حزب الشعوب الديمقراطي.. يهدد طموح أردوغان ويعزز آمال الأقليات
الجمعة 29/مايو/2015 - 11:52 ص
طباعة
مع بروز حزب الشعوب الديمقراطي(HDP ) والذي يغلب عليهم الأكراد، على الساحة السياسية التركية، ومع وجود استطلاعات للرأي تشير إلى تحقيق الحزب نتائج جيدة في الانتخابات التشريعية التي ستجري في الـ 7 من يوليو القادم، وتخطي نسبة 10% من الأصوات المطلوبة لدخول البرلمان، تؤكد علي أن الحزب سيكون له دوره في صناعة القرار التركي خلال المرحلة المقبلة.
و يتنافس المرشحون الممثلون لمختلف الأحزاب السياسية في تركيا على استحواذ أكبر عدد من مقاعد البرلمان الـ 550، والذي سيشكل بدوره الحكومة.
وتشير استطلاعات الرأي التي قامت بها ثلاث شركات في الـ 23 من مايو الجاري، بأن حزب الشعوب الديمقراطي يقترب من تخطي عتبة 10% لدخول البرلمان وهو ما يهدد طموح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تغير الدستور والتحول للنظام الرئاسي.
التأسيس :
تأسس حزب الشعوب يوم 15 أكتوبر 2012، وقدم نفسه بوصفه حزبا لكل مكونات وأطياف المجتمع التركي، مؤكدا أنه لا يمثل هوية أو عرقا بعينه، وينفي أن يكون حزبا كرديا.
في حين يعتبره آخرون حزبا كرديا ونسخة عن حزب السلام والديمقراطية الكردي، لكنه موجه إلى مناطق تركيا الغربية. كما أن هناك من يعتبره حزبا ذا توجه اشتراكي، ويتهمه آخرون بأنه قوة تنفذ قوانين حزب العمال الكردستاني.
وشكل نواب سابقون عن حزب السلام والشعوب للبنة الأولى عند تأسيسه، وحمل مؤتمره الأول يوم 27 أكتوبر 2013 شعار "هذه البداية فقط".
الأهداف:
حسب نص قانونه الداخلي، فإن "الحزب يمثل المضطهدين والمهمشين بالدرجة الأولى وكل مكونات المجتمع التركي على اختلاف معتقداتها الدينية وتوجهاتها السياسية والثقافية، وكذلك الأقليات".
ويهدف الحزب إلى "محاربة الاستغلال والتمييز وتوفير حياة كريمة ومساواة للجميع"، كما يسعى "لتسليم سلطة الديمقراطية للشعب وتغيير النظام" الذي يعتبره غير ديمقراطي في تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية.
ومن مكوناته العديد من الحركات التي شاركت في احتجاجات ميدان تقسيم. وتنظر إليه بعض الأطراف على أنه حركة سياسية استفادت مما تقول إنها مكتسبات تجربة "انتفاضة غيزي".
وتبلغ نسبة تمثيل النساء في هذا الحزب 50%، والشباب 10%، في حين تشكل فئة الشواذ جنسيا والمتحولين جنسيا 10% أيضا من مكونات الحزب.
مباركة الأب الروحي للأكراد
وحظي حزب الشعوب الديمقراطي بمباركة قوية من زعيم حزب العمال الكردستاني الأب الروحي للأكراد بشكل عام وأكراد تركيا بشكل عبد الله أوجلان، الذي أرسل برقية إلى مؤتمر الحزب الذي أقيم يوم 27 أكتوبر 2013، وجاء فيها أن "الحزب الجديد يمثل محطة تاريخية مهمة في النضال من أجل الديمقراطية في تركيا"، معتبرا أن بإمكانه الوصول إلى فئات كبيرة من الأكراد والأتراك لم يستطع حزب السلام والديمقراطية أن يخاطبها.
ويعتبر مراقبون أن هذا الحزب لم يكن ليبصر النور دون رغبة أوجلان، في رسالة تشير إلى أن خيوط اللعبة السياسية ما زالت بيده.
