"خريطة جديدة " لتقسيم سوريا على يد "داعش" و"النصرة" والأسد
الثلاثاء 02/يونيو/2015 - 08:55 م
طباعة
على الرغم من أن خريطة العمليات فى سوريا بين النظام السورى وحلفائه وقوات المعارضة وحلفائها فى تغير مستمر الا أن التقدم الخير الذى حققه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" في نهاية الأسبوع الماضى كشف عن خريطة جديدة للنزاع المستمر منذ أكثر من 4 سنوات و أن هذا التقدم سوف يؤدى الى المزيد من التعقيد داخل الأراضى السورية بل ويعزز من التطورات الميدانية التى ربما تؤدى الى التقسيم بـ “حكم الأمر الواقع”.
"داعش" والتمدد المتواصل
تواصل داعش التمدد داخل الأراضى السورية على حساب قوتين أساسيتين هما قوات النظام السوري والمسلحين الموالين له من جهة وتنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام "جبهة النصرة"، ففي خط المواجهة مع النظام السوري استطاع أن يتقدم في الريف الجنوبي الغربي لمدينة تدمر الأثرية، مع محاولات للتقدم في اتجاه بلدتي مهين والقريتين في ريف حمص بعد أن أستطاع السيطرة على بلدة البصيري جنوب تدمر التي استولى عليها في 21 مايو 2015م وتتمثل أهمية بلدة البصيري في انها تقع على مفترق طرق يؤدي إلى دمشق جنوبا وإلى حمص غربا وبذلك تكون محافظة حمص على وشك السقوط في يد التنظيم بالكامل بعد سيطرته على منطقة واسعة ممتدة من تدمر في محافظة حمص وصولا إلى محافظة الأنبار العراقية في الجانب الآخر من الحدود.
وفي الشمال وصل التنظيم إلى مسافة كيلومترين تقريبا من مدينة الحسكة حيث يخوض معارك شرسة مع قوات النظام السورى وفي الشمال في محافظة حلب، سيطر التنظيم على بلدة صوران ومحيطها بعد معارك عنيفة مع مقاتلي المعارضة المسلحة وبينهم جبهة النصرة ذراع القاعدة في سوريا ولازال يحاول التقدم نحو بلدة مارع الواقعة على طريق إمداد رئيسية لفصائل المعارضة نحو تركيا وبات على بعد عشرة كيلومترات تقريبا من معبر باب السلامة على الحدود التركية ليكون بذلك قد سيطر على مساحة تقارب الـ300 ألف كيلومتر مربع من الأراضي بين " سوريا – العراق" على الرغم من خسارته للعديد من المعارك مع المقاتلين الأكراد في أجزاء من محافظتي الحسكة وحلب بعد أن أستفاد المقاتلون الأكراد من الدعم الجوي المقدم من طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتمكنوا بالفعل في نهاية الأسبوع الماضى من السيطرة على قرى عدة في محافظة الرقة، معقل التنظيم الدموي.
النُصرة
"جبهة النصرة" أو قاعدة الجهاد في بلاد الشام بدأت هي الاخرى في التمدد بعد حالة الانحسار التى مرت بها عقب تنامى نفوذ "داعش " حيث سيطرت على مواقع استراتيجية شمال سوريا فبعد دخولها جسر الشغور ومدينة إدلب أمتد نفوذهم على قرى في ريف إدلب باتجاه ريف حماة وهو ما يعزز مساعيها لإقامة إمارتها على كامل المحافظة وريفها، ونقطة انطلاق للتقدم نحو حلب واللاذقية، الوجهة المقبلة للتنظيم وفى نفس الوقت حققت بعض التقدم في مراكز تابعة للنظام السوري ولحزب الله اللبناني في منطقة جرود القلمون شمال دمشق الحدودية الفاصلة بين لبنان وسوريا ، وبدأت بالفعل في بسط نفوذها على منطقة ريف القلمون الشرقي، في وقت تسيطر قوات النظام ومقاتلو حزب الله على ريف القلمون الغربي ولكن أحلام جبهة النصرة سرعان ما اصطدمت بطموح داعش التى تتنازع معها مناطق ريف حلب وإدلب.
