"داعش" تتمدد مجددًا بوقود المقاتلين الأجانب

السبت 30/مايو/2015 - 04:37 م
طباعة داعش تتمدد مجددًا
 
في الوقت الذي تتفاقم فيه العمليات الإرهابية في المنطقة العربية بأكملها، يواصل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، إعلان مسئوليته عن تلك العمليات التي كان آخرها محاولة تفجير في مسجد "العنود" في الدمام بالسعودية، ذكر تقرير لمجلس الأمن الدولي أول أمس الخميس 28 مايو 2015، أن نحو 30 ألف مقاتل أجنبي مجندون حالياً في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وأن هؤلاء جاءوا من 100 دولة حول العالم، أبرزها أفغانستان وسوريا والعراق وليبيا.

30 ألف مقاتل ينضمون لـ"داعش"

30 ألف مقاتل ينضمون
التقرير الذي أعلنه مجلس الأمن هو الأول من نوعه للأمم المتحدة، الذي يتطرق إلى قضية المقاتلين الأجانب، ويشمل دولاً كانت بمنأى عن نشاط الجماعات الإرهابية، مثل تشيلي وفنلندا وجزر المالديف، مشيرًا إلى أن عدد المنضمين إلى صفوف داع قد ارتفع بنحو 70% خلال الأشهر التسعة الماضية، وهو ما يشكل قلقاً متزايداً إزاء تضخم ظاهرة التطرف عالمياً، واتساع نطاقها الجغرافي، لتشمل دولاً عدة تشهد استقراراً، بما فيها دول أوروبية.
وأشار التقرير إلى أن معدل تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق تحديداً، بات حاليًا الأعلى من أي وقت مضى، مع ظهور بوادر نمو متسارع للتنظيم في ليبيا، واصفاً العراق وسوريا وليبيا بأنها "مدرسة التخرج الحقيقية" للإرهابيين.
كذلك رجح التقرير تعرض تونس والمغرب وفرنسا وروسيا بشكل خاص لهجمات إرهابية في المستقبل؛ نظراً لوجود عدد من المقاتلين من هذه الدول.
ومن المقرر أن يجتمع أعضاء مجلس الأمن الجمعة المقبلة، لمناقشة تقرير بشأن المسلحين الإرهابيين الأجانب وبحث التدابير الممكنة لمكافحة هذا التهديد الذي بات يشكله هؤلاء .

الوصول للهدف الأكبر

الوصول للهدف الأكبر
في سياق مواز، لفتت تقارير غربية إلى أن تنظيم "داعش" أوشك على الوصول لأقصى حدوده، بعد تحقيقه أكبر انتصارين في العراق وسوريا، منذ ما يقرب من عام؛ الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية تعيد النظر في استراتيجيتها تجاهه، وعزز سقوط مدينتي الرمادي غربي بغداد وتدمر إلى الشمال الشرقي من دمشق في آن واحد تقريباً نفوذ التنظيم الذي أعلن العام الماضي قيام دولة الخلافة على مسافة غير بعيدة عن تحصينات اثنتين من العواصم الكبرى في التاريخ الإسلامي.
وفيما خسر التنظيم بعض الأراضي التي كان يريد السيطرة عليها في كل من العراق وسوريا في الشهور الأخيرة، إلا أنه كسب بعض الأراضي، ففي العراق يسيطر مقاتلو التنظيم بالفعل على أغلب الأراضي التي يمثل فيها السنة العنصر الغالب.

