاثاء بالدوحة على أن لا علاقة لحزبه العدالة والتنمية بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وأعلن أنه لا يوجد إخوان في المغرب، وأن “إخوان مصر إخواننا، ونحن، في المغرب، طورنا تجربتنا ولا يربطنا أي رابط بالتنظيم الدولي”.
بن كيران.. وعلاقته
وقالت رحاب حنان عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض في تصريحات لـ”العرب” إن العلاقة ثابتة بين الإخوان وحزب العدالة والتنمية في المغرب، وإن خطاب ابن كيران في المنتدى المذكور ينطلق من مرجعيتهم ويتبنى نفس أطروحاتهم.
وأضافت لاحظنا أن ابن كيران مرتبك لأن الزمن السياسي بالخليج ليس من مصلحته لذلك حاول اللعب على الحبلين خاصة أن قطر ممولة الإخوان في العالم في وضع صعب بعد أن ألزمتها دول مجلس التعاون الخليجي بقطع صلاتها بالتنظيم الدولي والالتزام بالموقف الخليجي الموحد تجاه الجماعة.
وتساءلت رحاب حنان: كيف لأمين عام حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الائتلاف الحكومي، أن ينفي انتماءه للتنظيم الدولي، في حين أن ذراعه الدعوية حركة التوحيد والإصلاح على علاقة وطيدة بهذا التنظيم الإخواني.
وينتقد معارضون وحقوقيون مغاربة الدور الذي تقوم به حركة التوحيد والإصلاح في أخونة مؤسسات المملكة، وهي الحركة التي لا تكاد تغيب عن اجتماعات التنظيم الدولي مثل اجتماع باكستان منذ أشهر وقد حضره رئيس الحركة محمد الحمداوي.
وعملت الحركة على توظيف خطابها الدعوي في مختلف المحطات السياسية خدمة لحزب ابن كيران مستفيدة من سيطرة أتباعها على المساجد والجوامع.
بن كيران.. وعلاقته
ورغم أن رئيس الحكومة المغربية ورئيس حزب العدالة والتنمية ينفي أي نية لأسلمة المجتمع، أي بناء مجتمع منغلق وفق ما تسوق له أدبيات الإسلام السياسي، فإن مثقفين وحقوقيين مغاربة يتهمون حزب العدالة والتنمية بالسعي إلى ضرب الإسلام الوسطي الذي يمثل ثقافة غالبية المغاربة ومحاولة زرع نمط متشدد آت من خارج المملكة بديلا عنه.
وحين تشتد الضغوط على حزب العدالة والتنمية وخاصة في اختراق مؤسسات الدولة، يهرب ابن كيران إلى حيلة توظيف السلطة الرمزية للعاهل المغربي الملك محمد السادس لتبرير أخطاء حكومته وتواضع أدائها في ظل اتهامات له بأن يهتم بمشاكل حزب العدالة والتنمية وارتباطاته الخارجية أكثر من اهتمامه بالحكومة وتنفيذ الوعود التي أطلقها في حملته الانتخابية أو في خطاباته الكثيرة.

العلاقة بالتنظيم الدولي:

العلاقة بالتنظيم
رغم إصرار حزب العدالة والتنمية وتأكيدات قياداته على أنه ليس فرعا للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، والقول بان لا علاقة تربط بين إخوان بنكيران وباقي الاخوان المنتشرين في شتى انحاء العالم والحاملين لجنسيات مختلفة، إلا أن بعض الاحداث تكشف زيف ما يدعون وتؤكد عكس ما يريدون إقناعنا به..
ومن بين ابرز هذه الوقائع قيام محمد يتيم، نائب رئيس مجلس النواب وزعيم الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية،  في أغسطس 2013 بجمع  توقيعات البرلمانيين المغاربة على عريضة أعدت من طرف مجموعة من الاخوان المسلمين، تهدف الى الحصول على ألف توقيع من أعضاء برلمانات دول اسلامية وغربية قبل إحالتها على مؤسسات ومنظمات دولية، حكومية وغير حكومية، ضمنها منظمة الأمم المتحدة، و"مطالبتها بتحمل مسؤوليتها إزاء ما يجري في مصر".. 
العريضة التي تحمل اسم "ضد الانقلاب في مصر"، التي  وقع عليها أكثر من 140 برلمانيا مغربيا من أحزاب مختلفة، والتي تدخل في إطار حملة "برلمانيون ضد الانقلاب"، كما اسماها القائمين عليها، تشرف عليها لجنة تنسيق تضم في عضويتها البرلماني التركي أمر الله إيشلر، والكويتي ناصر الصانع، واللبناني عماد الحوت، إضافة إلى محمد يتيم نفسه