استطلاعات الراي
هناك استطلاعات رأي أجراها حزب الشعوب الديمقراطي وشركات أخرى، تشير إلى حصول الحزب على أكثر من 10%، وهي النسبة التي تؤهله لدخول البرلمان، فحسب استطلاعات الرأي التي قامت بها شركة Andy-A، فإن حزب الشعوب الديمقراطي سيحصل على نسبة 10.4%.
في استطلاع رأي أجراه مركز أبحاث GEZİCİ وشمل 4860 مشاركًا. أظهرت النتائج أن 39.2% من المشاركين سيصوتون لحزب العدالة والتنمية، أما حزبا المعارضة الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي فقد حصلا على 28.1% و11.3% على التوالي.
وجاءت النتائج مشابهة أيضًا في استطلاع رأي آخر أجراه مركز البحوث الاستراتيجية Metropoll شمل عينة مكونة من 2500 مشارك، صوت 41.7 منهم لحزب العدالة والتنمية، و27.7 لحزب الشعب الجمهوري، و10.4% لحزب الشعوب الديمقراطي.
هذه النسب التي تبدو متقاربة مع بعضها البعض، والتي تعطي مؤشرًا على أن هناك احتمالية لحصول حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة تؤهله من الدخول للبرلمان، تجعل من المهم النظر في الشرائح التي ستدعم الحزب في الانتخابات القادمة.
الأكراد الداعم الأكبر:
يحظى حزب الشعوب الديمقراطي علي بدعم أغلبية الأكراد في تركيا، فتعتبر الحركة السياسية الكردية هي الكتلة الأساسية المكونة لحزب الشعوب الديمقراطي، الذي بدوره يعتبر تطورًا من تطورات هذه الحركة وامتدادًا طبيعيًا للأحزاب الكردية السابقة مثل حزب السلام والديمقراطية، ويحمل حزب الشعوب الديمقراطية هموم الشريحة الكردية، ويطالب بحقوقهم الأساسية، بالإضافة إلى حكم محلي للمناطق الكردية، ولا شك أن هذه الانتخابات، ومع وجود حزب الشعوب الديمقراطي، تعتبر انتخابات استثنائية لدى الأكراد، وتقدر نسبة الكتلة التصويتية للأكراد لصالح حزب الشعوب الديمقراطي حوالي 7%، وهي نسبة جيدة، لكنها غير كافية لتمكين الحزب من تجاوز نسبة 10%.
الاقليات وحزب الشعوب
وتأمل الأقليات العرقية والدينية في تركيا الحصول على مزيدًا من الحقوق مستندة إلى برنامج الحزب الديمقراطي من جهة تأييده للحريات المختلفة، وتأتي في قدمتها الأقلية العلوية والتي تشكل بين 15% و20% من مجموع سكان تركيا (أكثر من 20 مليونا) وهم يتشكلون من الأكراد (30% من أكراد تركيا علويون) والنسبة أكبر من العرب، وهناك الأقلية اليونانية، والأرمن وعددهم مئات الألاف.
ومن الأقليات الأخرى نجد مجموعة من السريان يدينون بالأرثودكسية ويقطنون إسطنبول والمناطق المحاذية لسوريا يقدر عددهم بنحو 20 ألفا، فضلا عن الكلدان الذين يقطنون المناطق المحاذية للحدود مع العراق وسوريا يقدر عددهم بنحو عشرة آلاف نسمة، كما توجد مطرانيتهم بإسطنبول وبطريكهم الأكبر في الموصل شمال العراق.
وهناك أيضا أقليات عرقية ودينية أخرى تتراوح أعدادها بين مئات وبضعة آلاف، ومن هؤلاء الألبان الذين يبلغ عددهم نحو 50 ألفا، إضافة إلى الروس والألمان والإستونيين ومجموعات عرقية من آسيا الوسطى وقفقاسيا وأوزبك وقرغيز وقازان وتتار وأويغور وأذريين وشركس.. وغيرهم.
