استمرار الصراع في اليمن.. ومشروع حل سياسي برعاية عمانية

الخميس 28/مايو/2015 - 05:19 م
طباعة استمرار الصراع في
 
تواصل مقاتلات التحالف بقيادة السعودية غاراتها ضد أهداف لجماعة أنصار الله "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح، للشهرين وأربعة أيام، فيما تُبذل جهود أممية وعربية لإنجاح الحوار اليمني في جنيف الذي يكتنفه الغموض، مع اتساع الأزمة الإنسانية في البلاد. 

الوضع الميداني

الوضع الميداني
فقد شن طيران التحالف شن سلسلة غارات على تجمعات مقاتلي جماعة أنصار الله، في مدينة صعدة، معقل الحوثيين، شمال غربي العاصمة اليمنية صنعاء، مستهدفًا معسكرات قوات الأمن الخاصة بصعدة، ومعسكر شرطة النجدة، ومنطقة القصر الجمهوري، ومناطق أخرى في ضواحي المدينة، التي يعتقد أنه يتحصن فيها عدد من قادة الحوثيين. 
اندلعت اشتباكات اليوم، الخميس، بين مسلحي "المقاومة الشعبية" الموالية للشرعية في اليمن، ومسلحي جماعة الحوثيين، في محافظة تعز، وسط البلاد؛ مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
وفي محافظة إب، وسط البلاد، قتل اثنان من المسلحين الحوثيين، وأصيب 5 آخرون في هجوم شنه مسلحو "المقاومة الشعبية"، استهدف دورية تقل مسلحين حوثيين، حسب مصدر في "المقاومة". 
في عدن أفادت مصادر صحفية محلية بسقوط قتلى وجرحى؛ بسبب تجدد الاشتباكات المسلحة بين "المقاومة الشعبية" ومسلحين حوثيين في منطقة جعوله ودار سعد.
وأكدت المصادر مقتل 16 شخصًا من المدنيين وأفراد من "المقاومة الشعبية" جراء الاشتباكات وقصف شنته القوات الحوثية الأربعاء.
ومن جانب آخر قال عوض حسين العثيم قائد التحالف القبلي في محافظة شبوة: إن "المقاومة الشعبية" المكونة من قبائل المحافظة سيطرت على منطقة مفرق الصعيد بعد اشتباكات عنيفة مع المسلحين الحوثيين أدت إلى مقتل 19 حوثيًّا وهروب العشرات إلى منطقة الحمراء.
وأضاف العثيم أن المقاومة ستزحف نحو مدينة عتق "لتطهيرها من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح".
وبشكل عام، هناك العديد من جبهات المواجهة بين الحوثيين والمقاومة لا تهدأ حتى تعود، وأبرز هذه الجبهات، عدن وما حولها (أبين، شبوة، الضالع، لحج)، وكذلك جبهة تعز المنفصلة نوعاً ما، وجبهة مأرب وسط البلاد والتي فشل الحوثيون في التقدم إليها، وأصبحت من أهم المراكز التي تسيطر عليها المقاومة والقوات الموالية للشرعية، فيما لا تزال المناطق الحدودية الشمالية الغربية جبهة مشتعلة في حد ذاتها، تشهد غارات مكثفة للتحالف ومناوشات واستفزازات حدودية بين الحوثيين والقوات البرية السعودية بشكل شبه يومي. 
فيما أعلن المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية أن جنديين من حرس الحدود قتلوا وأصيب خمسة آخرون بظهران الجنوب بمنطقة عسيرة جنوبي البلاد، وذلك جراء إصابتهم بقذائف انطلقت من الأراضي اليمنية. 
وتكرر، خلال الأسابيع الماضية، قصف مسلحي الحوثي لمناطق جنوبي المملكة خاصة نجران؛ ما أدى لسقوط قتلى وجرحى مدنيين أيضًا، وتوعدت قوات تحالف إعادة الأمل الذي تقوده السعودية بـ"الرد وتدفيع الحوثيين ثمن ذلك" وذلك على لسان المتحدث باسم قوات التحالف أحمد عسيري. 

