"القاعدة" تتمدد في اليمن في ظل أطماع "الحوثيين" والصراع مع الدولة

الخميس 04/يونيو/2015 - 02:12 م
طباعة القاعدة تتمدد في
 
اليمن معقل لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو من أنشط أجنحتها، وشهدت الأسابيع الأخيرة ظهورًا لافتًا في اليمن مع بدء "عاصفة الحزم"، مستفيدةً من الصراع بين الدولة اليمنية وجماعة أنصار الله "الحوثيين"، يأتي ذلك مع مفاوضات بين جماعة الحوثيين والولايات المتحدة للتوصل إلى حل في اليمن، ويتوقع أن يكون هناك تعاون بين واشنطن وجماعة عبد الملك الحوثي لمواجهة "القاعدة".

"القاعدة" في مواجهة الحوثيين

القاعدة في مواجهة
وأعلنت جماعة أنصار الشريعة، فرع تنظيم القاعدة في اليمن، اليوم الخميس، عن مقتل عشرات الحوثيين إثر هجوم شنته على مواقع تابعة لجماعة أنصار الله الحوثية في محافظة البيضاء وسط اليمن.
وقال التنظيم، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إن مجموعات "المجاهدين" بدأت هجوماً منذ صباح أمس الأربعاء؛ حيث هاجمت المجموعة الأولى مواقع للحوثيين بتبة "سوداء غرب"، وتبة مجاورة لها.
فيما وضعت المجموعة الثانية، كمينًا مسلحًا لـ 12 دورية عسكرية تابعة للحوثيين؛ ما أدى إلى تدمير 9 دوريات وسقوط من فيها بين قتيل وجريح.
وأشار التنظيم إلى مقتل اثنين من عناصر أنصار الشريعة، وذلك قبل أن ينسحب مقاتلوهم من تلك المواقع بسلام.

"القاعدة" والصراع في اليمن

القاعدة والصراع في
وعقب بدء "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية في 26 مارس الماضي، ومع سيطرة جماعة أنصار الله "الحوثيين على مقاليد الأمور بالبلاد- ارتفعت وتيرة عمل "تنظيم القاعدة" في اليمن، وخاصة في جنوب شرق البلاد، ونجحوا في السيطرة على مدينة المكلا "عاصمة محافظة حضرموت".
واستولى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على أجزاء نائية في الجنوب والشرق، ويتجه لتحقيق مكاسب إذا استمر الجيش اليمني في الانقسام والتواني في حملته العسكرية ضد هذا التنظيم.
ولتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وجود راسخ قبل بدء الضربات الجوية بوقت طويل، لكن جهود الحد من وجوده عرقلها الاقتتال بين وحدات الجيش اليمني والاضطراب السياسي. وقبل عام شن التنظيم غارة عبر الحدود على شرورة، قتل فيها أربعة من رجال الأمن قبل أن يقتل المسلحون الثمانية في تبادل إطلاق النار.
وتعاني البلدات والقرى في وادي حضرموت الذي يخترق هضبة صحراوية في شرق اليمن من أعمال عنف مستمرة من جانب المتشددين منذ احتجاجات الربيع العربي في عام 2011، التي قوضت الحكومة في صنعاء.
وفي اليمن لا تخضع هذه الرقعة من الصحراء- التي تمثل امتدادًا لصحراء الربع الخالي- لسيطرة الحكومة؛ مما يجعلها مكانًا مفتوحًا أمام "تنظيم القاعدة".

حاضنة شعبية

حاضنة شعبية
يتمتع تنظيم القاعدة بحاضنة شعبية، ونفوذ قوي داخل المناطق القبلية في اليمن، ويزداد في أعقاب القصف الأمريكي على هذه المناطق التي يذهب ضحيتها غالبًا مدنيون أبرياء.
وتعتمد فكرة حركة "أنصار الشريعة" على جذب القبائل وعموم المواطنين في البلاد، إلى فكر القاعدة أو التيار السلفي- الجهادي عبر "تحويل تحكيم الشريعة من عمل نخبوي إلى عمل شعبوي".
واستقطب التنظيم عددًا من القيادات القبلية، وأشهرهم طارق الذهب، من مشايخ قبيلة "قيفة"، والذي نصّب "أميرا" على مدينة رداع- مركز مدينة محافظة البيضاء- قبل أن ينسحب منها بعد وساطة قبلية.
وفي أعقاب سيطرة جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، ودخولها مدينة رداع بمحافظة البيضاء، بدأت مواجهة مباشرة بين الحوثيين وعناصر القاعدة ومسلحي القبائل الرافضين لوجود الحوثيين، وتعززت مكانة القاعدة بين القبائل والأوساط الشعبية باعتبارها المدافعة عن "أهل السنة" من ميليشيا الحوثيين الشيعية.
وظلت القاعدة في جزيرة العرب، تحت قيادة ناصر الوحيشي، موالية للظواهري بعد مقتل "بن لادن"، ولكن عندما أصبح الظواهري والقيادة العليا لتنظيم القاعدة تحت حصار الطائرات بدون طيار في باكستان، أصبحت القاعدة في جزيرة العرب هي مركز تنظيم القاعدة بشكل فعلي. وكانت القاعدة في جزيرة العرب على شفا تنفيذ ثلاث عمليات ضد أهداف غربية، في أعوام 2009، 2010، و2011. وأصبحت الجماعة التابعة الأولى التي تبني قوات متمردين خاصة بها، أنصار الشريعة، التي تهدف إلى إقامة إمارة إسلامية في اليمن.