اليساريون والديمقراطيون
كما سينال الحزب دعمًا كبيرا من أصحاب الاتجاهات اليسارية، لكونه يساري التوجه، ويحتوي على تيارات يسارية داخله، فإذا كان اليساريون في تركيا دائما تذهب أصواتهم إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، فإنه لا يمكن التنبؤ بنسبة الأصوات التي سيخسرها حزب الشعب الجمهوري لصالح حزب الشعوب الديمقراطي؛ لأنها المرة الأولى التي تشهد الساحة التركية هذا الحدث الاستثنائي.
التوجهات المخالفة لحزب العدالة والتنمية، التي ترى في نجاح حزب الشعوب الديمقراطي هزيمة لحزب العدالة والتنمية، ومنهم الديمقراطيون وداعمو الحريات، فهؤلاء المؤمنين بالحريات والداعمين للديمقراطية يرون في حزب الشعوب الديمقراطي غايتهم، لأن الحزب يمتلك برنامًجا ديمقراطيًا حرياتيًا - ليبراليًا - أكثر من غيره من الأحزاب، ، حيث يعتبرون انتصار حزب الشعوب الديمقراطي انتصارًا للديمقراطية من خلال تمثيل شرائح أوسع في المجتمع التركي داخل البرلمان، بالإضافة إلى تقييد حزب العدالة والتنمية.
ضد سياسية الحزب الحاكم
وتأتي من أهم الداعمين للحزب الشعوب الديمقراطي، الرافضين لتغير الدستور التركي وتحويل تركيا من النظام البرلماني الي النظام الرئاسي، لمنع حزب العدالة والتنمية من تحقيق رؤيته بشأن النظام الرئاسي وتغيير الدستور، وهؤلاء أيضًا يتمثلون في داعمي الديمقراطية وبعض المناوئين لحزب العدالة والتنمية حتى من أحزاب المعارضة، الذين يرون أن إيقاف حزب العدالة والتنمية أهم من التصويت لأحزابهم، ولذلك سيتجهون لدعم حزب الشعوب الديمقراطي، الوحيد الذي يستطيع تحقيق هذه الغاية في الوقت الراهن، ومن بين الذين ربما يسلكون هذا الطريق هم جماعة فتح الله غولن، حيث من المحتمل أن يؤيدوا حزب الشعوب الديمقراطي لعدائهم المعلن للحكومة ولحزب العدالة والتنمية.
ماذا يعني دخول حزب الشعوب البرلمان؟
إذا استطاع حزب الشعوب الديمقراطي الحصول علي نسبة 10% من أصوات الناخبين وعبور هذا الحاجز، سيكلّف حزب العدالة والتنمية الحاكم 50 مقعدا في البرلمان، ويحتمل أن يؤدي هذا إلى خسارة حزب العدالة والتنمية الأغلبية في البرلمان، وبالتالي يضطر إلى تشكيل تحالف أو حكومة أقلية، كما أن من شأن ذلك أن يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية لتمرير التعديلات الدستورية التي يريدها أردوغان لخلق رئاسة تنفيذية قوية.
وقد استبعد رئيس حزب الشعوب الديمقراطي “صلاح الدين دميرطاش” في مقابلة تلفزيونية في ضمن الحملة الانتخابية في جنوب مدينة أنطاليا، أي ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية، قائلا “إننا نخطط لنكون معارضة جيدة في الفترة القادمة”، معربا عن ثقته في أن حزبه سيدخل البرلمان للمرة الأولى.
أوضح دميرطاش وفقا لما نقلته الديلي ميل “إذا كنا غير قادرين على دخول البرلمان، هذا يعني فقط أنه لن يكون هناك كتلة برلمانية” .وأضاف “لكن سنواصل، كوننا رابع أكبر حزب في تركيا، المشاركة في الحياة السياسية ومواصلة نضالنا في كل قضايانا”.
المشهد التركي
إذا استطاع حزب الشعوب التركي دخول البرلمان وتخطي نسبة الـ10% فإنه سيكون له دورا في وقف طموحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من تغير الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي، ومن ثم الإبقاء علي المشهد التركي وبقاء الدستور مع تشكيل جبهة قوية لمواجهة طموحات اردوغان.