الوضع الإنساني

الوضع الإنساني
وعلى صعيد الوضع الإنسانين قالت منظمة الصحة العالمية: إن النزاع الحالي باليمن أسفر عن مقتل ما يقارب من 2000 شخص، وجرح حوالي 8 آلاف آخرين، فضلاً عن وجود نحو 9 ملايين شخص في حاجة لمساعدة طبية عاجلة.
وأوضحت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، مارغريت تشان، أن النظام الصحي الذي لحقت به أضرار بالغة يتمكن بصعوبة من معالجة للاحتياجات الاستثنائية التي يفرضها النزاع.
وأشارت تشان إلى أن المستشفيات في مختلف أنحاء اليمن تغلق غُرف عملياتها المخصصة للطوارئ ووحداتها للرعاية المكثفة؛ بسبب نقص العاملين ووقود المولّدات، كما أن أدوية السكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان لم تعد متاحة، مع انتشار أمراض معدية مثل الملاريا وحمى الضنك.

المشهد السياسي

المشهد السياسي
وعلى صعيد المشهد السياسي، فإن الرؤية بشأن الحوار اليمني في جنيف ما زالت غامضة، وكشفت مصادر خليجية في الرياض لصحيفة "القدس العربي" عن وجود مشروع حل سياسي للأزمة اليمنية ترعاه سلطنة عمان بموافقة خليجية ويمنية تقوم مسقط ببحثه مع الوفد الحوثي الذي يزور السلطنة منذ يوم السبت الماضي ولإقناعهم به؛ من أجل وقف الحرب التي يتعرض لها الحوثيون من قبل قوات التحالف والقبول بهم كمكون وطرف سياسي رئيسي في الحوار اليمني حول مستقبل اليمن.  
وأكدت المصادر نفسها أن تأجيل انعقاد مؤتمر جنيف بشأن اليمن الذي كانت الأمم المتحدة قد دعت إليه إلى أجل غير مسمى جاء بسبب المحادثات العمانية الجارية مع الوفد الحوثي في مسقط.  
وكشف سفير خليجي في صنعاء ويتواجد حاليًا في الرياض في تصريحات لـ «القدس العربي» أن مشروع الحل السياسي سيعتمد بشكل أساسي على تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216 الداعي إلى تمكين الحكومة الشرعية من ممارسة مهامها وتسليم معسكرات وأسلحة الجيش اليمني إلى هذه الحكومة وانسحاب القوات الحوثية من المدن والمحافظات اليمنية، والاعتراف بنتائج ومخرجات مؤتمرات الحوار الوطني السابقة في اليمن. وهذا ما دعا إليه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته كشرط للحوار مع الحوثيين.  
وما يجري في مسقط هو إقناع الحوثيين بالقبول بتطبيق قرار مجلس الأمن مقابل أن تقدم لهم الحكومة الضمانات السياسية والأمنية التي تضمن عدم إقصائهم وملاحقتهم وحتى محاكمتهم مستقبلًا، وكذلك تضمن لهم بقاءهم كطرف سياسي رئيسي في مستقبل اليمن.  
وفي مقابل ذلك ترفض الحكومة اليمنية أي حوار مع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح أو مشاركته واتباعه في أي حوارات سياسية يمنية، وترى الحكومة أن حزب «مؤتمر الشعب العام» الذي كان تابعًا لصالح هو مكون وطرف سياسي رئيسي في اليمن، وأن من يمثل المؤتمر هم من شاركوا في مؤتمر "إنقاذ اليمن" الذي عقد في الرياض مؤخرًا.  ويجري الحديث خلال الاتصالات الجارية مع الطرف الحوثي عن مقترحات لخطط لإعادة الثقة، وأولها أن يصدر الرئيس هادي عفوًا عسكريًّا شاملًا عن كل الذين شاركوا في الانقلاب والحرب من قوات الحوثي وقوات الجيش الموالية للرئيس المخلوع، وأن يحال قادة هذا الجيش للتقاعد. ومن بين المقترحات السماح للرئيس المخلوع وأقربائه ومساعديه بترك اليمن واللجوء إلى دولة أخرى (قد تكون دولة الإمارات) مع ضمان عدم القيام بأي نشاط سياسي.  
وعلمت صحيفة "القدس العربي" أنه تجري الاتصالات أيضًا من أجل الاتفاق على شكل الدولة اليمنية الاتحادية المقبلة، وهل ستكون من ستة أقاليم كما كانت قد اقترحت مسودة مشروع الدستور الذي اقترح سابقًا؟ أم من إقليمين شمالي وجنوبي يتمتع كل واحد بنوع من الحكم الذاتي التابع للسلطة المركزية في صنعاء، وهذا ما تريده الأطراف السياسية الجنوبية.  وأشارت المصادر إلى أنه في حال توصلت المحادثات العمانية مع الحوثيين إلى نتائج إيجابية، فإنه من الممكن بعد ذلك إعلان هدنة لوقف إطلاق النار وعقد مؤتمر جنيف الذي دعت اليه الأمم المتحدة لتأكيد خطط الحل السياسي الذي سيتفق عليه في مسقط . 

