نتائج معركة عدن.. مستقبل اليمن بين الانفصال والفيدرالية

الخميس 16/يوليو/2015 - 04:04 م
طباعة نتائج معركة عدن..
 
حالة من التغير تشهدها اليمن وخاصة في المدن الجنوبية، وسط تراجع لقوات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، فيما يأتي ذلك مع سيطرة اللجان الشعبية "المقاومة" في الجنوب على مدينة عدن، ووصول وزراء من حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لبدء عودة الحكومة الشرعية لإدارة البلاد من عدن.

الوضع الميداني

الوضع الميداني
واصل التحالف بقيادة السعودية شن غارته على أهداف ضد جماعة أنصار الله "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وركّز التحالف ضرباته في العاصمة صنعاء، فيما تواصلت المواجهات المسلحة في محافظة عدن، والتي حققت المقاومة فيها تقدماً كبيراً خلال الأيام الماضية.
واستهدف التحالف بسلسلة غارات صباح ومساء أمس، مواقع عسكرية في صنعاء، أبرزها معسكر "الحفا" في جبل "نُقم" ومعسكر "السواد" مقر قيادة قوات الاحتياط في جنوب العاصمة، ومعسكر "الفرقة الأولى مدرع (سابقاً)، وجبل "عطّان"، وقاعدة "الديلمي" مقر قيادة القوات الجوية، وكلية الطيران والدفاع والجوي، ومطار صنعاء الجديد، ومعسكر "الجميمة" في منطقة "بني حشيش" شمال شرق صنعاء.
ورافق الغارات سماع انفجارات عنيفة وأصوات المضادات الأرضية، فيما لم تتوفر تفاصيل حول الخسائر الناتجة عن القصف.
إلى ذلك، شن التحالف غارات في محافظتي صعدة وحجة الحدوديتين مع السعودية، إذ استهدف التحالف بغارات أهدافاً في منطقتي "حرض" و"عاهم" في محافظة حجة، كما استهدف بسلسلة غارات مواقع في مدينة "صعدة" مركز المحافظة، ومنطقة "بني بحر" في مديرية "ساقين" وغارات أخرى في منطقة "نشور".
وفي محافظة مأرب، شن التحالف عدداً من الغارات ضد أهداف تابعة للحوثيين والموالين للرئيس المخلوع في منطقة "صرواح" غرب المحافظة، والتي تشهد مواجهات شبه متواصلة بين الحوثيين والمقاومة الموالية للحكومة، وكذلك شن التحالف غارات ضد معسكر "الصدرين" في محافظة الضالع.
وفي لحج تمكنت المقاومة الجنوبية بقيادة العميد أحمد تركي، من تحرير منطقة قعوه والخط الساحلي ومنطقة مشهور وجحار. وكانت حصيلة المواجهات اغتنام دبابة وطقم عسكري وأسلحة متنوعة وأسر خمسة جنود من الحوثيين، وقتل أربعة منهم وفي مرحلة لاحقة تقدمت أرتال المقاومة معززة برجال القبائل نحو مفرق عمران لتمشيط المنطقة التي وجدوها خالية من تواجد الميليشيات الذين ولوا هاربين باتجاه مدينة الوهط التي ما زالت تحت سيطرتهم تاركين خلفهم ثلاثة أطقم وعدد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والتي أصبحت بيد المقاومة، ولأول مرة منذ بدء عاصفة الحزم يتم كسر الحصار عن العاصمة عدن وأصبح بالإمكان مرور المواطنين والمؤن عبر الخط الساحلي الدولي من وإلى العاصمة عدن دون عوائق تذكر.