قوات الأسد
دائما ما تثار التساؤلات عن حجم سيطرة الجيش العربي السوري على المناطق في سوريا ولكن الحقيقة أنه يسيطر عمليا ما يقارب ثلث سورية 30% ويتواجد بقوة بالغوطة الشرقية وحي جوبر الدمشقي وبعض مناطق القلمون السوري، وبعض مناطق الوسط السوري في ريف حماه وريف حمص ودرعا والقنيطرة وريف ادلب وريف حلب ومع تطور المعارك أصبحت العاصمة دمشق وريفها الشرقي والغربي بنسبة 85% تقع تحت سيطرة الجيش العربي السوري بالإضافة الى ان المنطقة الجنوبية باستثناء محافظة السويداء على الأقل هناك نسبة سيطرة للدولة السورية تتجاوز نسبة 55%بعموم مناطق درعا والقنيطرة، أما بالنسبة للمنطقة الوسطى فمدينة حماة وريفها هناك نسبة سيطرة للجيش السوري فيها تتجاوز نسبة 80% وتقع الان معظم مدينة حمص تحت سيطرة النظام أما بالمنطقة الشمالية فيمكن القول ان نسبة سيطرة الجيش السوري على مناطق وارياف مدينتي حلب وادلب تتجاوز نسبة 65% بعموم أرجاء المدينتين واريافهما ,اما مناطق الساحل السوري واريافها المتمثل بمدن اللاذقية وطرطوس فنسبة سيطرة الجيش العربي السوري تتجاوز نسبة90% من عموم مناطق الساحل السوري، أما بالنسبة للمناطق الشرقية فهي منطقة لها خصوصية كبيرة وهناك تواجد للجيش العربي السوري بمدينة دير الزور وريفها .
لكن رامي عبد الرحمن مدير المرصد لحقوق الانسان أكد على إن النظام في طريقه الى الانهيار السريع نتيجة عدم قدرته على تعويض الخسائر البشرية الكبيرة التي يتكبدها، وأن هناك تخلفا كبيرا عن الالتحاق بالخدمة العسكرية كما أن هناك شعورا متناميا في أوساط القوات المسلحة وقوات الدفاع الوطني الموالية لها برفض الدفاع عن مناطق لا يشارك أهلها في القتال”، في إشارة إلى المناطق ذات الغالبية السنية إجمالا حيث “لا حاضنة شعبية” للنظام العلوي.
وقال آرون لوند المحلل السياسي بمركز "كارنيغي" للأبحاث "بغض النظر عمن يربح وعمن يخسر الحرب في سوريا حاليا، يمكن التأكيد أن لا أحد يملك حظوظا في الانتصار وأن هذه المرحلة، من المستحيل تصوّر دولة نهائية واقعية ومستقرة بغض النظر عن الديمقراطية يديرها أحد الأطراف الثلاثة الرئيسية المتنافسة على السلطة في سوريا"
وشدد على أن المدن قد تسقط ثم تستعاد، المعارك قد تنتهي بالربح أو بالخسارة لكن لا يمكن الانتصار في حرب مثل الحرب السورية، بالقدر نفسه الذي لا يمكن التغلب على وباء أو على زلزال”.
هذا التقسيم الجديد الخاضع للتطورات الميدانية يؤكد الخشية من حصول “تقسيم بحكم الأمر الواقع” في سوريا حيث يتقلص وجود النظام إلى المنطقة الممتدة من دمشق في اتجاه الشمال نحو الوسط السوري الجزء الأكبر من محافظتي حمص وحماة وصولا إلى الساحل غربا طرطوس واللاذقية ، بينما يتفرد تنظيم "داعش " بالسيطرة على المنطقة الشرقية صعودا نحو الشمال جزء من محافظة الحسكة وكل محافظة الرقة وبعض حلب بالإضافة الى دولة النصرة في أدلب .