مستقبل الحوار

مستقبل الحوار
وحول مستقبل الحوار اليمني، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، الأربعاء: إن الحكومة اليمنية ودولا رئيسية في الأزمة طلبت تأجيل مشاورات جنيف. مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن "جمع أطراف الأزمة علي طاولة المفاوضات لم يكن بالأمر السهل".
دوغريك، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي بمقر المنظمة الدولية في نيويورك، أوضح أن "دولا رئيسية في الأزمة (لم يسمها) والحكومة اليمنية التمست من الأمين العام تأجيل مشاورات جنيف التي كان من المقرر إجراؤها اعتبارا من اليوم الخميس".
وأضاف أن "جمع أطراف الأزمة علي طاولة المفاوضات لم يكن بالأمر السهل.. إننا نشهد دمارًا للبنية التحتية المدنية، ومعاناة للشعب اليمني، ويتعين أن يتوقف كل ذلك.. إننا نريد أن نرى وقفة إنسانية أخرى في اليمن، ونريد أن نرى محاسبة على أي انتهاكات وقعت هناك… لقد أشارت إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن حصيلة القتلى بلغت حتى الآن أكثر من 2000 شخص، من بينهم نساء وأطفال".
وردًّا على سؤال بشأن الخطوة التالية للمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عقب الإخفاق في عقد مشاورات جينيف، قال دوغريك: "إن السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد متواجد حاليًا في المنطقة، وسوف يواصل مشاوراته في دول الخليج، وفي أوروبا".
وأضاف: "نريد هدنة إنسانية أخرى في اليمن ومحاسبة المتورطين في أي انتهاكات وقعت هناك".
وكان كي مون، طلب الثلاثاء، من مبعوثه الخاص إلى اليمن، تأجيل مشاورات الحوار اليمني التي كان من المقرر عقدها في جنيف، غدًا الخميس، وذلك دون أن يحدد موعدًا جديدًا.
والأربعاء الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن انطلاق الحوار اليمني في جنيف، يوم 28 مايو الجاري، بهدف "استعادة قوة الدفع نحو عملية انتقال سياسي".
وأكدت الحكومة اليمنية الشرعية أن تأجيل لقاء جنيف الذي يجمع الأطراف اليمنية من دون استثناء، لا يعني إلغاءه، وإنما كان بسبب عدم إيجاد أي رؤية واضحة للمؤتمر الذي كان من المفترض عقده اليوم، مشيرة إلى أنها ترحب باللقاء الذي يهدف إلى إحلال الأمن والسلام في اليمن، وإيجاد الخطوات العملية لتنفيذ القرار الأممي 2216، وما قبلها، وإرسال فرق مراقبة دولية وعربية إلى المناطق التي ينفصل منها الحوثيون.
 وأوضح الدكتور رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء جنيف الذي تعزم الحكومة والقوى السياسية اليمنية حضوره، ليس حوارًا وطنيًا جديدًا، ولكن سيكون لقاء لاتخاذ آلية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي 2216، مشيرًا إلى أنه في حال نجاح لقاء جنيف وتطبيق القرارات الأممية، سنجري حوارات حول القضايا اليمنية المستقبلية، على أن يعقد داخل اليمن، أو إحدى المدن الخليجية أو العربية، لأنها تتطلب حضور عدد كبير من القوى السياسية قد يتجاوز عددهم مائتي شخص.