لقاء عسكري سعودي يمني

لقاء عسكري سعودي
وعلى صعيد التنسيق بين قوات التحالف والجيش اليمني، التقى الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، مساء أمس الأربعاء، برئيس هيئة الأركان العامة اليمني اللواء الركن محمد علي المقدشي بقصر الصفا في مكة المكرمة. وأوضحت وكالة «واس» السعودية، أنه جرى خلال اللقاء مناقشة الأوضاع على الساحة اليمنية، والجهود المبذولة خاصة في عدن لتحريرها من المليشيات الحوثية. وخلال اللقاء عبر رئيس هيئة الأركان العامة اليمني عن شكره للمملكة العربية السعودية ولجميع الأشقاء في دول التحالف على ما تحققه العمليات العسكرية المشتركة من نجاح. هذا وحضر الاستقبال رئيس هيئة الأركان العامة السعودي الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان وعدد من المسئولين. وكانت قوات التحالف العربي بدأت بالتنسيق مع المقاومة الشعبية والقوات الموالية للشرعية أمس الأول عملية "السهم الذهبي" لتحرير مدينة عدن من ميليشيات الحوثي وقوات علي عبد الله صالح. وحققت العملية التي شملت وصول قوات مدربة في السعودية، وكذا عتاد عسكري حديث مقدم من التحالف العربي نجاحات كبيرة، حيث تمكنت من تحرير معظم مدينة عدن، من ميليشيات الحوثي والقوات الموالية لها، وتكبيدها خسائر كبيرة.
وأعلن الناطق الرسمي باسم قوات التحالف، العميد ركن أحمد عسيري في هذا السياق أن معركة عدن هي بداية الطريق، مشيرًا إلى أن "ما تشهده عدن عملية متكاملة بين التحالف والمقاومة الشعبية، وأن عمليات التحالف الجوية تتطلب قوات برية لمواكبتها".
وأكد عسيري أن "اليمن محور التحالف، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يشرف على المعارك، والمقاومة الشعبية تعزز مواقعها لصد أي هجوم مضاد للميليشيات".
وشدد على أن التحالف يراقب تحركات الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح و"جاهز لضربها، وهناك مفاجآت قادمة للمقاومة، بعد أن فاجأت قوات صالح والحوثيين في عدن".

تحرير مدن الجنوب

تحرير مدن الجنوب
ميدانيًّا، واستمرارًا لعملية تحرير المدن بعد عدن، أكد مصدر عسكري يمني مسئول في الرياض أن "قوات موالية للشرعية مزودة بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية ستصل خلال الساعات القادمة إلى مدينة تعز جنوب العاصمة صنعاء في إطار تنفيذ عملية السهم الذهبي".
ولفت المصدر العسكري إلى أن عملية السهم الذهبي تتضمن تحرير ثلاث مدن بشكل تام من المتمردين هي عدن وتعز ومأرب قبيل التحول إلى مناطق حدودية كالجوف، بالتزامن مع تكثيف الضربات الجوية الموجهة لخطوط إمداداتهم في محافظات صنعاء وعمران وصعدة.
وفي عدن، أعلن الناطق باسم المقاومة علي الأحمدي في بيان أن التحالف دمر تعزيزات للحوثيين كانت قادمة من محافظة أبين.
وأكد الأحمدي أن المقاومة أطلقت نداءات لمطالبة ما تبقى من الحوثيين في المدينة بتسليمهم أنفسهم ومنحتهم الأمان، "حقناً للدماء وليعاملوا وفق القوانين الرسمية ما لم يستجيبوا فسوف يتم اقتحام باقي المناطق في الساعات القادمة وتطهير الجيوب المتبقية في التواهي وكريتر".
وكان المقاومون قد تقدّموا في الأيام الماضية في مناطق استراتيجية في عدن، وسيطروا على مدينة خور مكسر والعديد من الأحياء في مقابل تراجع كبير للموالين للحوثي.