المشهد المصري وانعكاساته على اخوان المغرب

المشهد المصري وانعكاساته
ومما لا شك فيه أن المشهد المصري أحدث إرباكاً كبيراً لدى إسلاميي حزب العدالة والتنمية في المغرب، الذين أصبحوا يتحسسون كراسيهم أيضاً خصوصا بعد انسحاب حزب الاستقلال، أحد أبرز مكونات الائتلاف الحكومي مع «العدالة» من الحكومة على خلفية خلافات مع الحزب الاسلامي واتهامه بمحاولة الهيمنة على القرار الحكومي.
فلقد تبنى إسلاميو المغرب خطاباً مؤيداً للإخوان المسلمين في مصر بعد أن قرر الفريق عبد الفتاح السيسي، عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، من السلطة. وانخرطت قواعد حزب العدالة في حملة تضامنية ضد ما أسموه «الانقلاب العسكري على الشرعية والديموقراطية» في مصر. لكن اللافت هو أن أعلى هيئة في حزب العدالة والتنمية وهي الأمانة العامة، تجنبت إصدار أي بيان رسمي يدين ما وقع في مصر باستثناء تنديد خجول بأحداث محيط الحرس الجمهوري.
وهو ما يفسره المراقبون بعدم رغبة جماعة عبد الاله بنكيران بالاصطدام المباشر مع المؤسسة الملكية التي سارعت إلى تهنئة الرئيس المصري الجديد، وهو ما يعني تزكية ضمنية لمسار الأمور في مصر. نفس الموقف الذي عبّرت عنه وزارة الخارجية المغربية التي يقودها وزير إسلامي، والتي تحاشت توصيف ما حدث في مصر على أنه انقلاب عسكري. واكتفى حزب العدالة والتنمية بتصريف مواقفه من خلال فريقه البرلماني وشبيبة حزبه وحركة التوحيد والإصلاح (جناحه الدعوي) وبعض تصريحات قيادييه، فيما حرص بشكل شبه رسمي على أخذ مسافة مناسبة من تجربة الإخوان المسلمين في العالم. وهو ما تفسره التأكيدات الدائمة لقادة حزب العدالة والتنمية على أن لا علاقة لمشروع حزبهم بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، حتى أن زعيم الحزب بنكيران، أسرّ للباحث في الإسلام السياسي آفي شبيغل، بأن إخوان مصر ليسوا إخوانهم، حسبما نقلت عنه «فورين بوليسي".
وجاءت تصريحات الرجل النافذ في الحزب الذراع اليمنى لرئيس الحكومة عبد الله بها، لتؤكد هذا التباعد في المسافة بين الجماعتين، إذ انتقد في لقاء داخلي تجربة الإخوان في مصر، معتبراً أنهم ارتكبوا أخطاءً عديدة، وأنهم تصرّفوا بعقلية استحواذية ومنطق طائفي.