المشهد الإقليمي

المشهد الإقليمي
وعلى صعيد المشهد الإقليمي، قال مساعد وزير الخارجية القطري للشئون الخارجية محمد بن عبدالله الرميحي: إن إثيوبيا والاتحاد الإفريقي يقفان إلى جانب الشرعية في اليمن.
جاء ذلك في تصريحات عقب اجتماعه بشكل منفصل مع رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين، ومدير مجلس السلم والأمن الإفريقي "القاسم وني"، في أديس أبابا، مساء أمس الأربعاء.
وأضاف الرميحي أنه وجد تفهما من الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا "والجميع هنا يقف إلى جانب الشرعية ودول شرق إفريقيا لها احتكاك مباشر باليمن والفوضى التي أحدثتها الميليشيات (في إشارة للحوثيين) في اليمن تشكل خطرا على السلم الإقليمي والقاري".
وأشار إلى أن ميثاق الاتحاد الإفريقي يتضمن "عدم الاعتراف بأي انقلاب في الدول الإفريقية وما حدث في اليمن هو انقلاب على الشرعية".
وأوضح أن محادثاته مع رئيس الوزراء الإثيوبي كانت "هامة وإيجابية" تبادلنا فيها وجهات النظر في مجمل التطورات في القرن الإفريقي وملف النزاعات والأزمات في إفريقيا واليمن وشمال إفريقيا.
واعتبر المسئول القطري أن الأزمة في اليمن "تهدد السلم الإقليمي ولإفريقيا مباشرة"؛ لأن اليمن له احتكاك مباشر مع العديد من الدول الإفريقية ولا يفصل اليمن عن إفريقيا سواء ممر مائي وكانت اليمن عبر التأريخ جسرًا للتواصل بين العرب والأفارقة.
وشدد على أن ما حدث في اليمن هو "انقلاب على الشرعية وميليشيات مسلحة قوضت النظام وأحدثت فوضى".

الحضور الإيراني

الحضور الإيراني
وعلى صعيد الحضور الإيراني، نشر موقع "فري بيكون" الأمريكي المعني بأخبار الأمن القومي والقضايا السياسية بالولايات المتحدة، أن المخابرات الأمريكية أصدرت مؤخراً تقريراً استخبارياً يفيد بأن إيران تعمل حالياً على إرسال مزيد من المقاتلين إلى اليمن لمساعدة الحوثيين في السيطرة على البلاد. وجاء في التقرير أن القيادة الإيرانية حضت، مطلع الشهر الجاري، عدداً من مقاتليها في "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني ومقاتلي "حزب الله" اللبناني، على الذهاب إلى اليمن لمساعدة الحوثيين على مواجهة المملكة وتحالف "عاصفة الحزم". وحسب التقرير، فإن المخابرات الأمريكية تعتقد أن عدد المقاتلين الإيرانيين والعراقيين الشيعة الموجودين الآن في اليمن لمساعدة الحوثيين نحو 5 آلاف مقاتل. ونقل الموقع اعتراف العميد الحرسي، إسماعيل قاآني، نائب قائد "فيلق القدس"، بأن الحرس الثوري الإيراني يعمل على تدريب الحوثيين. وأوضح عدد من المسئولين الأمريكيين أن السيطرة على مضيق باب المندب والإخلال بأمن المملكة الداخلي، يعدان من أهم الأهداف التي تطمح إيران إلى تحقيقها من وراء حربها الخفية في اليمن. 
فيما قال مساعد الخارجية الإيرانية في الشئون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان: إن استمرار الهجمات ضد اليمن وأضاف أن هجوم دولة عربية على دولة عربية أخرى وهجوم دولة إسلامية على شعب أعزل لدولة إسلامية أخرى ذات تاريخ وحضارة وثقافة إسلامية يعتبر اتخاذا لنهج خطأ آخر في المنطقة.
وأوضح مساعد الخارجية الإيرانية أنه ينبغي السماح للأمم المتحدة عبر التركيز على طريق الحل السياسي والاهتمام بضرورة وقف الكارثة الإنسانية في اليمن، لتحقيق المستقبل السياسي لهذا البلد بيد شعبه وبمشاركة جميع الأحزاب والمكونات اليمنية عن طريق استكمال المسيرة السياسية وبأساليب ديمقراطية متداولة.

المشهد اليمني

المشهد اليمني
من الحزم إلى الأمل ولا يزال اليمن تائها بين شد وجذب مختلف الفرقاء، تراجعت الآمال السياسية المعقودة على "جنيف" بعد التأجيل، لكن محطة ثالثة دخلت على الخط، بين جنيف والرياض، تمثلت في انطلاق مشاورات سرية غير معلنة في العاصمة العُمانية مسقط وهو ما يضع الأمل في إنهاء الازمة عبر الوساطة العمانية المدعومة خليجيا وعربيا ودوليا، ولكن تبقى التحركات الإيرانية تجهض أي محاولة لإنهاء الحرب.

شارك