وصول وزراء هادي

وصول وزراء هادي
ووصل ثلاثة وزراء وقيادات أمنية وعسكرية من حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى عدن صباح الخميس 16 يوليو.
وأكدت مصادر في المقاومة الشعبية الجنوبية أن طائرة عسكرية وصلت فجر الخيس مطار عدن الدولي تقل كلا من اللواء عبده الحذيفي وزير الداخلية، وبدر محمد باسلمة وزير النقل، ووكيل جهاز الأمن القومي علي حسن الأحمدي ومسئولين أمنيين وعسكريين آخرين.
وكان الوزيران والوكيل أعلنوا مساء الأربعاء توجههم إلى عدن اليوم الخميس، للتأكد من بسط الأمن فيها، ومن صلاحية المنافذ الجوية والبرية والبحرية، التي سيجري من خلالها استقبال المساعدات الآتية من منظمات الإغاثة.
وأوضح وزير النقل باسلمة في تصريح صحفي أن هدف توجههم إلى عدن هو تهيئة الأجواء لانتقال الحكومة الشرعية إليها في الأيام المقبلة.
هذا وأصدر الرئيس هادي قرارا يكلف بموجبه رسميا عودة ثلاثة وزراء إلى عدن سريعا لممارسة مهامهم من هناك كون حقائبهم تتطلب التواجد السريع على الأرض بعدن.
هذا ونوه وزير النقل بدر محمد باسلمة بأن قوات التحالف قامت بتدريب ألوية مشكلة من يمنيين، وتم تسليحها وتجهيزها بالآليات الحديثة، فيما كانت قوات الحرس الجمهوري الموالية لعلي صالح تملك أسلحة بتقنيات حديثة؛ مما أخر القوات اليمنية في بسط السيطرة سريعاً على المدن اليمنية، حسب قوله.
وقال باسلمة: إن "القوات التي تم تدريبها نشأت من ثلاث جهات، الأولى أفراد المقاومة الشعبية، والثانية ضباط تم تسريحهم من الجيش في فترة حكم المخلوع صالح، وتم استدعاؤهم مرة أخرى للانضمام إلى الجيش، وأما المجموعة الثالثة فهي من الوحدات العسكرية التابعة للشرعية، وتم إسناد تدريبها إلى قوات التحالف، وتوجد مجاميع أخرى آتية يتم تدريبها لمساندة قوات التحالف على الأرض"، دون أن يذكر من هم.
ويأتي هذا التطور بعدما قام مقاتلون من "المقاومة الشعبية" بمساعدة مواطنين بتنظيف مطار عدن وإعداده لاستقبال الطائرات، بعد نحو أربعة أشهر على تعطل المطار نتيجة الحرب التي انطلقت في الـ26 من مارس الماضي. ويُعتبر وصول الطائرة إلى المدينة مؤشراً على مدى الثقة التي أصبحت لدى الشرعية اليمنية، وعلى حرص السلطات على إكمال تحرير المدينة في الأيام المقبلة. 

عودة هادي

عودة هادي
وفي هذا السياق، أكدت مصادر في الرئاسة اليمنية بالرياض أن ترتيبات مكثفة تُجري استعدادًا لانتقال الرئاسة والحكومة اليمنية إلى مدينة عدن بعد استكمال تأمينها وتحويلها بشكل تام إلى منطقة آمنة.
وأشارت المصادر "أن نائب الرئيس ورئيس مجلس الوزراء المهندس خالد بحاح كلف من قبل الرئيس هادي بالتوجه إلى عدن بعد إشعار القيادة العسكرية للقوات الموالية للشرعية باستكمال تحرير المدينة من الانقلابيين، وإمكانية انتقال الحكومة لممارسة مهامها انطلاقًا منها". وأوضحت أنه في حال استكمال الترتيبات وإشعار القيادة العسكرية الموالية للشرعية بتحول عدن إلى منطقة آمنة فإن طائرة ملكية سعودية ستنقل الرئيس هادي وهيئة مستشارية عشية حلول عيد الفطر لأداء الصلاة في ساحة العروض، ومن ثم العودة إلى الرياض لاستكمال الترتيبات المتعلقة بتأهيل وإعادة بناء مقر القصر الرئاسي، منوهة إلى أن الحكومة ستمارس مهامها بشكل مؤقت من السلطة المحلية بمحافظة عدن. 