الموقف في المغرب

الموقف في المغرب
أما بالنسبة لإخوان المغرب، أصبح رأس بنكيران مطلوباً مثلما كان رأس مرسي. ودليلهم على ذلك ما وقع من تصدّع في الائتلاف الحكومي ومحاولات من بعض الأحزاب المحسوبة على المعارضة البرلمانية إخراج نسخة مغربية لحركة «تمرد» ودعمها للخروج للاحتجاج ضد حكومة الإسلاميين.
ورغم أن إخوان بنكيران لا يقدّمون إلى غاية اللحظة مؤشرات كافية على محاولات الربط بين ما يعتبرونه انقلاباً على الديموقراطية في مصر ومحاولات مشابهة تجرى في المغرب منذ وصولهم إلى قيادة الحكومة، إلا أن جزءاً من التصريحات التي يطلقها بين وقت وآخر أعضاء في حزب العدالة والتنمية تصبّ في نفس الاتجاه الذي ذهب إليه إسلاميو مصر.
القاموس الذي استخدمه أعضاء حزب العدالة والتنمية لم يختلف أيضاً كثيراً عما وظفه الإخوان المسلمون لضرب التيارات السياسية الأخرى؛ فبينما يتحدث بنكيران عن «التماسيح» و«العفاريت» متجنّباً تسمية مراكز قوى داخل النظام مناهضة للإسلاميين، يصف القيادي الإسلامي عبد العزيز أفتاتي في تصريحات سابقة، أن ما يحصل داخل المشهد السياسي المغربي اليوم يمثل انقلاباً من الفلول على الديموقراطية. ويتهم «الدولة العميقة» بعرقلة مساعي الحكومة التي يترأسها الإسلامي لمحاربة الفساد.
ويقول المتحدث الرسمي باسم حزب الاستقلال (يمين محافظ) عادل بنحمزة لـ«الأخبار» عن اخوان المغرب: «ما نسمع من كلامهم مشابه جداً لما كان يقوله مرسي، هذا يؤكد فقط أنهم عاجزون عن تطوير خطاب سياسي متناسب مع بنية النظام في المغرب. هم يستوردون مشروعاً آتياً من الشرق كل هدفه هو أخونة الدولة». ويضيف أن «رئيس الحكومة يتصرف كرئيس جماعة وحزب وليس كرئيس حكومة. يعامل الوزراء كموظفين لديه. يتعامل بمنطق استعلائي وكأن الشعب معه هو وحده. وهذا سلوك لا يليق بمن يتولى إدارة شؤون الدولة. وهذا حال كل حركات الإسلام السياسي في المنطقة وحزب العدالة والتنمية ليس استثناءً».
بدوره، يعتقد الناشط الحقوقي العلماني أحمد عصيد، أن هدف إسلاميي المغرب الموجودين اليوم في قيادة الحكومة لا يختلف كثيراً عن هدف جميع حركات الإسلام السياسي في المنطقة، وهو الانخراط في مخطط لأسلمة الدولة.
ويقول لـ«الأخبار»، إن «مخطط الإسلاميين في المنطقة كلها هو نفسه، نحن نتحدث عن نفس المشروع يحمله أيضاً حزب العدالة والتنمية، وهو الاتجاه إلى استعادة دور الدين في الدولة. الخطة التي دخل بها الحزب لا تختلف عن الخطة التي دخل بها الإسلاميون في تونس ومصر، حيث ركز في البداية على خطاب إصلاحي يتعلق بالجانب الاجتماعي والاقتصادي لكسب الشرعية قبل الشروع في مسلسل أسلمة هادئة».
الإسلاميون في المغرب إذن يقرّون بوجود مساع مماثلة لعرقلة تجربتهم الأولى في الحكومة كما حدث لحلفائهم الإيديولوجيين في مصر، لكنهم يصرّون على أن يفصلوا أنفسهم تماماً عن السقوط في إسقاطات النموذج المصري، وإن أبدوا تعاطفاً مع ما يجتازه إسلاميو مصر، فهم على عكس الإخوان المسلمين وبحسب ما يسرون به فإنهم اكتسبوا تجربة أكبر من أصدقائهم المصريين وباتوا أكثر نضجاً منهم لأنهم درسوا نظامهم السياسي جيداً قبل دخول اللعبة على عكس الإخوان في مصر. لكن معارضيهم يقولون إنهم لا يختلفون منهجاً وفكراً عن التنظيم الأم في مصر، في كل الأحوال يجتاز إسلاميو المغرب منعطفا حاسما في مسار أول تجربة حكم يقودونها، فهل يعبر بنكيران آمناً؟

شارك