سرية الهروب إلى الجهاد

سرية الهروب إلى الجهاد
في الوقت ذاته، تتدافع أعداد الراغبين في الانضمام إلى تنظيم الدولة "داعش"، عن طريق الهروب بطرق مختلفة إلى سوريا أو العراق لـ"الجهاد"، حيث بدأ عدد من الاشخاص المؤيدة للتنظيم الإرهابي في تغيير اتجاهاتهم بغرض تضليل الحكومات التي تسعى للتصدي لهم، وذلك من خلال تجزئة مسارهم أو الاستعانة بمجرمين سابقين، بحسب الأمين العام للإنتربول.
من جانبه أكد الأمين العام لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" يورغن شتوك أمام مجلس الأمن الدولي الجمعة، أن التدابير المتخذة لوقف المقاتلين الأجانب الراغبين في الالتحاق بتنظيم الدولة "أدت فعلا إلى تغييرات تكتيكية" من قبل الذين يجندونهم إذ إنهم باتوا يرسمون مسارات مقسمة إلى عدة أجزاء لتضليل سبل مراقبتهم.
وفيما يستعين المكلفون بالتجنيد أيضًا بمدانين سابقين لمساعدتهم على تشكيل "شبكات مهربين"، تسمح للمرشحين للجهاد بالوصول إلى وجهتهم.
وكان بحث مجلس الأمن منذ يومين مع 15 دولة كيفية التصدي للظاهرة، واعتبر يورغن شتوك أن تقاسم المعلومات أساسي لاحتواء تدفق الراغبين في الانضمام إلى التنظيمات الجهادية، موضحًا أن الاستخبارات تعبر الحدود لكن بوتيرة تقل سرعة عن المقاتلين.
ولفت وزير الأمن الداخلي الأمريكي جيه جونسون أمام مجلس الأمن، إلى أنه "لا يزال هناك الكثير من العمل" لوقف تدفق المرشحين للجهاد الذين أصبحوا "قادرين أكثر فأكثر على سرعة الحركة وعلى التكيف وأكثر وحشية".
السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامنتا باور، عبرت عن أسفها لأن الحكومات لا تتخذ تدابير كافية لمنع مواطنيها من الالتحاق بتنظيم الدولة في سوريا والعراق، قائلة: "إننا بحاجة إلى أن تقدم هذه الدول وتصدر قوانين جديدة إذا لم تكن قد فعلت ذلك.. وفي حال وجدت فإن عليها أن تطبقها، وأن تتخذ تدابير ملموسة لمنع هؤلاء المقاتلين من السفر".

مراقبة الهاربين

مراقبة الهاربين
كانت قد طلبت 51 دولة فقط من شركات الطيران العاملة على أراضيها، تزويدها مسبقًا بالمعلومات عن ركابها لتسهيل عمليات المراقبة.
وأظهرت الدراسة التي أجراها فريق من خبراء الأمم المتحدة زيادة بنسبة 71% لعدد المقاتلين الأجانب، في الفترة بين منتصف العام 2014 مارس 2015.
وتلاحظ الدراسة أن "هذا التدفق هو الأكبر تاريخيًّا، ويشمل خصوصًا تحركات باتجاه سوريا والعراق، مع مشكلة متنامية في ليبيا".
وقال التقرير: إن حوالي 30 ألف مقاتل أجنبي من مئة دولة انضموا إلى صفوف الجماعات المسلحة المحلية.
وعلى الرغم من تبني مجلس الأمن في سبتمبر 2014، قرارًا يدعو الحكومات لملاحقة مواطنيها الذين ينضمون أو يحاولون الانضمام إلى الجماعات الجهادية، فإنه لم يمنع حتى الآن عددًا كبيرًا من المقاتلين الأجانب من السفر للالتحاق بالتنظيمات الجهادية، من المغرب وتونس وفرنسا وروسيا. 

سوريا والعراق ملاذ الإرهابيين

سوريا والعراق ملاذ
الأمم المتحدة، أشارت إلى أنها عثرت حتى على إثر جهاديين انطلقوا من المالديف وفنلندا وترينيداد- وتوباغو، ومن بلدان إفريقية جنوب الصحراء الكبرى، وتركيا التي تعتبر نقطة التقاء مهمة للذهاب إلى سوريا أو العراق، هي التي تصوب إليها الأنظار، لكن البلدان التي ينتمي إليها هؤلاء المرشحون للجهاد باتت توجه إليها الأصابع أيضا.
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن هؤلاء الأجانب هم بأغلبهم من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عاما، لكنه أكد أيضًا الحاجة للتصدي لأسباب ذهاب نساء وأطفال إلى هذه الجماعات.