مواجهة الحوثيين

مواجهة الحوثيين
لوحظ خلال الفترة الأخيرة تحول خطير في استراتيجية التنظيم الإرهابي، حيث بدأت قياداته تمارس التعبئة القتالية عبر وسائل الإعلام التابعة، على أسس جهوية ومذهبية؛ في وقت ركز التنظيم خطابه الجهادي باتجاه جماعة الحوثي أو من تصفهم قياداته بـ"الروافض".
وظهر أخيرًا عدد من القياديين في قاعدة اليمن، يحشدون لمرحلة جديدة من العنف الموجه ضد تيارات دينية تختلف مع تنظيم القاعدة والتيارات المتناسقة معه في الفكر والأيديولوجية.
وأظهرت صورة حديثة لقيادات في تنظيم القاعدة في لقاء عام بمحافظة البيضاء وسط اليمن.
وكشف تقارير صحفية عن وجود مساعٍ من قبل حركة "أنصار الشريعة"، التي تقاتل القوات الحكومية على عدة جبهات في عدة محافظات لإنشاء "حلف مع عدد من وجهاء العشائر لمواجهة تمدد الحوثيين".
وكان القيادي في القاعدة جلال بالعيدي قد ظهر مؤخراً في تسجيل "مرئي" بثته قناة "الملاحم" النافذة الإعلامية للتنظيم، دعا فيه أهل السنة لمواجهة الجيش اليمني (الرافضي) بالتزامن مع خروج منظر القاعدة في اليمن، يدعو جماعة السنة والتيارات المتقاربة معها أيديولوجيًّا للاحتشاد في جبهة واحدة لمواجهة الروافض.
وأعلن التنظيم "الإرهابي" مسئوليته عن تنفيذ ثلاث عمليات مسلحة ضد جماعة الحوثي في محافظة الجوف شمال البلاد.
وفيما يبدو سباق سيطرة على مناطق في اليمن، مع جماعة الحوثي، وسع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، نطاق تواجده ليشمل بعض مناطق المرتفعات أو ما تعرف بـ"الوسطى"، بعد أن كان عناصره يتمركزون في مناطق الجنوب والشرق من البلاد.

أمريكا تُقر بتمدد "القاعدة"

أمريكا تُقر بتمدد
وفي أبريل الماضي أقر وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر بأن تنظيم القاعدة يسجل تقدمًا على الأرض في اليمن، متوعدًا في الوقت بذاته بمواصلة ضربه رغم الوضع الفوضوي في هذا البلد. 
وقال كارتر في طوكيو في إطار جولة آسيوية: "نراهم يسجلون تقدمًا على الأرض"، مشيرًا إلى أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يمثل "منذ زمن طويل تهديدًا خطيرًا على الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، وسنستمر في محاربته".

المشهد اليمني

المشهد اليمني
وحول مستقبل القاعدة في اليمن فالسيناريوهات متعددة مختلفة، لكنها تقول: إن تنظيم القاعدة نجح في الاستفادة من طموح جماعة الحوثيين في السيطرة على مقاليد البلاد، وأن يتمدد ويظهر بشكل أكثر قوة، رافعًا راية الدفاع عن أهل السنة، يأتي ذلك مع تهاوي الدولة في اليمن، فسيطرة الحوثيين على مقاليد الأمور بصنعاء واليمن ستوفر للقاعدة بيئةً خصبةً ومناخًا ملائمًا لازدهار هذا التنظيم، أو على الأقل ازدهار حرب طائفية تغرق اليمن المنهكة أصلا بالفقر والسلاح، وغياب الدولة والصراع في اليمن بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

شارك