عقب سيطرتها على مديرية «جوند».. طالبان تتمدد في أفغانستان
الإثنين 11/مايو/2015 - 10:56 ص
طباعة
واصلت حركة طالبان "حملة العزم" ضد القوات الحكومية والأجنبية في أفغانستان، وشهدت البلاد عددًا من العمليات الانتحارية ضد أهداف لقوات الأمن والجيش الأفغاني.
السيطرة على مديرية "جوند"
سقطت مديرية «جوند» التابعة لولاية بادغيس في شمال أفغانستان بيد المسلحين بعد معارك ومواجهات ضارية استمرت عدة أيامٍ وفقًا لما أكدته المصادر المحلية الرسمية، وهي أول مديرية استولت عليها طالبان منذ أن أطلقت عملية (العزم) الربيعية في أرجاء أفغانستان منذ 20 أبريل الماضي.
وأكد رئيس مجلس شورى الولاية بهاء الدين أن مركز المديرية استولى عليه المسلحون منتصف الليلة الماضية بعد معارك شديدة بين حرس المديرية والقوات الحكومية من طرف والمسلحين من جانب آخر.
وأضاف أن القوات المحلية والمسئولين انسحبوا إلى المناطق الجبلية القريبة في الجهة الغربية وتطاردهم مجموعات المسلحين وتحاصرهم.
وحذر المسئول المحلي من وقوع المسئولين الحكوميين والقوات الحكومية بيد المسلحين في حالة عدم وصول التعزيزات الإضافية إلى المنطقة في أقرب فرصة ممكنة، بينما لم تعلق الحكومة المركزية على سقوط هذه المديرية بيد المسلحين من طالبان.
كما أن طالبان أكدت استيلاء مسلحي الحركة على المديرية نتيجة عملية عسكرية الليلة الماضية، فيما تتواصل العمليات العسكرية لاعتقال قائد شرطة المديرية والمسئولين الذين تحاصرهم مجموعات مسلحي الحركة في محيط المنطقة.
ولم تعلق المصادر المحلية والحكومية وطالبان على سقوط ضحايا بشرية بين الطرفين في معارك استيلاء الحركة على المديرية إلى حين كتابة هذه التقارير .
وأدت المعارك إلى نزوح عشرات آلاف الأشخاص خلال الأسبوعين الماضيين من منازلهم في ولاية قندوز الأفغانية في شمال البلاد؛ بسبب المعارك العنيفة الدائرة بين حركة طالبان والقوات الأفغانية.
وقال غلام ساخي، المسئول الكبير عن ملف اللاجئين في المحافظة: "إن نحو 14 ألف عائلة أجبرت على النزوح خلال الأسبوعين الماضيين بسبب المعارك في قندوز".
الإفراج عن رهائن شيعة
أعلن مسئول حكومي أن حركة طالبان أفرجت عن 19 رهينة من إثنية الهزارة المعتقلين لديها منذ أكثر من شهرين، مقابل الإفراج عن 28 من معتقلي الحركة بينهم 6 نساء في الجنوب الأفغاني.
وأكد ذلك رئيس مجلس شورى ولاية زابول "عطاء جان حق بيان" في تصريح للصحفيين، وقال: إن هؤلاء الرهائن أفرج عنهم في تمام الساعة التاسعة اليوم الاثنين في منطقة جاغوري بولاية غزني.
ولم تعلق حركة طالبان رسميًّا على مبادلة الأسرى، بينما كانت الحركة تنفي تورط مسلحيها في خطف هؤلاء الرهائن من عرقية الهزارة منذ 23 فبراير الماضي في ولاية زابول، بينما كانوا في الطريق العام بين غزني وقندهار، وفشلت كافة الجهود العسكرية والسلمية والمفاوضات للإفراج عنهم سابقاً.