مبادرة حوثية

مبادرة حوثية
فيما جدد القيادي السابق بجماعة الحوثيين، علي البخيتي، مبادرة لانسحاب الحوثيين من مدن اليمن الجنوبي، وأطلق مشروع "مبادرة شخصية من ست نقاط" تتلخص الخطوط العريضة لـ"مشروع المبادرة" في التالي:
1- يعلن أنصار الله استعدادهم لوقف إطلاق النار وتسليم عدن ولحج– كمرحلة أولى- لتحالف أو لطرف سياسي جنوبي لا يتبع الرئيس الفار هادي، وقد يكون مؤتمر شعب الجنوب الذي يرأسه محمد علي أحمد بتحالف مع الأطراف السياسية الغير موالية للرئيس هادي هو الأكثر قدرة على استلام عدن ولحج.
2- يرشح هذا التيار قائمة بأسماء شخصيات جنوبية تتولى مقاليد السلطة في عدن ولحج كخطوة أولى، ابتداء من المحافظين مروراً بقادة الوحدات العسكرية والأمنية ومديري عموم المكاتب والمؤسسات الحكومية، بشرط أن يكونوا من الشخصيات ذات الكفاءة والاستقلالية "تكنوقراط".
3- يلتزم هذا التحالف بعدم السماح للرئيس الفار هادي بالعودة إلى عدن أو الاعتراف بشرعيته، إضافة إلى العمل على مكافحة القاعدة وكل التنظيمات الإرهابية.
4- ينسحب أنصار الله بشكل نهائي من عدن ولحج عبر آلية يتم الاتفاق عليها مع التحالف الجنوبي.
5- يتم تعميم التجربة في بقية المناطق الجنوبية– مع توسيع قاعدة التحالف الذي يستلم السلطة في الجنوب ليشمل مختلف التيارات والمناطق، بما فيهم التيار الموالي للرئيس هادي بعد ان يتخلى عن شرعيته كرئيس لليمن- في حال نجحت التجربة في عدن ولحج.
6- يتم العمل على إيجاد تسوية نهائية للقضية الجنوبية، إما عبر تصحيح مسار الوحدة أو فك ارتباط منظم يحافظ على وحدة الجنوب، ويمنع أي اقتتال داخلي فيه.

الحضور الإيراني

الحضور الإيراني
عقب غياب اليمن من التصريحات الإيرانية لأكثر من أسبوع؛ نظرًا لانشغال الساسة الإيرانيين بالمفاوضات النووية، والتي انتهت إلى اتفاق مع الدول الست الكبرى، قال مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: إن تجاهل مجلس الأمن لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، وصمته أمام الإبادة الجماعية التي تمارس في اليمن، يثير أسف المجتمع الدولي.
وأضاف عبد اللهيان في تصريح خاص لقناة العالم الاخبارية، أن استمرار استخدام النظام السعودي للقوة في اليمن لن يساعد على حل الأزمة.
وأكد أن إيران تؤيد سبل الحل السياسية وإجراء حوار "يمني- يمني" وتشكيل دولة وطنية شاملة في اليمن، وترفض أي تدخل خارجي في هذا البلد.

المشهد اليمني

فيما يبدو أن التغير العسكري في اليمن، سيكون له نتائجه في تقصير زمن الأزمة اليمنية، في ظل فشل مساعي الأمم المتحدة لعقد هدنة أو القيام بدور إيجابي نحو إنهاء الأزمة، في ظل تعنت الطرفين في مواصلة خيار السلاح.. فهل ستنتهي الأوضاع في اليمن إلى دولتين كما كان قبل 1990؟

شارك