في محاكاة لسيناريو التسعينيات.. حادث "الكرنك" موجة إرهابية جديدة على يد "دواعش الجماعة"
الأربعاء 10/يونيو/2015 - 08:08 م
طباعة

تمكنت قوات الأمن، صباح اليوم الأربعاء 10 يونيه 2015، من إحباط هجوم إرهابي على معبد الكرنك بالأقصر، وتمكن رجال الشرطة من التصدي للمهاجمين ومنع وصولهم لساحة المعبد.
وكان 3 إرهابيين يستقلون دراجة بخارية، حاولوا اقتحام معبد الأقصر من جهة ممر البازارات، فأطلقت الشرطة الرصاص تجاههم، فلقيا إرهابيان مصرعهما بطلقات في الرأس، بينما نجح الثالث في تفجير نفسه قبل أن تصيبه طلقات الشرطة.
وأسفر الانفجار عن تمزق جسد الإرهابي إلى أشلاء وإصابة أحد الأشخاص المتواجدين في موقع الحادث، دون أن يُسفِر عن إصابة أحد السائحين.
ردود الأفعال حول الحادث

وفي رد فعل قيادات في الجماعات الإسلامية على الحادث، أكد ربيع شلبي، القيادي المنشق عن الجماعة الإسلامية وعضو تيار الإصلاح، أن التفجير الانتحاري الذي وقع بمنطقة الكرنك بالأقصر يعد بداية موجة إرهابية جديدة يقودها الدواعش الجدد من الجماعة الإسلامية والإخوان وأنصارهم بهدف ضرب السياحة في مصر مثلما حدث في تسعينيات القرن الماضي واستهداف السائحين.
وقال شلبي: إن الحادث الإرهابي يقف خلفه التنظيم الدولي للإخوان، مشيرًا إلى توقعه اتخاذ خطوات تصعيدية خلال الفترة القادمة بعمليات إرهابية جديدة.