وكان رئيس الحكومة الائتلافية الدكتور أشرف غني قد أكد الشهر الماضي أن الحكومة قد أنفقت للإفراج عن هؤلاء الرهائن قرابة 6 ملايين دولار، كما قتل في هذا السبيل عشرات الأشخاص من القوات الحكومية والمسلحين جراء العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الأمن الأفغانية في منطقة خاك أفغان بولاية زابول، ولكن دون جدوى، وفشلت السلطات الأمنية والاستكشافية حتى في تحديد مكان هؤلاء الرهائن منذ تاريخ اختطافهم قبل قرابة ثلاثة شهور، وكانت الحركة قد نفت في اليوم الثاني من خطفهم تورطها في الحادث.
ترحيب بالحوار
مع توسع حركة طالبان نفوذها بالبلاد تسعى على التوازي مع هذا التوسع للجلوس إلى طاولة المفاوضات والحوار مع الحكومة في ظل تغيرات من قبل الحركة تجاه حكومة الرئيس أشرف غني، فقد أكد الدكتور غيرت بهير المستشار السياسي لـ قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني، أن حركة طالبان جادة في تحقيق السلام، موضحًا تفاصيل وكيفية سير عملية الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة المسلحة.
وقال بهير: "إن طالبان أظهرت إرادتها وعزمها إزاء المباحثات والمصالحة، ولأول مرة تشارك هيئة مؤلفة من 8 مسئولين رفيعي المستوى من الحركة في حوار من هذا القبيل"، مبيناً أن سبب اختيار الهيئة لدولة قطر لإجراء المباحثات يعود لدواع أمنية.
وأضاف بهير أن الحكومة القطرية دعمت المفاوضات، مشددًا على ضرورة استمرار الاجتماعات المتعلقة بالمباحثات حتى الحصول على نتائج جيدة، وعدم تقييدها بجلسات محدودة.
وكانت طالبان قد وضعت شروطًا للحوار مع حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني، في مقدمتها انسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
تمدد "طالبان"
يرى مراقبون أن حركة طالبان تبحث زيادة نفوذها في إطار حملة "عوزم" التي بدأتها، مع مطلع الربيع، وتتحدث الأنباء عن هجوم حركة طالبان بنحو 700 من مسلحيها على ولاية لوكر المجاورة للعاصمة الأفغانية كابول، ومسلحو طالبان المزودون بأسلحة متطورة وعيادات طبية متنقلة، استفادوا من تخلي سلاح الجو الأمريكي عن مهاجمة طالبان؛ الأمر الذي دفع بالحركة لمهاجمة المواقع العسكرية الأفغانية بأعداد كبيرة، وهي نقلة نوعية في استراتيجية المعركة في أفغانستان منذ تدخل القوات الأمريكية في البلاد بحجة محاربة الإرهاب على خلفية أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي لم تكن سوى الكارثة المفتعلة لتبرير سياسيات أمريكا أمام الرأي العام في ولاياتها وأمام الرأي العام العالمي.
وقال توماس روتيج المدير المشارك لمؤسسة شبكة محللي أفغانستان (إيه إيه إن): إن أعداد المنضمين لهم من خارج جماعات البشتون العرقية آخذ في التنامي، مشيرًا إلى أن طالبان كان يصعب عليها في السابق تجنيد أشخاص من خارج هذه الجماعات.
وأضاف: "إن هذا الاتجاه يبدو واضحًا بشكل خاص في إقليم قندوز شمال شرقي أفغانستان، موضحا أن طالبان لم تعد حركة قبلية قاصرة على قبائل البشتون، بل تحولت لحركة إسلامية سياسية لم تعد العرقية تلعب فيها دورًا، وأصبحت مفتوحة أمام أشخاص لا ينتمون لعرقية البشتون".
وأوضح المحلل الألماني أن عددًا متزايدًا من القادة الأفغان ذوي الأصول الطاجيكية والأوزبكية باتوا ينضمون لطالبان، مؤكدا أيضًا على وجود مؤشرات تؤكد أن طالبان تسعى حاليًا لإرساء وجود لها في وسط أفغانستان، لافتًا إلى أن هذه خطوة لتنشط عناصر طالبان مجددًا في كل أنحاء البلاد.