شبكة سرية لتعليم المجاهدين

على صعيد آخر، يشكل "داعش"، شبكة لتعليم المجاهدين الجدد كيفية التهرب من الملاحقة على الإنترنت، فقد نشرت صحيفة الديلي تلغراف مقالاً لروث شيرلوك بعنوان "تنظيم الدولة الإسلامية يوفر خدمات إرشادية على الإنترنت لمجاهديه الجدد".
وقالت شيرلوك: إن تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة شكلًا خدمة على شبكة الإنترنت تعلم المجاهدين كيفية تجنب مراقبتهم على الإنترنت، وذلك بحسب دراسة قام بها مركز مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة، لافتة إلى أن هذه الجماعات الإرهابية ومناصريها يستخدمون الإنترنت لتنظيم حركة المقاتلين الأجانب حول العالم وكذلك لتعليمهم تقنيات تجنيد عناصر جديدة في التنظيم، مشيرة إلى أنهم يعملون حالياً على تطوير خدمة الخصوصية الخاصة بهم.
وأوضحت كاتبة المقال أن فاعلية هذه التقنية ستكون محدودة، إلا أنها ستزيد من قلق أجهزة المخابرات والسلطات القضائية؛ لأنها تمثل الخطوة الأولى لتطوير سلاح إلكتروني.
واختتمت بالقول: إن القاعدة وعدد من المنظمات الجهادية الأخرى استخدمت منتديات تفاعلية على الإنترنت منذ التسعينيات، موضحة أن تنظيم الدولة الإسلامية يستخدم اليوم وسائل أخرى مثل توتير وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي.

550 امرأة انضممن لداعش

550 امرأة انضممن
في ذات السياق، كشف دراسة سابقة أعدها معهد الحوار الاستراتيجي والمركز الدولي لدراسة التطرف في جامعة "كينجز كوليدج" البريطانية، أن حوالي 550 امرأة من دول غربية غادرن بلادهن للحاق بتنظيم "داعش" المتشدد الذي بسط سيطرته على مناطق شاسعة في بلاد سوريا والعراق.
وذكرت الدراسة، أن بريطانيا تتصدر القائمة كأكثر الدول الأوروبية التي خرج منها نساء للانضمام لـ"داعش"، مشيرة إلى أن أعمار الفتيات الغربيات التي انضممن لتنظيم "داعش" تتدنى على نحو متزايد، وتصدر عمر 16 عامًا أكثر النساء المسافرات لـ"داعش".
وكان من ضمن أسباب انضمام النساء لـ"داعش"، كما ذكرت الدراسة، هو شعورهن بالعزلة الاجتماعية والثقافية، ويعتقدن أن المسلمين مضطهدون، ويشعرن بالغضب لعدم فعل شيء حيال ذلك، وتنجذب النساء أيضًا إلى تصور مثالي عن الواجب الديني وإحساس بالأخوة وعشق المغامرة، مشيرة إلى أن "الحياة في كنف التنظيم بعيدة عن الصورة التي تراها النساء على الإنترنت، فالأوضاع قاسية وبعضهن يصبحن أرامل في سن صغيرة".
وخلصت الدراسة إلى أن هناك حاجة لرسائل مضادة للتشدد، تستهدف النساء على نحو خاص، لتوضح بالتفصيل مدى بعد الحياة في ظل هذا التنظيم المتطرف عن الصورة المثالية، إلى جانب وضع برامج أفضل للعائدات من سوريا والعراق بهدف مكافحة الفكر المتشدد وإدماجهن مرة أخرى في المجتمع.
ويتنامى نفوذ التنظيم في أنحاء البلاد يوما عن الآخر مع انضمام العديد من الشباب والفتيات إلى "داعش".

شارك