ومن جهة اخرى، استبعد الشيخ فؤاد الدواليبي، أحد القيادات التاريخية في الجماعة الإسلامية، تورط "الجماعة" في العملية التفجيرية التي شهدها معبد الكرنك، صباح اليوم الأربعاء. وقال "الدواليبي" إن الجماعة الإسلامية تبنت فكر نبذ العنف منذ التسعينيات، ولا يعنى قيامها بعملية شبيهة في 1997، أن تكون متورطة في عملية اليوم. وأكد أن وجود الجماعة حتى اليوم في تحالف ما يعرف بـ" دعم الشرعية" يجلب لها الشبهة، مؤكدًا على حتمية انفصالها عن التحالف حتى تمنع تكرار مثل تلك الاتهامات. ورجح أن يكون المتورط في عملية اليوم هو تنظيم "بيت المقدس"، موضحًا أن كل المؤشرات تدل على وجود بصمات له في التفجير، علاوة على اعتباره الجهة الأولى المتصدرة للمشهد والمتبنية لموقف عدائي ضد الدولة.
وفي اول رد فعل لها أدانت الجماعة الإسلامية، الحادث الإرهابي الواقع في محافظة الأقصر بالقرب من معبد الكرنك، مشددة على رفضها للعنف ورفع السلاح ضد الدولة أو السائحين الأجانب.
كما أعربت الجماعة الإسلامية، في بيان لها، عن رفضها لحادث التفجير الذي وقع اليوم بمحافظة الأقصر أيا كان فاعله أو الجهة التي تقف وراءه وتدعمه.
وأكدت الجماعة أن مثل هذه الأحداث تنطوي على أخطاء ومخالفات شرعية فادحة، خاصة أنها تؤدى إلى إزهاق أرواح وسفك دماء معصومة، موضحة أنها ثمرة منطق عقيم لا يصب في مصلحة الأوطان، وإنما يرسخ الاضطرابات والقلاقل في المجتمع ويزيد من هوة الشقاق داخله.
تاريخ الجماعات الإسلامية مع الآثار
وفي عودة سريعة لتاريخ الجماعات الاسلامية وموقفها العدائي للآثار والمناطق السياحية يتضح لنا أن الجماعات الإرهابية قد ركزت منذ ثمانينات القرن الماضي، على استهداف السياحة المصرية، لإدراكها أهميتها بالنسبة للاقتصاد المصري، بهدف إضعاف الدولة وبرزت 6 جماعات إرهابية تخصصت في استهداف الآثار المصرية، وهي:
الجماعة الإسلامية والتي استهدفت السياحة منذ عام 1997 حيث قامت بقتل 58 سائحا بالأقصر في إطار حربها على النظام وقتها، وتسبب هذا الحادث الذي اعترف بتنفيذه الشيخ رفاعي طه القيادي بالجماعة الإسلامية الهارب حاليا في تركيا في إقالة اللواء حسن الألفي وزير الداخلية، وتنفيذ طوق أمني كبير على قيادات الجماعة الإسلامية والقبض عليهم جميعا حتى مراجعات نبذ العنف التي أجراها الشيخ كرم زهدي في السجن، وقد أثر هذا الحادث بشكل كبير جدا على السياحة المصرية حتى تم تطهير المنطقة تماما من الإرهاب. وعلى الرغم من إعلان الجماعة الإسلامية توبتها عن تلك الأعمال إلا أن الخلايا الإرهابية المنفردة لم تتوقف عن أعمالها الإجرامية، حيث واصلت استهدافها للسياحة فقامت في 2004 بتنفيذ عمليات إرهابية في طابا ونويبع وقت الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر من خلال 3 سيارات مفخخة استهدفت المخيمات السياحية في المنطقة وأسفرت عن 34 قتيلًا و159 مصابًا، وأعلنت كتائب توحيد الإسلام الإرهابية مسئوليتها عن هذا الحادث الإرهابي، وفي 2005 حدثت أكثر من عملية إرهابية أبرزهم التي استهدفت سوق خان الخليلي مما أسفر عن مقتل فرنسيين وأمريكي من خلال طالب إسلامي بكلية الهندسة الذي نفذ العملية الانتحارية، ثم العملية الإرهابية التي نفذها الإرهابي إيهاب يسري في ميدان عبدالمنعم رياض بالقرب من فوج سياحي وأسفر عن إصابة 4 سائحين، كما قامت شقيقة إيهاب وخطيبته بتنفيذ هجوم على أتوبيس سياحي في نفس اليوم ولم يصب أي سائح بمكروه، وأعلنت خلية أطلقت على نفسها خلية تنظيم شبرا مسئوليتها عن تلك العملية الإرهابية بحجة الجهاد، كما أكد قيادات الخلية إنها ليست تابعة لأي جماعة أخرى إلا أنها متأثرة بفكر جماعة الجهاد. وفي نفس العام وبالتحديد في شهر يوليو حدثت 3 تفجيرات دموية في شرم الشيخ أسفرت عن 88 قتيلا وإصابة آخرين، وأعلنت كتائب عبدالله عزام التابعة لتنظيم القاعدة مسئوليتهم عن هذا الحادث الإجرامي.

وفي عام 2006، تجدد الإرهاب الموجه للسياحة المصرية مرة أخرى، حدثت تفجيرات دهب الشهيرة التي أودت بحياة 23 شخصا من بينهم 20 مصريا و3 سواح أجانب من بينهم طفل ألماني بجانب عشرات المصابين، وأعلنت جماعة التوحيد والجهاد المدربة في غزة مسئوليتها عن هذا الحادث الإرهابي، وقد توقف الإرهاب الموجه للسياحة من بعد هذه العملية حتى سقوط الرئيس المعزول محمد مرسي من سدة الحكم بثورة شعبية كبرى في 30 يونيه عام 2013، ليعود الإرهاب الموجه للسياحة المصرية مرة أخرى بعملية تفجير لأتوبيس سياحي بمنطقة طابا بالقرب من الحدود مع إسرائيل عام 2014، وأسفر هذا الحادث عن مقتل 4 سواح من كوريا وإصابة آخرين، وأعلنت جماعة أنصار بيت المقدس التي بايعت تنظيم داعش مؤخرا وتحولها إلى ما يسمى بـ "ولاية سيناء" مسئوليتها عن هذا الحادث الإجرامي.
أصابع الاتهام تشير إلى جماعة الإخوان

وحول الحادث الإرهابي صباح اليوم فقد اشارت اصابع الكثير من الخبراء والنشطاء الى اتهام جماعة الاخوان ومسئوليتها عن هذا الحادث خصوصا بعدما باءت مجهوداتها للنيل من سمعة مصر على المستوى الدولي بالفشل، بعد زيارة السيسي لألمانيا ورفض الخارجية الأمريكية استقبال وفد إخواني وكذلك الهزيمة التي أصابت حزب أردوغان.
وقال الشيخ عادل نصر المتحدث باسم الدعوة السلفية، تعقيبًا على الحادث الإرهابي الذي وقع بالقرب من معبد الكرنك بمحافظة الأقصر اليوم، إنه يعد محاكاة لإرهاب التسعينات وبنفس السيناريوهات التي تم تنفيذها من قبل، لافتًا إلى أن الحل الأكثر تأثيرًا متمثل في المراجعات الفكرية مثلما حدث في نهايات التسعينات بإطلاق مبادرات لنبذ العنف وتنحية السلاح جانبًا.
وأضاف "نصر": "العاقل من اتعظ بغيره".. مشددًا على ضرورة وجود حوارات فكرية، وأنه يجب على أجهزة الدولة أن تتضافر مرة أخرى من أجل تصحيح أفكار المتطرفين، ومواجهتهم بشتى الطرق، مؤكدًا أن الحل الأمني وحده غير كاف.

قال سامح عيد القيادي السابق بجماعة الإخوان الإرهابية: إن التفجيرات التي استهدفت معبد الكرنك بمحافظة الأقصر، تعد ضربة قاصمة للسياحة المصرية، في الوقت الذي بدأت فيه السياحة المصرية تنشط وتتخذ خطوات فعالة.. لافتًا إلى أن تلك التفجيرات تعود بنا إلى تسعينات القرن الماضي وتوحش الجماعة الإسلامية، وأضاف "عيد" أن هناك رغبة دفينة لدى أعداء الوطن، في إعاقة الاقتصاد المصري، مؤكدًا أن تلك التفجيرات لن تخرج على الإسلاميين.
بينما قال هشام النجار الباحث في شئون الجماعات الإسلامية: إن العملية الإرهابية التي شهدها معبد الكرنك بالأقصر اليوم، قام بها هواة غير محترفين، فقد أودت بحياتهم دون تحقيق أهدافهم الشريرة.
وأكد "النجار" أن ذلك ينفى ضلوع التنظيمات ذات الخبرات القديمة في مثل هذه العمليات، ولتتجه الأنظار للخلايا الجديدة التي تشكلت على الأرض، خاصة بعد تصعيد لهجة التهديدات والإعلان عن استهداف مصالح الدولة الحيوية في الفترة المقبلة.
وأشار "النجار" إلى أن العملية الإرهابية شبيهة بإرهاب التسعينيات، وهو من باب إرهاب الدولة وإنذارها بمرحلة جديدة من الاستنزاف على كل المستويات، والغرض من عملية من هذا النوع هو إجهاض المساعي الدبلوماسية، والسياسية لإصلاح علاقات مصر بالخارج.
والمستفيد الاول من هذا هو جماعة الاخوان بعدما ثبت فشلها داخليا وخارجيا.
فهل يعد هذا تطورًا نوعيًا في طبيعة الأهداف التي تقصدها جماعة الاخوان بعدما فشلت في استهداف أبراج الكهرباء والمصالح الحيوية والتجمعات السكنية؟